الملف السياسي

الدورة الاستثنائية للبرلمان.. هل تخرج الأغلبية من النفق؟

يبدو أن الخلافات العميقة حول القانون المتعلق بالتربية والتكوين تحول دون الوصول إلى اتفاق بين الحكومة والبرلمان لعقد دورة استثنائية للبرلمان، رغم اتخاذ القرار من طرف زعماء أحزاب الأغلبية في اجتماعهم الأخير، لكن المزيدات والحسابات السياسية تطغى على سلوك الفاعلين في الحقل السياسي المغربي، علما أن هناك قوانين ذات طابع استراتيجي مازالت محتجزة في رفوف المؤسسة التشريعية تنتظر المصادقة لإخراجها إلى الوجود، ومنها قانون يتعلق بالمصادقة على اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي، وهي الاتفاقية التي جاءت لتتويج مجهود ديبلوماسي كبير في مواجهة مناورات خصوم الوحدة الترابية، مع العلم أن البرلمان الأوربي صادق على الاتفاقية قبل شهرين، في حين مازال البرلمان المغربي رهين صراعات ضيقة لا تخدم مصلحة الوطن والمواطن.

مقالات ذات صلة

مازالت الحكومة لم تحسم في قرار عقد دورة استثنائية للبرلمان في ظل الخلافات التي تعرفها الأغلبية حول قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، والذي كان من المفروض المصادقة عليه خلال هذه الدورة، إلى جانب مشاريع قوانين أخرى ذات الطابع الاستعجالي، ومنها مشروع القانون المتعلق بالمصادقة على اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي، ومشروع القانون المتعلق بإحداث السجل الاجتماعي للسكان، وكذلك القوانين المرتبطة بتدبير الأراضي السلالية، التي صادق عليها المجلس الحكومي، لأنها مرتبطة بالورش الملكي المتعلق بتمليك هذه الأراضي لذوي الحقوق.

دورة استثنائية للبرلمان

في ظل تماطل الحكومة في عقد دورة استثنائية، كشفت مصادر مطلعة أن سلطات الاتحاد الأوربي تمارس ضغوطات قوية على حكومة سعد الدين العثماني من أجل جمع البرلمان للمصادقة على الاتفاقية الفلاحية التي صادق عليها البرلمان الأوربي في جلسته العامة قبل شهرين. وأضافت المصادر ذاتها أن الحكومة المغربية تتجه بالفعل لعقد الدورة الاستثنائية للمصادقة بالأساس على الاتفاقية الفلاحية، لكن العثماني مازال ينتظر إيجاد مخرج للقانون الإطار المتعلق بالتعليم لبرمجته إلى جانب الاتفاقية الفلاحية مع الاتحاد الأوربي، رغم أن هيئة الأغلبية قررت، في اجتماعها الأخير، عقد هذه الدورة بطلب من الحكومة، وفق الفصل 66 من الدستور، الذي ينص على أنه “يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية، إما بمرسوم، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو بأغلبية أعضاء مجلس المستشارين. كما تعقد دورة البرلمان الاستثنائية، على أساس جدول أعمال محدد، وعندما تتم المناقشة في القضايا التي يتضمنها جدول الأعمال، تُختم الدورة بمرسوم “.

وسيكون ضمن جدول أعمال الدورة الاستثنائية، التي ستنعقد قبل الدورة الربيعية لمجلسي البرلمان، مشروع قانون يوافق بموجبه على اتفاق الشراكة في مجال الصيد المستدام بين المملكة المغربية والاتحاد الأوربي وبروتوكول تطبيقه وتبادل الرسائل المرافقة للاتفاق المذكور، الذي صادق عليه مجلس الحكومة قبل أسبوعين، وكذلك مشروع قانون يوافق بموجبه على اتفاق بين المغرب والاتحاد الأوربي يهدف إلى تمتيع منتجات الأقاليم الجنوبية بالمعاملة التجارية التفضيلية نفسها التي يخولها اتفاق الشراكة، واللذين يشكلان جزءا لا يتجزأ من هذا الاتفاق ويخضعان لمقتضياته الختامية، والموقع ببروكسيل بتاريخ 14 يناير 2019. ومن خلال تبادل الرسائل المرافقة للاتفاق، تؤكد المملكة المغربية أن الأقاليم الصحراوية المغربية هي جزء لا يتجزأ من التراب الوطني الذي تمارس فيه كامل سيادتها كما هو الشأن بالنسبة لباقي التراب الوطني.

لكن يبدو أن هناك عراقيل تواجه انعقاد الدورة خلال هذه الفترة، لأن قانون الإطار المتعلق بالتربية التكوين مازال يراوح مكانه داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، في ظل استمرار الخلافات بين الفرق البرلمانية حول لغة تدريس المواد العلمية. وأكدت مصادر برلمانية أن اللجنة المصغرة المكلفة بصياغة التعديلات المقترحة على القانون، لم تتوصل إلى توافق حول الصيغة المقترحة لتعديل المادة 31 المثيرة للجدل، وتم تأجيل الحسم في المسألة اللغوية إلى اجتماع آخر ستعقده اللجنة. وكشفت المصادر أن فريقي حزبي العدالة والتنمية والاستقلال يتشبثان بموقفهما بخصوص تدريس كل المواد باللغة العربية، مقابل تشبث باقي الفرق البرلمانية الأخرى من الأغلبية والمعارضة بالصيغة الواردة في القانون، والتي تنص على تدريس المواد العلمية بإحدى اللغات الأجنبية.

وعرف اجتماع هيئة الأغلبية حضور وزير التربية الوطنية والتعليم العالي، سعيد أمزازي، الذي قدم عرضا حول مسار إخراج القانون منذ إقراره في اجتماع المجلس الحكومي والمصادقة عليه في المجلس الوزاري، الذي ترأسه الملك محمد السادس، وكذلك الاجتماعات التي عقدتها لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، والتي خصصت للمناقشة العامة والتفصيلية لهذا القانون. وأكدت المصادر أن زعماء الأغلبية كان لهم موقف صريح تجاه حزب العدالة والتنمية، وانقلابه ضد القانون الذي وضعته الحكومة، حيث عبروا عن استنكارهم لتذبذب مواقف فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، الذي يساند وزراء حزبه ويعارض وزراء باقي أحزاب الأغلبية، وعرقلته لمسطرة المصادقة على هذا القانون الاستراتيجي، الذي اعتبروه «مشروعا للحكومة، وأن الأغلبية يجب أن تكون واحدة وموحدة للدفاع عنه». وأكدت المصادر أن اجتماع الأغلبية لم يخرج بأي صيغة متوافق عليها، لكن رئيس الحكومة تحدث عن وجود حل لدى فريق حزبه للتوصل إلى توافق في الاجتماع الذي ستعقده اللجنة المكلفة بدراسة مشروع القانون.

ومن أهم القوانين التي صادق عليها مجلس الحكومة، وستكون معروضة على الدورة الاستثنائية للبرلمان، مشروع قانون رقم 72.18 يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، مع تكوين لجنة لدراسة وإدراج الملاحظات المقدمة. ويهدف هذا القانون إلى «ترقيم» المغاربة، قبل رفع الدعم عن باقي المواد الاستهلاكية المدعمة من طرف صندوق المقاصة. ويهدف هذا القانون إلى إرساء منظومة وطنية متكاملة ومندمجة لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية، تستند على معايير دقيقة وموضوعية وتعتمد على التكنولوجيات الحديثة لتوفيرها. كما يهدف إلى إحداث آليات لتعزيز التناسق بين برامج الدعم الاجتماعي، من خلال وضع تصور موحد لتنفيذ هذه البرامج بشكل منصف وشفاف، وتجاوز الإشكاليات التقنية التي تعيق إيصال الاستفادة الفعلية من هذه البرامج إلى الفئات التي تستحقها فعليا، بالإضافة إلى ضمان التنسيق والالتقائية في برامج الدعم الاجتماعي قصد الرفع من فعاليتها ونجاعتها.

“بلوكاج” داخل البرلمان

انتقلت الصراعات التي تعرفها الأغلبية الحكومية إلى المؤسسة البرلمانية، ما انعكس بشكل كبير على سير العمل التشريعي داخل البرلمان، وكان من نتائجها عدم المصادقة على قوانين استراتيجية مهمة تهم الملايين من المغاربة، وعلى رأسها اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوربي، ومشرع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، الذي كان مبرمجا خلال الدورة التشريعية المنتهية، لكن الخلافات بين مكونات التحالف الحكومي، تسببت في تأجيل اجتماع لجنة التعليم والاتصال إلى أجل غير مسمى، وذلك بعد اعتراض فريق حزب العدالة والتنمية على تدريس المواد العلمية والتقنية بإحدى اللغات الأجنبية.

وبالرغم من العناية الملكية الخاصة بورش إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، باعتباره ثاني أولوية وطنية بعد الوحدة الترابية للمملكة، مازال مشروع إصلاح التعليم يراوح مكانه، بعد تعثر مصادقة البرلمان على مشروع القانون المتعلق بالتربية والتكوين، وإخراجه إلى الوجود، بسبب المزايدات السياسية بين الأحزاب المشكلة للأغلبية والمعارضة حول تدريس اللغات الأجنبية. ولهذا، بعد اختتام الدورة التشريعية الخريفية لمجلسي البرلمان، أكد قيادي بأحد الأحزاب المشاركة في الحكومة، أن موقف “البيجيدي” من قانون التعليم، سيكون له ما بعده داخل الأغلبية، وأن التعايش بين المكونات نفسها تحت سقف الحكومة لم يعد له معنى في ظل ازدواجية المواقف وتصريف حسابات وأجندات إيديولوحية وانتخابوية بغية تصريف الأزمة الداخلية للحزب الذي يقود الحكومة، مشيرا إلى انقلاب فريق الحزب على حلفائه لعرقلة أشغال اللجنة المختصة التي اشتغلت عدة أيام على القانون لكي يكون جاهزا للمصادقة.

ولم يتوصل رؤساء الفرق البرلمانية إلى اتفاق حول التعديلات المقترحة على قانون التعليم، ولم يفلح زعماء أحزاب الأغلبية في احتواء الوضع، وإيجاد حل توافقي للأزمة التي اندلعت داخل الأغلبية البرلمانية بمجلس النواب، بخصوص تقديم التعديلات على مشاريع قوانين مهمة، بعد بروز خلافات عميقة حول اعتماد حرف “تيفيناغ” في كتابة اللغة الأمازيغية، أثناء مناقشة القانون التنظيمي للأمازيغية، والقانون الإطار المتعلق بالتربية والتعليم، والقانون المنظم للمجلس الأعلى للغات والثقافة، حيث فشلت فرق الأغلبية في تقديم تعديلات مشتركة حول قانون الأمازيغية المعروض للدراسة على لجنة المالية والتعليم، ما دفع فريق العدالة والتنمية، الذي يطالب بكتابة الأمازيغية باللغة العربية، إلى تقديم تعديلاته بشكل مستقل عن باقي فرق الأغلبية، فيما قدمت فرق التجمع الدستوري والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي، تعديلات مشتركة، بعد انسحاب مجموعة التقدم والاشتراكية التي قدمت كذلك تعديلات بشكل انفرادي.

قوانين محتجزة بمجلس المستشارين

تحول مجلس المستشارين في عهد رئيسه حكيم بنشماش، إلى مقبرة للقوانين بسبب نفوذ لوبيات قوية داخل المجلس، حيث مازالت العديد من مشاريع ومقترحات القوانين محتجزة داخل المجلس منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات دون المصادقة عليها، ومنها قوانين ذات طابع اجتماعي تهم ملايين المغاربة، رغم منح الدستور الجديد للبرلمان عدة صلاحيات في مجال الرقابة على العمل الحكومي. كما تم منح المعارضة بالبرلمان وضعية متميزة وحقوقا متعددة، ويبقى الهدف الأساسي من ذلك هو النهوض بالعمل البرلماني، والرفع من جودة القوانين والسياسات العمومية التي يتولى البرلمان تشريعها، ورد الاعتبار للبرلمان كمؤسسة دستورية لازمة لتحقيق الديمقراطية التمثيلية الحقة وليس الشكلية، كما نص الدستور على تنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

ومن أبرز القوانين التي مازالت دون مصادقة منذ سنة 2016، مشروع قانون 63.16 يغير ويتمم القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، من أجل تمكين أم أو أب المؤمن، بموجب نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة المأجورين وأصحاب المعاشات بالقطاع العام أو هما معا، من الاستفادة من التغطية الصحية، وذلك على غرار الزوج والأولاد وذلك في إطار استكمال تعميم استفادة كافة شرائح المجتمع من التغطية الصحية. وأحيل هذا القانون على لجنة التعليم والشؤون الاجتماعية والثقافية، التي يترأسها القيادي بحزب العدالة والتنمية عبد العالي حامي الدين، وبرمج لاجتماع اللجنة في 3 غشت 2016، ومازال إلى حدود الآن بدون مصادقة.

وهناك، كذلك، قانون 109.12 بمثابة مدونة التعاضد، الذي أحيل على لجنة المالية والتخطيط، بتاريخ 4 غشت 2016، وبرمج لاجتماع اللجنة في 22 يونيو 2017، ومازال هذا القانون، الذي سينظم عمل التعاضديات، محتجزا داخل اللجنة دون مصادقة. وأثار هذا القانون جدلا كبيرا داخل المجلس، بعدما تم إقحام تعديلات خطيرة، خصوصا المادتين 2 و138 من القانون، تتعارض مع مقتضيات قانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، والتي تمنع بشكل صريح وجلي على كل هيئة مكلفة بتدبير نظام أو مجموعة من أنظمة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، الجمع بين تدبير نظام من هذه الأنظمة وتدبير مؤسسات تقدم خدمات في مجال التشخيص أو العلاج أو الاستشفاء أو مؤسسات توريد الأدوية والمعدات والآلات وأجهزة الترويض الطبي أو هما معا.

وهناك، أيضا، مشروع قانون رقم 25.14 يتعلق بمزاولة مهن محضري ومناولي المنتجات الصحية، الذي أحيل على لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية منذ تاريخ 16 فبراير 2016، ومازال بدون مصادقة، وباللجنة نفسها يوجد مشروع قانون رقم 45.13 يتعلق بمزاولة مهن الترويض والتأهيل وإعادة التأهيل الوظيفي، لم تصادق عليه اللجنة، رغم توصلها بهذا المشروع منذ تاريخ 2 مارس 2016، وذلك على غرار مشروع قانون رقم 143.12 بتغيير المادة 44 من القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، الذي أجيل على مجلس المستشارين من مجلس النواب، منذ فاتح دجنبر 2013، وتم الاتفاق على إرجاء البت فيه إلى ما بعد النظر في مقترح تشكيل لجنة مشتركة بين اللجنتين المختصتين بكلا المجلسين.

ووفقا للمقتضيات الدستورية، كما ينص على ذلك الفصل 78 من الدستور، تودع مشاريع القوانين بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب، غير أن مشاريع القوانين المتعلقة، على وجه الخصوص، بالجماعات الترابية وبالتنمية الجهوية، وبالقضايا الاجتماعية، تودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس المستشارين. وينص الفصل 84 على أنه يتداول مجلسا البرلمان بالتتابع في كل مشروع أو مقترح قانون، بغية التوصل إلى المصادقة على نص واحد. ويتداول مجلس النواب بالأسبقية، وعلى التوالي، في مشاريع القوانين، وفي مقترحات القوانين التي قدمت بمبادرة من أعضائه. ويتداول مجلس المستشارين بدوره بالأسبقية، وعلى التوالي، في مشاريع القوانين وكذا في مقترحات القوانين التي هي من مبادرة أعضائه، ويتداول كل مجلس في النص الذي صوت عليه المجلس الآخر في الصيغة التي أحيل بها إليه.

خلافات حول تدريس اللغات تعرقل عقد دورة استثنائية للبرلمان

ما زال القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين يراوح مكانه داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، في ظل استمرار الخلافات بين الفرق البرلمانية حول لغة تدريس المواد العلمية. وأكدت مصادر برلمانية أن اللجنة المصغرة المكلفة بصياغة التعديلات المقترحة على القانون، لم تتوصل إلى توافق حول الصيغة المقترحة لتعديل المادة 31 المثيرة للجدل، وتم تأجيل الحسم في المسألة اللغوية إلى اجتماع آخر ستعقده اللجنة، اليوم الاثنين، وذلك في ظل تشبث فريقي حزبي العدالة والتنمية والاستقلال بموقفهما بخصوص تدريس كل المواد باللغة العربية، مقابل تشبث باقي الفرق البرلمانية الأخرى من الأغلبية والمعارضة بالصيغة الواردة في القانون، التي تنص على تدريس المواد العلمية بإحدى اللغات الأجنبية.

وتمكن نواب فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب خلال الدورة التشريعية المنتهية، من عرقلة اجتماعات لجنة التعليم والاتصال بمجلس النواب، التي كانت مخصصة للمصادقة على القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، وهو مشروع استراتيجي يحظى بأهمية كبرى من طرف الملك محمد السادس، وذلك بسبب انسحابهم من اجتماع اللجنة، احتجاجا على إدراج تدريس اللغات الأجنبية في القانون.

وكشفت المصادر أن فريق العدالة والتنمية نهج منذ الأول خطة لتوريط باقي الفرق البرلمانية في تقديم تعديلات متوافق عليها، حتى لا يظهر أنه معزول لوحده في معارضة تدريس اللغات الأجنبية. وأوضحت المصادر أن الفرق البرلمانية فطنت إلى هذا «المقلب»، بعد صياغة مقترح لتعديل المادة 31 بطريقة فضفاضة، تنص على إمكانية تدريس بعض المضامين في بعض المجزوءات في بعض المواد بلغة أو لغات أجنبية، وهو ما رفضته الفرق البرلمانية الأخرى من الأغلبية والمعارضة، وأمام هذه الخلافات لم تتمكن الفرق البرلمانية من وضع تعديلات داخل الآجال القانونية.

ويستند القانون إلى توصية الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، التي أقرها الملك محمد السادس والداعية إلى تحويل اختياراتها الكبرى إلى قانون- إطار يجسد تعاقدا وطنيا يلزم الجميع، ويلتزم الجميع بتفعيل مقتضياته. واعتبارا لأهمية ومكانة منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي في تحقيق المشروع المجتمعي لبلادنا، ونظرا للأدوار المنوطة بها في تكوين مواطنات ومواطني الغد، وفي تحقيق أهداف التنمية البشرية والمستدامة، وضمان الحق في التربية للجميع، بما يجعلها في صدارة الأولويات الوطنية، واعتبارا لالتقاء إرادات مختلف مكونات الأمة، دولة ومجتمعا، من أجل تمكين المنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي من ترصيد مكتسباتها وتجاوز اختلالاتها الحالية وضمان إصلاحها الشامل كي تضطلع بأدوارها على النحو الأمثل، ونظرا لكون التنصيص على مبادئ وتوجيهات وأهداف إصلاح المنظومة في قانون- إطار، من شأنه أن يضمن التطبيق الأمثل لمستلزماته ويؤمن استمراريته، باعتباره مرجعية تشريعية ملزمة في اتخاذ النصوص التشريعية والتنظيمية اللازمة لبلورة الأهداف والتوجيهات والمبادئ.

وتنص المادة 31 المثيرة للجدل كما وردت في القانون على أنه تحدد الهندسة اللغوية المعتمدة عناصر السياسة اللغوية المتبعة في مختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ومستوياتها، من خلال إعطاء الأولوية للدور الوظيفي للغات المعتمدة في المدرسة الهادف إلى ترسيخ الهوية الوطنية، وتمكين المتعلم من اكتساب المعارف والكفايات، وتحقيق انفتاحه على محيطه المحلي والكوني، وضمان اندماجه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والقيمي، وتمكين المتعلم من إتقان اللغتين الرسميتين واللغات الأجنبية، سيما في التخصصات العلمية والتقنية، مع مراعاة مبادئ الإنصاف وتكافؤ الفرص. وتنص المادة ذاتها على اعتماد اللغة العربية لغة أساسية للتدريس، وتطوير وضع اللغة الأمازيغية في المدرسة ضمن إطار عمل وطني واضح ومتناغم مع أحكام الدستور، باعتبارها لغة رسمية للدولة ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، وإرساء تعددية لغوية بكيفية تدريجية ومتوازنة تهدف إلى جعل المتعلم الحاصل على الباكالوريا متقنا للغة العربية، قادرا على التواصل بالأمازيغية، ومتمكنا من لغتين أجنبيتين على الأقل.

وينص القانون على إعمال مبدأ التناوب اللغوي من خلال تدريس بعض المواد، سيما العلمية والتقنية منها، أو بعض المضامين أو المجزوءات في بعض المواد بلغة أو لغات أجنبية، والعمل على تهيئة المتعلمين من أجل تمكينهم من إتقان اللغات الأجنبية في سن مبكرة، وتأهيلهم قصد التملك الوظيفي لهذه اللغات، وذلك خلال أجل أقصاه ست سنوات ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون- الإطار حيز التنفيذ، ويدرج التكوين باللغة الإنجليزية في تخصصات وشعب التكوين المهني، إلى جانب اللغات المعتمدة في التكوين، والاعتماد المبكر على التوجيه والإرشاد في الميادين التي يمكن فيها للمتعلمين إحراز التقدم المدرسي والمهني والجامعي الملائم لميولهم وقدراتهم.

قوانين تمليك الأراضي السلالية مازالت عالقة

في الخطاب الذي ألقاه، بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لهذه السنة، دعا الملك محمد السادس إلى تمليك الأراضي الجماعية البورية لفائدة ذوي الحقوق على غرار تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري. وسارعت وزارة الداخلية إلى إخراج ثلاثة مشاريع قوانين صادق عليها المجلس الحكومي، ويتعلق المشروع الأول منها بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، والثاني بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية، فيما يتعلق مشروع القانون الأخير بتتميم وتغيير الظهير الشريف المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري.

ويهم النص الأول مشروع قانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، ويهدف إلى إعادة صياغة الظهير الشريف المؤرخ في 27 أبريل 1919 بشأن تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، وتحيينه شكلا ومضمونا. وتتلخص الخطوط العريضة لهذا النص في تحيين وتوحيد المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالجماعات السلالية وأملاكها، وتقييد اللجوء إلى العادات والتقاليد في تدبير شؤون الجماعات السلالية واستغلال أملاكها، واعتمادها في الحدود التي لا تتعارض مع النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛ وتكريس المساواة بين المرأة والرجل أعضاء الجماعة السلالية في الحقوق والواجبات طبقا لأحكام الدستور؛ وتحديد كيفية اختيار نواب الجماعة السلالية والالتزامات التي يتحملونها، وكذا الالتزامات التي يتحملها أعضاء الجماعة والجزاءات المترتبة عن الإخلال بهذه الالتزامات.

ويهدف النص، أيضا، إلى إعادة تنظيم الوصاية على الجماعات السلالية من خلال إحداث مجالس للوصاية على الصعيد الإقليمي، إلى جانب مجلس الوصاية المركزي، وتحديد اختصاصات هذه المجالس؛ وفتح إمكانية إسناد أراضي الجماعات السلالية المخصصة للحرث على وجه الملكية؛ لفائدة أعضاء الجماعات السلالية من أجل تمكينهم من الاستقرار في هذه الأراضي وتشجيعهم على الاستثمار فيها؛ وفتح إمكانية تفويت أراضي الجماعات السلالية للفاعلين الخواص إلى جانب الفاعلين العموميين لإنجاز مشاريع الاستثمار، الشيء الذي سيمكن هذه الأراضي من المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد؛ وإعادة النظر في كيفية كراء عقارات الجماعات السلالية، من أجل تشجيع الاستثمار، وخاصة في الميدان الفلاحي، وتحديد مدة الكراء حسب طبيعة المشروع الاستثماري المراد إنجازه.

أما النص الثاني فيهم مشروع قانون رقم 63.17 المتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية، ويرمي إلى إعادة صياغة الظهير الشريف المؤرخ في 18 فبراير 1924 المتعلق بالتحديد الإداري لأملاك الجماعات السلالية وتحيينه شكلا ومضمونا. وتتلخص الخطوط العريضة لهذا النص في تبسيط المسطرة من خلال جعل الإشهار ينصب على المرسوم المتعلق بتعيين تاريخ افتتاح عمليات التحديد دون طلب إجراء التحديد الذي لا داعي لإخضاعه للإشهار؛ وتقليص أجل تقديم التعرضات ضد مسطرة التحديد الإداري من ستة أشهر إلى ثلاثة أشهر على غرار الأجل المحدد لتقديم التعرضات في الفصل 5 من الظهير الشريف الصادر في 3 يناير 1916 المتعلق بتحديد أملاك الدولة؛ وسن بعض القواعد المتعلقة بالإجراءات التي يقوم بها المحافظ على الأملاك العقارية بشأن التعرضات على التحديد الإداري، والبت في هذه التعرضات من طرف القضاء؛ وفتح إمكانية تجزيئ المسطرة حينما يكون التحديد الإداري موضوع تعرضات تشمل جزءا من العقار موضوع التحديد، وذلك من أجل المصادقة على الجزء الخالي من التعرضات، في انتظار البت في التعرضات التي تثقل الجزء الباقي.

ويهم النص الثالث مشروع قانون رقم 64.17 المتعلق بتغيير الظهير الشريف رقم 1.69.30 الصادر في 10 جمادى الأولى 1389 (25 يوليوز 1969) بشأن الأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري. وينص على استثناء الأراضي المشمولة بوثائق التعمير من تطبيق أحكام الظهير المذكور، لكونها فقدت الصبغة الفلاحية، حتى يتسنى تخصيصها للاستعمالات التي تتناسب مع طبيعتها؛ وتحديد كيفية تبليغ لائحة ذوي الحقوق، بعد حصرها من طرف نواب الجماعة السلالية، باعتبارها نقطة الانطلاق لعملية التمليك، وتخويل مجلس الوصاية الإقليمي صلاحية البت في الطعون التي يمكن أن تقدم ضد اللائحة. وينص هذا النص، كذلك، على نسخ الفصل 8 من الظهير سالف الذكر الذي ينص على أنه “إذا توفي أحد المالكين على الشياع نقلت حصته لأحد ورثته على أن يؤدي للورثة الآخرين قيمة حقوقهم… “، وذلك من أجل تمكين كافة الورثة، ذكورا وإناثا، من حصصهم في التركة، طبقا لأحكام القانون رقم 03-70 المتعلق بمدونة الأسرة.

قانون “ترقيم” المغاربة ينتظر مصادقة مجلسي البرلمان

هناك نص قانوني مهم ينتظر مصادقة مجلسي البرلمان، ويتعلق الأمر بمشروع قانون رقم 72.18 يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، الذي يهدف إلى “ترقيم” المغاربة، قبل رفع الدعم عن باقي المواد الاستهلاكية المدعمة من طرف صندوق المقاصة. ويروم هذا المشروع إرساء منظومة وطنية متكاملة ومندمجة لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية، تستند على معايير دقيقة وموضوعية وتعتمد على التكنولوجيات الحديثة لتوفيرها. كما يهدف إلى إحداث آليات لتعزيز التناسق بين برامج الدعم الاجتماعي، من خلال وضع تصور موحد لتنفيذ هذه البرامج بشكل منصف وشفاف، وتجاوز الإشكاليات التقنية التي تعيق إيصال الاستفادة الفعلية من هذه البرامج إلى الفئات التي تستحقها فعليا، بالإضافة إلى ضمان التنسيق والالتقائية في برامج الدعم الاجتماعي، قصد الرفع من فعاليتها ونجاعتها.

وتقوم هذه المنظومة على أربعة مرتكزات أساسية، أولها إحداث السجل الوطني للسكان. ويهدف هذا السجل إلى توفير المعطيات ذات الطابع الشخصي المتعلقة بالمغاربة والأجانب المقيمين بالتراب المغربي بطريقة إلكترونية، من خلال تجميعها وتسجيلها وحفظها وتحيينها، وتغييرها عند الاقتضاء، بالإضافة إلى توفير هذه المعطيات من أجل تيسير الولوج إلى الخدمات التي تقدمها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية والخاصة، ويفتح باب التقييد في هذا السجل للمواطنين المغاربة والأجانب المقيمين بالتراب المغربي، وتكلل عملية التقييد به بمنح معرف مدني واجتماعي رقمي يمكن من التحقق من صدقية المعطيات الشخصية المدلى بها من قبل الأشخاص الراغبين في التقييد في السجل الاجتماعي الموحد، من أجل الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي.

أما المرتكز الثاني فيتمثل في إحداث السجل الاجتماعي الموحد، الذي يعتبر بمثابة مسجل رقمي يتم في إطاره تسجيل الأسر قصد الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية، وذلك بناء على طلب يقدمه الشخص المصرح باسم الأسرة. كما يهدف إلى معالجة المعطيات الاجتماعية والاقتصادية للأسر بطريقة إلكترونية، من خلال تجميعها وتسجيلها وحفظها وتحيينها، وتغييرها عند الاقتضاء. وسيشكل هذا السجل، المنطلق الوحيد للولوج إلى كافة برامج الدعم الاجتماعي من خلال تحديد مدى قابلية الاستفادة منها، عبر اعتماد معايير دقيقة وموضوعية، تتم وفق عملية تنقيط مبنية على المعطيات الاجتماعية والاقتصادية المتوفرة، وباستعمال التكنولوجيات الحديثة. ويشترط مشروع هذا القانون للتقييد في السجل الاجتماعي الموحد، أن يكون كل فرد منتم إلى الأسرة الراغبة في الاستفادة من الدعم الاجتماعي قد سبق له التقييد في السجل الوطني للسكان.

ويتمثل المرتكز الثالث لهذه المنظومة، في ضمان حماية المعطيات الشخصية للأشخاص المقيدين في السجلات، حيث نص مشروع هذا القانون، في هذا الصدد، على ضرورة التقيد بأحكام القانون رقم 09.08، المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، في ما يخص معالجة هذه المعطيات واستغلالها في مختلف تطبيقات المنظومة الوطنية لتسجيل الأسر والأفراد، وذلك بإلزام الوكالة على الحرص على معالجة المعطيات المضمنة بسجلاتها بطريقة نزيهة ومشروعة، والقيام بتجميعها من أجل تحقيق الأهداف المنصوص عليها في مشروع هذا القانون.

ورابع مرتكزات المنظومة، هو إحداث الوكالة الوطنية للسجلات، حيث أحدث مشروع هذا القانون مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي، من أجل تدبير السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد. كما تتولى الوكالة مهمة السهر على ضمان حماية المعطيات الرقمية، وسلامة المنظومة المعلوماتية المتعلقة بالمسجلين فيهما. وتتولى الوكالة أيضا مهمة منح معرف مدني واجتماعي رقمي للأشخاص المقيدين بالسجل الوطني للسكان، بالإضافة إلى تقديم خدمات التحقق من صدقية المعطيات المضمنة بالسجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، ومنح الاعتماد للهيئات الوسيطة في هذا المجال، والعمل على مراقبتها.

وألزم مشروع هذا القانون الوكالة بمعالجة المعطيات المدنية والاجتماعية الرقمية التي يتم تدبيرها من قبل الوكالة، وفق دفتر للمساطر تضعه لهذا الغرض، يتم التقيد في إعداده وتحديد مضامينه بأحكام القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي. ومن أجل اضطلاع الوكالة بالمهام المخولة لها، نص مشروع هذا القانون على أن يديرها مجلس إدارة يتمتع بجميع السلط والاختصاصات اللازمة لتدبير الوكالة، ويسيرها مدير عام يتم تعيينه، وفقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

قوانين مكملة للدستور لم تخرج إلى الوجود

مع اقتراب منتصف الولاية التشريعية، يواجه كل من البرلمان والحكومة تحدي إخراج جميع القوانين التنظيمية المكملة لتنزيل دستور 2011، حيث ما زالت هناك 5 قوانين في غاية الأهمية لم تخرج بعد إلى الوجود، رغم أن الدستور اعتبر الولاية التشريعية السابقة ولاية تأسيسية، تتطلب استكمال البناء المؤسساتي والقانوني للبلاد، ويعني ذلك أنه كان من المفروض إخراج هذه القوانين قبل نهاية الولاية السابقة.

وإلى حدود الآن، هناك بطء في الإنتاج التشريعي للحكومة الحالية والبرلمان، حيث لا تزال هذه القوانين ذات الأهمية محتجزة داخل اللجان البرلمانية منذ حوالي ثلاث سنوات، ويتعلق الأمر بالقانون التنظيمي للأمازيغية، والقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للغات والثقافة، والقانون التنظيمي للإضراب، والقانون التنظيمي للدفع بعدم الدستورية، كما أن القانون التنظيمي للنقابات ما زالت الحكومة لم تفرج عنه.

وبالإضافة إلى القوانين التنظيمية، هناك العشرات من مشاريع ومقترحات القوانين ما زالت “محتجزة ” داخل اللجان البرلمانية الدائمة، وهناك أكثر من 40 مشروع قانون و110 مقترحات موضوعة برفوف البرلمان دون استكمال مساطرهم تشريعية، بالإضافة إلى النصوص المتبقية من الولاية السابقة، والتي يتجاوز عددها حوالي 200 مشروع ومقترح قانون، منها قوانين مرت عليه أزيد من خمس سنوات دون إخضاع هذه القوانين للمناقشة والدراسة، وفق ما تنص عليه المسطرة التشريعية قبل المصادقة عليها، ما جعل بعضها يدخل طي النسيان، من بينها قوانين مثيرة للجدل، ما يطرح أسئلة حول مصير هذه القوانين.

وحسب المعطيات التي استقاها “الموقع” من مصادر برلمانية، هناك لوبيات تتحرك داخل غرفتي البرلمان المغربي للدفاع عن مصالحها الشخصية، ففي الوقت الذي توجد قوانين لم يقدر المشرع على تعديلها، وهناك العديد من مقترحات القوانين ومشاريع القوانين التي بقيت منذ سنوات مجرد حبر على ورق داخل رفوف مكاتب غرفتي البرلمان أو القطاعات الحكومية المعنية، مقابل ذلك هناك قوانين تتم دراستها والمصادقة عليها في وقت قياسي، لأنه بكل بساطة، تكون وراءها جماعات ضغط تتحكم في دواليب الآلية التشريعية من خارج مؤسسة البرلمان، كما تتحكم في صنع القوانين التي تخدم مصالحها وتعرقل القوانين التي تمس بمصالحها أو تخدم مصالح منافسيها. ويتوفر أصحاب المصالح الاقتصادية داخل البرلمان على كل الإمكانيات والآليات والوسائل لعرقلة كل مبادرة يمكن أن تؤثر على مصالحهم، ويتحركون على شكل جمعيات مهنية أو نقابات، ويستعملون كافة وسائل الضغط بما فيها استمالة البرلمانيين.

وكشفت الحصيلة التشريعية التي أعلن عنها حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، في كلمة له خلال جلسة اختتام دورة أكتوبر من السنة التشريعية 2018-2019، عن هيمنة الحكومة على العمل التشريعي، وأبانت عن هزالة إنتاج القوانين بالنسبة إلى المؤسسة البرلمانية، التي تكلف ميزانية بالملايير من المال العام. وحسب بنشماش، فقد صادق المجلس خلال هذه الدورة على 47 نصا قانونيا، توزعت من حيث طبيعتها بين مشروع قانون تنظيمي واحد، و20 مشروع قانون، و23 مشروع قانون يوافق بموجبه على اتفاقية دولية ثنائية ومتعددة الأطراف، و03 مقترحات قوانين، همت جميعها مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، مشيرا إلى أن مصادقة المجلس بالإجماع على 42 نص تشريعي من أصل 47، مقابل 5 نصوص فقط تم التصويت عليها بالأغلبية.

ومن جهته، حمل الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، المسؤولية للحكومة بخصوص عدم تعاملها مع المبادرات التشريعية للبرلمانيين، وذلك بعدما كشفت حصيلة المجلس عن هيمنة الحكومة على الإنتاج التشريعي. وأكد المالكي في كلمة خلال جلسة اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية الحالية، أن المجلس صادق خلال هذه الدورة على 44 مشروع قانون. وسلط المالكي الضوء على حصيلة المبادرة التشريعية للنواب، متمثلة في مقترحات القوانين، وفي التعديلات التي تقدموا بها على مشاريع القوانين التي صادق عليها المجلس، مسجلا تواضع نسبة ما تم التجاوب معه من مقترحات من جانب الحكومة، إذ لم تتجاوز المقترحات المصادق عليها 7.75 في المائة، أي تسعة مقترحات من مجموع 116 مقترحا تقدم بها أعضاء المجلس، منذ بداية الولاية.

اتفاقية مهمة مع الاتحاد الأوروبي مرهونة بصراعات حزبية ضيقة

من بين أهم القوانين المهمة المطروحة على جدول أعمال الدورة الاستثنائية للبرلمان، مشروع قانون صادق عليه مجلس الحكومة، يوافق بموجبه على اتفاق الشراكة في مجال الصيد المستدام بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مشروع قانون يوافق بموجبه على اتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يهدف إلى تمتيع منتجات الأقاليم الجنوبية بنفس المعاملة التجارية التفضيلية التي يخولها اتفاق الشراكة.

ويتعلق الأمر بمشروع قانون رقم 14.19، يوافق بموجبه على اتفاق الشراكة في مجال الصيد المستدام بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي وبروتوكول تطبيقه وتبادل الرسائل المرافقة للاتفاق المذكور، واللذين يشكلان جزءا لا يتجزأ من هذا الاتفاق ويخضعان لمقتضياته الختامية الموقع ببروكسيل بتاريخ 14 يناير 2019. ومن خلال تبادل الرسائل المرافقة للاتفاق، تؤكد المملكة المغربية أن الأقاليم الصحراوية المغربية هي جزء لا يتجزأ من التراب الوطني، الذي تمارس فيه كامل سيادتها كما هو الشأن بالنسبة لباقي التراب الوطني.

ويلتزم الطرفان بموجب هذا الاتفاق بتنمية الصيد المستدام في منطقة الصيد على أساس مبدأ عدم التمييز بين مختلف الأساطيل الموجودة فيها. ويرومان، من خلاله، وضع إطار للحكامة القانونية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية لأنشطة الصيد المنجزة من طرف سفن الاتحاد الأوروبي، يحدد خصوصا شروط ممارسة سفن الاتحاد الأوروبي لأنشطة الصيد في منطقة الصيد والتعاون الاقتصادي والمالي في هذا القطاع بهدف تعزيز إدارة المحيطات، وكذا التعاون الإداري لتنفيذ المقابل المالي والتعاون العلمي والتقني من أجل ضمان الاستغلال المستدام للموارد السمكية في منطقة الصيد وتنمية القطاع البحري، بالإضافة إلى التعاون بشأن تدابير تتبع ومراقبة ورصد أنشطة الصيد، بهدف ضمان احترام القواعد الجاري بها العمل وضمان فعالية تدابير المحافظة على الموارد السمكية وتدبير أنشطة الصيد؛ سيما لأغراض مكافحة الصيد غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم. وبموجب هذا الاتفاق، تحدث لجنة مشتركة تتألف من ممثلي الطرفين يعهد إليها بتتبع تطبيق مقتضياته، كما يمكن لها إقرار تعديلات على البروتوكول المرافق له.

وفي ما يخص البروتوكول، يهدف إلى تنفيذ أحكام الاتفاق، سيما من خلال تحديد شروط ولوج سفن الاتحاد إلى منطقة الصيد وكذا مقتضيات تنفيذ الشراكة في مجال الصيد المستدام، خصوصا إمكانيات الصيد والمسطرة التي تمكن سفن الاتحاد الأوروبي من الحصول على تراخيص الصيد والمقابل المالي وطريقة الدفع وكذا التنسيق في المجال العلمي.

وهناك مشروع قانون صادق عليه مجلس الحكومة، يوافق بموجبه على اتفاق بين المغرب والاتحاد الأوربي يهدف إلى تمتيع منتجات الأقاليم الجنوبية بنفس المعاملة التجارية التفضيلية التي يخولها اتفاق الشراكة، ويتعلق الأمر بمشروع قانون رقم 10.19 “يوافق بموجبه على اتفاق على شكل تبادل رسائل بين المملكة المغربية والاتحاد الأوربي بشأن تعديل البروتوكولين رقم 1 (المتعلق بالنظام المطبق على واردات المجموعة من المنتجات التي مصدرها المغرب) ورقم 4 (المتعلق بتعريف مفهوم “المنتجات ذات المصدر” وأساليب التعاون الإداري) من الاتفاق الأورو-متوسطي المؤسس لشراكة بين المملكة المغربية من جهة، والمجموعات الأوروبية والدول الأعضاء بها من جهة أخرى، ببروكسيل بتاريخ 25 أكتوبر 2018، بهدف تمتيع المنتجات القادمة من أقاليمنا الجنوبية بنفس المعاملة التجارية التفضيلية المخولة بموجب اتفاق الشراكة المبرم بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي، الموقع ببروكسيل بتاريخ 26 فبراير 1996″.

وكان البرلمان الأوروبي قد صوت يوم 12 فبراير 2019 خلال جلسة عامة بستراسبورغ، وبأغلبية ساحقة، على الاتفاق الجديد للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي (415 صوتا مقابل 189 وامتناع 49 نائبا). كما صادقت المؤسسة نفسها يوم 16 يناير الماضي على الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي بـ444 صوتا مقابل 167 مع امتناع 68 نائبا عن التصويت. ويحدد الاتفاق الجديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي على الخصوص مناطق الصيد وشروط ولوج الأسطول الأوروبي، مع الرفع من المقابل المالي الذي سينتقل بمعدل سنوي من 40 إلى 52,2 مليون أورو بزيادة 30 في المائة، وينص الاتفاق على المقتضيات الرامية إلى تثمين الانعكاسات والمنافع بالنسبة إلى الساكنة المحلية بالمناطق المعنية، ويستمر الاتفاق الجديد لأربع سنوات، وسيتم بموجبه رفع عدد السفن الأوروبية المبحرة في المياه المغربية إلى 128 سفينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى