الرأي

هي وهو.. محاولة للفهم 

هي
أفهمك، ربما ليس بقدر نفسك، لكني أكتفي بصمتي الذائب في صمتك، وأرقبك من بعيد وأنت غير قادر على الاستمرار في ذلك الطريق المزهر الشائك، ولم تعد تملك خيار الرجوع لأنك انغمست وطال انغماسك.
الندم غال حين ندفع ثمنه لمرات، والخيبة والهزيمة طعمهما مر على من ألف مذاق العسل.
لا دخل لي في اختياراتك، لكنها حتما ضرب من العبث وهاوية أعمق من أن يتخيلها الحدس، فقدت المفتاح وصعب أن تبرح المكان.. تدور بين الزوايا والأركان، وتقنع نفسك بأن الحيطان سند وأن الظلام سكن، وأن الوطن قد يكون هناك.. لكنك مغترب لا محالة  من نفسك ومن مبادئك، تمعن النظر في الخطأ وقد تفهم أنه خلق ليكون مؤقتا لا لأن يصير مبدأَ وقانونا، يحكم عقلك ويسجن جسدك ويمنعك من مغادرة ترابه إلى سماء التوبة وإلى أرض الضمير.
أعلم أنك فقدت تلك السيطرة اللعينة على فرامل قطعتها لحظة ضعف، فخذلت قوة محركك ولم تعد محتاجا للوقود  من شدة انحدار المسار، فلا عدت قادرا على الوقوف ولا بت مستعدا للتنازل عن مركبتك الثمينة، ولم يهن عليك جسدك لترمي به على قارعة الطريق، فبقيت متوجها نحو الهاوية وتركتني أسبقك إلى ألم الوصول..
هو
أفهمك، ستبقين هكذا بريئة في عالم الخطيئة، يا صغيرتي، افتحي عينيك وانظري جيدا من حولك، لا توجد تلك الورود سوى في خيالك، العالم غابة كبيرة أشجارها تمنع الشمس من الوصول، ولست مرغمة على قطع كل الأشجار، ولم يطلب منك أحد أن تأتي بالشمس من مكان آخر.. قفي حيث أنت ولا تدخلي بفستانك الأبيض إلى هنا، أنا لم أطلب منك أن تتبعيني حيث السواد.
عزيزتي.. الطريق الصحيح طويل حقا وليس ذنبك أن اخترت كل هذه المسافة، و أنت غير مجبرة على البكاء.. لا تبكي لأني لم أسلكها معك، الحياة خيارات أصعبها عدم إيمانك بوجودها، عدم اقتناعك بأنك ذات فكر سليم في عالم تفكيره أعوج، الاستسلام للنسيان حل سليم وهو ليس برضوخ للضعف، إنه قوة احتمال.
اعترفي بأنك مدينة لي قبل أن أكون أنا المدين، وسيري لأني دفعتك للمسير ولا تلتفتي، لم أعد حاضرا في بيتك الصغير المنمق. ستنظرين من وراء زجاج النافذة أو من شرفتك الأنيقة، ستذكرين أنك وهبتني أكثر مما أستحق، وأنك كنت سخية في الحب وأهدرت كل حنانك.. أغمضي عينيك الآن وانتفضي وأنت تشعرين بوجودي غير الكائن، أفيقي بعدها من حلمي فأنا بت خارج الوجود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى