شوف تشوف

الفطام من الرضاعة

حرصت سمية بنكيران، نجلة رئيس الحكومة، على حضور دورة مجلس مقاطعة حسان صحبة رضيعتها، عوض تركها في البيت عند جدتها، نبيلة بنكيران، أو إحدى خادماتها اللواتي يشتغلن ببيت رئيس الحكومة.
سمية بنكيران ليست أول عضو في عائلة رئيس الحكومة تستعمل الأطفال في السياسة، فقد سبق لبنكيران نفسه أن نشر صوره وهو يحمل بين ذراعيه حفيدته، كما سبق له أن سرب فيديو يرقص فيه مع حفيده.
المثير في الموضوع أنه تزامن مع حضور البرلمانية كارولينا بيسكلنسا، النائبة الإسبانية بمجلس النواب عن حزب بوديموس، رفقة طفلها.
وعند رغبة الطفل في الرضاعة لم تتردد النائبة في إخراج ثديها وإلقامه له أمام الأفواه المفتوحة لزملائها البرلمانيين.
وقبل أن تجلس النائبة سلمت رضيعها لزعيم حزب بوديموس بابلو إغليسياس الذي داعب الرضيع قبل أن يعيده لأمه، وعندما رفعت الأم يدها للتصويت رفعت يد رضيعها أيضا.
وكانت النائبة ليسيا رونزوليا في البرلمان الأوربي قد سبقت النائبة الإسبانية إلى اصطحاب ابنتها التي كبرت داخل البرلمان.
المعارضة الإسبانية رأت في ما قامت به النائبة الإسبانية استغلالا سياسيا للأطفال، خصوصا أن مجلس النواب الإسباني فيه حضانة كان يمكنها ترك طفلها فيها.
وما قامت به المستشارة سمية بنكيران فيه استغلال أيضا للأطفال في السياسة، من أجل تلميع صورة الحزب الذي تضرر بسبب سلخ الأساتذة المتدربين وشيوع تعليقات وصور ساخرة حول بنكيران وهو واقف مبتسما جنب ابنته التي أرسلها إلى منصب في البلدية فيما أرسل الأمن لضرب بنات الشعب من الأساتذة المتدربين.
وهكذا بعدما مل الناس من سماع أسطوانة نجلة رئيس الحكومة العاطلة عن العمل، ها نحن نرى كيف نجحت سمية بنكيران في الحصول على منصب مستشارة في المقاطعة وتوديع عالم العطالة، بعدما حلت في موقع متقدم من اللائحة الانتخابية.
وإذا كانت المستشارة سمية بنكيران قد أرادت أن تعطي المثال على ضرورة الالتزام بحضور دورات المقاطعة، عكس زميلها في الحزب حامي الدين الذي كان مستشارا شبحا لا يحضر دورات المجلس الذي كان مستشارا فيه، إلا أن مبادرتها بجلب رضيعتها إلى المجلس فيه استغلال سياسي واضح لرضيعة كان من الأفضل تركها في البيت، أو الحصول على رخصة والبقاء في البيت مع الرضيعة.
ولا نعتقد أن المستشارة المحترمة ستذهب إلى حد إرضاع طفلتها أثناء أشغال المجلس في حالة ما إذا داهمها الجوع وشرعت في البكاء. أما إذا كانت مضطرة لتغيير «ليكوش» للرضيعة فتلك حكاية أخرى، إذ يكفي المجلس الروائح التي فيه بسبب كل الملفات المتعفنة داخل أدراجه، ولا حاجة لإضافة روائح أخرى.
ومن الروائح التي انبعثت مؤخرا من مجلس مدينة الرباط الذي يقوده الصديقي العمدة عن الحزب الحاكم، والذي غادر «ريضال» بعدما قدم ملفا طبيا يعفيه من العمل، تلك التي خرجت من ملف السيارات.
ومباشرة بعد صلاة الجمعة الماضية أعفى محمد الصديقي، رئيس مجلس مدينة الرباط، كاتبه العام، في خطوة غير مسبوقة، لم تكن متوقعة لدى موظفي وأطر المجلس، بمبرر «ضخ دماء جديدة في مجلس المدينة» وفق ما خاطبه به، بعدما نادى عليه إلى مكتبه، ليخبره بذلك، بعد السنين الطويلة التي قضاها في هذه المهمة.
وقد وقع هذا الإعفاء بالتزامن مع إعفائه للموظف المكلف بمرأب السيارات في المجلس، الذي يعول على أن يضيف إليه سيارات جديدة، واستقدم إليه أحد نواب رئيس بلدية تمارة، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، والذي يشتغل موظفاً في مقاطعة أكدال، التي يوجد على رأسها رضا بنخلدون، شقيق سمية بنخلدون الوزيرة السابقة.
وكل من اطلع على لائحة التحويلات الخاصة بميزانية التجهيز، إلى ميزانية لاقتناء السيارات، التي حولت أخيراً الدورات العادية والاستثنائية لمجلس مدينة الرباط، الذي يرأسه محمد الصديقي، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، إلى حلبة للصراع، سيعتقد أن مرأب المجلس خال من أسطول للسيارات، ويعتبر أن الصديقي فعل خيراً، لما قرر تحويل مبلغ بقيمة مليونين و800 ألف درهم، من الميزانية المخصصة لعدد من المشاريع، التي كانت ستستفيد منها ساكنة العاصمة، من بينها بناء وتجهيز دار الشباب التقدم، وإحداث وتهييء وتجهيز حديقة الحي نفسه، وبناء نادٍ نسوي بحي الفرح، من أجل شراء سيارات لمكتب مجلسه الجديد حتى يتسنى له القيام بمهامه على أكمل وجه.
لكن الحقيقة أن حظيرة السيارات ممتلئة عن آخرها بـ«البراوط»، حتى إن البعض، ممن سبق لهم أن أدوا مهامهم في المجلس ذاته، في ولايات سابقة، اختاروا الاحتفاظ بالسيارات التي كانت قد وضعت رهن إشاراتهم، ولم يرجعوها بعد، دون أن تتأثر «الحظيرة» التي يريد الصديقي دعمها. لذلك رأى البعض، أنه كان حرياً بالصديقي، عِوَض أن يخصص هذا المبلغ كله لشراء سيارات فارهة، كان عليه أن يعطي تعليماته ويأمر كل الذين مازالوا يحتفظون بسيارات الخدمة بإعادة «الأمانة» إلى المجلس، ويجبرهم على إرجاعها حالاً، وإرجاع حتى سائقيها الذين وُضعوا رهن إشاراتهم، فقرروا الاحتفاظ بالسيارة والسائق معاً.
ولعلم سكان الرباط الذين يمولون ميزانية المجلس من ضرائبهم، فميزانية السيارات بالمجلس تصل تكلفتها إلى مليار و200 مليون سنتيم سنوياً، موزعة بين مصاريف الصيانة والتزود بالبنزين، وهو معطى يكشف أن عددها كاف، في حالة ما إذا وزعت وفق ما ينص عليه القانون على مستحقيها، وليس بناءً على القانون الذي سنه الصديقي، الذي خرج بتصريحات يبرر من خلالها سبب اعتزام المجلس اقتناء السيارات الجديدة، ودعم حظيرة سيارات المجلس التي قال إنها «متهالكة»، ويرجع تاريخ شرائها إلى سنة 2010.
كل هذا التبذير يحدث في حين أن الجميع يشهد أن سيارات المجلس جيدة وعلى أحسن ما يرام، فالصديقي، مثلاً، يستفيد من ثلاث سيارات، الأولى من نوع «أودي»، كلفه إصلاحها 12 مليون سنتيم، فيما السيارة الثانية من نوع «داسيا» سوداء ورقمها 175- 119 ورثها عن عبد الحق لمنطرش، الذي كان يترأس اللجنة المالية في المجلس السابق، أما الثالثة فهي من نوع «بارتنير» كان يتولى سياقتها الحاج الذي كان مستشارا مكلفا بمهمة، وهي السيارات التي لم يكن فتح الله ولعلو، رئيس المجلس السابق، يستفيد منها جميعها، حتى إن «الأودي» التي وضعت رهن إشارته، بعدما ورثها بدوره عن عمر البحراوي، كان، والحق لله، يأمر السائق بإرجاعها إلى المرأب كل ليلة، بعدما يعمل على إيصاله إلى بيته بها.
ويبدو أن الصديقي فضل اقتناء سيارات جديدة، عوض استرجاع القديمة من أولئك الذين يستولون عليها، خشية أن يكسر خاطرهم، ومن بينهم عمر البحراوي، العمدة السابق، الذي مازال محتفظاً بسيارة من نوع «أونو» بسائقها، فضلاً عن استفادته من خدمات موظف كحارس وعون في فيلته الكائنة بالقرب من مسجد العتيبة، يظل مرابطا فيها، خصوصا أن البحراوي دائم الترحال إلى كندا حيث انتقل للعيش.
وإلى جانبه نجد إدريس لشكر، الذي مازال يستفيد هو الآخر من سيارة من نوع «بارتنير» ببنزينها، حصل عليها لما انتخب نائباً لعمدة الرباط، فمنحها لموظف في البلدية بدون أي مهمة، يستعملها لحد الآن في «السخرة» وقضاء أغراضه الشخصية، إذ يظل طوال اليوم جالسا في باب بيته، بالإضافة إلى السيارة التي منحت للمستشار الذي يشغل اليوم مهمة نائب رئيس لجنة التعمير، في الولاية الحالية، وأخرى وضعت رهن إشارة رئيس مجلس عمالة الرباط، الذي سيستفيد هو الآخر من «وزيعة» السيارات الجديدة، في حال ما إذا تم اقتناؤها، ما جعله يرجع تلك التي منحت له.
والغريب في الأمر هو أن نواب الصديقي، الذين يتوقع أن يستفيدوا من السيارات الجديدة، جميعهم يتوفرون على سيارات فارهة، فمثلاً سعاد الزايدي بنت الراحل أحمد الزايدي، تتوفر على سيارة فاخرة من نوع «رونج روفر»، أما خالد مجاور فلديه سيارة فارهة من نوع «ميرسيديس» بسائقها، والشأن نفسه بالنسبة إلى الحسين كرومي، والنائب الأول لحسن العمراني، الذي كان في ديوان بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية، فيما يتوفر النائب الثالث عبد الرحيم لقرع، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، بالإضافة إلى سيارته الخاصة، على سيارة من نوع «داسيا» سوداء اللون، بصفته رئيس مقاطعة اليوسفية، إضافة إلى محمد بولحسن، عضو مكتب المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، والمكلف بالهيئات والجمعيات المهنية، ومالك شركة خاصة بكراء السيارات.
إن ما يجب على حزب عمدة الرباط الذي يدعي محاربة الفساد، هو أن يفطم مسؤوليه ومسؤولي مجلس المدينة عن الرضاعة من المال العام، لا أن تحضر نجلة رئيس الحكومة رضيعتها إلى اجتماع المقاطعة بحثا عن التعاطف الشعبي.
«ودابا هاد التبذير كامل وباغين تدوخو الشعب بالتربية اللي جايباها بنت رئيس الحكومة لمجلس المقاطعة، أسيدي نخلصو ليها اللي يقابل ليها التربية ويبعدو لينا غي من فلوس البلدية».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى