الرئيسية

هل أنت سعيدة؟ 

قليلا ما نطرح على أنفسنا أسئلة من هذا القبيل، ربما خوفا من الإجابة أو هروبا إلى الأمام حتى لا نصطدم بدواخلنا، فنختار تجاهلها والابتعاد عنها قدر المستطاع.. نخشى اكتشاف حقيقة تعاستنا فنزداد تعاسة، نخشى أن ندرك خطأ اختيارنا الذي تشبثنا به فنكره جهلنا، نخشى أن نجيب «لا لسنا سعيدات في ما نحن فيه»، فنكره عجزنا عن تغييره!
يختلف مفهوم السعادة من شخص لآخر، من فتاة لأخرى، فما تجدينه أنت منبع سعادة لك هو عند الأخرى لا قيمة له، وما تحبه الأخرى هو منبع تذمر عندك، لكن الأهم أن تعثري على الشيء الذي  يمنحك الشعور بالرضا والطمأنينة والأمان والسلام والقناعة حتى تتشبثي به، رغم ما تجدينه من كلام يوهمك أنه ليس مهما أو تافه أو ثانوي، أن تناضلي من أجله لانقطاع النفس، أن لا يمنعك عنه عمر يتقدم ولا سنوات تمر ولا أناس سلبيون ينالون من عزيمتك.
تواجهنا تحديات كبيرة فنختار طريقا نسلكه لتجاوزها، وعند اختيارنا لهذا الطريق نضع نصب أعيننا كلام الناس، ردود أفعالهم، ثرثرتهم.. فيصبح اختيارنا مجرد تلبية لما يتوقعه الناس منا، تنزيلا لما يتصورونه بعقولهم الصغيرة وألسنتهم الكبيرة عنا.
تعيش إحداهن مع زوج يذلها صباح مساء، ولأنها تخشى صفة المطلقة في الموروث الجماعي وما لها من دلالات غبية، تختار أن تستمر ذليلة بلا شأن لإرضاء المجتمع، تغلق فمها وتلغي قلبها وعقلها وتستسلم لواقعها وتنسب الأمر للقضاء والقدر، ولا تجرؤ أن تسأل نفسها: «هل أنا سعيدة مع هذا الرجل؟» فتموت هي ويحيى الموروث التافه.. ولو أنها اختارت حريتها لربحت كرامتها أولا.. وسعادتها ثانيا.
توضع فتاة في مفترق طرق ما بين اختيار التوجه العلمي الذي يناسبها أو الذي يناسب محيطها،  فتضطر لاختيار ما يوافق هوى والديها والعائلة والجيران وما يمنحهم الفخر، لا ما يجعلها هي فخورة ومرتاحة، فتعيش داخل مجال لا تريده، ولا تحبه، ولا تبدع فيه.. لتصبح مجبرة على العيش في دوامة روتين سخيف، وفي عمل لا شغف لها به، تفقد فيه روح الإبداع وجمال العطاء، لا هي تستطيع أن تحبه ولا هي تقدر أن تغيره.. تغمض عينيها وتستسلم للتيار، لا تطرح أبدا على نفسها السؤال الشاق: «هل أنا سعيدة بعملي هذا؟»، تخشى الإجابة، فتختار الاستمرار داخل الكآبة التي تغلفها في عمل تكرهه.
ألسنا مسؤولات عن سعادتنا أمام أنفسنا؟ هل يعقل أن نقتل كل أمل داخلنا في أن نعيش سعيدات لإرضاء طرف آخر كيفما كانت مكانته عندنا؟ ألا يحق لنا أن نناضل من أجل حياة نشعر فيها بالرضا الكامل والسلام الداخلي التام؟ إلى متى سنهرب من ذواتنا حتى لا نُحرج أمامها بسبب اختياراتنا البئيسة التي لا نملك الجرأة على تغييرها؟
عزيزتي، فلتتوقفي عن كل التبريرات الصغيرة، ولا تتوهمي أن الأمر لا قيمة له في حياتك، لا تكذبي على نفسك ولا تقفي حاجزا بين عقلك والتفكير في مدى رضاك عما أنت فيه.. غيِّري ما يجب تغييره، امنحي لنفسك السعادة التي تستحقها، ابتعدي عمن يحاول إقناعك بأن العمر قد مضى وأن الوقت لا يسمح، وأنه يجب أن تتأقلمي مع ما منحك القدر رغم شعورك بعدم الرضا. توقفي عن الهروب، فيوما ما ستنفجر في وجهك البالونة التي تدفنين فيها رضاك عن حالك وسعادتك بما أنت فيه، لتجدي نفسك خالية من أي شعور جميل، لا يملؤك سوى الملل ولا تحيط بك سوى سحابة الكآبة.
واجهي، قاومي.. لا أحد يستحق أن تستمري لأجله في الاتجاه الخطأ، ابحثي عن مكمن الخلل الذي يجعل حياتك جحيما لا يطاق، واشطبيه للأبد، إن كان الطريق الذي سلكته لا يسبب لك سوى التعاسة، فلتغيريه وأعيدي اختيار الطريق الذي يجعلك راضية وأنت تنظرين لنفسك أمام المرآة، لا تتنازلي ولو وبخك الجميع، اخلقي لنفسك الفرصة الذهبية لكي تكوني في سلام مع ذاتك ولا تنتظري أن يقدمها لك أحد.. ناضلي من أجلك، من أجل سعادتك، من أجل راحتك، ناضلي لكي تكون حياتك قصة تستحق أن تروى لأحفادك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى