الرئيسية

حملات سابقة لأوانها

يونس جنوحي
لم نسمع إلى اليوم، عن أي إجراءات استباقية لاحتواء المشاكل والعراقيل التي قد ندخل بها، كالعادة، الموسم الجامعي والدخول السياسي والاجتماعي المقبلين.
كل ما هنالك مجرد تطمينات باردة ورضى عارم عن النتائج التي عرفتها باكالوريا هذه السنة. والحقيقة المرة التي يتغاضى الجميع عن الحديث عنها، بما في ذلك العائلات المغربية، هو المستوى الحقيقي لمشاكل التعليم في المغرب، والتهديدات بسنة بيضاء التي ترددت في أرجاء المدارس العمومية طيلة الموسم الدراسي بسبب أزمة الأساتذة المتعاقدين ثم مشاكل الترقية بالشهادات.. إلخ.
بالإضافة إلى غياب الحوار الاجتماعي بين وزارات الدولة والنقابات التي تنوب عن شغيلة القطاعات التي يشتغل بها أغلب عمال الشعب، هناك أيضا مشكل الثقة في الأحزاب، رغم ترديد بعضها لشعارات الثقة والرهان على الانتخابات المقبلة.
لا يوجد في المغرب مراقبون سياسيون. فالسياسة في المغرب تشبه كثيرا منطق الفلاحة البورية التي تنتظر المطر حسب الموسم الفلاحي. ففي الوقت الذي وصل فيه الأمريكيون إلى درجة إحصاء عدد المرات التي ذكر فيها الرئيس الأمريكي شخصيا دولة روسيا في منشوراته بحسابه الرسمي الذي أصبح مصدرا موثوقا للخبر الدولي، نجد نحن أن الأحزاب عندنا تُثير السخرية حتى لو تعلق الأمر بمجرد بلاغ عادي بخصوص حدث لحظي استأثر باهتمام الرأي العام.
اللغة الجافة التي تكتب بها الأحزاب المغربية بلاغاتها التي يفترض فيها أنها تتواصل بها مع المواطنين، هي أكبر دليل على وجود أزمة ثقة في الأحزاب بالمغرب.
مشاكل كثيرة لم تتحدث فيها الأحزاب إلا في الحملات الانتخابية. تخوين حراك الريف في بداياته واعتراف الجميع أنهم أخطؤوا التقدير سيبقى وصمة عار في جبين الفاعلين السياسيين المغاربة. بالإضافة إلى الصمت المطبق بخصوص أزمة الأساتذة المتعاقدين، ثم الخروج ببلاغات باردة، ومحاولة المعارضة الركوب على الملف دون تقديم أي دور سياسي مثل توظيف فرقها البرلمانية للاهتمام بالملف. الكل في الأخير ينتظر بداية الحملة الانتخابية لكي يباشر الخطابات الحماسية. لا يظهر أي إلمام بالواقع المغربي لدى السياسيين إلا خلال الحملات الانتخابية التي يملكون فجأة الخطاب والوسائل لخوضها. رغم أن وسائل الاتصال الحديثة فضحت انتماء عدد كبير من الفاسدين إلى الأحزاب المغربية، وهو ما خلق أزمات أخلاقية كبيرة عُولجت بإلغاء عضوية هؤلاء المرشحين وشطبهم نهائيا.
الأحزاب كما قلنا متفائلة بخصوص الانتخابات المقبلة. رغم أنه لا أحد قدم إلى اليوم حصيلة موضوعية للملفات التي اشتغل عليها، سواء تعلق الأمر بالعمل الحزبي المرتبط بالمؤسسات أو بوزارات حكومية. ربما لأنهم يعرفون النتيجة مسبقا. إذ إن أزمة التشغيل لا تزال قائمة. ووعود خفض المديونية لا أحد يتحدث عنها، بل هناك دائما مساع إلى الاستدانة من جديد وترك وعود خفض المديونية ورفع الدخل الفردي للانتخابات.
الكثيرون سقطوا في فخ الحملات السابقة لأوانها. لكن لا أحد يهتم على كل حال. هناك رهان على ما ستأتي به الأمطار. وهذا هو الأهم. فأغلب الأحزاب بدورها «بورية» وتنتظر باب الله وليس إعداد البرامج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى