الرئيسية

سيسيل.. زوجة بن عطية التي أنجبت في كل ناد مولودا

اسمه الكامل مهدي أمين بن عطية المتقي، لكن على جواز سفره خطأ مطبعي أو إداري، إذ تم استبدال مهدي بكلمة «مدهي». لا يهم مادام الجميع يناديه ببن عطية. ويبدو أن الخلل يعود للتسجيل لحظة الولادة ذات يوم من أبريل 1987 في منطقة إيفري ضواحي باريس، التي حط فيها والده الرحال في الستينات قادما من قبيلة بني عمير بإقليم الفقيه بن صالح، ضدا على بوصلة أهل المنطقة الذين كانوا يتهافتون على الهجرة نحو إيطاليا. في إيفري، دشن رحلة البحث عن كسرة خبز مغتربة، وكون نواة أسرة مغاربية بعدما تزوج بشابة جزائرية وانخرط في رحلة الألف ميل.
رزق الوالد بالمهدي الذي كانت له مكانة متميزة في الأسرة لأنه الوحيد وسط أربعة بنات، لذا كان من الطبيعي أن ينال الحظوة والتميز ويعيش وضعا استثنائيا قبل أن يصبح رجلا استثنائيا. لكن الابن المدلل لم يكن عاشقا للكرة في صغره، إلا أن والده، الذي كان يداعب الكرة في لحظة فراغه ويحرص على مصاحبة ابنه له، زرع عشق المستديرة في نفس ووجدان الطفل الذي اعترف بأن والده هو من وضعه على سكة لعبة كرة القدم، واقتنى له كل اللوازم التي يحتاجها لممارسة اللعبة. بل إن الوالد ظل يجوب مراكز التكوين أملا في إلحاق ابنه بأحدها، بعدما لمس عزوف ابنه عن الدراسة ورغبته في مقاطعتها.
لم تكن والدة المهدي تساير طرح الأب، بل ظلت تحذر من مغبة الارتماء الكلي في عالم الكرة، إلى أن فوجئت برغبة الابن في مقاطعة الفصل الدراسي في سن مبكرة، والالتحاق بمركز لتكوين اللاعبين، معربا عن استحالة التوفيق بين الكرة والدراسة. أما الوالد فكان أكثر إيمانا بالقول المأثور: «إلا ماجابها القلم يجيبها القدم»، وهو ما تحقق بعد طول انتظار.
صحيح أن الأبوين لعبا دورا كبيرا في بناء شخصية المهدي الإنسان، إلا أن ارتباطه بفتاة فرنسية تدعى سيسيل، تعرف عليها في بداية عهده بالمنتخب المغربي، سيغير كثيرا من عاداته، وسيساعده على دخول عوالم احترافية عالية المستوى، إذ رافقته في رحلته إلى إيطاليا حين انضم إلى نادي أودينيزي ولعبت دورا كبيرا في تسهيل اندماجه في المجتمع الإيطالي في مدينة أوديني الشمالية والتي تختلف كثيرا في طبائعها ومناخها عن مدن فرنسا، خاصة وأنها كانت عاشقة لكرة القدم متمكنة من دورها في توفير الحد الأقصى لظروف التركيز.
في الأيام الأولى للاحتراف، ظلت سيسيل تفضل قضاء عطلها القصيرة في فرنسا، حتى تكسر روتين الوحدة في مجتمع جديد بطقوس جديدة، إلا أن «الكوبل» المغترب رزق بمولود زرع الدفء في البيت، حتم على سيسيل تمديد مقامها في أوديني أكثر مما كان عليه الأمر في السابق، فيما أصر المهدي على تسمية الوافد الجديد وأطلق عليه اسم قيس، حتى يتمكن على حد قوله من نسج علاقة حب معه، وهو ما حصل حين أصبح الطفل عنصرا من عناصر الاندماج في الشمال الإيطالي.
قضى المهدي ليلة بيضاء في مستشفى سانطا ماريا قبل أن يخرج المولود الجديد إلى الوجود في ساعة مبكرة من صباح يوم 6 يناير 2012. كان وزنه مثاليا (4 كيلوغرامات) لحسن الحظ أن الدوري كان متوقفا بسبب العطلة الشتوية، لكن بن عطية كان ملتزما مع المنتخب المغربي، فنال رخصة تمديد مقامه في أوديني قبل أن يشد الرحال إلى إسبانيا للانضمام إلى معسكر المنتخب المغربي في ماربيا الإسبانية بقيادة المدرب البلجيكي غيريتس. والظاهر أن أداء اللاعب بن عطية في دورة كأس أمم إفريقيا في الغابون لم يكن في مستوى التطلعات، وقد كان للمهدي مبرره إذ ظل ذهنه مسافرا نحو سيسيل وقيس، في حين كان جسده في ليبروفيل.
انتهت تجربة أودنيزي على نحو جيد، وغادرها المهدي صوب أس روما بعقد أفضل وطفل بدأت تظهر ملامحه المثيرة. وفي العاصمة الإيطالية أنجب الزوجان بنتا أطلقا عليها اسم لينا، وكان شرف التسمية من نصيب الزوجة هذه المرة. أما المولود الثالث فقد كان مسقط رأسه في ألمانيا بعد انضمام المهدي لنادي باييرن ميونيخ، إذ أعلن عن ظهور ضيف جديد وقال في تدوينة على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «أنستاغرام» إنه لا يوجد اثنان دون ثلاثة، وأن الأسرة تستقبل طفلة أطلق عليها اسم علياء.
انزعجت سيسيل من كثرة التنقلات بين المدن، لكنها تصر على أن رحلاتها من أوديني وروما إلى ميونيخ، مكنت أبناءها من تعلم لغتين، والتعرف على ثقافتين، رغم أن قساوة المناخ في ألمانيا فرضت عليها قضاء وقت أطول في البيت، وانتظار أي عطلة للسفر إلى المغرب أو دبي. أما المهدي فيقول إن أجمل المفارقات أن يولد كل ابن في ناد، قيس في أودنيزي ولينا في روما ثم علياء في باييرن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى