الرأي

خطأ «مدفعي»

في الوقت الذي كان فيه دونالب ترامب، المرشح الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية، يشن غاراته على المسلمين والأجانب عامة، داعيا إلى إغلاق حدود بلاده في وجوههم، وكانت مارين لوبين، زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، تعزف أنشودة العنصرية ضد العرب وتصر على ركوب «بردعة» والدها عميد المتطرفين، (في هذا الظرف) أشعلت تذاكر مباراة حربا داخلية في شرق المغرب بين المغاربة والجزائريين من جهة، وبين البركانيين والوجديين من جهة ثانية.
قالت صحيفة «النهار» الجزائرية، في عددها الصادر أول أمس، إن وجود شعار الرابطة الجزائرية لكرة القدم، خطأ، على تذاكر مباراة جمعت يوم الأحد الماضي بين نهضة بركان ومولودية وجدة، أحدث «زلزالا في الوسط المغربي، وهو ما دفع الأمن المغربي لفتح تحقيق في القضية».
لكن الصحيفة الجزائرية صبت الزيت على النار، حين نسبت إلى رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع تصريحا يتهم فيه «ناس وجدة بإثارة البلبلة»، مشيرا إلى أن أحد الإداريين خذله الحاج «غوغل»، حين كان يبحث عن شعار للعصبة الاحترافية المغربية، فهداه إلى شعار الجارة الشرقية.
قال فوزي للصحيفة الجزائرية، إن أهل «وجدة لديهم عقدة من فريق بركان»، شخصيا أشكك في هذه الرواية، ولا أظن أن رئيسا يقطر دبلوماسية سيقول هذا الكلام، وإلا سيعرض نفسه للمحاكمة بقانون الشغب، وسيحرك الجمر الراقد تحت رماد العلاقات البركانية- الوجدية، التي ساهم التنكيت في توسيع هوتها، وحول ميمون الوجدي إلى غريم تقليدي لعزيز البركاني.
منذ أن فوضت جامعة علي الفاسي الفهري للأندية المغربية أمر طبع التذاكر، والمشهد الكروي يعرف الكثير من الأخطاء الإملائية تارة والتقنية تارة أخرى. منذ تحرير قطاع تذاكر الملاعب فسح المجال للمفسدين وأصبح لعمال المطابع تذاكرهم وللمسيرين دفتر دعوات يوزعونها على هواهم، وتسيد لوبي «مارشي نوار» الموقف وأعلن نفسه راعيا رسميا للفساد.
للمغرب تاريخ حافل مع الأخطاء المطبعية، وكلما داهمنا خطأ دعتنا الحكومة إلى ضبط النفس إلى حين البحث عن مشتبه فيه مثير للنعرات، يدعوه المحققون للكشف عن الجهة الخارجية التي تقف وراء الخطأ المطبعي، وتقوده في اليوم الموالي إلى مكان عمومي لتمثيل الجريمة.
حين نظم المغرب بطولة كأس العالم للأندية جاءت التذاكر حبلى بالأخطاء، اختلت مواعد المباريات وتاهت الجماهير التطوانية. كما دارت معارك كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بين الوداديين والرجاويين بسبب تقني أسقط نجمة من شعار أو أضاف ريشا لنسر، سهوا أو لهوا. أما الأخطاء الإملائية فحدث ولا «هرج».
قيل والعهدة على علي الفاسي الفهري، إن التذاكر ستطبع في دار السكة، حتى لا يطولها التزوير أو الخطأ، وبعد يومين تبين أن إصدار تذاكر «بيوميترية» سيمنحها قيمة تعادل قيمة الأوراق المالية، وقد يساهم من حيث لا يدري في إغراق السوق بعملة بديلة تسمى تذاكر الملعب، حينها أعلن خوصصة قطاع التذاكر.
في أحد اجتماعات اللجنة المنظمة لألعاب البحر الأبيض المتوسط في إسبانيا، فوجئ عضو اللجنة الأولمبية المغربي، بخطأ في كتيب وزع على الوفود المشاركة، جاء فيه أن حدود الجزائر الغربية هي المغرب و(الجمهورية العربية الصحراوية) وموريتانيا. لم ينتبه ممثل المغرب إلى الخطأ، لكن موظفا في القنصلية يملك حاسة شم متطورة دعا البعثة المغربية إلى الاحتجاج، إلا أن المنظمين اكتفوا بسحب ما تبقى من كتيبات واعتذار شفوي أشبه بالهمس.
لم تسلم الصحافة الرياضية من الأخطاء المطبعية، فقد كتبت صحيفة «الميثاق» الوطني، في منتصف الثمانينات، عنوانا يقول: «جلالة الملك يستقبل زعماء المغرب الفاسي»، والمقصود المغرب العربي، وكتبت صحيفة أخرى عن زيارة محمد علي كلاي للمغرب، «البطل الأسطوري يتبول في أسواق الدار البيضاء»، وعلى القارئ أن يعوض التبول بالتجول ليفهم المغزى. ولعل أكثر الأخطاء إثارة للسخرية، هي ما حصل في «العلم» حين كتب رئيس التحرير على ذيل تعزية معدة للنشر في وقت متأخر «الصفحة 12 إذا وجد لها مكان»، وحين نشرت التعزية فوجئ أهل الراحلة بنعي مبعثر جاء فيه «ودفنت الفقيدة في مقبرة الشهداء الصفحة 12 إذا وجد لها مكان».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى