شوف تشوف

الرأي

«الشان» والمرشان

ليس المقصود هنا مرثية خربوشة، حين صرخت في وجه القائد عيسى بن عمر بقصيدة مطلعها «فين الشان والمرشان»، بل القصد هو المشاركة المذلة للمنتخب المغربي في نهائيات كأس أمم إفريقيا للمحليين والتي تسمى اصطلاحا «الشان».
في كيغالي، كما في مختلف العواصم الإفريقية، يبدأ المنتخب المغربي مشواره بالمواويل التي تتماهى معها الجماهير، وينهيه بلازمة «أي دمعة حزن لا لا لا». وحدها أديس أبابا عاصمة إثيوبيا أنقذت تاريخ الكرة المغربية ومنحتنا لقبا قاريا بمنتخب للمحليين دون الحاجة إلى الانتصار في المباراة الختامية أمام غينيا.
لم تسخر الصحافة الإسبانية من أداء لاعبي المنتخب المغربي المشارك في دورة رواندا، ولم تتقاسمنا أحزاننا، بل اهتمت بتغذية البعثة المغربية، فقد كشفت صحيفة «الموندو ديبورتيفو» عن حجم الترف الذي يعيش فيه لاعبونا في كيغالي، وكيف تمكنت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من توفير أربعة أطنان من الكلأ لأسود الأطلس، وطباخ ماهر قيل والعهدة على الذواقين إنه سقط في امتحان «ماستر شاف».
وحسب تقديري المتواضع فإن المنتخب المغربي الذي سيخوض ثلاث مباريات، سيكون ملزما باستهلاك طن وثلاث مائة كيلوغرام من التغذية في كل مباراة، وهي تكلفة غذائية تفوق سقف التخمة المتعارف عليه عالميا. بل إن المسؤولين عن الفريق الوطني يفكرون بجدية في طريقة للتخلص من المخزون الغذائي الذي يملأ مخزن فندق كيغالي، بعدما اقترح أحد المرافقين إطعام ستين مسكينا روانديا كفارة للإقصاء، فيما اقترح دعاة ترشيد النفقات إلى الاحتفاظ بالمخزون للجولات القادمة لمنتخب المحترفين، وارتأى آخرون إتلاف المواد الغذائية المتبقية لطمس معالم الجريمة.
في مثل هذه المواقف، يفتح رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تحقيقا حول المنتخب ويبحث عن مبررات النكبة، ويحرض عيونه على التقاط الصغائر والكبائر تحسبا لإقالات وشيكة لا ريب فيها، لكن للأمانة فالجامعة تتحمل جزءا من المسؤولية في ما حل بالمنتخب لسخائها الزائد عن اللزوم، ولضرب مغربة المنتخب المحلي في العمق حين عينت مسؤولا فرنسيا ساعات قبل إقلاع الطائرة إلى كيغالي وكلفته بمهمة قراءة الخصوم في ما يشبه المخبر، وخصصت له راتبا دسما على غرار السابقين واللاحقين من المدربين المستوردين من وكالة ناصر لارغيت للتسويق والاستيراد، وضاعفت منحة الفوز للاعبين هم في مبارياتهم ساهون.
إن جامعة كرة القدم مطالبة بفتح تحقيق مع الطباخ قبل فاخر، ومع المسؤولين الجامعيين الذين استغلوا رحلة رواندا للتسوق وشراء اللاعبين أو تقديم وعد بالشراء لأنديتهم، ضدا على قيم المواطنة التي تفرض عليهم وضع مصلحة المنتخب قبل مصالح الفرق التي ينتمون إليها، أما فاخر فيعرف أن العقد شريعة المتعاقدين وأنه وعد ببلوغ دور الربع فلم يحقق المبتغى، فحق فيه الجهاد والإقالة.
نعرف سيناريو ما بعد الإقصاء جيدا، لأننا عشناه مع مدربين مغاربة وأجانب، مع عرب وعجم، مع جامعات ولجن مؤقتة، ستحتل صورة لقجع الصحف وسيصدر قرار بتجريد المدرب من رتبة جنرال، وسيعلن بعض البرلمانيين براءتهم من فاخر وشاكر وصابر وكل من ساهم في المسار العابر، وعرض مخزون التغذية للضياع، مع سبق الإصرار والترصد.
نحمد الله لأن الوزير السابق محمد أوزين أنقذ المغرب من خطر الإيبولا، وأبعد عن بادو الزاكي هموم كأس أمم إفريقيا، أما باعة التذاكر في السوق السوداء فيشكرون الله لخروج المحليين مبكرا من «الشان» حتى تستأنف البطولة ويعود الجمهور إلى المدرجات، ويصبح كثير منا مشجعين في المقاهي لمنتخبات لا يربطنا بها لا الخير ولا الإحسان.
نحتاج دوما إلى معجزة ربانية لنواصل مسيرتنا في البطولات القارية، نصبح ساديين ونتمنى أن تتكرم وتتنازل رواندا عن استكمال البطولة على أراضيها، ويخرج الهوتو من جحورهم معلنين إلغاء الدورة القارية، وأن نواجه منتخبات عربية داهمها التطرف وعطل كرتها، وأن يكون الحكم أشبه بشرطي مرور متساهل مع الجنرال.
أما الذين فاتتهم فرصة أداء المناسك وزيارة الحج، فإن رمي الجمرات متاح في مطار محمد الخامس يوم عودة الفريق الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى