الرأي

«الحصلة السينمائية الكبرى»

تحتضن مدينة طنجة الدورة السابعة عشرة من المهرجان الوطني للفيلم، خلال الفترة ما بين 26 فبراير الجاري و5 مارس المقبل، وستتميز الدورة بتقديم الحصيلة السينمائية لعام 2015، لكن الجميع يتطلع باهتمام إلى تفاصيل «حصلة» أخرى تتمثل في الأفلام المغربية التي حصل أصحابها على دعم المركز السينمائي المغربي، ولم ينجزوا الأفلام المتفق عليها، وصرفوا الأموال العمومية لقضاء أغراضهم الخاصة في غياب أي متابعة قضائية. وقد اعترف مدير المركز السينمائي المغربي، صارم الفاسي الفهري، بنفسه، بأن هناك حوالي 50 حالة مماثلة لمخرجين وشركات سطوا على الدعم العمومي، فيما ننتظر أن يكون المهرجان الوطني للفيلم فرصة لكي يعلن المدير عن الإجراءات التي تم اتخاذها من أجل تصحيح هذه الاختلالات، سواء بالنسبة للأفلام التي لم تنجز، أو تلك التي أنجز جزء منها فقط، أو الأخرى التي أنجزت بصعوبة و«تقشف»، لكنها لم تجد طريقها أبدا إلى قاعات العرض طيلة العقد الأخير، ومنها على سبيل المثال لا الحصر «رجال من طين» لمراد بوسيف، و«قاع البير» لمحمد منخار، و«إرهاب» لهشام عين الحياة، و«حميدة الجايح» لمصطفى الدرقاوي، الذي لم يكتمل لظروف قاهرة بعد الوعكة الصحية الحرجة التي ألمت بمخرجه. وهناك أيضا فيلم «الطفل الشيخ» لحميد بناني، الذي لم يكتمل إلا بشق الأنفس، لكنه لم يعرض أبدا في القاعات السينمائية.
وكانت الأجيال السينمائية السابقة تتندر بمغامرات المخرج عبد الله المصباحي، الذي طاردته لعنة فشله في إكمال الأفلام التي يشرع في تصويرها، وهي عبارة عن ملاحم مستوحاة من الأحداث، حصل مرارا على دعم مالي خارجي وحشد لها أسماء وازنة من نجوم السينما العربية والعالمية، ولكن المشاريع تتعثر في منتصف الطريق، وينفض المصباحي يده منها ليعيد الكرة من جديد بإنجاز أفلام أخرى لن يكتمل تصويرها، وهو الذي كان يحلم بأن يقلد الراحل مصطفى العقاد صاحب «الرسالة» و«عمر المختار»، وسبق له مثل العقاد أن حصل على دعم مالي وفير من جماهيرية معمر القذافي، لكن كل مغامرات المصباحي تتوقف وكأنها تصاب بالسكتة القلبية.
ولا شك أن صارم الفاسي الفهري قد حصل على إرث ثقيل يصعب تصريفه بالنوايا الحسنة والبلاغات الصحافية، إذ أصبح من المستعجل اليوم إعادة النظر وتحيين الترسانة القانونية المؤطرة للمركز السينمائي المغربي وتطويرها، باعتراف الفاسي الفهري نفسه، الذي أقر بأن القوانين المؤطرة للقطاع «قليلة، أو قديمة، أو يشوبها نقص»، خصوصا أن القانون الخاص بالمركز نفسه، يعود إلى عام 1977 ولم يتم تعديله منذ ذلك الحين. فليبدأ صارم الفاسي الفهري بإعادة ترتيب بيته أولا، ثم الشروع في إعادة النظر كليا في سياسة الدعم السينمائي، ثم وضع خطة إنقاذ لقاعات العرض من الاندثار، وكذا تأهيل الموارد البشرية العاملة في القطاع عبر التكوين وإعادة التكوين، حتى لا تستفحل أوضاع الفن السابع بالمغرب، إذا اكتفينا بسياسة «شوف وسكت».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى