شوف تشوف

الرأي

حقيقة صراخ النقابيين..

خرج علينا بعض «نقابيي» الحزب الأغلبي ليظهروا بمظهر المدافعين عن الحكامة في تعيين النواب ومديري الأكايميات، والحقيقة، ليس لأن العملية لم يشبها الغموض والتلاعب، ولكن كيف لشخص يجسد تفرغه النقابي إحدى أقبح تجليات الريع في هذا القطاع أن ينتقد أصدقاءه في الإدارة المركزية، وهم الحريصون على تفرغه؟ ثم أين كانت غيرتهم على القطاع عندما كان محمد الوفا وزيرا للقطاع؟ ألم تشهد عملية تعيين هؤلاء في عهده اختلالات استفاد منها بعض أعضاء الحزب؟ أين هي الغيرة على القطاع في عملية الترحيل الجماعي التي قام بها، ويقوم بها أعضاء الحزب، وبتدخل مباشر من هؤلاء النقابيين، من التعليم المدرسي إلى الجامعة، والتي تجاوزت 200 حالة حتى الآن؟
إن مسؤولية النقابات ثابتة في الوضع المتردي الذي يعيشه القطاع. يتجلى في سوء الأداء الناتج عن عوامل عدة لا يسع المجال لتفصيلها، لكن يبقى أبرزها ضعف التكوين لدى العديد من «القيادات الوطنية» التي أصبحت غير مواكبة للقطاع من كل النواحي. جزء من هذه القيادات مغادر للقطاع إما طوعيا أو بحد السن. معرفته للقطاع لا تتجاوز ما يجري داخل بعض مكاتب الوزارة. وجزء آخر متفرغ من كل شيء إلا من تغييرات الإطار المتتالية بفعل المادة 109 من النظام الأساسي التي يبدو أنها صيغت على مقاس القائمين على تدبير القطاع إداريا بتواطؤ مع جيل من النقابيين وينتج عنها وضع لا يمكن وصفه إلا بضرب مبدأ الإنصاف. فبعد تغيير الإطار بمقتضى هذه المادة تأتي المذكرات الوزارية لتعمل على توسيع من مجال الاستفادة المادية والمعنوية. لن نبالغ في القول أن إحصاء المسؤولين النقابيين الذين لا زالوا ينتسبون إلى هيأة التدريس لا يتجاوز عدد أصابع اليد، كما أن ترقية العديد منهم لم تكن بآلية الاختيار كباقي عموم نساء ورجال التعليم. بذكر هذا، نعيد التأكيد على أن الأمر لا يرتبط بتشويه صورة أحد أمام الشغيلة التعليمية، بل على العكس لنخلص للوجه الثاني من المسؤولية. للأسف ضعف الحصيلة على مستوى مطالب العاملين بالقطاع راجع كذلك إلى الانخراط في مسلسل الريع النقابي الذي أسر قوة النضال وصدق المواقف وثباتها. هذه القوة تكمن أولا في التعاطي الصادق مع القضايا ذات البعد الاستراتيجي للقطاع. وهنا ستصاب بخيبة لا مثيل لها بالرجوع إلى تقارير جلسات الاستماع التي نظمها المجلس الاعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي وما ورد بها من أغلب النقابات في شأن تشخيص واقع القطاع واقتراح سبل التجاوز. وتكمن القوة ثانيا في التبني الصادق لمطالب العاملين بالقطاع. فما معنى أن تتخلف النقابات عن مسؤولياتها في النضال على إقرار نظام أساسي عادل؟ بماذا تفسر النقابات سكوتها على تجاوز الوزارة للجان الموضوعاتية والانفراد بقرارات من صلب النظام الأساسي وغيره كالحركات الانتقالية والقضايا ذات الصبغة البيداغوجية؟ ما معنى أن تنتظر النقابات تكوين تنسيقية لتعمل على قرصنة نضالها متناسية أن دورها يكمن أصلا في تأطير وقيادة النضال؟ عجيب كل العجب أن تنتظر النقابات وقوع عنف ضد الأساتذة المتدربين كي تظهر بمظهر الوسيط الذي يحاول إتمام صفقة ويأخذ أتعابه من الطرفين. بل منهم من أخذ أتعابه مسبقا على شكل رهن الإشارة في جمعيات تحت صفة مركز للأبحاث. يزداد العجب حينما يفتح كل المنتسبين لنقابة معينة فاه احتجاجا على عدم إعلان الوزارة لمعايير اختيار النواب الجدد لكنه يصاب بالبكم في مسألة معايير الترقي وتغيير الإطار والانتقال التي أغدقت على الإخوة والأخوات بشكل لا يحمل إلا اسم الريع النقابي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى