الرئيسية

أحمد ريان.. زوج بديعة ريان التي منحها قلبه واسمه العائلي وناضلا سويا ضد البصري

لم تكتف المذيعة المغربية بديعة الفاسي بالارتباط بزميلها في مهنة المتاعب أحمد ريان، بل نالت اسمه العائلي وأصبح الجميع يعرفها بـ«بديعة ريان»، فيما ظلت شقيقتها لطيفة، مقدمة النشرات الإخبارية بالإذاعة والتلفزيون، محافظة على لقب الفاسي. وعللت بديعة هذا التعديل برغبتها في الاختلاف عن اسم شقيقتها لطيفة التي كانت تشتغل معها بالدار والصفة نفسيهما، وسعيها لإزالة اللبس وتجنيب المستمعين الخلط الذي ربما يصادفهم بسبب عملها مع شقيقتها لطيفة داخل المؤسسة ذاتها.
ولد أحمد ريان سنة 1932 في فاس، واجتاز مباراة الالتحاق بالإذاعة سنة 1953، نجح فيها بتقدير جيد جدا، حيث شغل وظيفة مترجم ومحرر ومذيع، قبل أن يصبح رئيسا لمصلحة الموسيقى. وانتقل بين مختلف المصالح من قبيل مصلحة البرمجة بالتلفزة ومصلحة مراقبة البرامج التي ترأسها، كما أشرف على رئاسة محطة إذاعة طنجة وعمل بمصلحة العلاقات الخارجية وبديوان وزير الثقافة وديوان وزير البريد والتلغراف، إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1992.
خارج رحاب الإذاعة والتلفزة التقى أحمد ببديعة، فأعجب بها من أول نظرة، ليقررا الزواج بعد عامين من التحاقه بالعمل، وهو حينها في طور تكوين شخصيته الإعلامية، بدعم ومساندة من رواد الإذاعة الأوائل، أمثال عبد الحفيظ الفاسي وعبد المغيث الفاسي وعبد الله شقرون وإبراهيم النظيفي ومحمد بنددوش ومحمد المفضل الصنهاجي وحمادي عمور.. كان الشاب أحمد سعيدا وهو يعين لتسجيل الساعة الناطقة بألمانيا، إذ ظل صوته حاضرا في ذهن المغاربة ينبههم إلى الوقت وأهميته.
وكان أحمد ريان شاهدا على مرحلة مهمة من تاريخ الأغنية المغربية، حين أشرف على مصلحة الموسيقى والألحان، إذ شهد ولادة العديد من الروائع الغنائية، وكان له الفضل في اكتشاف كثير من المواهب أمثال الراحل عبد السلام عامر والإخوة ميكري، بل إنه عاش تجربة انطلاق البث التلفزي المغربي في نشأته الأولى صحبة ثلة من الإعلاميين، أمثال محمد بناني، والطيب الإدريسي والطاهر بلعربي والصديق معنينو.
أعجبت الشابة بديعة بخصال أحمد، وخاصة سعيه إلى فعل الخير والعمل على فض النزاعات التي كانت تحدث في العمل، كما سقطت في حب فصاحته اللغوية وقوة صوته وطلاقة لسانه، ووسامته وأناقته.. فكان الارتباط من أول نظرة وزواج أثمر أربعة أبناء: (صلاح الدين، وهو مهندس معماري)، (وفاء، مديرة مدرسة بكندا)، (فدوى، صيدلانية) و(فاتن، إعلامية).
اشتغلت بديعة ريان في سن مبكرة في بعض الوصلات الإشهارية، وشاركت عام 1957 في عملين سينمائيين للمخرج الفرنسي ريتشارد شوني، حيث كانت أول امرأة مغربية تقف أمام الكاميرا، رفقة زوجها، أحمد ريان والفنان حمادي التونسي والراحلين العربي الدغمي ومصطفى الكنفاوي، كما تنقل الزوجان وأبناؤهما بين الرباط وطنجة، خاصة بعد أن عين أحمد رئيسا لمحطة إذاعة طنجة، قبل أن يعود للعاصمة لشغل مناصب في دواوين وزيري الثقافة والبريد.
رافق أحمد زوجته في محنتها، خاصة في صراعها مع إدريس البصري حين كان يحكم قبضته على الإعلام، وظل الزوج يؤازر زوجته في معركتها التي انتهت بتوقيفها عن العمل لمدة عامين. تقول بديعة في مذكراتها «هذه أنا»، التي تحكي فيها أسرار مسيرتها الإعلامية والفنية، إنها توقفت عن الاشتغال في المجالين الإعلامي والسينمائي منذ 1986، بعد أن تعرضت لتعنيف معنوي من طرف إدريس البصري عبر مدير التلفزيون آنذاك طريشة.
صدر قرار بطرد كل من بديعة ريان ولطيفة القاضي وخديجة المراكشي ولطيفة الفاسي، لرفضهن التعامل مع التحول الجديد الذي جعل الإعلام تحت وصاية الداخلية. وتعرضت بديعة ورفيقاتها للطرد لمدة عامين، وظلت أسيرة بيتها لا تجرؤ على مغادرته خوفا من جبروت البصري ورجالاته، وحين عادت بديعة إلى التلفزيون سنة 1988، بقرار ملكي، لم تتوقف المضايقات عبر تجميد الوضعية الإدارية لها إلى الأدنى.
التفت الملك الراحل الحسن الثاني لوضعية الزوجين، ودعاهما للمثول بين يديه، بل قرر إرسال بديعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي العلاج على نفقته، بعد أن علم بحجم الحيف الذي لازمها من البصري ومن طريشة، العامل الذي أدار قطاع الإذاعة والتلفزيون بمنهجية أمنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى