بانوراماخاص

كل ما يجب أن تعرفه حول مخاطر «نضيغ المسكة» على الصحة

نورا أفرياض
يدمن الكثيرون على مضغ العلكة لإسهامها في التخلص من بخر الفم أو الرائحة المزعجة المنبعثة منه بتحريضها للغدد اللعابية فتقضي على جفاف الفم، وبالتالي تقلل من الرائحة. إلا أن الإشكال المطروح هنا هو مكونات العلكة. فإن كانت خالية من السكر، يستخدم بدله محليات صناعية تتسبب في اضطرابات معوية حادة، وإن كانت علكة عادية فتصنع عن طريق محليات صناعية أخرى أحلى 200 مرة من السكر الطبيعي.

نشرت صحيفة «مترو» البريطانية قصة مراهقة تسبب إدمانها على مضغ العلكة في التعجيل بوفاتها. يتعلق الأمر بـ «سامنتا جيكينز» العاشقة لمضغ العلكة، إذ تتناول في اليوم أكثر من 14 واحدة، وتقوم ببلعها في النهاية. تقرير الطب الشرعي، كشف أن الضحية توفيت بسبب العلكة التي حالت دون امتصاص المعادن في جسمها ما عجل بانخفاض مستوياتها بصفة مهولة. والدة المراهقة ماريا أكدت عثورها على مئات العلب من اللبان الخالي من السكر في غرفتها. كما أنها تظن أنها توفيت بسبب المحليات الصناعية المكونة للعلك الخالية من السكر.

مكونات بالغة الضرر
لا يختلف اثنان على أن مضغ العلك يزيد من إفراز اللعاب، ويساعد على الهضم وتنظيف الفم والأسنان، فضلا عن تعزيز عضلات الفك. لكن ما يجب الانتباه إليه هو مكوناتها التي لا يعرف عنها الشيء الكثير. فقد يتسبب إدمان مضغ العلكة إلى مشاكل عويصة في الجهاز الهضمي وانتفاخ البطن بسبب ابتلاع الهواء.
أشار الموقع الطبي الفرنسي «يوميات طبيب» إلى إصابة مدمنين على مضغ العلكة بدون سكر باضطرابات هضمية حادة. فلتعويض السكر في هذه النوعية من العلك بالذات يتم اللجوء إلى محلي صناعي يدعى « السوربيتول» يستخدم كبديل للسكر الطبيعي ويرمز له بـ420 E. المادة المعنية معروفة طبيا كملين. ومضغ علكة محتوية على هذا السكر ولو بكميات صغيرة كافية لأن تتسبب في الإسهال لدى الأشخاص الذين لم تتمكن أمعاؤهم من امتصاصها. هذا دون إغفال تسببه في نقصان كبير في الوزن.
تفقد «الأخبار» لمكونات بعض الأنواع من العلكة الخالية من السكر، أحالنا على مكون جديد عبارة عن محلي صناعي آخر يرمز له بـ «E967» ويدعى «الزيليتول». هذا المحلي الصناعي مستخرج من شجرة «البتولا» وله مذاق النعناع. دراسات عديدة تؤكد أن «الإفراط في مضغ العلكة المحتوية على ذات المحلي الصناعي، والذي يضاف إليه المحلي سالف الذكر ومحلي صناعي يطلق عليه « المانيتول» ورمزه E421» يؤدي إلى الإسهال وانتفاخ البطن. وعودة إلى مادة «الزيليتول» المشار إليها آنفا فقد تبين أن لها خاصية مقاومة البكتيريا الموجودة في الفم إلا أنها في المقابل تتسبب في تلف الأسنان».
وليست العلكة الخالية من السكر ما تشكل خطورة على مدمني مضغها، بيد أن العادية هي الأخرى تضم مكونات مجهولة لدى البعض ولا تظهر تداعيات الإسراف عليها إلا على المدى البعيد. لذلك، قامت «الأخبار» بتحليل مكونات علبة من العلكة للتنقيب عن ما يمكن أن يضر بالصحة. مما يثير الانتباه في مكونات هذه العلكة، اعتماد مادة» أسيسولفام – E950 ك» وهو محلي صناعي أحلى 200 مرة من السكر الطبيعي. وهي مادة تؤدي إلى زيادة خطر تطور السرطان لدى البشر استنادا على نتائج دراسات أجريت على فئران تجارب. وتؤدي المادة ذاتها بالمثل إلى ارتفاع الكوليسترول، مشاكل على مستوى الرئتين، نقص السكر في الدم ومشاكل صحية أخرى عويصة. ومن بين المكونات الخطيرة للعلكة نذكر السكر الاصطناعي أو «الأسبارتام» الذي يرمز له ب951 Eويطلق عليه القاتل الصامت. تتسبب هذه المادة في آلام الرأس، فقدان الذاكرة، الصرع، الهلع المرضي، سرطان الدماغ، العقم واللائحة طويلة. العلكة لا تخلو من ملونات ونشير إلى الملون المرموز له بـ E141الموجود بعلبة العلكة التي تفقدتها الجريدة. وهو ملون أخضر اللون عبارة عن مركب النحاس والكلوروفيل يندرج ضمن مشتقات دهن الخنزير. ونسلط الضوء أيضا على ملون صناعي آخر ذو لون أبيض يوجد ضمن مكونات العلكة يرمز له بـ E171 ويسمى « ثنائي أكسيد التيتانيوم». ورد في موقع «الغذاء والتغذية» في مقال حول الملونات الصناعية أن «خطورة الملون المعني تتجلى في احتوائه على الشوائب المعدنية ومن المعروف أن المعادن الثقيلة تعيق عملية التنفس الخلوي (تنفس الخلية) على مستوى الأعضاء الهامة مثل الكبد والرئتين».
ومما يجدر ذكره احتواء العلكة على شراب «المالتيتول». في بعض الدول من قبيل كندا، أستراليا، النرويج فتحمل المنتجات التي تحتوي على هذا الشراب على تحذير إجباري مفاده (الاستهلاك الزائد قد يؤدي إلى الإسهال). كما أنه يتسبب في اضطرابات معوية. ولا نغفل على أحد المكونات الرئيسية للعلكة المسماة «قاعدة العلكة» وهي مزيج من مجموعة من المكونات الكيميائية ك «الليثيوم» الداخل في تركيب البطاريات. فضلا عن مادة «بولى فينيل أسيتات» تستعمل في بعض المواد اللاصقة والطلاء. علاوة على ذلك، يوجد مضاد الأكسدة «BHA» تحوم شكوك حول تسببه في السرطان، وفقا للموقع الطبي الفرنسي «الخطر الغذائي».

مخاطر صحية
هل العلكة مضرة لصحتك؟ جواب هذا السؤال يتوقف على تركيبة العلكة ومحتواها وصحة الشخص المقبل عليها. ومن هذا المنطلق، حذر باحثون مختصون في مستشفى جامعة «ساهلجرينسكا» بمدينة «جوتنبيرغ» غربي السويد من مضغ العلكة بقسوة أو الإكثار منها، لأنها تتسبب في تكسير الملغم الموجود في حشوات الأسنان، ما يؤدي إلى تسرب كميات من مادة الزئبق السامة إلى الدم والبول. كما أن الأشخاص الذين يمضغون العلكة لمدة 5 ساعات يوميا على أقل تقدير يملكون مستويات عالية من الزئبق ضمن عينات الدم والبول التي جمعت منهم، مما يشير إلى خطر إصابتهم بالتسمم الزئبقي. وكشف هؤلاء أن الزئبق يترك تأثيرا سلبيا على الدماغ لسيمته البالغة. ويفتك بالجهاز العصبي المركزي والكلى لدى الإنسان، فضلا عن تلف الأنسجة والخلايا الحساسة. الباحثون ذاتهم أوضحوا في دراستهم المنشورة بصحيفة « آفتونبلاديت» السويدية وصحيفة «إندبندت» البريطانية أن «متابعة 17 شخصا يضعون 5 حشوات زئبقية بأسنانهم ولاكوا اللبان لمدة 5 ساعات يوميا، باستهلاكهم 7 قطع من العلكة ومقارنتهم بمجموعة أخرى من الأشخاص يضعون نفس العدد من حشوات الأسنان بفارق مضغهم العلكة بمعدل 30 دقيقة أسبوعيا فقط، ليتبين أن مستويات الزئبق كانت مرتفعة بشكل مضاعف بدماء الأشخاص الذين أكثروا من مضغ اللبان وأعلى بـ 3 مرات في عيناتهم البولية وتنفسهم من الأشخاص الذين لم يواظبوا على مضع العلكة. وأشاروا إلى أن مستويات الزئبق ترتفع اطراديا مع عدد حشوات الأسنان الموجودة بالفم، بمعنى أن ازدياد عددها يزيد نسبة الزئبق في الدم والبول. ويؤدي الجز على الأسنان إلى حدوث نوبات صرع وآلام فظيعة على مستوى الرأس وآلام في منطقة العنق والأكتاف من ناحيتها الخلفية. وينجم عنه أيضا انقباض عضلات الفك وتضخيمها وحدوث طرقعة ‏ ‏بالفك أثناء مضغ الطعام ووقوع ضغط مستمر على الأذن وتغير شكل الوجه نتيجة تضخم ‏ ‏العضلات مع تآكل الأسنان وتفتتها وإصابتها بموجات من حساسية الأسنان للبارد ‏ ‏والساخن وكذلك تآكل العظام المثبتة لجذور الأسنان».
وأثبتت دراسة طبية أن « استخدام عضلات ومفاصل الفك تلقائيا يكون بمعدل 1500 مرة يوميا، وذلك في الأكل والكلام وبلع الريق. ويتضمن ذلك انقباض عضلات الفك، إذ تنطبق الأسنان العلوية والسفلية على بعضها. ويصل معدل قوة العضة الواحدة 9 كيلوغرامات. لكل هذه الأسباب يحذر الأطباء من الآثار الوخيمة للإدمان على مضغ العلكة رغم الاعتقاد السائد لدى الجميع بأنها تقوي عضلات الفك وتسهم في تعطير الفم. وفي حال مضغ العلكة، فإن كمية الضغط المتولدة عن عضلات الفك تصيبه بالإجهاد علما أن لعضلات الفك ذاكرة قوية بمعنى أن التعود على مضغ العلكة بشكل مستمر يجعل العضلات تنقبض لوحدها حتى دون لوك اللبان ما ينجم عنه انعدام راحة العضلات والمفاصل الصدغية».

عائدات خيالية
تسوق إحدى الشركات المغربية المصنّعة للعلك والسكاكر 360 مليون علكة سنويا إلى الولايات المتحدة الأمريكية برقم معاملات يصل إلى 200 مليون درهم، مستفيدة من اتفاقية التبادل الحر التي وقعها المغرب مع أمريكا ما يجعلها معفية من أداء الرسوم الجمركية. كما يصل عدد مستهلكي العلكة ذاتها المغربية 300 مليون مستهلك أمريكي.
في تصريح لحكيم مراكشي، مدير عام إحدى أشهر شركات العلكة بالمغرب، فإن « السوق الأمريكي يهتم بفارق الجودة والسعر بدل أصل المنتج عكس السوق الأوربي». مراكشي أضاف أنه» بتاريخ يناير 2012 أصبحت شركته توزع منتجاتها ذاتيا على ما يزيد عن 1200 نقطة بيع لتوفرها على مخزن بولاية «إلينوا».
وتوظف الشركة سالفة الذكر ما يقارب 300 أجير، زيادة على 150 عاملا بصفة مؤقتة. علاوة على ذلك، فإن المصنع يمتد على 8000 مترا مربعا بمساحة مغطاة تقدر بـ 20000 مترا مربعا.
هذا وراسلت «الأخبار» المدير العام للشركة المصنعة للعلكة الكائن مقرها بعين السبع بالبيضاء للوقوف على مكونات «قاعدة العلكة» التي تندرج ضمن مكونات تصنيعها إلا أننا لم نتوصل بأي رد.
وأكدت عاملة سابقة بإحدى شركات العلكة بالمغرب أن «قاعدة العلكة» تستورد من الخارج ويتم إضافة مكونات أخرى إليها للحصول على العلك في شكلها النهائي عن طريق آلات ضخمة يشرف عليها مجموعة من العمال.

لهذه الأسباب منعت العلكة ببلدة بريطانية
قامت السلطات المحلية ببلدة بريطانية بحظر العلكة وفرض غرامة فورية على المخالفين، وذلك بسبب العثور على 22 قطعة علكة ممضوغة مرمية ضمن مساحة لا تتجاوز قدما مربعا واحدا على أحد أرصفة البلدة. وورد في صحفية «صن» البريطانية أن العلكة المرمية على الأرصفة تكلف البلدية مبالغ طائلة لإزالتها. وجاء في تصريح «فيل وينسور»، عضو الحملة المؤيدة لحظر العلكة أن رمي العلكة على الأرصفة عادة قبيحة، والسلطة المحلية لا تملك المال لإزالتها بصورة مستمرة، كما أن الدوس على قطعة منها أمر مزعج لأنها تعلق بالحذاء ويصعب بعد ذلك التخلص منها. وللإشارة فإن بلدية بريطانية أخرى متمركزة بالعاصمة لندن فرضت غرامة فورية على البصق بشوارعها، وذلك في أول إجراء من نوعه في المملكة المتحدة. وفي حي «والثام فوريست» الواقع شمال شرق لندن، يغرم بمبلغ 80 جنيها إسترلينيا من يضبطه موظفو البلدية يبصق في الشارع. نذكر هنا أن العلك تحتاج إلى 5 سنوات لتتحلل بالطبيعة. وفيما يتعلق بألمانيا، فهي تخصص ملايين الدولارات سنويا لتنظيف أسواقها من العلكة التي يتركها الشباب ملتصقة على الأرض. وتتم بالمثل معاقبة الطلاب الذين يلوكون اللبان في الحصص الدراسية. ووفقا لدائرة الإحصاء المركزية الألمانية، حسب استطلاع لها، فإن 7.7 في المائة من الألمان يمضغون العلكة يوميا، و20.6 في المائة يمضغونها مرة في الأسبوع ونسبة 51.6 في المائة لا يستسيغونها أبدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى