شوف تشوف

الرئيسية

جمال البيضاء في غرابتها

مريم كرودي

منذ شهر مضى توجهت رفقة مجموعة من الأصدقاء إلى مدينة الدار البيضاء، لحضور أحد الملتقيات هناك. وككل زائر لمدينة الغرائب والعجائب، أخذنا نصيبنا من الدهشة والتوتر وضغط المواصلات وحركة السير… خصوصا وأننا ألفنا هدوء تطوان ونواحيها، إذ استصعبنا أمر وجودنا في مدينة صاخبة لا تكاد تنام، وفي كل مرة كنا نمر فيها من موقف كنت أضحك وأردد: جمال البيضاء في طاقتها السحرية التي لم تتوقف عن إمدادنا بها منذ أن وطأت أقدامنا أرضها. ذكريات جميلة أضيفت إلى ذاكرتنا، وكل واحدة منها لا تقل غرابة عن الأخرى! لكن الأغرب هي أحدى وجبات العشاء التي أخذناها عند أحد محلات الشواء بطماريس، والتي لم تخف عنا رائحتها الزكية ومنظرها الفاتح للشهية.. فلم نتردد في الجلوس هناك للعشاء، إلا أننا وبمجرد رجوعنا إلى تطوان بأقل من أسبوع، تفاجأنا بخبر انتشر كالنار في الهشيم: «بيع لحوم فاسدة وأخرى للكلاب لمستهلكي الدار البيضاء ونواحيها في محلات الوجبات الخفيفة والشواء!!! ».
لست أدري إن كان المكان الذي أخذنا فيه عشاءنا مدرجا ضمن قائمة المحلات المروجة للحوم الفاسدة ولحوم الكلاب الناجمة عن الذبيحة السرية -رغم أننا طلبنا «الدجاج» الذي يعتبر لحما أبيض، ويستبعد أن يكون كذلك- إلا أن الخبر استفزني كجميع المغاربة الذين استنكروا أمر النصب واستغفال المستهلكين بهذه البشاعة.. فأن يصل الإنسان إلى هذا الحد من الشر أمر يدعو إلى الاستغراب حقا. أحببت أن أضع نفسي مكان هؤلاء وأن أجد سببا مقنعا يدفعهم إلى تقديم هكذا لحوم إلى الناس، فلم أجد لهم عذرا!! فقط انعدام للمسؤولية وافتقار للوطنية والإنسانية أيضا. فالإقدام على فعل كهذا جريمة شنعاء تخجل أو بالأحرى يجب أن تخجل مرتكبيها أولا لما تثيره من رعب في نفوس المواطنين…
أتساءل ما حجم الأنانية التي استولت على أدمغة هؤلاء حتى استطاعوا أن يدفنوا إنسانيتهم في أن يقدموا لحوما مريضة ذبحت بشكل سري مناف للقانون لأشخاص لا ذنب لهم؟! وأن يهمهم الربح المادي دون صحة الآخرين!! ألم يفكروا في الضرر الصحي الذي يمكن أن يطول المستهلكين أطفالا كانوا، مسنين، أو أشخاصا يعانون من أمراض أفقدتهم مناعتهم…!! ألم يستبعدوا فكرة تسمم أو موت أحد المستهلكين! هل كانوا يظنون أنهم سينجون بذكاء!! لكن هيهات فحبل الجريمة أقصر مما يتصور المجرم دوما.. سرعان ما يفتضح أمره وسرعان ما ينال عقابه. فإلقاء القبض على هؤلاء المجرمين وتقديمهم للعدالة لن يكون إلا عبرة لكل من سولت له إيذاء المستهلك وكل من عاث في الأرض فسادا، متجاوزا كل الأبعاد الإنسانية والوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى