الرأي

ألتحف دفء عينيك.. وأنسى

عندما اتخذتُ قرار التوقف عن الكتابة.. كنت عازمة على نسيانك.. والتحرّر منك.. بإيقاف كل ما يجرفني نحوك.. كتابةً كانت.. رسماً أو عزفاً..
لكنك سيّئ بما فيه الكفاية لأن تظهر لي في كل مهاربي..
وددت لو ألقنك درسا في الصمت.. صمت يقول لك كلّ الحكايا الصاخبة.. التي ترن في أذنيكَ..
وبعدها.. أهمس بكلمات أسطورية.. على راحةِ كفّكَ الأيمن.. كي يكتبَني كما يليق بتوحدنا.. خارج هذا المسطح الكروي.
وددت لو ألقنك درسا في الصمت.. لكن بعض الكلمات تمدّ لي يدها..
تلك الأحرف الأصابع.. تفعل فعلها المجنون أثناء كتابتها..
أنا لا أكتب.. بل أحلقُ وحيدة باتّجاه الريح.. نافضة عني ألمي.. حزني.. إرهاصات أنيني المتواصل..
كبللٍ أصاب جناحيّ.. فأثقلهما..
بعض الكلمات.. تحضنني.. لألقي رأسي على كتفها.. وأذرف دمعًا حنونًا.. يطهرني..
أنا لستُ طائرًا..
أنا العائمةُ في بعض كلمات.. فوق غيمة..
لا أعرف بعد ما سبب اختفاء أثر خطاي.. كلّما سمحتُ بحضوركَ الكليّ.. خلف جفنيّ المنسدلين..
كان يجدر بي أن لا أسرف في الوضوح.. أن أنكفئ على مشاعري.. أو أعيد ترتيب فوضاي التي خلّفتها عيناك.. كأن أستيقظ في الصباح الباكر وأشرِّع نوافذ الروح.. وأسخر من نبضات أخطأت طريقها على افتراض..
أن أكفّ عن الإنصات لموسيقاك المنبعثة من حنجرتك.. عندما كان صوتك يشبه العزف أو الهمس على مقربة من قلبي..
كان يجدر بي الهرب بعيداً لأنسى.. لكن وجهك كان منتشراً بسخاء في كل الموجودات من حولي.. على وسادتي.. في صدر مرآتي ونافذتي.. على أرصفة الشوارع والطرقات الممتدة.. وإذا تعثّر عليك مشاكستي تتسلّل إليَّ ابتسامتك فتصيبني في مقتلٍ من حنين لاذع..
لا حاجة لي لأكثر من سبعِ كلماتٍ.. اثنتان مكرّرتان.. والبقية.. ملخص مفيد لحقلِ التشرّد في البال..
لا حاجةَ لي لإخمادِ ظمأ السؤال.. فمثلكَ مثلي.. لنا كفافنا من وهجِ آخرِ النظرات.. ومن سبعِ كلمات..
اثنتان منها مكرّرتان.. كجناحينِ لا يلتقيان..
خذني فقط إلى بيادرك.. وانس موسم الحصاد.. علّني أنفض بقايا عمر كئيب.. علّني ألتحف دفء عينيك.. وأنسى..
أدخلني في صمتك.. في صراخك الجوفي.. في وجعك.. علّني أصلي بخشوع.. وأنسى..
علّني ألتقط من المدى معنى تشردّكَ فيه.. وأتوغّل في مهبّ حزنكَ وأحترق معك..
دعني أبعد النسمة التي تلفحُ وجهكَ بقسوة..
دعني أنبض مع قلبك كي أنظّمَ دقّاته..
دعني أجعلكَ لي.. عزلةً كاملةَ السكينة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى