سري للغاية

حسن فرج: «هكذا جُمدت أسرار والدي الخطيرة بسبب الصراع العائلي ومعطيات جديدة تحركت في القضية »

حاوره: يونس جنوحي
توقفنا بالأمس عند مضامين اتصالاتك الهاتفية بخصوص مشكل الإرث والصندوق الحديدي الذي أوشكت خديجة على فتحه..
نعم، كانت هناك اتصالات هاتفية بخصوص هذا الموضوع في أوقات متفاوتة، بعد وفاة والدتي بطبيعة الحال. ففي اتصال بيني ومولاي عبد الله العلمي، يوم العاشر من فبراير 2014، أخبرني أن الألطاف الإلهية شاءت أن يكون هذا الصندوق الحديدي في سويسرا، وألا يفتحه أحد بمفرده، لأن الشرط هو أن يُفتح برضى الجميع رغم أن الوصية تفوت حق الاستفادة منه لخديجة وحدها. وقد عبرت له هاتفيا، وأقسمت أيضا، أنني مستعد للتنازل عن ذلك الصندوق الحديدي ولا تهمني محتوياته ولا أريدها ولن أسعى يوما للوصول إليها، لكني بالمقابل أريد معرفة حيثيات وفاة والدتي لأني متأكد من أن وفاتها غير طبيعية وأنها مدبرة، والسبب هو ذلك الصندوق. وحينها نصحني بأن أتخذ الحيطة والحذر، وكأن حياتي مهددة.. هذا ما فهمته منه وقتها.

كنت وقتها تظن أن خديجة ماتت بعد سماعك خبر انتحارها برصاصة، أم أدركت أنها على قيد الحياة؟
أدركت أنها على قيد الحياة عندما ذهبتُ إلى سويسرا قبل أشهر فقط لأقدم شهادتي. وأيضا لأن خديجة وصهرها اتهماني بأنني أحاول أن ألفق لهما تهمة قتل والدتي. لكن الوكيلة وجدت، حسب ما لدي من أوراق، أن ادعاءهما ضعيف، وأخذت بعين الاعتبار ما قلته في إفادتي بشأن حيثيات حادث الحريق والقضية لا تزال مفتوحة إلى اليوم.
وقبل أسبوعين، فقط، وصلتني شكاية من سويسرا وضعتها ضدي أختي خديجة، لكن المثير فيها أنها وضعت اسمها العائلي باسم زوجها الأول الذي تطلقت منه قبل سنوات، والشكاية التي وضعتها لدى الوكيلة، كانت ضدي أنا وزوجها الحالي، الذي رفض تطليقها، بالإضافة إلى طليقتي.. هي تتهمنا الآن نحن الثلاثة بالنصب عليها، رغم أن علاقتي بهؤلاء انقطعت منذ زمن ورغم أن الاثباتات تقول ألا اتصالات بيني وبينهم، بل على العكس، لدي مشاكل معهم إلى الآن..

هذا معطى جديد في القضية، وماذا بخصوص موت والدتك؟
تتهمني خديجة وصهرها بأنني أروج عنهما إشاعات مفادها أنهما قتلا أمي من أجل الوصول إلى مالها، والحقيقة أنني لم أتهمهما إطلاقا بل طالبتهما من خلال المحكمة بتبرير أسباب ترحيل أمي إلى سويسرا، ثم تصرف خديجة في أموالها، ثم موضوع الشكاية التي وضعتها أمي قبل وفاتها ضد خديجة. وأعتقد أنه يحق لي المطالبة بأجوبة لكل هذه الأسئلة، وهذا هو التوجه الذي ذهبت فيه السيدة الوكيلة. وفي اليوم نفسه، خلال الأسبوع الماضي بالضبط، وصلتني شكاية أخرى وضعها صهر خديجة ضدي يقول فيها إني أتهمه بقتل والدتي..

إذن لديك شكاية من أختك تتهمك أنت وزوجها وأخته (طليقتك) بالنصب عليها، بالإضافة إلى شكاية من صهرك (وصهر أختك في الوقت نفسه) لأنك تتهمه بقتل أمك؟
بالضبط، شكايتان حررتا في اليوم ذاته ووصلتا في اليوم نفسه أيضا. لكن مضمونهما مثير، لأن نص الشكاية التي تقدم بها صهري، تقول إنه فعلا كان يقطن مع خديجة وأمي داخل الشقة ذاتها في سويسرا، بل وكانت لديه غرفته الخاصة. وهذا ما يثبت ما قلته للوكيلة عندما حضرت للشهادة، فعندما اتصلت بسائق سيارة الأجرة أخبرني أن هناك شخصا ثالثا مع أختي (التي كان يظن أن اسمها غيثة فرج لأنها كانت تؤدي مصاريفها من حساب والدتي).

سنعود إلى أهم ما في الشكايتين ما دام يتعلق بقصة وفاة والدتك.. هل فعلا اتهمتَ أحدا بقتل والدتك؟
يتطلب الأمر أولا أن أثبت أنها ماتت مقتولة. أنا متأكد من أن وفاتها لم تكن طبيعية لأننا عشنا رعبا حقيقيا في تلك الأيام. لماذا يتصلون بي ويقولون لي إن حياتي مهددة بالخطر وإنهم سيقتلونني كما قتلوا أمي. ثم يتبين لي، من خلال الملف الطبي الذي أتسمك بمضمونه بقوة، أن والدتي حُرقت مرتين.. في يومين! والشكاية التي وضعتها لدى الوكيلة في سويسرا قبل أن تفارق الحياة.
هنا أريد أن أشير إلى أن أول إجراء قمت به بعد عودتي مباشرة من لقاء وكيلة الملك بسويسرا، أنني اتصلت بالمحامي بالخارج وأخبرته أن يعمل على الحصول على نسخة من الشكاية التي تقدمت بها والدتي للوكيلة.

ألم تطلعك عليها عندما كنت هناك؟
لم أطلع عليها لأنها استدعتني كشاهد، لكن بدا لي أن خديجة وصهرها كانا في موضوع اتهام. الشكاية ضدهما، أو ضد خديجة وحدها.. خصوصا وأن الوكيلة طرحت عليّ أسئلة كثيرة عن والدتي وعن آخر أيامها وما أعرفه عن اتصالاتها الأخيرة.. إلى غير ذلك.. وأخبرتها بكل ما أعرفه.. كان اللقاء بالوكيلة خلال شهر أبريل الماضي فقط، أي أنه مضت فترة لا بأس بها على وفاة والدتي، ومكنني الأمر من إخبار الوكيلة بكل ما توصلت إليه، بدءا بالسجل الطبي في المستشفى، وصولا إلى شهادة سائق سيارة الأجرة الذي تكلف لفترة طويلة بنقل خديجة من الشقة التي أقامت بها مع أمي في سويسرا، ثم شركة السيارات الفاخرة التي باعت سيارة لخديجة بعدما قدمت نفسها على أنها غيثة فرج.

أخبرني.. ما رأي الدكتور قنيدل في وفاة والدتك..؟
انتهت علاقتي بالدكتور قنيدل نهائيا بعد وفاة أمي، لأنه كان يشككني في أن تكون قد ماتت أصلا. كانت وضعيتي النفسية صعبة للغاية، خصوصا بعدما حصلت على الملف الطبي الذي يقول إنها احترقت مرتين، وإنها فارقت الحياة متأثرة بحروق من الدرجة الثالثة. كان قنيدل يقيم معي كالعادة، وبينما كنت منهمكا في محاولات الحصول على أجوبة كما كانت تفعل والدتي في سويسرا قبل موتها، فإذا بقنيدل يقول لي إنه يشك في أن أمي توفيت أصلا، وأخبرني أنها ربما تكون قامت بحيلة ما حتى تبدأ حياة جديدة رغيدة في ركن ما من العالم. لم أتقبل الأمر، وأنهيت علاقتي به نهائيا، ولم يعد يزورني، ولا أعلم أي شيء عنه الآن.

أشرت في السابق إلى أنك حاولت الوصول إلى إجماع عائلي للتخلي عن الصندوق الحديدي.. كيف؟
عرضت الأمر على العلمي وعلى عمي عمر فرج، في آخر مرة رأيته فيها. خصوصا عندما تناهى إلى مسامعي أن أختي خديجة انتحرت (وكان الخبر كاذبا). ذهبت إليه في مكتبه، وطلبت منه أن نعيد النظر في كل ما وقع، وأخبرته أن والدتي ماتت بسبب هذه الثروة وخديجة انتحرت حسب ما سمعت. قلت له إنني خسرت كل شيء، ورجوته أن يتراجع هو وبقية أعمامي عن الحجز، ويتم تدبير ما تبقى ونتخلى عن الصندوق الحديدي في سويسرا ما دام لا يهمنا ومحتوياته لا تخصنا. لكني للأسف لم أتوصل لأي نتيجة في هذا الباب. وعندما ظهر أن خديجة لا تزال حية خارج المغرب، تعقدت الأمور أكثر سيما أمام سعيها لفتح الصندوق. وهنا أعود إلى ما قلته بشأن اتصالي مع العلمي.. لقد قال لي إنه من حسن الحظ أن فتح الصندوق لن يتم إلا بعد موافقة جميع الأطراف، وهذا الإجراء أقدم عليه البنك في سويسرا عندما طالب أعمامي بنصيبهم من إجمالي التركة وليس فقط ما خطط عبد الفتاح لأن يصلهم.

هل توقعت يوما أن تؤول الأمور إلى ما هي عليه اليوم؟
إذا كنت تقصد صراعي مع خديجة فقد كنت متأكدا قبل سنوات طويلة من أن علاقتي بها ستنقطع. لأنها منذ أن بدأنا نعي ما حولنا، كانت تقول لي إن مكاني ليس هو أسرة عبد الفتاح فرج، وإنه سيأتي يوم أطرد فيه ولن أحصل على أي شيء.. توقعت هذا الأمر. لكن أن يصل الأمر إلى أن تُقتل والدتي ويتحول الأمر إلى صراع.. ربما يكون الأمر هنا قد فاق توقعي.

إذا سألتك عن والدتك.. كيف تنظر إليها بعد كل ما وقع؟
أعتقد أن والدتي عاشت حياة صعبة عكس ما يتوقعه الناس. زوجة الكاتب الخاص للملك الحسن الثاني والعلاقات ودخول القصر الملكي.. وغير ذلك. لم تكن كل هذه الأمور تشكل لها أي إغراء في الحقيقة. قلت إن حياتها كانت صعبة لأنها عاشت طفولة قاسية ورأت ويلات الحرب العالمية بأم عينيها، وانتهت بشكل مأساوي، حزينة، ولم تكن راضية أبدا عن حياتها مع عبد الفتاح فرج. يمكنني أن ألخص لك الصورة التي في ذهني باختصار شديد. كل شيء يعود إلى أصله. رغم أنها اعتنقت الإسلام، وظنت أنها ستعيش في المغرب ربما إلى أن تموت، إلا أنها عادت إلى ألمانيا وعاشت نهاية صعبة وغامضة، ودفنت في مقبرة لا تبعد عن منزلها كثيرا، مع عبد الفتاح الذي أحبته في شبابها، ودفنت كما رويت لك وفق الطقوس المسيحية رغم أنها اعتنقت الإسلام.. لذلك أعتقد أنها انتهت بطريقة ربما لم تتوقعها يوما.
الميت لا يستطيع الكلام أو التوضيح أو الرد على ما يقال.. وقد قيل عنها الكثير للأسف.
كلما تذكرتها الآن، أتذكر عبد الفتاح فرج، لأنه سبب مباشر في ما وقع لها. لو أنه لم يمد يده إلى ما ليس له، لعاش تقاعدا مريحا في المغرب، وربما كان ليعفي الجميع من هذه المأساة التي عشناها، ونعيش تداعياتها إلى اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى