شوف تشوف

الرئيسية

أدوات مدرسية تهدد صحة التلاميذ المغاربة

كوثر كمار
قلم الرصاص والممحاة أداتان ضروريتان لا يمكن الاستغناء عنهما في المدارس المغربية، إلا أن هاتين الأداتين قد تشكلان خطرا على صحة التلاميذ، خاصة أن نسبة مهمة منتشرة بالأسواق رديئة الصنع ومجهولة المصدر وتعرف إقبالا كبيرا من قبل الأطفال بسبب تصميماتها المغرية وسعرها البخس. فمن أين تأتي هذه الأدوات؟ وما هي خطورتها على صحة الأطفال؟ وكيف يمكن تجنبها؟ أسئلة وأخرى يجيب عنها التحقيق التالي.
يغزو السوق المغربية كم هائل من الأدوات المدرسية المجهولة المصدر، فضلا عن تلك القادمة من الصين، والتي يتراوح سعرها ما بين نصف درهم وثلاثة دراهم، مما يشجع أولياء التلاميذ على شرائها.
وأكدت العديد من الأبحاث والدراسات أن أقلام الرصاص والمماحي تتكون من مواد مسمومة
ورديئة تنتقل إلى ذوات التلاميذ وتشكل خطرا على حياتهم.
فاطمة أم تلميذ يدرس في القسم الثاني من التعليم الابتدائي، أصيب ابنها بحساسية الأنف بسبب ممحاة رديئة.
وتحكي الأم في حديثها لـ “الأخبار”، أن ابنها كان يستعمل ممحاة اشتراها بنصف درهم من أحد الأسواق الشعبية، فبمجرد ما كان يستخدمها تتفتت الممحاة وفاحت منها رائحة قوية.
قبل أن تضيف أنه عندما انتشق رائحة الممحاة بدأ في العطس، وبعد عرضه على طبيب مختص تبين أنه أصيب بمرض الحساسية.

الأدوات والحساسية
عدد من التلاميذ غالبا ما يصابون بأمراض نتيجة استعمالهم لأدوات مدرسية مجهولة المصدر، وبعضهم لا يعلم أولياء أمورهم بذلك إلا بعد مدة من إصابتهم. هدى هي الأخرى أصيب طفلها بالحساسية بسبب ممحاة مجهولة المصدر، وتحكي هدى أنها اعتادت على شراء المستلزمات المدرسية لابنها من الأسواق الشعبية، حيث تباع بنصف درهم. إلا أنها لم تكن تعتقد أنها ضارة بالصحة، خاصة أنها ليست موادا غذائية تقتضي الاحتطياط والحذر من كونها تشكل خطرا على الصحة عندما تستوفي مدة صلاحيتها.
وتضيف هدى أنها اشترت لابنها الذي يدرس في السنة أولى ابتدائي، ممحاة على شكل دب أحمر اللون، فعندما استعملها فاحت منها رائحة قوية وكريهة فبدأ في العطس.
وتردف أن ابنها كان يلهو بالممحاة ويضعها في فمه مما أدى إلى إصابته بمغص حاد في بطنه.
تقول هدى بنبرة متحسرة:”العديد من أولياء الأمور يجهلون خطورة المستلزمات المدرسية المجهولة المصدر، فبسبب أداة قد تبدو بسيطة وغير مضرة قد يؤدي ذلك إلى ما لا يحمد عقباه. فمنذ إصابة ابني بالحساسية من جراء ممحاة تباع بنصف درهم أصبحت أشتري المستلزمات المدرسية ذات الجودة العالية والتي يعرف مصدرها بدل المغشوشة والرديئة”.

الممحاة
لا يستطيع التلاميذ الاستغناء عن الممحاة فهي تعد عنصرا مهما في محفظاتهم، إذ تعمل على مسح العلامات المكتوبة بقلم الرصاص، عن طريق رفع الجرافيت من الورقة، وتقوم آلية كتابة قلم الرصاص، على اختلاط جسيمات الجرافيت الناتجة عن قلم الرصاص وتعلقها بألياف الورق، ولأن جزيئات البوليمر في الممحاة أكثر لزوجة من ألياف الورق، تلتصق جسيمات الجرافيت بالممحاة بدلاً من التصاقها بالورق، علماً أن بعض المماحي تكون أكثر لزوجة من غيرها، مما يساعدها على امتصاص جزيئات الغرافيت بشكل أكثر سهولة، ويجعل عملية المحي أكثر نظافة وسلاسة.
حسب المصنعين، فإن المماحي كانت تصنع في السابق من الخبز الرطب، أما حاليا فتتم صناعة المماحي الحديثة من مركبات المطاط الاصطناعي المشتق من النفط، حيث يتم تصنيعها عادة من مركب كلوريد البولي فينيل، وقد تم التوقف عن استعمال المطاط الطبيعي في صناعة المماحي، كونه يثير حساسية بعض الأشخاص إلا أن البعض مازال يستخدمه، وأكد عدد من المستهلكين أن المماحي الموجودة في أعلى قلم الرصاص العادي ذات اللون الوردي عادة خاصة المجهولة المصدر، تعتبر من أسوأ أنواع المماحي، كون قوامها الصلب، يجعلها تلتصق على الورق، وتترك خلفها خدوشاً عند استعمالها، كما يمكن أن تمزق الورق أو تحدث فيه ثقوباً صغيرة مكان الاحتكاك، كما أنها تبدأ بالتفكك عند استعمالها، مما يتطلب نفخها عن الورق أو حكها بأداة خشنة لإزالة آثارها العالقة. وتنتج عن هذه المماحي حساسية حادة بالنسبة لبعض الأطفال الذين لا يتحملون رائحتها القوية.

أقلام الرصاص الرديئة
تجذب العديد من الأقلام الملونة وأقلام الرصاص الأطفال بسبب أشكالها المثيرة، فهناك أقلام عليها رأس دمية لأشهر الرسوم المتحركة. غير أن هذه الأقلام قد تشكل خطورة على صحة الأطفال بسبب قضمها. وكشف عدد من الخبراء أن بعض الأقلام تحتوي عل 24 عنصرا كيميائيًا هي “سيليكا، تيتانيوم، ألومنيوم، أكسيد الحديد، أكسيد منجنيز، أكسيد ماغنيسيوم، أكسيد كالسيوم، أكسيد صوديوم، أكسيد بوتاسيوم، أكسيد فسفور، أكسيد كبريت، كلور، كربون، نيكل، كروم، نحاس، زنك، رصاص، الزركونيوم، زرنيخ، الموليبدنوم، نيوبيوم، رابيديوم، سترونشيوم”. ونبه الخبراء على ضرورة الأخذ في الاعتبار أن أقلاما تخضع للمعايير القياسية المشار إليها بـ(EN – 3) 3123 وهي المعايير المعتمدة أوروبيا والخاصة بأدوات الاستخدام والعناية بالطفل وأدوات المائدة والتغذية، مع الحفاظ على اشتراطات الأمان التى أعدتها اللجنة الفنية الخاصة بمستلزمات ولعب الأطفال الأوروبية، لأنها تتعامل مع أقلام الرصاص بنفس معاملة وشروط لعب الأطفال، على اعتبار قربها من الطفل وطريقة تعامله معها ووضعها فى فمه. إلا أن الأقلام الرديئة والتي تدخل عن طريق التهريب لا تحترم المعايير
والمواصفات الصحية. وأكد العديد من الأطباء أن الرصاص يتسبب فى بعض الأعراض المرتبطة بالجهاز العصبي خاصة لدى الأطفال، فهو يهاجم الدماغ والجهاز العصبي المركزي بشكل مباشر ويسبب الغيبوبة والتشنجات، وقد يُصاب الأطفال بالتسمم الحاد بالرصاص وبالتخلف العقلي والاضطراب السلوكي، كما يؤثر الرصاص تحديدًا على نمو دماغ الطفل مما يؤدى إلى هبوط معدل ذكائه وتغيرات في سلوكه، مثل تقصير مدى الانتباه وزيادة السلوكيات المعادية للمجتمع وانخفاض مستوى التحصيل العلمي، كما يتسبب التعرض للرصاص لفترات طويلة فى الإصابة بفقر الدم وارتفاع ضغط الدم وتسمم جهاز المناعة والأعضاء التناسلية، وبعض الاضطرابات العصبية والسلوكية مثل بطء في الإدراك، ألم وتنميل فى الأطراف، صداع، أرق، تغير في المزاج، الإحساس بطعم المعدن في الفم، وفقدان الشهية.

تسمم الأطفال
يؤدي قضم أقلام الرصاص إلى ارتفاع مستويات الرصاص في الدم لدى الأطفال، وهوالأمر الذي حدث في الصين، البلد الذي تأتينا منه العديد من الأدوات المدرسية، إذ يدخل البعض منها إلى المغرب عن طريق الحدود المغربية الجزائرية.
خلال السنة الماضية، أصيب أكثر من 300 طفل بتسمم بسبب أقلام الرصاص، وذكرت صحيفة “غلوبال تايمز” التي تصدر عن صحيفة الشعب التابعة للحزب الشيوعي الحاكم في الصين أن المصنع الواقع في بلدة دابو بمقاطعة هونان الجنوبية أغلق بعدما كشفت فحوص عن ارتفاع مستويات الرصاص في دماء أكثر من 300 طفل.
ونقلت الصحيفة عن سو جن لين، رئيس حكومة دابو قوله إن الأطفال أصيبوا بالتسمم بسبب “قضم أقلام الرصاص” على الرغم من أن المادة المستخدمة في صنع الأقلام هي الغرافيت وليست الرصاص.
وذكر التقرير أن الحكومة فتحت تحقيقا مع صاحب مصنع الكيماويات ووكالة الحماية البيئية المحلية.
وتتابع وسائل الإعلام الصينية من حين لآخر حالات مشابهة.

أقلام رصاص تصيب التلاميذ بالتخلف العقلي والحساسية
أجرى المعهد القومي لبحوث في تشيكوسلوفاكيا بحوثا في مجال تحليل الأقلام المطروحة في الأسواق لمعرفة درجة احتوائها على المعادن الثقيلة طبقا للمعدلات العالمية السمية.
وحذرت الدراسة من قضم الأقلام ومصها منعا من وصول هذه لعناصر عبر الفم وبالتي انتقالها إلى السائل اللعابي ومنه إلى الدم ومن هنا تبدأ المشاكل الصحية.
وكشف مروان سالم، الصيدلي العربي والباحث في علم الدواء، عن أضرار خطيرة في الأدوات المدرسية المغشوشة، قائلا: “أقلام الرصاص والممحاة بها سم قاتل وخطر داهم على أطفال وتصيبهم بأمراض التخلف العقلي والبلادة وتشنجات عصبية وأمراض الدم، وتقليل معدلات الطول بين الأطفال، إلى جانب التأثير على نمو العظام والتسبب في غيبوبة والتهابات في الجلد وصداع لبعض الأطفال.
وأضاف مروان، خلال مداخلته الهاتفية ببرنامج «ست الحسن» المذاع عبر فضائية «أون تى في»، أن التكوين الداخلي لأقلام الرصاص يحتوي على مواد من الكربون والجرافيت، الذي يحتوي على مواد كيميائية ثقيلة مثل التيتانيوم وأكسيد الحديد والمغنسيوم والزرنيخ، والتي تسبب الأضرار الصحية للتلاميذ، مضيفا أن استنشاق التلاميذ لهذه المواد خلال الكتابة تهاجم خلايا الدماغ والجهاز العصبي وتتسبب في الأمراض سالفة الذكر.
وحذر الباحث في علم الدواء أولياء الأمور من خطورة الأقلام والأدوات المدرسية المغشوشة على التلاميذ، مشيرا إلى أن الأقلام المستوردة من الصين تحتوي على مواد خطيرة تسبب تشوهات في الحيوانات المنوية للكبار والتأثير على نمو الخصيتين والخصوبة لدى الأطفال.
هذا وقد حذرت دراسات طبية من إصابة الأطفال بالحساسية والربو والأمراض السرطانية بسبب استخدام الأدوات المكتبية والمدرسية غير المطابقة للمواصفات القياسية.
وتؤكد الدراسة أن الأدوات المدرسية التي يضعها الطفل داخل فمه مثل القلم والممحاة وكذلك المسطرة وبخاصة المصنعة من المواد البلاستيكية وبها مواد كيميائية ومنها مادة الرصاص، وهذا أمر خطير على الصحة، لأنه قد يسبب تخلفا عقليا ويؤثر على الجهاز العصبي للشخص وهناك عادة لدى التلاميذ والصغار منهم وهي عض أو خربشة بعض الأدوات، بالإضافة إلى أن تداولها فيما بينهم يساعد في انتشار الميكروب والعدوى. ويعود سبب قضم الأقلام حسب دراسات طبية إلى الحرمان العاطفي أو القلق والتوتر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى