الرئيسيةالملف السياسي

تعديل حكومي يهدد رؤوس وزراء

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
أخبر أمين عام حزب مشارك في الحكومة أعضاء مكتبه السياسي بالاستعداد للتعديل الحكومي المرتقب، حيث تصاعدت، خلال الأسابيع الأخيرة، حدة تبادل القصف بين زعماء أحزاب التحالف الحكومي..، إذ في تزامن مع الخرجة القوية لعزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، من الداخلة، والذي هاجم حزب العدالة والتنمية، خرج محند العنصر، الأمين العام للحركة الشعبية من فاس، بخطاب قوي مطبوع بلهجة نقد حادة لمكونات التحالف الحكومي، وذلك بمناسبة تدشين برنامج اللقاءات الجهوية للحزب المخصصة لاستكمال رؤية الحركة للنموذج التنموي البديل وإعطاء الانطلاقة لانتخاب الأمانات الجهوية للحزب. فيما انطلق حزب العدالة والتنمية في تنظيم حملة تواصلية بمختلف مناطق المغرب، وذلك تحسبا لأسوأ السنياريوهات، وهو تنظيم انتخابات سابقة لأوانها.
بالإضافة إلى هذا، بدأت تظهر معالم فشل الإصلاحات الحكومية الكبرى، وعلى رأسها إصلاح التعليم وإصلاح أنظمة التقاعد، وإصلاح صندوق المقاصة عن طريق تحرير أسعار المحروقات. وما يؤكد هذا الفشل هو توالي التقارير الصادرة عن مؤسسات رسمية وطنية، ونذكر، على الخصوص، تقرير بنك المغرب الذي حذر من تعثر تنفيذ الإصلاحات الهيكلية. والخطير في الأمر أنه رغم هذه التحذيرات التي تنضاف إلى التحذيرات التي أطلقها رئيس المجلس الأعلى للحسابات، فإن الحكومة تتعامل بنوع من الارتجالية مع هذه الإصلاحات، آخرها التقرير الموضوعاتي الذي فضح فشل الحكومة في تنفيذ خطة الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة، وعدم تنزيل الاستراتيجية الوطنية التي وضعتها قبل سنتين، وكذلك تعثر تنزيل الرؤية الاستراتيجية للتربية والتكوين، واستراتيجية التشغيل واستراتيجية محاربة الرشوة والفساد.

مقالات ذات صلة

إعفاء كتاب الدولة
منذ تشكيلها، قبل سنتين، عرفت حكومة العثماني ثلاث هزات عنيفة كادت تعصف بها، نظرا لهشاشة التحالف بين مكونات الأغلبية المشكلة لها، والتي تتكون من ستة أحزاب متباعدة سياسيا وإيديولوجيا. كانت الهزة العنيفة الأولى بعد الزلزال الذي عصف برؤوس أربعة وزراء أثبت تقرير المجلس الأعلى للحسابات تورطهم في تعثر المشاريع المبرمجة في إطار المخطط التنموي «الحسيمة منارة المتوسط». وبعد استقرار نسبي، اندلعت أزمة أخرى داخل الأغلبية، إثر الهجوم اللفظي الذي شنه رئيس الحكومة السابق، والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران على عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وصولا إلى الأزمة التي اندلعت بين حزبي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية، على خلفية حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء، وإعفاء شرفات أفيلال من الحكومة، ثم الأزمة التي اندلعت أخيرا بين جل مكونات التحالف الحكومي، بسبب احتجاجات التجار، وتبادل التصريحات حول من يتحمل مسؤولية تمرير الإجراءات الضريبية التي أثارت هذه الاحتجاجات، ثم الخلافات حول لغات التدريس، ما تسبب في «بلوكاج» حقيقي داخل البرلمان، وصولا إلى الأزمة التي اندلعت داخل الحكومة حول وضع تصور النموذج التنموي، ما دفع بتقديم مقترحات خاصة بكل حزب.
ومن بين الانتقادات الموجهة إلى حكومة العثماني، تشتيت القطاعات الوزارية على عدد كبير من الوزراء وكتاب الدولة، ما يؤثر على نجاعة الأداء، في ظل غياب التنسيق والصراعات حول الاختصاصات. ولذلك أصبح مطروحا بقوة سيناريو التخلص من كتاب الدولة، الذين يشكلون عبئا على الحكومة، بسبب عدم توفرهم على الاختصاصات لتدبير القطاعات التي يشرفون عليها، والتي غالبا ما تكون تحت وصاية وزراء آخرين، ما أدى إلى وقوع أزمة داخل الحكومة التي تتشكل من 12 كاتب دولة، بينهم سبع نساء، حيث اندلعت صراعات بينهم وبين الوزراء الذين يمارسون الوصاية عليهم، ما جعل العديد منهم يتحولون إلى مجرد «أشباح» بدون صلاحيات واضحة تحدد مهامهم الحكومية. ولذلك، فإن الحديث عن إجراء تعديل حكومي يروج بقوة منذ حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء، وحرمان حزب التقدم والاشتراكية من نصف حقيبة وزارية، وبقي ممثلا داخل الحكومة بحقيبتين فقط، وهما وزارة الصحة ووزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة.
ومن بين السيناريوهات المطروحة، تقليص عدد الوزراء، بالتخلي عن بعض كتاب الدولة، وخروج حزب التقدم والاشتراكية من الحكومة، وإعادة النظر في الهيكلة الحكومية، بدمج بعض القطاعات الوزارية.
ومن أبرز كتاب الدولة، الذين لا يمارسون صلاحيات واضحة، هناك خالد الصمدي، عن حزب العدالة والتنمية، الذي يشغل منصب كاتب الدولة المكلف بقطاع التعليم العالي التابعة لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، التي يوجد على رأسها الوزير سعيد أمزازي، عن الحركة الشعبية، بحيث لا يمارس كاتب الدولة أي اختصاصات واضحة لتدبير قطاع التعليم العالي، ما عدا ترديد أجوبة مكتوبة تحت قبة البرلمان، في حال غياب الوزير الوصي. كذلك الشأن بالنسبة لكاتب الدولة المكلف بقطاع النقل، محمد نجيب بوليف، الذي دخل بدوره في صراعات مع الوزير الوصي على قطاع التجهيز والنقل، عبد القادر اعمارة، رغم أنهما ينتميان إلى حزب العدالة والتنمية، وذلك بعد حرمان بوليف من اختصاص التعيين في المناصب العليا داخل قطاع النقل.
من جانبه، لا يتوفر حمو أوحلي، كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، المكلف بالتنمية القروية والمياه والغابات، عن حزب الحركة الشعبية، على صلاحيات واضحة منذ تعيينه في الحكومة، بعد الإبقاء على المندوبية السامية للمياه والغابات، واحتفاظها بالاختصاصات والصلاحيات نفسها. أما بوزارة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية، التي يشرف عليها الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، محمد ساجد، فإن كاتبة الدولة المكلفة بقطاع السياحة، لمياء بوطالب، لا تتوفر بدورها على أي اختصاصات واضحة، ويمارس ساجد كامل الوصاية على هذا القطاع، ويسهر على تقديم مشاريع القوانين والاستراتيجيات المرتبطة بالقطاع، وتحولت كاتبة الدولة إلى مجرد موظفة داخل مقر الوزارة التي تحتضن مكتب ساجد، الذي يتحكم رفقة مدير ديوانه في كل صغيرة وكبيرة، كما تضم الوزارة نفسها كتابة دولة أخرى مكلفة بالصناعة التقليدية، توجد على رأسها القيادية بحزب العدالة والتنمية، جميلة المصلي، التي شغلت منصبا وزاريا خلال الحكومة السابقة، وبدروها لا تمارس اختصاصات واضحة في ظل الحكومة الحالية، شأنها في ذلك شأن زميلتها في الحزب، نزهة الوافي، كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة التابعة لوزارة الطاقة والمعادن، والتي حرمها الوزير الوصي عزيز رباح من كل الاختصاصات والصلاحيات الممنوحة للوزراء.
وطبقا لمقتضيات الدستور، فإن كتاب الدولة لا يحضرون اجتماعات المجلس الوزاري. وينص الفصل 48 على أن الملك يرأس المجلس الوزاري، الذي يتألف من رئيس الحكومة والوزراء. ويتداول المجلس الوزاري في القضايا التي لها علاقة بالتوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة، ومشاريع مراجعة الدستور، ومشاريع القوانين التنظيمية، والتوجهات العامة لمشروع قانون المالية، ومشاريع قوانين الإطار المشار إليها في الفصل 71 من الدستور، ومشروع قانون العفو العام، ومشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري، وإعلان حالة الحصار وإشهار الحرب.

حكومة غير مستقرة
على بعد أشهر قليلة من تشكيلها، عرفت حكومة العثماني أول «زلزال سياسي» أحدث رجة داخل الوسط السياسي والحزبي المغربي، بعد إقدام الملك محمد السادس على إعفاء عدد من الوزراء، في إطار تفعيل المبدأ الدستوري «ربط المسؤولية بالمحاسبة»، بناء على مختلف التقارير المرفوعة للملك، من طرف المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية، والمجلس الأعلى للحسابات، كشفت تورط هؤلاء الوزراء في الاختلالات التي عرفها برنامج «الحسيمة منارة المتوسط». وشمل قرار الإعفاء محمد حصاد، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بصفته وزير الداخلية في الحكومة السابقة، ومحمد نبيل بنعبد الله، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، بصفته وزير السكنى وسياسة المدينة في الحكومة السابقة، والحسين الوردي، وزير الصحة، بصفته وزيرا للصحة في الحكومة السابقة، والعربي بن الشيخ، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، المكلف بالتكوين المهني، بصفته مديرا عاما لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل سابقا، كما قرر الملك إعفاء علي الفاسي الفهري من مهامه مديرا عاما للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
وأشار بلاغ الديوان الملكي إلى أن هذه القرارات الملكية تندرج في إطار سياسة جديدة لا تقتصر على منطقة الحسيمة فقط، وإنما تشمل جميع مناطق المغرب، وتهم كل المسؤولين على اختلاف مستوياتهم، في نطاق إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحفيز المبادرات البناءة وإشاعة قيم الوطنية الحقة والمواطنة الملتزمة بخدمة الصالح العام.
وبعد أول تعديل حكومي جاء بعد «الزلزال السياسي»، اشتدت أزمة الحرب الكلامية بين مكونات الأغلبية الحكومية، وذلك منذ التصريحات النارية التي أطلقها رئيس الحكومة السابق، والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، في مؤتمر شبيبة حزبه، ضد كل من عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وإدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. كما تسببت التصريحات التي أدلى بها العثماني في أزمة داخل الأغلبية الحكومية، عندما هاجم، في لقاء حزبي داخلي مع شبيبة حزبه، وزير الصحة السابق، الحسين الوردي، الذي أعفاه الملك محمد السادس من مهامه، واعتبره العثماني «أسوأ وزير للصحة عرفه المغرب». وأثارت هذه التصريحات موجة غضب داخل حزب التقدم والاشتراكية، بحيث سارع نبيل بنعبد الله، الأمين العام للحزب، إلى المطالبة بعقد اجتماع طارئ لهيئة الأغلبية التي تضم الأمناء العامين لأحزاب التحالف الحكومي، بعدما ظلت اجتماعات الهيئة مجمدة منذ تشكيل الحكومة. وخلال الآونة الأخيرة، عادت الحروب الكلامية بين زعماء أحزاب الأغلبية، ما قد يهدد بتفجير التحالف الحكومي في أية لحظة.
ورغم توقيع ميثاق الأغلبية من طرف زعماء الأحزاب الستة المشكلة للحكومة، فإنه بقي مجرد حبر على ورق، في ظل عدم التزام أطراف التحالف بمقتضياته. والدليل على ذلك، تقديم مقترح حذف وزارة من الخريطة الحكومية، دون مناقشة ذلك داخل هيئة الأغلبية، حسب ما أكده حزب التقدم والاشتراكية المعني بالحقيبة الوزارية، عندما عبر عن عدم تفهمه لمغزى هذا الاقتراح، الصادر عن رئيس الحكومة، والذي كان للوزير الوصي على قطاع التجهيز والنقل واللوجستيك والماء مسؤولية مباشرة فيه، والذي هَمَّ فقط قطاع الماء دون غيره من باقي القطاعات الحكومية الأخرى، مشيرا إلى أن هذا الاقتراح «لم يأخذ أبدا بعين الاعتبار الضوابط السياسية والأخلاقية اللازمة في مجال تدبير التحالفات والعلاقات داخل أي أغلبية حكومية ناضجة، فبالأحرى عندما يتعلق الأمر باحترام العلاقة المتميزة التي تجمع حزبنا بحزب رئيس الحكومة»، وأضاف «هذا مع العلم أن وضعية كتابات الدولة وعضوات وأعضاء الحكومة المشرفات والمشرفين عليها تطرح مشكلا حقيقيا بالنسبة لكل الهيئات السياسية المشكلة للأغلبية الحكومية في ما يتصل بالاختصاصات والعلاقة مع الوزراء المشرفين على هذه القطاعات».
ويقوم ميثاق الأغلبية، الذي جرى التوقيع عليه من قبل الأمناء العامين للأحزاب الستة المشكلة للأغلبية الحكومية، على خمسة مرتكزات أساسية، تتعهد الأحزاب المشكلة للأغلبية بالعمل على تحقيقها، والمتمثلة في التشاركية في العمل، والنجاعة في الإنجاز، والشفافية في التدبير، والتضامن في المسؤولية. والتزمت الأحزاب المكونة للأغلبية مجتمعة ببلورة رؤية تشاركية وموحدة ومندمجة لحسن سير العمل الحكومي، وخاصة حول الملفات الكبرى التي تحددها هيئة رئاسة الأغلبية، وتعزيز التضامن بين مكونات الأغلبية، وإرساء التشاور والتعاون والتنسيق الدائم في ما بينها، من خلال تنظيم وتسيير وتقييم عملها المشترك واحترام التزامات الأغلبية والانضباط لقراراتها، والحرص على تماسكها وعدم الإساءة للأحزاب المكونة لها، دون أن يمنع ذلك من الحق في النقد البناء. وفي جميع الحالات تعمل الأحزاب المكونة للأغلبية على حل خلافاتها من داخل آليات الميثاق. كما تعهدت الأحزاب الموقعة على الالتزام بمستوى عال من التنسيق والانسجام والدفاع المشترك والتضامن في تحمل الأغلبية لكامل مسؤولياتها الدستورية والسياسية لتدبير الشأن العام.

أزمة البيت الحكومي تطفو للعلن بين «البيجيدي» والأحرار
بدا التنسيق الحكومي هشا في العلاقة بين حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية وباقي الأحزاب المشاركة معه في التحالف، منها حزب التجمع الوطني للأحرار الذي ظلت علاقته بالعدالة والتنمية تشهد الكثير من مناسبات التوتر. وكانت الأزمة التي شهدها قطاع التجارة بعد الإضرابات العامة التي خاضها التجار الصغار احتجاجا على نظام الفوترة الإلكترونية الجديد، القطرة التي أفاضت كأس الخلاف داخل الحكومة بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، حيث حمل حزب التجمع الوطني، في اجتماع مكتبه السياسي بمدينة الناظور، إبان بداية الأزمة منتصف يناير الماضي، المسؤولية للإجراءات التي تم اعتمادها من قبل الحكومة السابقة في قانون المالية 2014، حيث تم توسيع صلاحيات المراقبة لأعوان الجمارك لتمتد على الطرقات عوض الاقتصار على النقط الحدودية كما كان معمولا به سابقا، وهو الأمر الذي تسبب في أزمة التجار، وتجدد عبر الإجراءات التي أقرتها الحكومة في قانون المالية لسنة 2018، والمتمثلة أساسا في اعتماد نظام رقمنة الفواتير.
واعتبر المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية مسؤولة عن الأزمة، لكونها فرضت تلك الإجراءات دون مشاورات مسبقة مع التجار، فيما دعا إلى إجراء التعديلات اللازمة وبشكل عاجل على مدونة الضرائب ومدونة الجمارك قصد تصحيح هذا الوضع.
وأياما قليلة على موقف حزب التجمع الوطني للأحرار من الأزمة، دخل عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، على الخط وهاجم من جديد، في لقاء له مع شباب من حزبه، حلفاء العثماني من داخل الحكومة، ليعيد مهاجمة عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، باسمه، وطالبه بنكيران بالانسحاب من السياسة وقال: «أخنوش نصحتو يمشي للدار بحالو، ما بغاش اسمع لي»، مردفا «هداك جابوه الفلوس ومعندوش «الكباري» ديال السياسة»، حسب بنكيران، الذي قال إن «السياسة هي توقف في وجه  الناس»، على حد تعبير بنكيران، الذي قال إنه «مصاب اجي شي واحد آخر بلاصت العثماني». وربط بنكيران خرجات حليف العدالة والتنمية داخل الحكومة بالتسخين لانتخابات 2021 التشريعية.
أياما قليلة على خرجة عبد الإله بنكيران التهجمية ضد حزب التجمع الوطني للأحرار ورئيسه، عزيز أخنوش، خرج سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة، بدوره، خلال كلمته الافتتاحية ضمن أشغال اللقاء التواصلي الداخلي لجهة سوس- ماسة، للتلميح إلى أزمة التجار، وقال إن «حزبا اتخذ القرار وبعد الأزمة والمشكل بدأ يهاجم الحكومة ويتهمها رغم أنه هو المشارك فيها»، حسب العثماني، الذي اتهم التجمع الوطني للأحرار، دون ذكره بالاسم، بـ«التسبب في المشكل ومحاولة التهرب منه رغم أن وزراءه هم المسؤولون عن ذلك القطاع»، على حد تعبير العثماني، الذي قال إن «التضامن الحكومي لا يعني أن يتم تحميل حزب رئيس الحكومة المسؤولية عن قرارات الحكومة»، مردفا أن الموقف الذي عبر عنه حزب التجمع الوطني للأحرار من أزمة التجار «ليس تصرفا سياسيا ويجب تحمل المسؤولية».
وبعد أقل من يوم على تصريحات العثماني، رد عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، في كلمة له بالمجلس الوطني للحزب بالرباط، موضحا موقف الحزب مما عرفته التجارة المغربية من احتجاجات، قائلا: «موقفنا واضح وما قلته في الناظور لازلت متمسكا به، ولا أفهم كيف للمجلس الحكومي، الذي يهتم بشؤون المواطنين، أن ينتقد تصريحات حزب سياسي، أي ديمقراطية هاته؟»، مضيفا «نحن لا نتحدث في الحكومة عن تصريحاتهم، نحترمهم ونقول ما نريد داخل حزبنا، نعبر عن آرائنا بكل حرية، ويجب احترام المؤسسات الحزبية»، على حد تعبير أخنوش، الذي قال: «في مشكل التجار نحن لا نرمي الكرة في ملعب أي حزب، لكننا نطالب بأن تتحمل الحكومة المسؤولية كاملة، نحن كطرف نتحمل المسؤولية، لكن لابد للأطراف الأخرى أن تعترف بمسؤوليتها في الأمر، والبحث عن الحل، وعندما نرى أن الأمور أصبحت تخرج عن سياقها من الضروري الجلوس سويا للبحث عن الحلول»، وتابع أن «تغيير الأمور يستلزم تغيير القوانين، وأن الأمر لا يتم بالتعليمات، لأن القوانين تنظم حياة المواطن في المغرب».
وواصل أخنوش رده على التصريحات السابقة لرئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، بالقول إن قانون المالية «ليس ملكا لوزير المالية، هو من أنتجه صحيح لكنه يحتسب على رئيس حكومة»، مضيفا «المواد القانونية المثيرة للجدل في قضية التجارة، صحيح أنها جاءت في قانون المالية 2014، أحالها رئيس الحكومة آنذاك بيده على اللجنة المختصة في مجلس النواب التي يرأسها حزب رئيس الحكومة».
وبدوره، دخل وزير الدولة في حقوق الإنسان، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، مصطفى الرميد، في موجة التراشق بين حزب التجمع الوطني للأحرار و«البيجيدي». وراسل الرميد أخنوش متهما إياه بـ«تغليط الرأي العام في قضية التجار والفوترة الإلكترونية»، على حد تعبير الرميد، الذي انتقد بلاغ المكتب السياسي لحزب «الأحرار»، وقال إن البلاغ «كان مثيرا في طريقة الحديث عن الصعوبات التي يعاني منها التجار، حيث لم تترددوا في تحميلها كاملة للحكومة السابقة والحالية. لقد جاءت صيغة البيان وكأن حزبكم يقع خارج الحكومة لا داخلها، حزب أجنبي عن التدبير الحكومي، وليس حزبا له وزراء يتحملون النواة الصلبة من المسؤوليات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بالموضوع، (وزير الاقتصاد والمالية ووزير الصناعة والتجارة)»، حسب الرميد.
وواصل الرميد تهجمه على حليف حزبه في الحكومة، وقال إنه «إذا كان من حق حزب الأحرار أن يطالب الحكومة بكل الإجراءات التي يرى اقتراحها لمعالجة كافة النقائص والمشاكل، فإنه من غير المقبول أن يحمل الحكومتين السابقة والحالية المشاكل والصعوبات الناجمة عن التدبير الجماعي للسياسات العمومية، بصيغة تبعث على الظن بعدم مسؤوليتكم عنها، باعتبار حزبكم مشاركا في الحكومتين»، معتبرا أن مشكل التجار يرتبط بقطاعين يدبرهما حزب التجمع الوطني للأحرار، و«التالي فإنه إذا كانت الحكومة مسؤولة مسؤولية تضامنية، وهي كذلك، فإن التدقيق يفضي إلى أن الحزب الذي يدبر قطاع الاقتصاد والمالية والصناعة والتجارة تبقى مسؤوليته أكبر وأثقل»، وأضاف «وإذا كنتم مصرين على أنكم غير معنيين بتدبير القطاعين المذكورين ونتائج هذا التدبير بإيجابياته وهي كثيرة، وسلبياته التي تبقى قليلة، فإنكم بذلك تهدمون مبدأ أساسيا من مبادئ الديموقراطية، التي اعتمدها الدستور المغربي، وهو مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة».

خلافات الأغلبية الحكومية تتسبب في «بلوكاج» داخل البرلمان
انتقلت الصراعات التي تعرفها الأغلبية الحكومية إلى المؤسسة البرلمانية، ما انعكس بشكل كبير على سير العمل التشريعي داخل البرلمان، وكان من نتائجها عدم المصادقة على قوانين مهمة تهم الملايين من المغاربة، وعلى رأسها القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، الذي كان مبرمجا خلال الدورة التشريعية المنتهية، لكن الخلافات بين مكونات التحالف الحكومي تسببت في تأجيل اجتماع لجنة التعليم والاتصال إلى أجل غير مسمى، وذلك بعد اعتراض فريق حزب العدالة والتنمية على تدريس المواد العلمية والتقنية بإحدى اللغات الأجنبية.
وبالرغم من العناية الملكية الخاصة بورش إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، باعتباره ثاني أولوية وطنية بعد الوحدة الترابية للمملكة، مازال مشروع إصلاح التعليم يراوح مكانه، بعد تعثر مصادقة البرلمان على مشروع القانون المتعلق بالتربية والتكوين، وإخراجه إلى الوجود، بسبب المزايدات السياسية بين الأحزاب المشكلة للأغلبية والمعارضة حول تدريس اللغات الأجنبية. ولهذا، فبعد اختتام الدورة التشريعية الخريفية لمجلسي البرلمان، هناك تحركات في الكواليس من أجل عقد دورة برلمانية استثنائية، خلال شهر مارس الجاري، ستخصص للمصادقة على هذا القانون المهم، بعد عرقلة إخراجه خلال الدورة المنتهية، من طرف فريق العدالة والتنمية، وكذلك المصادقة على القوانين التنظيمية المتعلقة بالأمازيغية والمجلس الوطني للغات، والتي مازالت محتجزة داخل البرلمان، رغم أن الدستور حدد الولاية السابقة سقفا لصدور كافة القوانين التنظيمية،
وأكد قيادي بأحد الأحزاب المشاركة في الحكومة، أن موقف «البيجيدي» من قانون التعليم سيكون له ما بعده داخل الأغلبية، وأن التعايش بين المكونات نفسها تحت سقف الحكومة لم يعد له معنى في ظل ازدواجية المواقف وتصريف حسابات وأجندات إيديولوجية وانتخابوية بغية تصريف الأزمة الداخلية للحزب الذي يقود الحكومة، مشيرا إلى انقلاب فريق الحزب على حلفائه لعرقلة أشغال اللجنة المختصة التي اشتغلت عدة أيام على القانون لكي يكون جاهزا للمصادقة قبل اختتام الدورة البرلمانية.
واستغربت مصادر في فرق الأغلبية للطريقة التي يتعامل بها فريق الحزب الذي يقود التحالف الحكومي، ما اعتبرته المصادر سلوكا سلبيا يهدف إلى عرقلة مشروع قانون يعزز ورش إصلاح منظومة التربية والتكوين.
وإلى غاية نهاية الأسبوع الماضي، لم يتوصل رؤساء الفرق البرلمانية إلى اتفاق حول التعديلات المقترحة على قانون التعليم، ولم يفلح زعماء أحزاب الأغلبية في احتواء الوضع، وإيجاد حل توافقي للأزمة التي اندلعت داخل الأغلبية البرلمانية بمجلس النواب، بخصوص تقديم التعديلات على مشاريع قوانين مهمة، بعد بروز خلافات عميقة حول اعتماد حرف «تيفيناغ» في كتابة اللغة الأمازيغية، أثناء مناقشة القانون التنظيمي للأمازيغية، والقانون الإطار المتعلق بالتربية والتعليم، والقانون المنظم للمجلس الأعلى للغات والثقافة، حيث فشلت فرق الأغلبية في تقديم تعديلات مشتركة حول قانون الأمازيغية المعروض للدراسة على لجنة المالية والتعليم، بعد خلافات عميقة حول التنصيص على اعتماد حرف «تيفيناغ» لكتابة اللغة الأمازيغية، ما دفع فريق العدالة والتنمية، الذي يطالب بكتابة الأمازيغية باللغة العربية، إلى تقديم تعديلاته بشكل مستقل عن باقي فرق الأغلبية، فيما قدمت فرق التجمع الدستوري، والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي، تعديلات مشتركة، بعد انسحاب مجموعة التقدم والاشتراكية التي قدمت كذلك تعديلات بشكل انفرادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى