شوف تشوف

الرئيسية

تبادل «المجرمين»

حسن البصري
من المقرر أن تدرج، في جدول أعمال المجلس الوزاري المقبل، اتفاقية تبادل المجرمين بين المغرب والبرازيل. فقد أعدت الحكومة مشروع قانون يسمح بتسليم أي شخص مطلوب قضائيا يوجد فوق أرض إحدى الدولتين، من أجل محاكمته في القضايا التي يكون الحكم فيها أقل من سنتين. وهناك استثناءات طبعا تهم المدانين في قضايا الرأي، والمتابعين بتهم سياسية.
كنا ننتظر من حكومتنا الاستفادة من الخبرة الكروية للبرازيل في المجال الرياضي، وإبرام اتفاقيات مع الاتحاد البرازيلي للعبة الذي يعد المصدر الأول للاعبين والمدربين إلى ربوع العالم، فليس البن وحده «رأس السوق» في صادرات هذا البلد بل هناك سلعة المواهب.
للأسف، هذه الاتفاقية تحمل مسمى فيه كثير من التجريح، «تبادل المجرمين»، رغم أن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته، وقد تظهر براءته حتى بعد إصدار الأحكام، لكن مادامت حكومتنا تراهن على تبادل آخر، فليس لنا إلا أن نبارك لها أجر الاجتهاد.
في علاقة المغرب مع البرازيل الكثير من القضايا التي التصقت بالوحل بسبب غياب اتفاقية تبادل نزلاء سجون، نذكر كيف عشنا عشرة أشهر من الترقب والانتظار، قبل أن يقرر القضاء البرازيلي السماح للملاكم المغربي حسن سعادة بالعودة إلى وطنه، وانتظر البطل المغربي أياما قبل أن تسلمه محكمة ريو دي جانيرو جواز سفره في ما يشبه السراح المؤقت. وقف سعادة أمام القاضي والخوف في عينيه، حاول أن يسأل عن طبيعة القرار فصودرت الكلمات في فمه، وابتلع لسانه وغادر قاعة الجلسات دون أن يمعن النظر في تفاصيل سراح دون ضمانات، فالمحكمة البرازيلية لم تحدد تاريخ عودته ولم تصدر أي بيان في الموضوع.
أدركت اللجنة الأولمبية المغربية مدى غباوة ملتمساتها السابقة، حين كانت تطالب بالسراح المؤقت كي يتمكن الملاكم المغربي من حضور أعياد دينية ووطنية، لكن كل هذه الملتمسات كانت تقابل بالرفض، لأن البرازيل تعتبر من يتعاطى للرياضة كمن يمارس طقوس قداس ديني، لذا حين كان مبرر السراح رياضيا لم يتردد قاضي المحكمة الفيدرالية في التوقيع على المغادرة من أجل حضور ملتقى رياضي، مع التزام بالمثول أمام المحكمة مرة أخرى.
تعلم الملاكم حسن سعادة، بعد طول فترة إقامته في سجن ريو، اللهجة البرازيلية وقد يتحول إلى لاعب كرة مهاري، ويدخل البلاد محترفا في أعتد الفرق المغربية، بعد أن يتخلص من قفاز لم يجلب له سوى الكدمات على وجهه وفي وجدانه.
في سجون المملكة عشرات البرازيليين الذين يقضون أيامهم الرتيبة بين الاعتقال والفسحة اليومية بتهم حيازة ممنوعات، أما المغاربة العالقون في سجون البرازيل فتهمهم لا تتجاوز حدود التحرش الذي يبدأ بنظرة وابتسامة وموعد ولقاء في السجن طبعا.
في سجن البرازيل يمكن للبطل المعتقل أن يمارس حقوقه الرياضية بكل حرية، ويخضع لبرنامج «رياضة واعتقال». في سجن برازيليا ملاعب لكرة القدم ومدار لألعاب القوى وحلبات للملاكمة وملاعب للتنس ومسبح، هناك يمكن للرياضي أن يتابع تداريبه ويغادر المؤسسة السجنية لخوض مبارياته ويعود في المساء. هذا السجن صديق للرياضيين يمنحهم كل إمكانيات التألق يفتح شهية الاعتقال، وإذا كنت «مقطوعا من شجرة» وليس هناك من يرعاك فإنك تتحول إلى جامع كرات.
يذكر المغاربة المدرب البرازيلي جايمي فلانتي الذي قاد المنتخب المغربي للظفر بذهبية ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وغادر البلاد غانما قبل متم عقده، وحين وزعت الجامعة مذكرة بحث اكتشفت أنه مستعد لإفشاء الأسرار فطوي الملف. كما يذكر الرجاويون لاعبا برازيليا اسمه فيليكس حمل قميص الرجاء في بداية التسعينات وحين عاد إلى بلاده تقاطرت على إدارة النادي شكايات وشيكات بدون رصيد، وتبين أن اللاعب يجيد مهارة النصب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى