الرأي

نعش السينما المغربية

لعل الحكومة المغربية هي آخر من يعلم بأن القاعات السينمائية بالبلاد تحتضر، وأنها انقرضت في مدن مغربية عديدة في غياب مخطط استعجالي لإنقاذها من مصير محتوم. وقد حاولت الحكومة في شخص وزير الاقتصاد والمالية بكل قواها رفض مقترح برلماني بإعفاء تذاكر السينما من الضريبة على القيمة المضافة في إطار تعديل يهدف إلى تحفيز الجمهور من أجل العودة إلى ارتياد ما تبقى من القاعات السينمائية، وهو دليل جديد على أن الحكومة  ما تزال تعتبر الشأن الفني والثقافي مجرد لهو وترف ينبغي تضريبه وإخضاعه لمنطق الجبايات، فيما تتردد في تضريب الخمور الفاخرة وباقي السموم التي يستهلكها المجتمع وتعفيها من الضرائب تحفيزا على استهلاكها.
ولعل الحكومة المهووسة بتحصيل مداخيل جديدة حتى من القطاعات الهشة أو المهددة بالانقراض، لم تستوعب بعد أن بلدانا أخرى أصبحت تراهن على الثقافة والفن كوسيلة فعالة لتحصين مجتمعاتها ضد التطرف والفتن.
وكان من الأجدى للحكومة أن تنتبه إلى بعض المهرجانات «المغربية -الدولية» التي تستهلك الملايير دون حسيب أو رقيب ضريبي، والتي لا تستفيد منها لا السينما الوطنية ولا المواطن العادي ولا ميزانية مديرية الضرائب المهووسة بالمداخيل حتى ولو تعلق الأمر بتذاكر السينما في غياب طرح البرلمانيين لمعضلة الثقل الضريبي الذي تعاني منه القاعات السينمائية، والذي ينضاف إلى معضلات أخرى منها استفحال ظاهرة القرصنة التي أفرغت القاعات من روادها وتسببت في تراجع مداخيلها بـ 8 ملايين درهم سنويا، حيث لم يعد عدد القاعات اليوم يتجاوز الثلاثين في أحسن الأحوال من أصل 250 قاعة في الثمانينات.
فعن أي سينما نتحدث بعد أن كانت الشبابيك تبيع 45 مليون تذكرة عام 1985 ولم تعد قادرة اليوم على بيع مليوني تذكرة، وهل ستساهم عقلية البائع بالتقسيط التي تنهجها الحكومة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أم أننا اليوم أمام الموت المحتوم للسينما الوطنية سنلتزم بشعار  «شوف السينما كاتموت وسكت».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى