الرئيسيةخاص

هكذا ساهم حصار قطر في تحقيقها للاكتفاء الذاتي من لحوم الدواجن والبيض 

الأخبار في قلب مزرعة بلغت تكلفتها 113 مليارا وتضم وحدات إنتاجية مندمجة ومختبرا متطورا

الدوحة: سفيان أندجار

سيبقى تاريخ يونيو 2017 ماثلا في تاريخ قطر، فقد كان بداية جديدة من منطلق مؤلم للغاية. فبينما كان الحصار الخليجي انطلق، يتغيى تطويق الدوحة، إذا به يعطيها دفعة أقوى نحو أفق جديد. فهم القطريون أن عليهم بناء دولة جديدة، بأسس مغايرة تنبني على الاكتفاء الذاتي.

«مزرعتي».. مشروع برؤية بعيدة المدى
رغم أن فكرة مشروع «مزرعتي» جاءت في زمن من الأزمة، غير أنها سرعان ما لاقت الاستحسان، وجاء تنزيلها على أرض الواقع بسرعة أكبر من المتوقع؛ ذلك أن التنفيذ كلف فقط 13 شهرا، وذلك على مساحة مليوني متر مربع، وبمبلغ يفوق 400 مليون ريال قطري، وهو ما يعادل 113 مليون دولار (حوالي 113 مليار سنتيم مغربي).
ولأن القطريين أرادوا لهذا المشروع أن يكون رياديا بحق، ويؤتي أكله بالإسهام في تحقيق الاكتفاء الذاتي على الأرض، فإنهم أعدوا له العدة كي يستفيد من أحدث الآليات المستثمرة، على المستوى العالمي، في مجال إنتاج الدواجن على الخصوص، وجملة من المنتوجات الأخرى ذات الصلة، فضلا عن منتجات زراعية أخرى.
ومن حسنات المشروع، الذي أشرفت على التخطيط له وإنجازه المجموعة الوطنية للإنتاج الزراعي والحيواني؛ أنه جاء مندمجا، أي عبارة عن سلسلة يشد بعضها بعضا لإنتاج الدواجن، ولكن، أيضا، للاستفادة من مخلفاتها في صناعات ذات صلة بالزراعة وغيرها، وعلى سبيل المثال تلك الأسمدة المعدة لمساعدة أنواع فلاحية على النمو، والأخرى التي تستعمل في أكلات الحيوانات الأليفة.

المانع: هدفنا الإسهام في الاكتفاء الذاتي
يقول عبد الرحمن حمد المانع، وهو رئيس مجلس إدارة المجموعة الوطنية للإنتاج الزراعي والحيواني، في حديث سابق، بشأن مشروع «مزرعتي»: «إن الهدف منه هو المشاركة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدواجن الطازجة في قطر، عبر منتج ذي جودة عالية قادر على منافسة منتجات أخرى في أراضيها»، ويضيف في السياق نفسه: أن «مزرعتي» تضم ثماني وحدات صناعية عالية التقنية، تشكل نظاما بيئيا متكاملا مبنيا على دورة إنتاج كاملة، تضمن تقديم الأعلاف النباتية الخالية من المواد الكيميائية والمضادات الحيوية المضرة بالصحة»، وهو ما ينسجم مع الرؤية القطرية في شموليتها، والتي تستهدف تجاوز الحصار وتحييده تماما.
ويؤكد مواطنون قطريون التقتهم «الأخبار» في أكثر من مكان، على هامش تغطيتها لفعاليات الدورة السابعة عشرة لبطولة العالم لألعاب القوى، أن الحصار، وإن كان جائرا، فإنه قدم لهم خدمة كبيرة، باعتبارهم شعبا طموحا، بقيادة أكثر طموحا، موضحين، وإن بأسى عميق، أن الحصار لم يكن متوقعا بالمرة، وأن ما زاد المرارة كونه حدث من الأخوة الجيران، وفي عز شهر رمضان. ثم يقولون، كل بطريقته، إن الحصار دفعهم إلى البحث عن حلول تنهي التبعية للغير، وتجعل البلد يعتمد على نفسه في مجالات عديدة، وعلى الخصوص في المجال الزراعي، وضمنه الحيواني (اللحوم البيضاء والحمراء)، مشيدين، بشكل خاص، بمشروع «مزرعتي» الذي صار بالنسبة إليهم مشروعا وطنيا يستحق التنويه.

مشروع مندمج بدورة إنتاجية متكاملة
لم يفكر منجزو مشروع «مزرعتي» بمشروع جزئي، بحيث يعتمد مرة أخرى على المنتوج الأجنبي، أو على منتوج مكمل من مصنع آخر، بل قرروا، ومن البداية، أن يكون مشروع «مزرعتي» دورة إنتاجية مندمجة؛ أي أنها تتألف من وحدات يكمل بعضها البعض، وهو ما أشار إليه تقرير إعلامي سابق، حين أوضح أن ««مزرعتي» تتشكل من عدة مراحل إنتاجية، يعد أحدها للآخر، بحيث يصبح المنتوج النهائي شاملا».
وهكذا، فإن الزائر لـ«مزرعتي» سيجد نفسه إزاء «مؤسسة مندمجة»، لا تهتم فقط بتوفير اللحم الطازج من الدواجن، بل بأشياء أخرى كثيرة، من قبيل أعلاف الدواجن والأسماك والمواشي، وذلك بطاقة إنتاج تبلغ 160 طنا في السنة، وهي الطاقة الإنتاجية التي تستغل منها «مزرعتي» حوالي 25 في المائة لإعداد دواجنها، فيما تباع البقية لمشروعات غيرها.
تبقى الإشارة، فقط، إلى أن هذا المشروع الوطني بامتياز ليس معزولا كلية عن المنتوج الأجنبي، حيث يقوم في الأساس على البيض المستورد من بلجيكا لغرض إنتاج الصيصان، وهناك وحدة أقيمت لهذا الهدف، وتشتغل بطاقة 14 مليون صوص (فلوس). وللقارئ المغربي أن يتصور حجم المشروع بالقياس إلى هذا الرقم الكبير للغاية.

لحم دواجن طازج للاستهلاك المحلي
بين مواقع التربية والمسالخ والتعبئة والتوزيع على محلات البيع، توجد دورة إنتاج عبارة عن سلسلة ذات دقة عالية، يسهر عليها عاملون أكفاء وقيمون بخبرات كبيرة جدا، يوفرون 6000 دجاجة في الساعة.
ولأن «مزرعتي»، وهو اسم يدل لوحده على الانتماء، والروح الوطنية وتحدي الحصار، تقوم على أساس منتوجات متنوعة ضمن دورة إنتاجية واحدة، فإنها تضم مصنعا للسماد العضوي، وهو ذلك الذي يعمل على تحويل فضلات الدجاج إلى أسمدة.
ويؤكد تقرير إعلامي أن التحويل يقوم بداية بـ«تجفيف هذه الفضلات ثم طبخها تحت درجة حرارة عالية جدا، مع إضافة بعض المواد، ثم يتم كبسها في شكل حبيبات كسماد عضوي مميز يستعمل في الزراعة».
وبما أن مشاريع من هذا القبيل تعتني أيما اعتناء بنظافة المنتوج، خاصة أنه يعد للاستهلاك، فإن وجود مختبرات للتحليل وإعداد التقارير بهذا الخصوص لكل غاية مفيدة أمر لا مناص منه، ولذلك فإن «مزرعتي» تحتوي على مختبر كبير بمعدات ذات جودة عالية جدا، وهو المختبر الذي يعد بنفسه مفخرة من مفاخر قطر، فضلا عن كونه واسطة العقد في مشروع «مزرعتي»، بما أنه محطة ضرورية في كل مراحل الإنتاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى