الرئيسية

«جويس إدلين».. البريطانية التي رافقت جمال بنعمر إلى أن أصبح مستشارا لـ«بان كي مون»

 لم يكد جمال بنعمر يتبوأ مكانه خلف بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، مستشارا له، وهو منصب أممي رفيع، حتى اهتمت الصحافة الدولية باسمه، إلى حد أن بعضها وصفته بالبريطاني الجنسية، وغاب عنها أنه مغربي من أبناء الناظور، وعاش في المغرب إلى حدود الثمانينات، بل وكان من الأصدقاء المقربين للاتحادي عبد المومن الديوري، ومن جملة من تم اعتقالهم عقب أحداث السبعينات.
هي اسمها «جويس إدلين»، أحبته عندما كانت في زيارة حقوقية إلى المغرب، وزارته كسجين يجمعهما الانتماء إلى منظمة «أمنستي» الحقوقية. ومن يومها تقوت بينهما المراسلات إلى أن خططت معه لتهريبه إلى خارج المغرب، وبالضبط إلى بريطانيا ليبدأ الاثنان هناك حياة جديدة، ويحصل هو على الجنسية البريطانية.
كان جمال بنعمر قد غادر السجن سنة 1983، ولم يكن يعرف أنه سيعود إليه بعد سنة ليلتقي حب حياته. وهكذا كانت الزيارة الأولى لـ«إدلين» إلى المغرب سنة 1984، موعدا مع الزلزال العاطفي الذي سيجعلها تتعلق بجمال بنعمر الذي كان وقتها لا يخرج من السجن إلا ليعود إليه، بعد مضايقات كثيرة له ولأصدقائه الذين لم يكونوا ليخفوا توجهاتهم اليسارية المرفوضة في ذلك الوقت.
أعجبت اللندنية إذن بجمال بنعمر، واستمرت المراسلات بينهما طيلة السنة، خصوصا وأنه ناضل كثيرا لتمكينه من حقه في استقبال الرسائل داخل السجن وإرسالها، وهكذا كان التواصل بينهما قائما.
لكن ما لم تكن إدارة السجن تعرفه، أن «جويس» كانت تضع لجمال بنعمر، بين السطور، تلميحات تشجعه على ضرورة الهرب من السجن، ووعدته بأن تتدبر له طريقة للخروج من المغرب حتى يجتمعا في لندن. وهكذا كان، فقد استطاع جمال بنعمر، شأنه شأن الكثير من الطلبة الجامعيين وشباب السبعينات والثمانينات، أن يتدبر طريقة للهرب، ليفر إلى خارج المغرب ويواصل رحلته إلى لندن، ليجتمع شملهما أخيرا. وهكذا لم تكن سنة 1985 لتلقي بظلالها على العالم، حتى كانت «جويس» تحمل لقبا جديدا هو «مدام بنعمر».
عاش الاثنان في لندن إلى أن حلت سنة 1991، ليكون عليهما أن يفكرا جديا في الهجرة نحو الولايات المتحدة الأمريكية لبدء حياة جديدة هناك، أكثر رفاهية وبحثا عن آفاق جديدة، خصوصا أن الولايات المتحدة وقتها كانت مهدا لمنظمات حقوقية كبيرة، وكان على جمال بنعمر أن يؤسس بنفسه، بمعية زوجته، حياة مهنية جديدة في المجال الحقوقي والدفاع عن حقوق الإنسان.
راجت إشاعات كثيرة حول اسم جمال بنعمر، مفادها أنه تزوج لأول مرة في أمريكا من ممثلة شهيرة لعبت دور البطولة في واحد من أشهر أفلام الثمانينات والتسعينات، وقيل أيضا إن حفل الزفاف الذي قيل إنه أقيم سنة 1994، كان موعدا لالتقاء شخصيات كبيرة. لكن هذا الأمر عار من الصحة تماما، سيما أن زوجته «جويس» كانت قد أصدرت، سنة 1996، كتابا باللغة الإنجليزية بعنوان «عزيزي جمال»، روت فيه تجربتها مع جمال بنعمر وقصة الحب الجارف والنظرة الأولى التي كانت من وراء القضبان، فضلا عن النضال الحقوقي الذي جمعهما معا تحت إطار منظمة «أمنستي»، وتخطيطهما للقاء في لندن لبدء حياة جديدة معا.
وهكذا تكون فرضية زواج جمال بنعمر من ممثلة أمريكية شهيرة سنة 1994، متجاوزة، بحكم أن زوجته الحقيقية، البريطانية الأصل والمنشأ والمهاجرة معه إلى أمريكا، ألفت كتابها حول حبهما منذ وصولها إلى أمريكا ونشرته سنة 1996، وما كان الكتاب ليخرج إلى الوجود لو أن ابن «الناظور» تزوج مرة ثانية.
عندما هاجر جمال بنعمر إلى أمريكا رفقة زوجته، كان على موعد مع «مركز كارتر» في ولاية جورجيا، وهناك بدأ مساره الحقوقي الدولي، ليلج في ما بعد إلى بناية الأمم المتحدة، ويختاره «بان كي مون» ليكون أحد مستشاريه.
لا يمكن للزوجين «بنعمر» أن ينسلخا عن الأصول المغربية لجمال، فحتى «جويس» لم تتنكر لأصول زوجها المغربية وتحدثت عنها بكثير من الحميمية، واعتبرت أن التجربة الحقوقية التي جمعتهما لم تترك مجالا للتفكير في في أي اعتبارات أخرى، دينية كانت أم عرقية.
بفضل زوجته «جويس»، تبوأ جمال بنعمر أعلى المناصب الحقوقية في الولايات المتحدة الأمريكية، وسرعان ما أصبح محاضرا في جامعة جورجيا، ثم مستشارا حقوقيا مقربا من الرئيس الأمريكي الأسبق «جيمي كارتر»، ورئيسا أيضا لتمثيليات حقوقية في الولايات المتحدة الأمريكية لها علاقة مباشرة بحقوق الإنسان. وهكذا تراكمت التجارب لدى جمال بنعمر، الذي كان يحمل أيضا الجنسية البريطانية بحكم زواجه من «جويس»، إلى أن وصل إلى قمة بناية الأمم المتحدة، حيث يوجد اليوم مكتبه مستشارا للأمين العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى