شوف تشوف

شوف تشوف

الخطر القادم من الشرق(2/1)

التحقيق الذي نشرناه قبل أسبوع والذي كشفنا فيه بالوثائق كيف أن موقعا إلكترونيا تم تأسيسه مؤخرا يحصل على 100 مليون سنويا من موقع إلكتروني لندني، يكشف أمرا خطيرا يجب التوقف عنده، وهو التمويل الخارجي لبعض وسائل الإعلام.
والأخطر في الموضوع ليس التمويل فقط بل الأجندة التي تنخرط فيها وسائل الإعلام هذه، وهو ما سنبينه في هذا العمود.
عندما يقول لكم أحدهم إنه صحافي مستقل اطلبوا منه أن يكشف لكم عن مصادر تمويل مشروعه الإعلامي، إذا رفض فاعلموا أنه غير مستقل وأنه يشتغل ضمن أجندة معينة مقابل الحصول على التمويلات لمشروعه.
مصادر تمويل الصحف والمجلات معروفة، هناك المبيعات والإشهار، أما بالنسبة للصحافة المجانية مثل المواقع الإلكترونية فتمويلها يأتي أساسا من الإشهار. وعندما ترى موقعا لا إشهار فيه ومع ذلك لديه مقر وهيئة تحرير وطاقم فني وتقني فعليك أن تفهم مباشرة أن وراءه جهة مانحة.
المشكل أنك عندما تكشف بالأدلة والوثائق أن أحد هذه المواقع، أقصد موقع العمق المغربي، التابعة سياسيا وإيديولوجيا للحزب الحاكم يتلقى 100 ألف دولار في السنة، لفترة تمتد إلى أربع سنوات، أي 400 مليون سنتيم، من موقع إلكتروني لندني يسيره ويسير معه قناة العربي الجديد وجريدة العربي من خلف الستار الفلسطيني الإسرائيلي عزمي بشارة بأموال قطرية، نسمع مدير نشر «العمق» يتهمنا بنشر الأخبار الكاذبة ويتهم وزارة الاتصال بتسريب وثائق خاصة بشركته إلينا.
ونحن لا نطلب من مدير موقع «العمق» سوى أن يعترف أمام قرائه وإخوانه في الحزب والحركة بأنه يحصل على 100 مليون في السنة من موقع «عربي 21» الذي يوجد مقره في لندن، أما علاقة هذا الموقع اللندني، وغيره من المواقع، بعزمي بشارة وأموال قطر فهذا ليس سرا بل أمر مشاع ومعروف سنأتي على بيان تفصيله مستقبلا.
المشكلة مع مثل هذه التمويلات القادمة من الخارج أنها ليست لوجه الله، بل مقابل خدمات يتم الاتفاق حولها سلفا، خصوصا بالنظر إلى استغلال المدونين والمدونات والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لخدمة أجندات بعضها يهدف إلى زعزعة الأمن العام وقلب الأنظمة.
وفي بداية الألفية انتشرت على الأنترنيت العربي مدونات طرحت بوصفها فضاء يقول ما لا يقوله الإعلام الرسمي، وأصبحت هذه المدونات منابر إعلامية لا تكمل الخبر أو تنقله فحسب، بل تخلق الحدث.
مدونة تحت اسم «عشرينيات» جمعت شباب الإخوان من كل قطر من المنطقة، وحتى في الدول الأجنبية مثل بريطانيا، تركيا، أمريكا، ماليزيا ومنحتهم صفة مدون، أو المواطن الصحفي، ذاك المواطن الذي قدم على أنه المصدر الحقيقي للخبر، والذي يجب تصديقه ضد المصدر الكاذب، في إشارة إلى الإعلام الرسمي، أو الإعلام المبني على مؤسسة.
واختار أبناء الجماعة أن يدونوا مجتمعين في مكان واحد مثل «عشرينيات»، والذي تحول بعده إلى «الجزيرة توك»، وظهرت أيضا «مدونات مكتوب» التابعة لمحرك البحث ياهو، والتي كان يشرف عليها أطر تابعون لإخوان مصر.
مدونات الجماعة، كانت تسمح لأصوات غير إخوانية بالكتابة فيها بشرط أن يكون صوتها معارضا للنظام، وبهكذا تضرب عصفورين بحجر واحد، تزيح عنها تهمة كونها مدونة الجماعة، وتستقطب في الوقت نفسه أصواتا تختلف معها لكنها مفيدة لها في إظهار العزوف عن السلطة، وأن الجماعة تعيش قهرا من طرف صاحب السلطة مثلها مثل العلماني، لذلك وجب حرمانه من السلطة.
والنهج نفسه سلكته قناة الجزيرة في توظيف العاملين بها أيام وضاح خنفر والذي تحت قيادته كان المصري الإخواني جاب الله، والذي كان مدير الأخبار وبات بعدها مسؤولا عن «الجزيرة مباشر»، و«الجزيرة مصر»، إضافة الى العديد من المحسوبين على الجماعة وأيضا من المغاربة المحسوبين على «التوحيد والإصلاح» و«العدالة والتنمية»، اجتمعوا كلهم في الجزيرة، مع أكسسوارات مسيحية وشيعية، لكن الإدارة كانت إخوانية بامتياز قبل أن ينفضح وضاح خنفر على يد ويكيليكس ومراسلاته للأمريكان حول الخط التحريري للقناة.
وضاح خنفر الذي أخرج من الجزيرة في أوج الربيع العربي ظل مع ذلك على علاقة جيدة بالقناة التي جاءها مديرا بعدما كان مراسلا في جنوب إفريقيا وبعدها في أفغانستان، أما كرسي الإدارة فيجلس فوقه الآن الإخواني المتشدد ياسر أبو هلالة.
وضاح خنفر خرج من الجزيرة وقطر إلى تركيا، هناك حيث الإخوان متجمعون، وحيث أسس وضاح «منتدى الشرق»، وينظم عدة مرات في السنة لقاءات لأبناء الجماعة تحت مسمى «منتدى الشرق للشباب»، وفيه يلتقي موالون للجماعة من الشباب من كل مكان بما فيه المغرب، يتم تأطيرهم، وتنظيم رحلات لهم على حساب المنتدى إلى غزة، والمغرب، بل حتى إلى الصومال.
وفي المغرب، نظمت زيارة لأبناء الجماعة بالمنتدى، كلهم من أبناء الإخوان. في تلك الزيارة التي نظمت أيام بنكيران، استقبلهم الوزير الخلفي، وكان برفقتهم مستشارون أتراك لأردوغان من أجل فهم ما اعتبروه سر نجاح العدالة والتنمية في البقاء في السلطة، وعدم إخراجه منها كما حصل في مصر، أو تونس.
حفل الغداء الذي نظم بفندق ديوان بالرباط، بدعوة من الخلفي، استعرض فيه الوزير قوته، ومجد فيه بنكيران قبل أن يتنكر له اليوم ويطعنه في الظهر، وتحاشى الرد على سؤال أحدهم عن سبب الجفاء بين بنكيران والعثماني في التواصل معهم، ونسب تنظيم زيارتهم إلى المغرب إلى نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى