الرئيسية

«حجامة» يرتكبون أخطاء جسيمة خلال عملية الختان تهدد حياة الأطفال

كوثر كمار
البوح بفشل عملية الختان أمر مازال يدخل في طي الكتمان بسبب «الحشومة»، فكم من أسرة تعاني في صمت بسبب «ضربة مقص» خاطئة لحجام تقليدي عصفت بحياة أطفال أبرياء.
فهناك من بتر جزء من أعضائهم التناسلية، بينما آخرون لا يستطيعون التبول بشكل طبيعي كسائر الأطفال. وقد يتطور الأمر إلى الإصابة بتعفنات وأمراض أخرى جراء استخدام أدوات غير معقمة أثناء عملية الختان.
«الأخبار» تنقل معاناة أطفال ضحايا عمليات الختان العشوائي، وتكشف عن معطيات صادمة.

تتحول الفرحة إلى حزن لدى بعض الأسر المغربية بسبب فشل عملية ختان أطفالهم ليدخلوا في متاهة التداوي والعلاج لاسترجاع ما تم إفساده من قبل الحجام.
فقبل أسبوعين عرفت مدينة المحمدية فشل عملية ختان جماعي أصيب خلاله أربعة أطفال بمضاعفات صحية بسبب نزيف حاد، كما تعرض طفل لبتر جزء من حشفة عضوه الذكري.
وأفاد مصدر «الأخبار» أن العملية تمت بمنزل سيدة نظمت الحفل بتمويل من فاعل خير، حيث قام «حجام» بختان حوالي ستة وعشرين طفلا، وهذا «الحجام» معروف في أوساط سكان المحمدية بقيامه بمثل هذه العمليات. وكشف المصدر ذاته أن «الحجام» لم يقم بإخضاع الأطفال لتحاليل مخبرية للدم كما هو جاري به العمل في مثل هذه المناسبات لمعرفة إن كانوا مصابين بمرض «الهيموفيليا»، فيما أكد بعض السكان أن «الحجام» ارتكب خطأ أثناء العملية بسبب التعب.
وكشف المصدر عينه، أن السلطات المحلية فتحت تحقيقا في الموضوع ليتبين أن عمليات الختان تمت بدون إشعار السلطة المحلية والحصول على ترخيص منها ودون أي تنسيق مسبق مع مندوبية وزارة الصحة بالمحمدية، وفي مقابل ذلك لم تحرك أسر الضحايا أي متابعة قضائية ضد «الحجام».

فشل عملية الختان
تعتمد العديد من الأسر المعوزة على الحجامة منذ القدم، حيث يقومون بعملية الطهارة بشكل تقليدي معتمدين على أدوات بسيطة وغير معقمة أحيانا.
عمر طفل لا يتجاوز عمره الخمس سنوات كاد أن يفقد عضوه التناسلي بسبب خطأ فادح ارتكبه «حجام» تقليدي، ليتم نقله إلى مستشفى ابن رشد بمدينة الدار البيضاء، حيث خضع لعملية جراحية.
ولم تجد والدة الطفل حلا سوى «الفايسبوك» من أجل طلب المساعدة لتسديد مصاريف العلاج.
غير أن والدة الطفل ر فضت التحدث عن حيثيات الموضوع باعتباره يدخل ضمن خانة «الحشومة»، على اعتبار أن الموضوع يدخل ضمن الطابوهات وسط المجتمع. في حين كشف لنا صلاح الدين صادق مدير صفحة شباب الخير على «الفايسبوك « تفاصيل عملية الختان الفاشلة.
يقول صلاح الدين في تصريح لـ»الأخبار»: «راسلتنا قبل حوالي أسبوعين، سيدة على صفحة شباب الخير وطلبت منا مبلغ 500 درهم من أجل إجراء عملية لطفلها الذي تعرض لنزيف بسبب خطأ في الختان. وبالتالي قمنا بنشر الخبر وتلقينا الدعم من المحسنين، كما انتقلنا إلى منزل الضحية لمعاينة حالتها، والتأكد من صحة كلام الأم»، ويضيف صادق أن «الحجام» ارتكب خطأ أثناء الختان وأصاب شريانا من الجهاز التناسلي مما أدى إلى حدوث نزيف حاد. واستدعى ذلك نقله إلى المستشفى، ويردف صلاح أن فشل عملية الإعذار ترتب عنها مشاكل في المسالك البولية، إذ أصبح الطفل يتبول عن طريق الأنابيب وهو الآن حالته مستقرة.
ويرى صلاح الدين صادق أن الفقر هو السبب الرئيسي في لجوء أولياء الأمور إلى بعض «الحجامة» الذين يجرون العملية بـ200 درهم، أو البياض، في حين تصل تكلفة الختان لدى عيادة الطبيب العام إلى 1500 درهم.

khim1

مضاعفات صحية
قد تقضي «ضربة مقص» على حياة الأطفال الطبيعية، إذ تصبح أقصى أمانيهم أن يتبولوا بطريقة طبيعية، مع التخوف من آثار أخرى على الكلى وعلى الجهاز التناسلي للرضيع الذي لم يبلغ بعد سنته الأولى. ويرجع الأطباء سبب فشل عملية الختان إلى عدم تعقيم الأدوات المستعملة في عملية الختان التقليدي مما يفضي إلى إصابة الطفل بأمراض قاتلة «ناتجة عن التعفنات» سيما مرض الكزاز الخطير والقاتل، وإلى تعفن العضو المختون وحدوث نزيف دموي مما قد يؤثر على حياته الجنسية في المستقبل.
وينصح الأطباء بضرورة إجراء التحاليل قبل عملية الختان، خاصة أن الأطفال المصابين بمرض «الهيموفيليا» هم الأكثر عرضة للخطر.
فاطمة سيدة في عقدها الثالث وقع ابنها ضحية لـ «حجام» تقليدي بمدينة أكادير كاد أن يودي بحياة ابنها.
وتحكي فاطمة للجريدة أن «الحجام» لم يطلب منها إجراء تحاليل لابنها قبل عملية الختان، مما أدى إلى إصابته بنزيف حاد لم ينقطع، مما استدعى نقله إلى المستشفى لتكتشف أن طفلها صاحب الثلاث سنوات مصاب بمرض «الهيموفيليا»، وهو عبارة عن مرض وراثي يسبب خلل في المادة التي تسبب تخثر الدم عند حدوث النزيف.
ويوضح الأطباء أن الشخص المريض بـ «الهيموفيليا» عند إصابته بجرح بسيط قد يحدث نزيفا مستمرا تحت الجلد، أو في المفاصل ولا يمكن إيقاف هذا النزيف إلا بمساعدة طبية، من خلال حقنة تعمل على تخثر الدم من أجل إيقاف النزيف، مشيرين إلى كون المرض ينقل من الأم على اعتبارها حاملة للمرض دون أن تظهر عليها أية أعراض، إلى الأبناء الذين تظهر عليهم علامات المرض إذا كانوا ذكورا. لذا ينصح الأطباء بإجراء فحوصات للطفل من أجل اكتشاف المرض قبل يوم الختان، لأن إهمال التشخيص قد يعرض الطفل للخطر في يوم الختان، حيث يتعرض الطفل للنزيف، لأن نزيف الدم في الحالات العادية يتوقف بعد ثمان إلى عشر دقائق من إجراء عملية الختان، بينما يصبح الأمر جد صعب في حالة «الهيموفيليا» لأن الدم لن يتخثر.

بتر العضو التناسلي
أحيانا قد ينتج عن عملية الختان بتر لجزء من الجهاز التناسلي للطفل وهذا ما كان حدث لطفل، والذي خرج من عملية الختان في الدار البيضاء ببتر 20 في المائة من عضوه الذكري وذلك قبل أربع سنوات.
والمفاجأة هي أن والدة الضحية لم تجر العملية لدى «حجام» بشكل تقليدي لكن لدى طبيب في عيادته الخاصة. وكانت والدة الضحية إلهام الناعوري، قد كشفت خلال تصريحات صحفية أن طفلها كان قد أجرى عملية ختان عند أحد الأطباء في مدينة الدار البيضاء، والذي أخبرها بعد العملية بوجود تشوه خلقي وأنه قام بتصحيح هذا التشوه.
غير أن الأم لم تصدق كلام الطبيب فعرضت طفلها على طبيب آخر في إحدى المصحات الخاصة لتتفاجأ بنفي الطبيب وجود أي تشوه خلقي وأن حالة الطفل تستدعي عملية جراحية مستعجلة قبل أن يكتشف الطبيب أن عضوه الذكري بترت 20 في المائة منه.
بعد أن وضعت إلهام الناعوري شكاية لدى وكيل الملك في المحكمة الابتدائية في الدار البيضاء، محملة طبيبا عاما أجرى عملية ختان لابنها، بعد أن تسبب في بتر جزء من عضوه الذكري، قضت المحكمة في حق الطبيب، خلال شهر يونيو المنصرم بغرامة 10 ملايين سنتيم و3 أشهر سجنا موقوفة التنفيذ، وهو ما اعتبرته الأم ظلما في حق ابنها.

دراسة أمريكية.. الختان يقلل من الإصابة بمرض السيدا
كشفت وكالة «رويترز» أن المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها أجرى بحوثا تؤكد أن فوائد ختان الذكور أكبر بكثير من مخاطره.
ووجدت البحوث أن إجراء عملية الختان للذكور تحت إشراف طبي قد تساعد في تقليل خطر انتقال فيروس (HIV) المسبب لمرض الإيدز، كما يساعد في تقليل الإصابة بالأمراض الجنسية المختلفة، بالإضافة إلى الحد من الكثير من المشاكل الصحية الأخرى.
وتأتي هذه البحوث في إطار توصيات تتضمن تقديم المشورة لذوي الأطفال الذكور حديثي الولادة، حول فوائد ومخاطر هذا الإجراء، في الوقت الذي تراجعت فيه نسبة ختان الذكور في الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ.
وأوضح المركز أنه قام بعمل مسودة إرشادية للتوصيات حول هذا الموضوع بناء على مراجعة منهجية للمخاطر والفوائد الصحية للختان عن طريق استشارة خبراء في الوقاية من الإيدز والعديد من المجالات الأخرى.
وفي هذا الصدد يقول لانغ الخبير في مرض الإيدز من المركز الصحي في أمستردام: «هناك نقص في الوقاية من الإيدز، إذ تسجل سنوياً 4 ملايين إصابة جديدة، ونحن نعرف أن للكوندوم (الواقي المطاطي) فعالية، لكن غالبا ما لا يستعمل أو غير متوفر. ويجب العمل على تطبيق كل التقنيات التي بإمكانها التقليل من إصابات الإيدز. وختان الرجال يخفف من خطر انتقال الإصابة من المرأة إلى الرجل بنسبة 50 إلى 60 في المائة، وهذه نسبة عالية».
ويعيش 25 مليون شخص مصاب بالإيدز في إفريقيا من بين 40 مليون شخص مصاب بالمرض في العالم. وتنتشر عدوى المرض في تلك القارة عن طريق الاتصال الجنسي بين المرأة والرجل وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن ختان الرجال الأفارقة سيحدّ من الإصابات بمرض الإيدز في العشرين سنة المقبلة بنسبة 6 ملايين إصابة». هذا ويضيف لانغ: «أن الختان يجنب انتقال الإصابة إلى الغلفة التي تصيبها الجروح بسرعة، وهذا له علاقة بعدم تراكم القذارة في الجلدة التي ستسبب المرض، مردفا أنه لا يوجد دليل على أن النساء لديهن حظ أقل للتعرض للإصابة في حالة ممارستهن للجنس مع رجل مختون، لكن الدراسات لا تزال مستمرة حول ذلك. وهناك دراسة موجزة تبين أن نسبة انتقال الإيدز من الرجال إلى النساء ستكون أقل أيضاً، لكن تأثير ذلك سيكون محدودا قياسا باحتمالات انتقال الإصابة إلى الرجال.
ويشكل الرجال المختونون حاليا حوالي 30 % من الرجال في العالم. ويحدث هذا بالدرجة الأولى لأسباب دينية بالنسبة لليهود والمسلمين ولأسباب وقائية في بعض الحالات الأخرى.
وحسب الأمم المتحدة يجب على الدول بنفسها أن تحسم في كيفية تسهيل عملية الختان. وقد تصل تكاليف العملية بين 50 و100 دولار للشخص الواحد. وتقترح الأمم المتحدة أن تكون العملية مجاناً».
وأكدت أيضا ثلاث دراسات جديدة على أن الختان يمكن أن يحمي الرجال من فيروس الإيدز القاتل ويحمي في الوقت نفسه النساء من فيروس ينتقل بالمعاشرة الجنسية يسبب سرطان الرحم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى