الملك يفض نزاعا بين ولد سيدي بابا وخليهن ولد الرشيد
حسن البصري
يعتبر الداي ولد سيدي بابا، المزداد في مدينة أطار الموريتانية عام 1921، ظاهرة سياسية. فقد تلقى تعليمه في مسقط رأسه، وتقلد العديد من المناصب الكبرى في بلدين: موريتانيا والمغرب.
حين حصل المغرب على الاستقلال، حل الداي سنة 1958 بالمغرب، حيث عين مستشارا في وزارة الشؤون الخارجية ورئيسا لقسم إفريقيا في هذه الوزارة ما بين 1959 و1960، قبل أن يعينه الملك الحسن الثاني سفيرا للمغرب في كثير من الدول من قبيل جمهورية غينيا والسعودية، وممثلا للمغرب في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برتبة سفير، ثم مندوبا دائما للمغرب لدى الأمم المتحدة، قبل أن يعينه الملك مديرا للديوان الملكي ويدخله الحكومة وزيرا للأوقاف والشؤون الإسلامية ثم وزيرا للتعليم.
كان الداي ولد سيدي بابا يؤمن بأن موريتانيا هي امتداد ترابي للمغرب، وظل مساندا للمغرب في صراعه مع الإسبان والجزائريين، بل إنه عين رئيسا للبرلمان المغربي، وحوله إدريس البصري إلى قيادي في حزب التجمع الوطني، بل إن وزير الداخلية، مهندس الخريطة الانتخابية، وضع الداي ولد سيدي بابا على رأس دائرة انتخابية في مدينة كلميم، نجح ابن موريتانيا في الانتخابات البرلمانية بتقدير مدعم جدا، لكن التزاماته حالت دون التردد على المنتخبين الذين هتفوا باسمه.
لم يتخلص الداي من تهمة النائب المعار من الجار الجنوبي، سيما بعدما أصبح رئيسا للبرلمان، بل إن الملك الحسن الثاني اضطر إلى فض نزاعاته مع خليهن ولد رشيد، برلماني العيون ورفيقه في حزب الأحرار، الذي لم يتردد في التصدي له، إذ شهد البرلمان المغربي في نهاية السبعينات ملاسنات بين الرجلين داخل مكتب الداي ولد سيدي بابا، رئيس مجلس النواب في تلك الفترة، إذ خاطب ولد رشيد الداي قائلا: أنت لست سوى موريتاني الأصول ولا يحق لك التحدث عن الصحراء المغربية، قبل أن يتهجم عليه ويسدد له لكمة، حسب ما رواه نائب برلماني كان شاهد عيان على تلك المشاجرة، وتلك كانت بداية انشقاق حزب الأحرار وظهور فصيل خليهن الذي اختار اسم الحزب الوطني الديمقراطي.
تدخل الملك شخصيا وجمع الرجلين في قصره ودعاهما إلى التحلي برزانة الصحراويين وحكمتهم، خاصة وأن البصري استغل الخلاف ليخرج حزبا جديدا من كم التجمع الوطني للأحرار.
بعد وفاة الداي ولد سيدي بابا، كرمه ابن عشيرته محمد الشيخ بيد الله، الرئيس السابق لمجلس المستشارين، وأطلق اسمه على إحدى القاعات بالمجلس، في محاولة لإعادة الاعتبار إلى أسرة هذا الرجل المتوفى سنة 1993، والذي كان شقيقه محمد ولد سيدي بابا يتولى، في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي، منصبا وزاريا في حكومة الرئيس الموريتاني ولد داده.