الرئيسية

قصة احتجاز سيدة بمصلحة الأمراض النفسية بالجديدة بعد مطالبتها بحضانة أطفالها

كوثر كمار
هي قضية غامضة وشائكة، صارت حديث ساكنة الجديدة. بطلتها سيدة تدعى زهرة، وهي شابة في العشرينات من عمرها وجدت نفسها بين عشية وضحاها نزيلة في مستشفى الأمراض النفسية والعقلية، بعدما طالبت باسترجاع حضانة ابنيها بعد انفصالها عن زوجها.
وفي الوقت الذي يؤكد أطباء المستشفى أنها مصابة بمرض نفسي، فطبيب آخر ينفي ذلك ويشهد بأنها خالية من أي مرض نفسي ظاهر، حيث سلم لها شهادة طبية تثبت ذلك.
ومن أجل فك لغز هذه القضية، انتقلت «الأخبار» إلى مدينة الجديدة للكشف عن المزيد من التفاصيل المثيرة.
تم إدخال السيدة (زهرة. ب) إلى مصلحة الأمراض النفسية بمستشفى محمد الخامس بمدينة الجديدة في 27 من شهر غشت المنصرم، حيث قضت خمسة أيام.
ذلك التاريخ هو الذي ذهبت فيه زهرة إلى المحكمة من أجل الاطلاع على مآل شكايتين ضد طليقها، الأولى تتعلق باسترجاع ابنيها وأثاث منزلها وملابسها، والشكاية الثانية بشأن التزوير والاستغلال، إلا أن النيابة العامة أمرت بإيداعها بمصلحة الأمراض النفسية بعدما حاولت زهرة الانتحار داخل المحكمة.
وبعدما ذاع الخبر عبر العديد من المنابر الإعلامية، تدخل المركز المغربي لحقوق الانسان بالجديدة مطالبا بفتح تحقيق في القضية وأرسل ملتمسا إلى وكيل الملك من أجل رفع حالة الاعتقال الطبي عليها.

رواية زهرة «المحيرة»
بعدما انتقلنا إلى مدينة الجديدة التقينا بـ»زهرة. ب»، بأحد المقاهي بمركز المدينة، إذ كانت تتحدث إلينا برصانة ولم يكن يبدو عليها من خلال حركاتها أنها تعاني اضطرابا نفسيا. غير أن القصة التي روتها لنا قد تكون صادقة أو من وحي خيالها، فلا أحد يعلم الحقيقة سوى الطليقين اللذين كانا يعيشان تحت سقف واحد، بالإضافة إلى ما ستسفر عنه نتائج الخبرة الطبية.
تحكي زهرة البالغة من العمر 25 سنة وعيناها مغرورقتان بالدموع، خلال حديثها مع «الجريدة»، أنها احتجزت داخل مصلحة للأمراض النفسية والعقلية بمستشفى محمد الخامس ثلاث مرات، وذلك بسبب محاولتها استرجاع ابنيها (طفل وطفلة) إلى حضنها. وأضافت أن الأمر مدبر من قبل طليقها الذي يريد بحسب قولها أن ينتقم منها لأنها تطالب بحقها وتشتكي منه لدى الجهات المختصة.
وأكدت زهرة أن طليقها يبذل قصارى جهده من أجل استفزازها
وتحويلها إلى مجنونة، إذ قام بالتكلف بأداء سومة الكراء لجيرانها من أجل محاربتها، موضحة أن بعض جاراتها يرتدين نفس ملابسها من أجل إيهامها بأن جميع النساء يلبسن مثلها، وعندما أخذ منها الأثاث أوهمها بأنه أثاث آخر يشبهه وأن تتوهم ذلك وأي شيء تراه تقول إنه في ملكها، وفق روايتها دائما.
وكشفت أن حارس الحي يقتحم منزلها ويقوم برسم رسوم مرعبة من أجل إرعابها، مضيفة أنه عرض عليها المال من أجل ممارسة الجنس معه بدعوى أنها مطلقة إلا أنها رفضت ذلك فظل يضايقها.
وروت زهرة أن زوجها ظل يحاربها باتفاق مع الجيران، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي كانت تنشر الغسيل على شرفة النافذة اتصل أحدهم بالشرطة فأخبرهم أنها تنوي قتل ابنها ورميه. وبعدما أتت الشرطة اقتيدت السيدة إلى مصلحة الأمراض النفسية بينما أخذ الأب طفليه.
وقالت إنها قضت أياما صعبة داخل المستشفى، حيث كانت تنام بجانبها نزيلة قتلت ابنتها، كما أنها تتعرض للضرب من قبل أحد العاملين بالمصلحة ذاتها، مشيرة أنه بالرغم من أنها تتوفر على شهادة طبية تثبت سلامة قواها العقلية، إلا أن الطبيب يحقنها بالإبر ويناولها الدواء رغما عنها. وأضافت أنه بداخل المصحة كانوا يأمرونها بعدم الذهاب إلى المحكمة.
ظلت زهرة تتردد على المحكمة من أجل معرفة مآل شكايتها إلا أنها خلال يوم 27 من شهر غشت الماضي تعرضت للإهانة. فحسب قولها ذهبت إلى المحكمة كي تستفسر عن مصير شكايتها غير أن موظفا ضربها بالملفات التي كان يحملها بين يديه قائلا: «ديما جيا مصدعانا كاين غير أنت»، مضيفة أن كلامه كان مستفزا وجارحا فبدأت تصرح داخل المحكمة وحاولت خنق نفسها بواسطة الوشاح مطالبة بأخذ حقها واسترجاع ابنيها، لتدخل النيابة العامة على الخط ويتم نقلها إلى المستشفى.
واستنكرت زهرة احتجازها داخل مصلحة الأمراض النفسية، لأنها ليست مريضة فكل ما في الأمر أنها انفعلت بسبب الإهانة التي تعرضت لها.
حاولنا أخذ تصريح الجهات المسؤولة عن مصلحة الأمراض النفسية بمستشفى محمد الخامس لكن لم نتلق أي رد، في حين طلب مسؤول بالقطاع إرسال صحافي من الجريدة لمقابلة مباشرة.

إجهاض الجنين
رغم قصة الحب الجميلة التي جمعت ما بين الزوجين إلا أن حياتهما انقلبت رأسا على عقب بعد الزواج. وتروي زهرة أنها تعرفت على مصطفى في زاوية سيدي اسماعيل بضواحي مدينة الجديدة، حيث كانت تبلغ من العمر 17 سنة، مشيرة إلى أنها لم تكن تعلم بزواجه بسيدتين قبلها.
بعد مضي بضعة أشهر على زواجهما، تروي زهرة أنها كانت تتعرض للضرب من قبل زوجها إلى درجة أنه تسبب في إجهاضها. «قبل ست سنوات كنت حاملا في الشهر الخامس، إذ نشب خلاف بيني وبين زوجي، فدفعني وسقطت من على سلالم البيت، وفقدت على إثر ذلك جنيني كما تعرضت لكسور على مستوى الأرجل، بعدما سألت زوجي عن قبر جنيني رفض أن يكشف لي عن مكان دفنه، بينما أخبرني زوج أختي أنه عثر عليه مرميا في النفايات، ليقوم بدفنه بعد ذلك». وأضافت زهرة أنها تقدمت بشكاية لدى وكيل الملك بشأن العنف الذي نتج عنه إجهاض والخيانة الزوجية لكن عند ذهابها إلى المحكمة اكتشفت أنها تنازلت له عن الدعوى من دون علمها، حسب تصريحها وإن كانت لم تقدم أية تفاصيل.
وتطالب زهرة بفتح تحقيق في الموضوع واسترجاع طفليها إلى حضنها وعبرت عن استعدادها لإجراء خبرة طبية بشرط أن تكون خارج مدينة الجديدة لإثبات مدى سلامة قواها العقلية وأن طليقها قد تآمر عليها من أجل أخذ أطفالها.

رواية طليق زهرة
(مصطفى ب)، وهو طليق زهرة له رواية أخرى يحكيها لـ»الأخبار» قائلا: «إن طليقتي لديها حوالي 200 ملف في المحكمة قبل وبعد زواجي بها، فهي إنسانة غير طبيعية وعندما يتحدث معها أي شخص قد يعتقد أنها مظلومة»، مضيفا أن زهرة تعاني من مشاكل نفسية، إذ تفقد صوابها عندما تتعرض لنوبة هستيرية لا يمكن مقاومتها.
وأكد أنه لم يأخذ منها طفليها بالقوة كما ادعت، بل النيابة العامة هي التي أمرت بذلك بعدما كادت أن ترمي طفلها من على شرفة النافذة، حيث كان الجيران شهودا على الواقعة.
ونفى أن يكون قد تسبب في إجهاض طليقته عندما كانت حاملا، موضحا أنها فقدت جنينها عندما كانت في «زاوية سيدي اسماعيل» ليتم نقلها إلى المستشفى على وجه السرعة، ليقوم بعدها مصطفى بدفن الجنين بالمقبرة، إذ مازال يحتفظ بتصريح الدفن، مفندا تصريحات زوجته.
وكشف مصطفى أن زهرة منذ فقدانها جنينها وهي تعاني من مرض نفسي وعصبي. وفي الوقت الذي أكدت فيه زهرة أن طليقها استغل أميتها وجعلها تتنازل عن حضانة طفليها من غير علمها وأنه يحاول أن يبين للجميع أنها مجنونة، أوضح مصطفى أن طليقته تعاني من مرض نفسي وأنها تنازلت له عن حضانة طفليها بمحض إرادتها لأنها لم تكن تستطيع تربيتهما بمفردها، خاصة أن طفليهما كانا يأكلان من النفايات ولا يذهبان إلى المدرسة بحسب قوله.
وأكد مصطفى أنه يضع كاميرات مراقبة أمام منزله كدليل يحتفظ به للإدلاء به، إذا ما تعرض للهجوم من قبل طليقته زهرة.

دفاعا عن زهرة
يرى محامي زهرة عبد الحميد صبري أنه من حقها الحصول على حضانة أطفالها، خاصة أن القانون المغربي يخول للمرأة حضانة أطفالها بعد الطلاق، إلا أن السيدة تعرضت لواقعة الاحتيال من قبل الزوج والذي استخدم وثيقة عرفية دعيت إلى التوقيع عليها باستغلال أميتها وعلاقة الزواج التي كانت بينه مقابل تسلم الأولاد، موضحا أن الإشهاد يمكن للمطلقة التراجع عنه في ظل تمسكها برأيها.
وكشف في تصريح لـ«الأخبار»، أن الأصل في المسطرة المقترحة على زهرة، وهو التقدم بدعوى استعجالية من أجل استرجاع طفليها بسبب عنصر القرابة، فمن الصعب على الأم أن تصبر على أبنائها، مضيفا أن زهرة سيدة عاقلة ومن يرى غير ذلك عليه إثبات العكس، فهي بموجب القانون سيدة راشدة في ظل غياب أي حكم قضائي حسبه.
وقال عبد الحميد صبري أن قرار إحالة زهرة على مصلحة الأمراض العقلية والنفسية لا يمكن التعقيب عليه لأنها تملك سلطة الملاءمة وغير قابلة للاستئناف لأنها تقوم بتمثيل النظام العام والمجتمع، أما النقطة الثانية فمواجهة الظروف تكون وفق القانون فالنيابة العامة تحمي الطرفين أما الخصم الحقيقي فهو الزوج.

المركز المغربي لحقوق الإنسان يطالب بالتحقيق في القضية
بعدما أثارت قضية زهرة الكثير من اللغط، تدخل المركز المغربي لحقوق الإنسان فرع الجديدة على الخط من أجل المطالبة بالتحقيق في هذه القضية التي شغلت الرأي العام المحلي بالجديدة.
وأكد المركز في بيان له أنه يتابع قضية السيدة (زهرة. ب)، عن كثب حيث أشعر المركز يوم 27 غشت 2015 بوقائع قضية زهرة والتي تفيد بأن هذه الأخيرة قدمت شكايتين إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالجديدة في مواجهة طليقها، تتعلق باسترجاع ابنيها وأثاثها وملابسها بالإضافة إلى التزوير والاستغلال.
ودعا المركز المغربي لحقوق الانسان بالجديدة وكيل الملك إلى فتح تحقيق لكشف ملابسات القضية في ضوء الشكايتين سالفتي الذكر، كما طالب بفتح التحقيق في ملتمس إلى وكيل الملك برفع حالة الاعتقال الطبي عليها ولو بعد إجراء خبرة طبية.
وفي السياق ذاته، أكد عبد الغفور شوراق، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان بفرع الجديدة في تصريح لـ»الأخبار»، أنه اضطلع على ملف القضية وتدخل بعد توصله بشكاية زهرة، مضيفا أن المركز يطالب بإجراء خبرة طبية خارج مدينة الجديدة من أجل التأكد من سلامة صحة زهرة النفسية، ومؤكدا أنه في حالة تبث أن زهرة سليمة ولا تعاني من أي مرض نفسي، فالمركز سيتابع كل من تواطأ ضد المشتكية.
هذا وقد أكد محسن الشياضمي، الكاتب العام لمركز حقوق الانسان فرع الجديدة، أن المركز عقد لقاء مع وكيل الملك والوكيل العام للملك بالجديدة واللذين عبرا عن تفهمها لظروف السيدة، مؤكدا على أنها ستحصل على حقها في حضانة أبنائها إن كانت فعلا مؤهلة نفسيا لذلك.
وكشف الشياضمي أن وكيل الملك أخبره بأن زهرة ولجت المحكمة وكانت في حالة هستيرية، إذ كادت أن تخنق نفسها بواسطة الوشاح مما استدعى نقلها إلى مستشفى الأمراض النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى