الرئيسية

هكذا تتم عملية الغش في الزيوت بالمغرب

كوثر كمار
تتعرض الزيوت بالمغرب إلى الغش من قبل بعض الباعة، الذين يعمي عيونهم الجشع ومن بين أهم الزيوت المعروفة بغلاء سعرها زيت الزيتون وأركان، إذ يعمد عدد من البائعين إلى خلطها بمواد تشكل خطرا على صحة المستهلكين. فمم تتكون الزيوت المغشوشة؟ وكيف يمكن للمستهلك المغربي كشفها؟ وما هي خطورتها على صحة الإنسان؟ أسئلة وأخرى نجيب عنها خلال التحقيق التالي.
يتعرض عدد من المستهلكين للنصب من قبل الباعة خاصة المتجولين، الذين يبيعون لهم زيوتا مغشوشة على أنها أصلية بنفس السعر الحقيقي.
رحمة ربة بيت وهي واحدة من ضحايا نصابي الزيوت، اشترت زيت الزيتون مقابل 50 درهما للتر الواحد معتقدة أنه قد تم جلبه من منطقة إمنتانوت، كما أوهمها البائع.
وتحكي رحمة أن البائع قدم لها صحنا من الزيت الأصلي كي تتذوقه وبعدما فعلت ذلك باعها خمسة لترات من الزيت المغشوش. وتضيف أنها لم تكتشف الأمر إلا بعدما فتحت القنينة بالمنزل لتجد أن الزيت به طعم غريب، لكن بعد فوات الأوان.

زيت الزيتون المغشوش
يصعب على بعض المستهلكين اكتشاف الغش الذي يطول زيت الزيتون، خاصة أن البعض يخلطونه بزيوت أخرى، مما يجعله يحافظ على نكهة الزيت وطعمه ولونه.
محمد العربي صاحب محل للعطارة يوضح خلال حديثه مع «الأخبار»، أن زيت الزيتون يعد من بين الزيوت النباتية التي تستهلك بعد عصرها مباشرة، بعكس باقي الزيوت النباتية التي لا يمكن استهلاكها إلا بعد إجراء عمليات تكرير لها للتخلص من الشوائب التي يجب أن لا يتناولها الإنسان.
ويضيف أنه بسبب غلاء سعره يعتمد البعض على أساليب ماكرة للغش، فهناك من يقوم بوضع مسكن لألم الرأس، وهي عبارة عن أقراص تضاف إلى الزيت ممزوجة مع زيوت أخرى، إذ تكتسب نفس اللون والرائحة، إلا أنها تكون غير أصلية، وقد تشكل خطرا على صحة الإنسان بسبب عدم معرفة المواد المكونة لها.
ويشير العربي إلى أن بعض التجار يخلطون زيت الزيتون بزيوت أخرى كزيت الذرة أو زيت الصويا أوزيت عباد الشمس، بالإضافة إلى الملونات الصناعية، في حين يقوم آخرون بخلطها مع زيت المائدة وعصر كمية من أوراق أغصان شجر الزيتون وإضافة ما يتم عصره منها إلى الكمية المغشوشة، حيث يغلب اللون الأصفر الغامق على اللون الأخضر اليانع ليكتمل مشهد إخفاء عملية الغش وينطلي الأمر على المتذوق الذي لا يشعر في معظم الأحوال بهذا الغش.
ومن أجل التمييز ما بين الزيت الحقيقية والأصلية ينصح محمد العربي بالتأكد من لون الزيت، فإذا كان أخضر ذهبيا في بداية الموسم، فهو أصلي كما يكون. ويكون ذهبيا مائلا إلى الأصفر في نهاية الموسم بعد نضج الزيتون بشكل كامل على الشجر.
ثم يردف أن الطعم يكون مرا بعض الشيء في أول الموسم، وبعد فتره تختفي تلك المرورة من طعم الزيت.
أما الرائحة فعند الشم، يجب أن يكون الزيت له رائحة الزيتون الأخضر الناضج وتكون الرائحة قوية. لكن إن كانت رائحة الزيتون شبيهة برائحة الفواكة المحمضة، فهذا الزيت غير صالح للاستعمال وقديم. وإذا شم المستهلك رائحة غير الزيتون، فالزيت مغشوش. كما يتميز زيت الزيتون بلزوجته وتجمده، فيما المغشوش يبقى سائلا.
وكشف عدد من مروجي زيت الزيتون الأصلي عن طرق فعالة يمكن تجريبها من أجل قطع الشك باليقين، وذلك عن طريق وضع ملعقة صغيرة من زيت الزيتون على اليد وفركها باليدين جيدا وبحركة سريعة لمدة دقيقة تقريبا وبعدها يتم شم رائحة زيت الزيتون، فإذا شعر المستهلك بالحرارة ورائحة قوية كثمرة الزيتون في يده فهذا دليل على أنها أصلية.

أركان.. الذهب السائل
زيت الأركان أو الذهب السائل هو الآخر يتعرض للغش بسبب غلاء سعره، إذ يجني بفضله مروجو هذا النوع من الزيت أرباحا كبيرة، ويستخرج الزيت الحقيقي من لوز شجر الأركان وهو شجر نادر يوجد بسهل سوس المغربي ويعمر لمدة 200 سنة، ويستخدم الزيت بكثرة في المطبخ التقليدي لهذه المنطقة، فضلا عن فوائده في مجال التجميل والعلاج.
فاطمة واحدة من ضحايا مروجي زيت أركان المغشوش تحكي خلال حديثها مع “الأخبار”، أنها اقتنت زيتا من منطقة مولاي براهيم الموجودة بضواحي مدينة مراكش مقابل 250 درهما للتر الواحد، غير أنها بعدما ذهبت إلى المنزل قام زوجها بوضع الزيت بالثلاجة فتبين له أنه مغشوش لتكتشف أنها وقعت ضحية نصب واحتيال.
تقول فاطمة بنبرة متحسرة: “بعدما اكتشفت أني تعرضت للنصب لم أتمكن من استرجاع نقودي لأن البائع متجول، وغير مستقر بمكان محدد، فذهبت إلى إحدى التعاونيات من أجل الاستفسار عن الأمر، حيث أكدت لي سيدة لديها خبرة في المجال أن البعض يبيعون زيت أركان مغشوشا، وأن هناك من يستخدم حبة فوارة مثل قرص دواء صغير، يحتوي على نكهة وطعم زيت الأركان . وهو مستخرج بطريقة مخبرية .يوضع في أي زيت مائدة عادي ويذاب بشكل جيد حتى يختلط ويضاف إليه قليل من زيت الأركان لإضفاء رائحة أركان على الزيت، إذ يكفي قرص واحد لاستخراج 2 ليترين من الزيت”.
وينصح عدد من المنتجين لزيت أركان الأصلية بالاعتماد على بعض التجارب التي تساعد المستهلك المغربي على كشف الغش، كالتأكد جيدا من مصدر الزيت وتجنب الزيوت مجهولة المصدر، بالإضافة إلى وضعه في الثلاجة إلى أن يبرد. فالزيت الأصلي لا يختلط بأي شيء آخر بعد أن يبرد. فيتحول شكله إلى شكل السمن البلدي أصفر مائل إلى الأبيض. فإن أضيف إليه شيء فسيطفو فوق الزيت مباشرة وسيشكل طبقات مختلفة وهذا هو المغشوش، فمن الضروري أن يكون صافيا بدون أي طبقة ولا تغير تدريجي في اللون. ويشير المنتجون إلى أن طعم الأركان له حلاوة خاصة ومذاق رائع. لكن ليست هذه هي علامة جودة المنتج نظرا لوجود حبة مثل قرص الدواء يوضع مع زيت عادي فيعطي نكهة الأركان، كما أن الأركان الأصلي عند تناوله للمرة الأولى يجعل المستهلك يشعر بنوع من صداع الرأس، فهو قوي في المرة الأولى.
لذا ينصح باقتناء الأركان من التعاونيات أو الشركات المعروفة وتجنب الزيت مجهول المصدر.

زيت «العبار»
يطول الغش أيضا زيت المائدة والذي يباع بالتقسيط المعروف بـ “زيت العبار”، فهو مجهول المصدر وقد يكون منتهي الصلاحية أو أضيفت إليه مواد سامة.
فنظرا لثمنه البخس الذي لا يتعدى 13 درهما للتر الواحد، يلقى “زيت العبار” إقبالا كبيرا من قبل المستهلكين بالأحياء الشعبية، إذ يمكن الحصول على كمية صغيرة منه بمبلغ درهم واحد فقط، ويمكن أن يرتفع سعره حسب الكمية. وبالإضافة إلى الأسر محدودة الدخل يقبل أيضا على شرائه أرباب محلات الوجبات السريعة، وخصوصا محلات بيع السمك المقلي، كما يقبل عليه باعة الإسفنج، حيث إن استخدامه لأزيد من مرة في عملية القلي يمكن أن تترتب عليه الإصابة بالسرطان، وفق ما أكدته العديد من الدراسات.
وكشف عامل بمطعم للوجبات السريعة خلال حديثه مع الجريدة، أن بعض الباعة يبيعون زيوتا مغشوشة ومجهولة المصدر، إذ أن طعمها جد رديء ويضطر أصحاب الوجبات السريعة لاقتنائها بسبب سعرها الزهيد، إذ تباع هذه الزيوت بالجملة داخل براميل بكراج علال ولا يتعدى سعرها اثني عشرة درهما للتر الواحد. وللإشارة، فإنه قبل سنتين حجز درك الناظور سيارة تضم ما يناهز 540 لترا من زيت المائدة المهرب عبر الحدود الجزائرية كانت موجهة للتوزيع في السوق المحلي، كما أن الإقبال على هذه الزيوت منقطع النظير بالجهة الشرقية، نظرا لانخفاض سعره نسبيا مقارنة مع المنتوج الوطني.

HUILE-TRAFIQUE

هذه مخاطر قلي الزيت المغشوش عدة مرات
تتسبب الزيوت المغشوشة في مشاكل صحية بالنسبة للمستهلكين كمشاكل في الهضم والقولون، وتزداد خطورة هذه الزيوت عندما تكون قابلة للقلي كزيت المائدة التي تباع بالتقسيط.
وأفاد عدد من الأخصائيين في مجال التغذية أن خطورة هذه الزيت تكمن عندما تضاف إليها مواد مجهولة زيادة على قليها لمرات عديدة في حدوث تفاعلات كيميائية تقود إلى تكون مركبات سامة بالغذاء، وتؤدي إلى تحطم الفيتامينات الموجودة بزيت القلي ما ينجم عنه منع امتصاص الدهون بالجسم، وبالتالي تكون إمكانية الإصابة بالسرطان في هذه الحالة جد واردة، الشيء الذي يغفل عنه أرباب المحلات الخاصة ببيع السمك المقلي ومحلات الوجبات السريعة التي تقدم البطاطس المقلية. وأشار المختصون إلى أن الزيت المستعملة في القلي قد تكون منتهية الصلاحية عندما يكون لونه غامقا وينبعث منه دخان إثر عملية التسخين. ويؤدي تناول المأكولات المقلية أكثر من مرة إلى ارتفاع في ضغط الدم، حيث إن إعادة تسخين زيت القلي أكثر من مرة يؤدي إلى تحلله وإطلاقه مواد دهنية يمتصها الطعام المقلي فتدخل في الجسم وتؤدي إلى رفع ضغط الدم، زيادة على حدوث مضاعفات أخرى قد تؤدي إلى الإصابة بحالات تسمم، خاصة وأن لا أحد يعلم مكونات الزيوت المغشوشة.
وينصح أخصائيو التغذية باختيار مقلاة مناسبة مصنوعة من مواد آمنة وينبغي تجنب المقالي النحاسية لكونها تتأكسد بشدة عند استخدامها في القلي مع تفادي المقالي المصنوعة من مادة الألمنيوم، إذ ثبت علميا أن استعمال أواني الطبخ المكونة من هذه المادة لفترات طويلة يؤدي إلى الخرف المبكر، مشددين على الابتعاد عن المقالي ذات الجودة الرديئة، التي تتسم بتقشر طلائها الحراري بسرعة فائقة، وهو ما يؤدي إلى انكشاف سطحها المعدني وتفاعله مباشرة مع زيت القلي. ويشار إلى أن هناك أنواعا كثيرة من المقالي تمتاز بجودة عالية كتلك المحتوية في منتصفها على دوائر حمراء اللون تتحول إلى دائرة واحدة تحمر عند وصول زيت القلي إلى درجة حرارة مناسبة، زيادة على المقالي الكهربائية. وعند وضع الزيت في المقلاة يجب تسخينه على نار هادئة لتفادي احتراقه وتصاعد الأبخرة منه، إذ يدل ذلك على أن الزيت أصبح مسرطنا وغير صالح بتاتا للاستخدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى