سري للغاية

حسن فرج: «خديجة كانت على وشك فتح صندوق حديدي يضم وثائق حساسة»

حاوره: يونس جنوحي
المعطى الذي ذكرته لنا حول إنشاء عبد الفتاح فرج لبنكه الخاص يعد أمرا مهما.. هل سبق لوالدتك أن أثارت معك هذا الأمر؟
لا، لم يسبق لها أن أخبرتني بإمكانية إنشاء عبد الفتاح فرج لمؤسسة بنكية بالأموال التي راكمها. أخبرني الدكتور قنيدل بالأمر لأول مرة ولم يكن واثقا وإنما كان يتوفر على «المعلومة». المرة الأولى التي سأسمع فيها بالأمر رسميا، هي التي زرت فيها البنك في باريس، حيث يوجد حساب باسم والدتي. لكني أعود لأقول إنهم لم يطلعوني على رقم حساب أو أي وثيقة تثبت هذا الأمر.

ما دام الأمر يتعلق بحسابات بنكية كثيرة وقيمتها تقدر بالملايير.. فهذا يدعونا إلى التفصيل في الوصية التي تركها عبد الفتاح.. والتي تحرمك أنت وإخوة عبد الفتاح من الإرث..
الأمور أصبحت معقدة ولم تسر وفق الرغبة الأخيرة لعبد الفتاح فرج، بدليل أن أختي خديجة كانت تسعى إلى آخر أيام أمي وحتى بعد وفاتها، للوصول إلى الحسابات البنكية المسجلة باسم الراحلة.. علما أن أختي تملك، وفق الوصية، 80 بالمائة من تلك الحسابات البنكية..

بما في ذلك «بنك» كندا؟
لا توجد إشارة إلى هذا البنك في الوصية، لكن الوحيد الذي كان يعلم تفاصيل تلك الحسابات البنكية هي والدتي، والعلمي الذي كان يشتغل لصالح والدي، والذي آلت إليه مهمة تدبير توزيع الثروة بعد وفاته.
هذه الوصية كتبها عبد الفتاح فرج بالضبط في شتنبر 2005، عندما كان نزيلا في مصحة خاصة لعلاج السرطان، يتابع حصص العلاج الكيميائي. الوحيدان اللذان كانا يزورانه أثناء العلاج، هما صديقاه جوزيف بارزيلاي ومولاي عبد الله العلمي.

.. وأنت تعرف العلمي أكثر وجرت بينكما اتصالات كثيرة ومستمرة..
نعم بحكم وظيفته وأيضا في الفترة التي كانت حياتنا مهددة بسبب هذا الإرث. أخبرني مرة، قبل وفاة والدتي بمدة، أن علي أن أكون حريصا وأتوخى الحذر لأن حياتي مهددة بالخطر.
حتى أكمل لك مسألة الوصية، فقد كتبها عبد الفتاح بحضور صديقيه، اللذين ترجع علاقته بهما إلى سنوات مبكرة من بداية اشتغاله في الكتابة الخاصة للملك الحسن الثاني.
هل تعرف كم تبلغ قيمة 80 بالمائة من إجمالي ثروة عبد الفتاح فرج خارج المغرب؟ إنه رقم كبير جدا.. لكن المستفيد منه، أي خديجة، كانت تعاني ماديا في فترات كثيرة، ودخلت في دوامة من الصراعات لهذا السبب، ولا تزال الأمور غامضة إلى اليوم، وليست هناك استفادة كاملة من الوصية.
أمي، المستفيد الثاني، رحلت عن الحياة بشكل مأساوي دون أن تستفيد هي الأخرى من الوصية، اللهم الحسابات البنكية التي كانت تحت تصرفها ربما من أيام عبد الفتاح، والأموال الأخرى التي أصبحت ملكها بعد موت عبد الفتاح مباشرة.
أريدك أن تخبرني عن الإشكال القانوني الذي يحيط بالوصية.. كيف يعقل أن يدبر عبد الفتاح فرج أمر ثروته فوق سرير مصحة خاصة بألمانيا وكأن الأمور باغتته هناك؟
هذا فعلا أمر غريب جدا. فالرجل لديه خبرة كبيرة في التدبير المالي واشتغل لعقود في الكتابة الخاصة للملك الحسن الثاني، ويعرف جيدا إجراءات التوثيق والعقود والحسابات البنكية.. وغير ذلك، وكل ما يحيط بعالم المال والأعمال وتدبير الثروات. أعتقد أنه لم يكن يتوقع أن يموت بتلك السرعة، ثم لا تنس الطريقة التي خرج بها من المغرب، فقد أوهمهم أنه على موعد مع طبيب في ألمانيا، أي أن رحلته بغرض الاستشفاء، لكنه في الحقيقة كان عازما على الفرار النهائي من المغرب، وهكذا تمسك بالبقاء في ألمانيا ورفض التعاون أو الاستجابة لمطالب الدولة حتى يُرجع ما راكمه من أموال بالخارج.
ربما يكون هذا الأمر سببا في تأخر تدبير أمر ثروته.
عندما اطلعت للمرة الأولى على صورة لتلك الوصية، صُدمت لأنني لم أتوقع أن تكون بذلك الشكل. ورقة عادية مكتوب عليها بخط عبد الفتاح فرج، أنه يخصص 80 بالمائة من جميع ثروته، بما في ذلك الحسابات البنكية والمؤسسات.. وغيرها، لابنته خديجة، والعشرين بالمائة المتبقية لزوجته غيثة فرج، وتحدث عن صندوق حديدي، وأشار إلى أن محتوياته تذهب لابنته خديجة وحدها.
الإشكال الذي كان مطروحا هو إمكانية تنفيذ تلك الوصية حسب القانون الألماني أو السويسري أيضا. أما هنا في المغرب، فقد استنكرت، كما هو شأن أعمامي أيضا، أن يحرم عبد الفتاح فرج الجميع من الميراث، ويخصص كل شيء لابنته ونسبة قليلة لزوجته، رغم أنها قضت معه سنوات طويلة من حياته.
أخبرتني والدتي مرة أن سبب تفضيله لخديجة هو أنها ابنته فعلا، وقد أخبرتُك سابقا أن شكوك أمي كانت حول خادمة اشتغلت سابقا لديهم، وتدبّر عبد الفتاح أمر تبني خديجة عبر مركز الطفولة.

أكمل لي في موضوع الوصية دائما..
الإشكال المطروح حولها هو مشروعية تطبيقها خصوصا في الخارج، لأن هناك اختلافا في القوانين حسب الدول الأوربية. هناك دول تعتمد الوصية ولا تشترط أن تكون موقعة أو رسمية، في مقابل دول أخرى تشترط في الوصية أن تكون مختومة وتحت إشراف «موثق».
سويسرا من بين الدول التي لا تشترط في الوصية أن تكون رسمية، ولا مختومة من طرف إدارة متخصصة.

ماذا تعرف عن قصة الـ80 بالمائة؟ لماذا هذه النسبة الكبيرة بالضبط؟ هل طلبت منه خديجة يوما أن يخصص لها هذه النسبة؟
خديجة كانت تنفرد بعبد الفتاح فرج كثيرا قبل وفاته بفترة قصيرة، وقد رأيت هذا الأمر بعيني عندما زرته في «أولم». كانت تلح عليه في السؤال لتعرف مقدار ثروته بالضبط، وقد حكيت لك سابقا كيف أنه كان متحفظا ولم يبح لأحد بمقدار ثروته بالضبط.

ربما لأنه لم يكن يعرف كم راكم من ملايين الدراهم بالضبط..
لا أعلم، ليس لدي جواب محدد. وعلى كل حال فإن هذه الوصية تبقى موضوع طعن كبير، لأنها لا تتوفر على أي إمضاء مصحح أو تأكيد موثق، ومع ذلك كانت خديجة تدفع في اتجاه تطبيق محتواها، لكن الأمور تعقدت لأنها تتضمن الشطر المتعلق بمحتويات الصندوق الحديدي الذي يضم وثائق حساسة أخذها عبد الفتاح فرج معه إلى الخارج.

بخصوص الوصية.. هل يعقل أن تعتمد وأن تقول إنها لم تكن رسمية؟ ألا يفتح هذا الباب أمام أن تكون مفبركة مثلا؟
القانون السويسري ليس فضفاضا في هذا الجانب، فرغم أنهم يقبلون الوصية وتعتبر صحيحة لديهم، فإنهم يشترطون أن تكون متضمنة لبعض المعطيات، أولها المكان والتاريخ الذي كتبت فيه.. وتوقيع الشخص الموصي..

ما دام الأمر بهذه السهولة لماذا لم تُفعل الوصية؟
لم تفعل الوصية لأن الأمور تعقدت. عمي عمر فرج، وأعمامي الآخرون، قاموا بإجراء مضاد، وأصبحوا قانونيا «ورثة جددا».
في الحقيقة، كان أمر الصندوق الحديدي هو أكثر الأمور أهمية في الوصية. عندما علم عمي عمر فرج أن خديجة اقتربت من فتح الصندوق، وهو موجود في بنك بسويسرا، قام بهذا الإجراء الذي ذكرت لك، فكانت النتيجة أن بنك «UBS» بسويسرا دائما، أمر بوقف عملية فتح الصندوق للورثة، بحجة ظهور ورثة آخرين، وأعطيت التعليمات عبر الشؤون القضائية لوقف عملية الفتح إلى إشعار آخر.

الصندوق كان سيُفتح؟
نعم كانت خديجة قريبة جدا من الحصول على الضوء الأخضر من البنك لتفتح الصندوق وتأخذ محتوياته. الإشكال يكمن في الوثائق التي يتضمنها، كانت لتكون كارثة لو وصلت إليها خديجة بسهولة.

هل لا زالت هناك مساع عائلية لفتح هذا الصندوق؟
أنا كنت قد راسلت الجهات المسؤولة بالدولة، ولم أحصل إلى الآن على جواب. أخبرتهم بنيتي، بصفتي ابن عبد الفتاح فرج، أن أتخلى كليا عن الصندوق الحديدي لصالح الدولة المغربية ما دامت محتوياته تهم الدولة، وما دام عبد الفتاح فرج، رب الأسرة، قد أخذها معه إلى الخارج في ظروف معينة. لكني لم أتوصل برد.

تتخلى عنه مقابل ماذا؟
لأنه لا يخصنا، وهو جزء مهم من مشاكل الإرث التي شتتت العائلة تماما. لماذا أسعى للوصول إلى شيء لا يخص العائلة. إذا رفض عبد الفتاح إرجاعه قيد حياته، فلن يكون موقفي نسخة من موقفه. محتويات الصندوق لا تخصنا في شيء، واقترحت إرجاعها إلى الدولة حتى قبل وفاة والدتي، لكن لا أحد اهتم بكلامي من العائلة.
هذا أمر تحدثت فيه مطولا مع مولاي عبد الله العلمي وبالضبط في العاشر من فبراير 2014.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى