خاص

أصيلة تبحث عن خلف للتشكيليين في ورشات مواهب الموسم

مشغل الرسم الخاص بالأطفال خرج أجيالا من الرسامين وأوقد شعلة الألوان في نفوس المبدعين الصغار

أصيلة : النعمان اليعلاوي

على الجانب الشمالي من قصر الثقافة، الذي كان قديما يسمى قصر الريسوني، وبعد زقاق ضيق جدرانه ناصعة البياض، تظهر بناية أشبه برياض ذي حديقة غناء تزقزق عصافيرها، يتعالى ضجيج أطفال صغار كالذي يصدر عن تلاميذ المؤسسات التعليمية لحظة خروجهم للاستراحة..، غير أن هؤلاء ما هم بتلاميذ، وما هي باستراحة، بل ورشة من ورشات تعليم الرسم التشكيلي للأطفال الصغار، والتي دأبت مؤسسة أصيلة التي تشرف، منذ الدورة الأولى للموسم، على تنظيمها كل عام على امتداد أيام الموسم الثقافي، حيث يحج لها أطفال المدينة في ما يشبه معهدا صيفيا للتكوين في فنون الرسم والتشكيل، وذلك على يد رسامين تشكيليين من مدن مختلقة وأيضا من دول تعودت المشاركة في الموسم.

مائة طفل.. مائة مبدع
ويشارك في ورشة الطفل، خلال الدورة الحادية والأربعين لموسم أصيلة الثقافي، قرابة مائة طفل، حسب المنظمين، في الوقت الذي تشرف الفنانة التشكيلية كوثر الشريكي على تأطير الأطفال وفق برنامج محدد مسبقا، ووفق فوجين اثنين يفرقها عامل السن، حيث خصصت الفترات الصباحية في الموسم للأطفال الصغار بينما تم تخصيص الفترة المسائية للذين يكبرونهم سنا، حسب كوثر، التي قالت في تصريح لـ«الأخبار»، إن ورشات الرسم الخاصة بالأطفال هذه السنة امتازت بالعدد الكبير لأولياء أمور الأطفال الذين سعوا إلى تسجيل أبنائهم في هذه الورشات، وهو ما يعطي، حسب المتحدثة، مؤشرا على نجاح الورشات السابقة خلال دورات الموسم.
وفي السياق ذاته، أشارت الشريكي إلى أن «هذه الورشات تساعد على اكتشاف مواهب وفنانين للمستقبل برعوا من خلال لوحات رسموها صغارا، وصاروا اليوم من الفنانين التشكيليين الذين يشقون طريقهم نحو التميز، بل إن غالبية الفنانين التشكيليين الذين يصنعون لأنفسهم اليوم معارض في المدينة أو خارجها مروا وهم أطفال بهذه الورشات التي تعتبر من الفقرات الثابتة بموسم أصيلة كل سنة، خصوصا أن هذه الورشات تستقبل هذه السنة قرابة مائة طفل في اليوم وفق الإمكانيات المتاحة، وأنها كهذه من شأنها تعزيز وتقوية تلك الرغبة الجامحة لدى الأطفال في اللعب والتعلم، وقد تنتج في حالات متكررة فنانين بزغوا حديثا في فضاء الفن التشكيلي».
وأكدت مسؤولة ورشة الأطفال في موسم أصيلة الثقافي الدولي، على أن «الهدف الأول من هذه الورشات الفنية الخاصة بالأطفال، هي منحهم حرية التعبير عن أنفسهم وأفكارهم وتصوراتهم للحياة والناس والوجود، من خلال ما ينتجونه من لوحات فنية»، مضيفة أن «ميولات الطفل تكون دائما في اتجاه الألوان والصباغة الرسم، وأن ما يقوم به الأطفال في ورشتهم هو لعب لكن بطرق متقدمة تشكل في الوقت ذاته تطورا لمهارات الطفل الإبداعية والفكرية، وأيضا تعزيزا لعلاقاته الاجتماعية من خلال التواصل المشترك مع باقي الأطفال الذين يشاركونه الورشة ويكونون في الغالب غرباء عنه».

انفتاح على المدن المجاورة
تعطي مدينة أصيلة ككل عام أطفالها المبادرة لحمل مشعل الريادة الوطنية في مجال الفن التشكيلي، وذلك من خلال ورشات الرسم التي باتت تستقطب، إلى جانب أبناء المدينة، أطفالا من المدن المجاورة وزوار المدينة الذين يقصدونها خلال فترة العطلة الصيفية، التي تتزامن وموسم المدينة الثقافي، ما يحول المشغل الذي يضم عشرات الأطفال من جانب وعشرات الفنانين التشكيليين المشاركين في مشغل الصباغة، والذين تفصلهم أمتار قليلة داخل مبنى واحد، صفة ملتقى الأجيال من الفنانين والفنانين الصغار، ويتحول معه الموسم إلى جسر يربط سلف الفن التشكيلي بخلفه.
وعلى الجانب الآخر من مرسم الصغار تشتغل ثلة من الفنانين التشكيليين، ومنهم أبناء مدينة أصيلة وآخرون قدموا من أنحاء المغرب وبعض دول العالم، على غرار فرنسا وساحل العاج والبحرين والعراق، على إتمام لوحاتهم، كشأن حكيم غيلان، قيدوم الفنانين التشكيليين بمدينة أصيلة، والذي ألف المشاركة في ورشات ومراسم المهرجان منذ الدورة الأولى له حين شارك وهو لم يبلغ من العمر ثمان سنوات حينها، وقال في هذا الشأن لـ«الأخبار» إن «موسم أصيلة يعني لي الكثير من كونه خلف وعزز ملكة الرسم وشغف حب الريشة والألوان منذ أزيد من أربعين سنة وهي عمر المهرجان».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى