شوف تشوف

الرأي

الدمى الخشبية

يقال إن بنات البادية مطيعات طائعات، العائلة تربيهن تربية الخنوع والخضوع. لا بأس ربما هو جزء من أدوار الزوجة الكثيرة التي يجب عليها أن تقوم بها طوعا أو كرها.. فرق كبير بين النساء المتعلمات والجاهلات، بعد تعلمي فهمت لماذا تمنع الفتيات من التمدرس ويتم الزج بهن داخل المطبخ وإتقان أدوار تليق بجسدهن المحفوف بالمخاطر، داخل أسوار البيت سيتم صونهن وحفظهن، أما في الطريق الموصلة للمدرسة، فإن سلمن من الوحوش الحيوانية فربما لن يسلمن من الوحوش البشرية. أتساءل فعلا بخصوص تلك الدواوير مترامية الأطراف كيف يمكنها أن تغامر ببعث قطعة لحم هشة تتجول بين الجبال عابرة مسافات كيلومترية طويلة مثل رسالة في قنينة زجاجية من الممكن أن تكسر القنينة وتتمزق الورقة بفعل مياه الأنهار أو البحار ويضيع المرسول ولا يصل.
ربما لهذا السبب أو غيره آثر عدد من الآباء حرمان بناتهن من التمدرس، فمن الأفضل أن تحرم الطفلة من الدراسة ولا يحرموا من ماء الوجه، اليوم أغلب النساء يلزمن بناتهن بالتعلم رغم الجهل، يحفزونهن على التميز وتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه، فلا يوجد من يتمنى لك الخير أكثر من والديك، هل كان آباؤهن يعتقدون فعلا أنهم يحققون لأجلهن شيئا وهم يزجون بهن في عمر الخامس عشرة للزواج؟ ربما عندما ينظرن لأبنائهن يحمدن الله كثيرا على فضلهم، وعندما ينظرن للشق الخالي من فكرهن يخيب الأمل. لا يستطعن فهم مكنون ما يحضره ساعي البريد من رسائل، هل هي فواتير كهرباء أو ماء أو ضريبة؟ لا يعرفن كيفية التعامل مع وثائق إدارية أو حتى مع هواتفهن البسيطة، يكتفين بترميز أهم الأرقام لمعرفة أصحابها،..
عندما تثقل الهموم علي أغمض عيني بعد أن أضم إلي دميتي الخشبية التي زينتها بعقد سيقان الخيزران بخيط، على شكل الرمز زائد، كسوتها واخترت لها شعرا أسود من شعر الماعز.. تذكرت من جديد وجعي فالكثير من الفتيات يشبهن هذه الدمى الخشبية، لا يملكن من أمرهن شيئا.. كم أنا متعبة.. أحتاج لأن أعيش طفولتي وأخطو خطواتي الأولى فوق الماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى