شوف تشوف

الرأي

إذا أكرمت اللئيم تحرشا

حسن البصري
كان الله في عون مدربي الفرق النسوية، لأن التهمة جاهزة تنتظر الزمان والمكان للإعلان عنها. يكفي أن تكتب لاعبة احتياطية على صفحتها في مواقع التواصل الاجتماعي، «المدرب يتحرش بي» حتى يساق الرجل إلى قفص الاتهام وتتناسل مغامراته ويعلن النادي براءته من مدرب هزمته صرخة لاعبة.
التحرش الجنسي في الرياضة المغربية عملة رائجة، نظرة وابتسامة فموعد ولقاء في المحكمة. اليوم لا حديث داخل وخارج ملعب الرجاء البيضاوي إلا عن قضية تحرش يلفها الغموض، ينتظر الرجاويون بين عشية وضحاها إطلالة عناصر الشرطة العلمية وفريق محققين وأعوان قضائيين، ما يجعل الفضاء الرياضي تحت غيمة مقلقة.
قيل، والعهدة على بلاغ المكتب المسير للرجاء البيضاوي، إن حالة تحرش اندلعت وأن القضاء هو المخول له الكشف عن الحقيقة. رمى الزيات بالكرة في مربع عمليات المحكمة، وانفصل عن المدرب المتهم وقبل استقالة المدير التقني، ومنح المشتكي حق تقديم «ريزيرف» للجهات المسؤولة.
لن نمنح هذا الطرف أو ذاك صك البراءة أو نلبس أحدهما أو كلاهما قيود الإدانة، لأن القضية في عهدة المحكمة، لكن علينا أن نعترف بأن كثيرا من قضايا التحرش تعالج بالانفصال، ففي محاضر الأندية المغربية عشرات الشكايات ضد المتحرشين، وعشرات الأصوات التي تعالج هذه القضايا بالصمت على اعتبار أنه حكمة.
تذكرون الملاكم المغربي حسن سعادة الذي افتقد للسعادة وهو يقضي أيامه الأولى في ريو دي جانيرو، مهموما خلف قضبان سجن كامورادو بتهمة التحرش بنادلتين حسناوين، قدر ابن درب السادني بالدار البيضاء أن يلاكم مصيره المشؤوم ويسقط حلمه بالضربة القاضية في الجولة الأولى من النزال الأولمبي، وحين احتاج حسن لجرعة سعادة تبين أنها مجرد اسم عائلي في دفتر الحالة المدنية.
ولأننا شعب نتعامل مع النكبات بمنطق «لسنا وحدنا»، فقد كتب أحد مسؤولي جامعة الملاكمة تدوينة بشر فيها الشعب المغربي باعتقال الملاكم الناميبي جوناس جونيس في نفس القرية الأولمبية، بعد أن مارس بدوره هواية التحرش الجنسي بنادلة، وقال «إذا عمت هانت»، ربما يقصد إذا عم التحرش هان.
في البطولة الإفريقية الأخيرة بالرباط، دعا رئيس بعثة مصر كل الرياضيين المصريين المشاركين إلى اجتماع طارئ حذر فيه من التحرش بمحصنات المغرب، وقال مازحا «أرجوكم تحرشوا بفتاة غجرية اسمها ميدالية وسيبوا الباقي علي». تبين أن موضوع التحرش الجنسي أصبح أكثر تداولا في القرية الرياضية من قضية المنشطات، بل إن الراسخين في العلم اعتبروا التحرش منشطا لا تكشفه تحاليل العينات.
علاقة الرياضة المغربية بالتحرش راسخة في القدم، فقد بدأت الظاهرة من الألعاب المدرسية حين كشفت عداءة عن وجود حنان زائد من مدربها، قبل أن يتدخل رجال التربية والتعليم لتليين موقف الفتاة التي قرر مجلس عائلتها اعتزالها الركض مبكرا، كي لا يقفز فوقها مسؤول برتبة «مربّ».
علاقة الرياضيين المغاربة بالتحرش تفوق علاقتهم بالألقاب، فقد سبق للاعب دولي مغربي أن تحرش بعاملة نظافة في فندق بأمستردام الهولندية، ولم يفرج عن المنتخب المغربي للشبان إلا بكفالة، وفي اليوم الموالي تحدثت الصحافة الهولندية عن الإنجاز المغربي بكثير من السخرية، وأصدرت محكمة غوتيبورغ السويدية حكما يقضي بسجن مدرب فريق جديدي لفئة الناشئين، بتهمة التحرش بقاصرتين خلال حفل افتتاح دوري لكرة القدم بالسويد شارك فيه فريقان مغربيان. عاد اللاعبون إلى قواعدهم مع توصية بإنهاء مشاركة المغاربة في هذا الدوري السنوي، بينما أدين المربي بشهرين نافذين، من حسن حظه أنه في سجن مصنف لا فرق بينه وبين منتجع سياحي مغربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى