الرئيسية

أزواج مغاربة يلجؤون إلى مراكز خاصة للحصول على أطفال الأنابيب

كوثر كمار
يلجأ عدد من الأزواج العاجزين عن الإنجاب بشكل طبيعي إلى عيادات طبية خاصة بهدف الحصول على «أطفال الأنابيب»، وذلك عن طريق تلقيح البويضة بالحيوانات المنوية بعد فترة طويلة من العلاج الهرموني الذي تخضع له الزوجة، أو حقن حيوان منوي واحد بالبويضة»، بالإضافة إلى التلقيح الاصطناعي، إذ يتم من خلاله تحضير مني الزوج ووضعه في التجويف الرحمي لزوجته.
وبالرغم من تكلفة هذه العملية الباهظة غير أن الحالمين بالإنجاب يبيعون الغالي والنفيس من أجل احتضان أطفالهم.
فكيف تجرى هذه العمليات؟ كم هي تكلفتها؟ وما هي مضاعفاتها على صحة المرأة والجنين؟ أسئلة وأخرى نحاول أن نجيب عنها من خلال هذا التحقيق.
مر ربع قرن على دخول التقنية المتمثلة في إجراء إخصاب خارج الرحم إلى المغرب، حيث أثمرت أول طفلة أنابيب وهي تبلغ من العمر حاليا 25 سنة.
وكان قد أشرف على هذه التقنية البروفيسور يوسف بوطالب، الطبيب المغربي الذي يمارس تقنيات التلقيح بمساعدة طبية، بعد سنوات من المحاولات وأبحاث متقدمة، مما فتح الباب لإنجاب مئات المواليد لدى أزواج مصابين بالعقم وصلوا إلى درجة اليأس.
وتصل نسبة الأزواج الذين يعانون من العقم في المغرب حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، إلى ما بين 10 و15 في المائة، 50 في المائة لدى النساء و50 في المائة لدى الرجال وتم تسجيل ما بين 400 و500 محاولة لعلاج العقم في السنة.
لكن بسبب غياب التغطية الصحية عن نفقات تشخيص وعلاج ضعف الخصوبة تضطر بعض الأسر إلى بيع ممتلكاتها أو الاقتراض من أجل تسديد مصاريف العلاج الباهظة.

مقالات ذات صلة

أطفال الأنابيب
يتم الحمل عن طريق الأنابيب من خلال عملية تخصيب البويضات خارج الرحم، حيث يتم سحب البويضات من المبيض، ثم تلقح البويضة خارج الرحم وتوضع في رحم المرأة.
سحر سيدة تبلغ من العمر 35 سنة، خاضت تجربة التلقيح الاصطناعي والتي أسفرت عن حملها بطفلها الأول.
ترددت سحر طويلا قبل الخوض في تفاصيل العملية، خاصة أن الموضوع مازال يدخل ضمن الطابوهات.
وتحكي محدثتنا أنها عانت كثيرا بسبب عدم قدرتها وزوجها على الإنجاب، فبالإضافة إلى تناولها للأدوية جربت جميع أنواع الأعشاب غير أن ذلك لم يجدي نفعا، إلا أن نصحها طبيب مختص في طب توليد النساء بإجراء عملية التلقيح الاصطناعي. وتضيف سحر أنها اضطرت إلى بيع سيارتها حتى تتمكن من تسديد مصاريف العلاج، والتي تجاوزت 25 ألف درهم.
رغم ارتفاع تكلفة عملية التلقيح وعدم استفادة الزوجين من التغطية الصحية، إلا أن حلم سحر في أن تصبح أما لا يضاهي الأموال التي صرفتها من أجل حمل فلذة كبدها.

مراكز التلقيح الاصطناعي
تجري عدد من المصحات الخاصة عمليات التلقيح الاصطناعي غير أنها باهظة الثمن مما يجعل الإقبال عليها ضعيف.
رحمة ممرضة بمصحة متخصصة في توليد النساء كشفت في تصريح لـ «الأخبار» أن التلقيح يشرف عليه أطباء أخصائيون وبيولوجيون خضعوا لتداريب متخصصة في المجال، وتجرى هذه العمليات داخل فضاءات أعدت خصيصا لهذا الغرض، تحترم مجموعة من الشروط الوقائية، موضحة أنه قبل استخراج البويضة من داخل رحم المرأة، تخضع لمجموعة من الفحوصات القبلية لتهييج البويضة بهدف خروجها من الرحم، في أفق إخصابها اصطناعيا من قبل حيوان منوي لزوجها، بعدما استكملا كل الشروط الإدارية المتبعة في هذا الإطار وتصل مدة الاحتضان إلى 36 ساعة.
وبالإضافة إلى التلقيح وتنشيط البويضة فالحقن المجهري يعد جد فعال فحسب المتحدثة نفسها، العملية تتم عن طريق إدخال الحيوان المنوي مباشرة في البويضة، ويستعمل حيوان منوي واحد فقط وليس كما يجري في عملية أطفال الأنابيب التي يتم وضع عشرات الآلاف من الحيوانات المنوية بجانب البويضة، وتتم بهذه الطريقة حقن البويضة بعد إزالة الخلايا الملاصقة لها، وهذه الطريقة تعتبر المثالية والمفضلة حاليا، إذ تمكن من حدوث التلقيح حتى مع استخدام عدد قليل جدا من الحيوانات المنوية لذلك تصل تكلفة العملية إلى 30ألف درهم.

التأمين الصحي
يعجز عدد من الأزواج عن تسديد مصاريف علاج العقم، إذ إن الأدوية الخاصة بذلك غير معوض عنها، في إطار نظام التأمين الإجباري عن المرض، وفي هذا السياق كشفت الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة أن الوكالة الوطنية للتأمين الصحي مقبلة على إدراج الأدوية الخاصة بالمساعدة الطبية على الإنجاب في نظام التعويض عن الأدوية، معتبرة الخطوة إيجابية، في انتظار تنزيل باقي المطالب المتعلقة بالتغطية الصحية عن العلاجات والتشخيصات عن العقم وضعف الخصوبة.
وذكرت الجمعية أن الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، المؤسسة العمومية تعكف على دراسة حول الأعمال المرتبطة بالمساعدة الطبية على الإنجاب، التي ستدخل في إطار التأمين الإجباري عن المرض ومراجعة مصنفات الأعمال الطبية المهنية «NGAP – NABM»، مع الأخذ بعين الاعتبار التقنيات الحديثة للمساعدة الطبية على الإنجاب.
وقالت الدكتورة أمال ياسين، رئيسة مصلحة التنظيم والاستراتيجية بالوكالة الوطنية للتأمين الصحي، خلال الندوة الثالثة للعقم وضعف الخصوبة التي نظمتها الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة في كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء ماي المنصرم، إن المفاوضات حول التغطية الصحية للراغبين في الإنجاب مستمرة، منها تلك المتعلقة بالاتفاقية الوطنية مع المراكز الاستشفائية الجامعية التي صادقت على مقترحات الأثمنة، في انتظار موافقة المؤسسات التدبيرية للتوقيع عليها قريبا.
وأشارت الدكتورة أمال إلى مواصلة النقاش ذاته على مستوى مؤسسات القطاع الخاص عبر إدراج أعمال المساعدة الطبية على الإنجاب، والتوقيع عليها في الشهور الجارية.
واعتبرت الدكتورة أمال ياسين علاج ضعف الإنجاب وجميع الإجراءات المرافقة له من ضمن الأولويات التي ترمي، وفقها، إلى ضمان الولوج للعلاج لكافة الأزواج الذين يعانون من صعوبة في الإنجاب، في إطار الإنصاف وتكافؤ الفرص لجميع المؤمّنين»، فيما كشفت أن الأدوية المستعملة حاليا في علاج ضعف الإنجاب غير معوض عنها، في إطار نظام التأمين الإجباري عن المرض.
وأضافت رئيسة مصلحة التنظيم والاستراتيجية بالوكالة الوطنية للتأمين الصحي بأن الوكالة الوطنية تعمل على إعداد بروتوكولات العلاج المتعلقة بالمساعدة الطبية على الإنجاب مع الهيئات العلمية في إطار اتفاقيات شراكة، وعلى إسناد رقم وطني تعريفي للمهنيين والمؤسسات الصحية، واقتراح إجراءات الاعتماد لمراكز الإنجاب والخصوبة، واعتماد إجبارية نشر الإحصائيات من قبل مراكز الإنجاب والخصوبة حول مردوديتها ومستوى إنجازها.
ونوهت بعمل وزارة الصحة على برمجة مشروع قانون يحمل رقم «14-47» حول المساعدة الطبية للإنجاب، في إطار المخطط التشريعي للحكومة، معتبرة أن هذا القانون سيجيب على مختلف التساؤلات الأخلاقية والقانونية والدينية المطروحة حاليا «في محيط يعرف فيه التقدم الطبي والتقني تطورا بشكل دائم».

الحلم المستحيل
يفشل بعض الأزواج في تحقيق حلم الإنجاب رغم العمليات العديدة التي يخضعون لها لأسباب عديدة.
زهور، سيدة في عقدها الرابع أجرت العديد من العمليات الخاصة بالتلقيح الاصطناعي وأيضا الحقن المجهري، إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل.
وتحكي زهور خلال حديثها مع «الأخبار»، وعيناها مغرورقتان بالدموع أنها تناولت جميع أنواع الأدوية الخاصة بالعقم بالإضافة إلى الأعشاب لكن الله قدر لها أن تحرم من إحساس الأمومة. وتضيف أن زوجها رغم مرضها ساندها في محنتها ورفض الزواج بأخرى والتخلي عن قصة حبهما التي دامت لأزيد من عشر سنوات، بل شجعها على العلاج الطبي، إذ صرف حوالي 200000 ألف درهم، لكن من دون جدوى.
أكد معظم الأطباء الذين عاينوا الحالة الصحية لزهور أن نسبة نجاح العملية جد ضئيلة خاصة أنها في عقدها الرابع، غير أنها ظلت متشبثة بخيط الأمل الضعيف في أن تصبح أما يوما ما.

مضاعفات صحية
هناك العديد من المخاطر الصحِّية التي ينطوي عليها العلاج بالتلقيح الاصطناعي.
وأكدت الدراسات الطبية أن التلقيح الاصطناعي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث حمل متعدِد مما ينعكس على صحة الأم والطفل، وذلك لأنّ الحمل بتوأم أو بثلاثة توائم يجعله أكثَر عرضة للولادة قبل الأوان، ولنقص الوزن عند الولادة.
فحسب الدراسات أيضا يمكن للأدوية المستخدَمة لتحفيز المبيضين في أثناء عملية التلقيح الاصطناعي أن تؤدي إلى متلازمة فرط تنبيه المبيض، حيث يتضخم المبيضان ويصبحان مؤلمين، مما يؤدي إلى ألم في البطن، ويمكن للحالات الأكثر شدة أن تؤدِي إلى ضيق في التنفس، واحتباس السوائل في تجويف البطن، وتشكل جلطات دموية.
وعلاوة على ذلك فعندما يجري نقل البويضات من الزوجة، تُمرر إبرة رفيعة من خلال المهبل إلى المبيضين. ورغم أن المضادات الحيوية والنظافة الجراحية تؤكّدان بأن العدوى نادرا ما تحدث، لكن هناك خطر لإدخال العدوى إلى الجسم.

دراسة.. أطفال الأنابيب قد يتعرضون للإصابة بمرض السكري
كشفت بعض الدراسات أن الأطفال الذين يولدون عن طريق التلقيح الاصطناعي قد يواجهون مشاكل صحية محتملة، مع ارتفاع خطر الإصابة بمرض السكري، وارتفاع ضغط الدم والوفاة المبكرة، وذكرت مجلة الديلي ميل البريطاني أن حوالي 2% من مواليد المملكة المتحدة، أي ما يعادل 17 ألف طفل سنويا، يولدون عن طريق التلقيح الاصطناعي، ويقدر عددهم بنحو خمسة ملايين شخص على قيد الحياة اليوم.
وتعتبر هذه العمليات عموما آمنة، ولكن الدكتور باسكال جونجو أكد أن هناك نوعان من الدراسات التي لابد وأن تقرع أجراس الخطر، حيث أجريت الدراسات على الفئران التي ولدت عن طريق التلقيح الصناعي، فوجدت أنهم طوروا مشاكل صحية خطيرة، حيث عانت الإناث من مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم والسمنة، في حين شهدت الذكور مشاكل هرمونية.
الأكثر مدعاة للقلق أن أطفال التلقيح الاصطناعي قد يعانون من انخفاض مستويات الأوكسجين وآثار الشيخوخة المبكرة.
وأظهرت الاختبارات أن قلوب الأطفال الناتجين عن التلقيح الاصطناعي أضعف من الآخرين.
وتتركز دراسة الدكتور جونجو حول الفرق الأساسي بين الحمل الطبيعي والاصطناعي، فعندما يتم تخصيب المرأة طبيعيا يحاول حوالي 200 مليون حيوان منوي شق طريقهم إلى البويضة، ولكن واحد فقط، وهو الأفضل هو من يصل.
ولكن في التلقيح الصناعي يتم تجاوز هذه الضوابط الطبيعية، وفي كثير من الحالات يقرر العلماء أي من الحيوانات المنوية ليستخدموها.
وتهدف تلك الدراسات إلى تحسين عملية التلقيح الصناعي، لتجنب تلك العيوب ولتكوين أطفال أصحاء يعيشون بشكل أكثر صحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى