شوف تشوف

سري للغاية

حسن فرج: «تم تحويل 3.5 ملايين أورو من مصدر مجهول إلى حساب باسمي في جنيف!»

  • خلال مغادرتك الثانية للمغرب، قررت الاستقرار بألمانيا، ثم عدلت عن القرار بعد حوالي سنة تقريبا، لماذا الرحيل أولا؟

أولا لأنني حصلت على المال، ثم لأن وضعي في المغرب لم يكن جيدا، وكان هناك توتر كبير في علاقتنا بالعائلة، وعلاقتي بأمي وأختي لم تكن على ما يرام.. لذلك قررت أن أرحل.

  • ماذا تقصد بأن العلاقات ساءت؟

كان ثمة نزاع الإرث وإجراء الحجز الذي دافع عنه أعمامي إيمانا منهم بأن ثروة عبد الفتاح فرج التي وضعت أمامهم، ليست كاملة، وإدراكهم أن ما يملكه والدنا أكبر بكثير مما تم عدّه داخل المغرب، وبالتالي قرروا إيقاف كل شيء في انتظار ظهور «الحقيقة». رغم المال الذي منحته لي والدتي وأختي، فإن علاقتي بهما لم تكن جيدة، خصوصا عندما كنت أعترض على موقفهما من أمور الإرث وأدعوهما مثلا إلى حل النزاعات وديا مع العائلة والابتعاد عن المشاكل وإرجاع أو التنازل عن محتويات الصندوق الحديدي بألمانيا بما أنه سبب المشاكل سنتي 2006 و2007، إلا أنني لم أجد أي صدى لديهما.
شعرت لفترة بالملل، سيما عندما كنت أتجول في حي السفراء لأستعيد ذكريات الطفولة، ولأنني تربيت في العزلة التامة فقد كان معارفي في الحي هم الحراس الليليون وموظفو شركة الكهرباء الذين كانوا يتجولون بين الفيلات لمراقبة العدادات. هؤلاء كنت ألتقيهم منذ سن مبكرة، لأنني كنت أتسلل وأقفز من سور الفيلا وأخرج للقائهم، وبقي أغلبهم يتذكرونني، الأمر الذي شكل عزاء بالنسبة إلي أمام الفراغ الكبير الذي عشته. لكن ما شجعني على مغادرة المغرب ومحاولة بدء حياة جديدة، هو حصولي على المال بشكل غير متوقع.

  • طيب.. احك لنا عن هذا الأمر..

كما قلت لك، لم أكن راضيا عن وضعي في المغرب، وعندما وجدت أنني متضرر من كلا الطرفين، أي من أسرتي الصغيرة ومن عائلة والدي، رغم أنني لم أستفد من أي شيء، فقد أخبرتهم في اللقاء الذي جمعنا بالسيد مولاي عبد الله العلمي، أنني سأتوجه إلى عمي عمر فرج وأخبره بأمر الوصية، لأنهم وقتها كانوا ينكرون وجودها أساسا. قلت لهم، كما أخبرتك، إنه يتعين أن نُعيد الأوراق إلى أصحابها ما دامت سرية لكن أمي أنكرت وجودها، وستعترف لي في وقت لاحق بوجودها، فطلبوا مني ألا أخبر أحدا بأي شيء، وأنه سيتم تعويضي.
أخبرني السيد مولاي عبد الله العلمي بأن أموال الصندوق الحديدي موجودة في حساب بالخارج، في الباهاماس تحديدا، وأخبرني أنه في الأيام اللاحقة سأعرف كل شيء عن الطريقة التي سيتم بها تعويضي.
انتظرت لأيام، وتوقعت أن يتصل بي السيد العلمي، لكن الذي اتصل هو صديق العائلة، السيد بارزيلاي، الذي أخبرتك سابقا أن علاقته كانت وطيدة جدا بوالدي عبد الفتاح فرج وبأمي غيثة قيد حياتها أيضا. اتصل بي هذا الرجل وأخبرني أنه يتعين عليّ التوجه في اليوم الموالي إلى سويسرا، وبالضبط إلى «Banque «Yagchi Partenaires حتى أحصل على المال.

  • لكنهم أخبروك أن المال في الباهاماس..

هناك غموض كبير بشأن هذا المبلغ، وأؤكد لك أنني إلى اليوم لا أعرف المصدر الذي وضعه في حساب بنكي باسمي لأستفيد منه. المهم بعد اتصال السيد بارزيلاي بي، حجزت على الفوز تذكرة طائرة لليوم الموالي لأحل بالعاصمة السويسرية جنيف، وأذهب إلى البنك الذي طلب مني السيد «بارزيلاي» التوجه إليه.

  • هكذا بدون مقدمات..؟

نعم، بدون مقدمات. أخبرني السيد بارزيلاي في المساء، وفي الغد حجزت تذاكر الرحلة وتوجهت إلى البنك في جنيف. كان هذا سنة 2006، لم أجد صعوبة في توفير مال التذاكر لأني كنت أتوفر على مبلغ يضمن لي التحرك لفترة، حصلت عليه من أمي وأختي، وظلت أختي «تمن» عليّ بسبب هذا الأمر، وتذكرني في مناسبات كثيرة أنها قامت بتقديم العون لي في الوقت الذي كنت فيه مفلسا وخاسرا لكل شيء بعد وفاة عبد الفتاح.

  • لنبق في موضوع السفر، تتحدث لي الآن عن «التذاكر»، من رافقك في تلك الرحلة؟

ذهبتُ وحيدا، حجزت تذكرة ذهاب وإياب من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء إلى جنيف في اليوم نفسه. في الصباح كنتُ في المطار، ووصلت إلى جنيف، وتوجهت رأسا من المطار إلى البنك الذي نعته لي السيد بارزيلاي. وجدتهم في انتظاري، كان الأمر في الحقيقة شبيها بما وقع لي سنة 1999 عندما طردني والدي من المغرب ووجدت نفسي في ألمانيا أمام السفارة ببرلين لأحصل على المساعدة. (يضحك).. هناك تشابه كبير بين الحالتين، لأني لم أكن أعرف في الحقيقة ما ينتظرني هناك. قدمت لهم نفسي وأخبرتهم أني «حسن فرج» وطُلب مني أن أتوجه إلى ذلك البنك لأحصل على مال يخصني. استقبلني المدير شخصيا، وقدم لي اسمه «Michel Yagchi»، وقد كان سيدا لبقا وغاية في الطيبوبة ووضع أمامي أوراق الإجراءات البنكية المألوفة لإنجاز التحويل البنكي، وفتح لي حسابا باسمي في بنكه وباشر إجراءات التحويل..
كان كتوما جدا، ولم أفهم أي شيء، وبدا لي أن الشروحات التي قدمها لي السيد العلمي في لقائنا به أياما قبل أن يتصل بي السيد بارزيلاي، تختلف عما يقوم به مدير البنك في جنيف.

  • هل سألته عن مصدر المال الذي سيحوله لك؟

نعم سألته، فصمت قليلا وابتسم وغيّر الموضوع، لم يخبرني أي شيء. قبل أن أسأله قدم لي أوراقا لأوقعها، وقرأت فيها أنني سأوقع باستلام مبلغ 3 ملايين ونصف مليون أورو، فدارت بي الدنيا ووجدت أن المبلغ كبير جدا. لم أتوقع أن يفوتوا لي مبلغ 3 ملايين ونصف مليون أورو. رفعت رأسي في اتجاه مدير البنك الذي ظل محافظا على لباقته، وسألته إن كان ممكنا أن أعرف الشخص الذي حوّل لي هذا المبلغ، فقال لي إن الأمر سرّي ولا يمكنه البوح به.
المهم أنهينا الإجراءات، ورافقني المدير إلى خارج البنك وكلي استغراب من الاهتمام الزائد ومعاملة الموظفين التفضيلية إلى غير ذلك.. وعدت إلى المغرب في اليوم نفسه.
كنت أظن أن السيد العلمي والسيد بارزيلاي عملا فعلا على تعويضي عن الضرر الذي لحقني نتيجة حرماني من وصية والدي. وقررت أن أنسى مسألة الوصية التي أخفوها عني ورفضوا إطلاعي على مضامينها الدقيقة، واتصلت فورا بالسيد بارزيلاي وشكرته على تلك الخدمة السخية جدا، فصدمني بالسؤال عن أي خدمة أتحدث وإلى ماذا ألمح، فصدمت في الحقيقة من رده لأنه لم يكن يعلم أي شيء!
لا أحد كان يعلم أنني استفدت من 3 ملايين ونصف مليون أورو، ولا أحد يعلم الجهة التي حولت لي المبلغ المالي، وفضلت عدم طرح المزيد من الأسئلة والتزام الصمت.

  • ماذا كان رد فعل والدتك؟

لم تكن تعلم أي شيء، كان الأمر لغزا.

  • هل حاولت أن تعرف المزيد من المعلومات من مدير البنك في جنيف عندما اكتشفت أن بارزيلاي لا علاقة له بالمال المحول إلى حسابك الجديد هناك؟

بقيت علاقتي ودية مع مدير البنك، والتقيته مرات أخرى كثيرة في الحقيقة، لكنه لم يفصح لي أبدا عن المصدر الذي تم تحويل المال منه للحساب الذي فُتح باسمي في بنكه. الصدمة الكبرى كانت عندما أخبرتني أمي أن هذا الرجل وجد منتحرا داخل منزله سنة واحدة على لقائي به.

  • من أين علمت هي بالأمر؟

لا أعرف بالضبط، كنت أتحدث معها في إحدى المرات بألمانيا، وقالت لي إنها قرأت أن ذلك المدير وُجد منتحرا في منزله.

  • أ تظن أن لمقتله علاقة بلغز تركة عبد الفتاح فرج؟

لأمر وارد جدا، موت والدتي نفسها غير مفهوم وله علاقة بلعنة هذه التركة والألغاز التي تحيط بها. عندما أخبرتني أن ذلك الرجل الطيب انتحر لم أصدق. لم يكن من النوع الذي سيضع حدا لحياته بالانتحار، فقد كان مديرا ناجحا لبنك مرموق، ولديه أسرة وأبناء.. عرفته عن قرب وجلست معه مطولا، ولم يكن من النوع الذي سيفكر في الانتحار داخل منزله.

  • طيب لنعد إلى اليوم الذي حصلت فيه على المال، عدت إلى المغرب وصُدمت كما تقول لأنك وجدت أن السيد بارزيلاي نفسه لا يعلم أي شيء بخصوص التحويل المالي الضخم لحسابك.. ماذا وقع بعد ذلك بالضبط؟

قررت أن أبدأ حياة جديدة وأبتعد عن مشاكل العائلة. كنت كما أخبرتك أتنقل بين المغرب وأوربا. ولم أكن راضيا عما يقع في المغرب من تطورات عائلية ونزاعات حول الإرث والوصية.. فقررت أمام الوضع الجديد أن أبتعد عن مشاكلهم تماما، فحجزت تذكرة سفر إلى ألمانيا، ونزلت ببرلين، ثم توجهت للقاء الدكتور قنيدل.

  • لماذا الدكتور قنيدل تحديدا؟

لم أكن أعرف غيره في ألمانيا، أخبرته بأمر التحول الجديد في حياتي وأنني أصبحت بدون مقدمات أملك مبلغ 3 ملايين ونصف مليون أورو، لكني لم أخبره كل شيء بخصوص النزاع حول الوصية والأحداث الأخيرة التي عشتها في المغرب.
بعد حصولي على المال قررت أن أبتعد تماما عن المشاكل وألا أتحدث لأحد بأمر الوصية ولا الصندوق الحديدي ولا محتوياته.
المهم أن الدكتور قنيدل عبر لي عن سعادته من أجلي، واقترح عليّ أن أبدأ حياة جديدة في ألمانيا، وجلست معه في شقته لأيام قبل أن تبدأ أطوار أخرى سأكتشف معها أسرارا كثيرة عنه، وهناك سيصدمني دون أن يشعر بأنه يعلم أشياء كثيرة عن ثروة عبد الفتاح فرج ويتابعها عن كثب.

  • هل سألك عن المصدر الذي حصلت منه على المال؟

كان يسأل بين الفينة والأخرى، لكني لم أكن أملك أي أجوبة لأرد بها. كما أنني كنت قد قررت أن أنسى مسألة الوصية تماما وأبتعد عن مشاكل العائلة. أخبرت والدتي أنني عائد إلى ألمانيا، وبقينا على اتصال ولو بشكل متقطع، لكني كنت أعلم أخبارها.

  • ألا ترى أنك عدت إلى قنيدل من جديد رغم شكوكك حوله؟

لا.. الشكوك لم تبدأ إلا بعد هذه العودة، لأني عرفته جيدا. كان الأمر مختلفا عن الفترة الأولى التي قضيتها معه أيام المراهقة.. هذه المرة انفتح عليّ كثيرا.

قلت في حلقة سابقة إنه كان منشغلا بتأليف كتاب ما..
نعم عندما جئت لزيارته وأخبرته بأمر ثروتي الجديدة، وجدت أنه منهمك جدا في إعداد كتاب حول قضية الصحراء، وعشت معه بعض التفاصيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى