الرئيسية

العثماني يجبر أمـزازي على الحوار مـع الأسـاتذة المتعـاقدين

المصطفى مورادي

شهد مقر وزارة التربية الوطنية، يومي السبت والأحد، جولة جديدة من الحوار بين وزير التربية الوطنية سعيد أمزازي والنقابات، بعد فشل محاولات للقاء بعض الأساتذة المتعاقدين ممن تم انتقاؤهم بشكل فردي. وذلك بعد يومين فقط على تأكيد أمزازي على رفضه التام لكل حوار مباشر مع ممثلي تنسيقية تحمل اسم هذه الفئة من الأساتذة، بل ووصفهم، في ندوة صحفية قبل أيام بـ«فاقدي الوطنية لكونهم تركوا التلاميذ ضائعين»، معلنا عن كون النقابات الأكثر تمثيلية هي المحاور الوحيد لها في صفوف موظفي القطاع.
وجاء قرار أمزازي الجلوس مع الأساتذة المتعاقدين إلى طاولة واحدة، بناء على أمر مباشر من رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الذي أجبره على التنازل عن موقف رفض الحوار مع ممثلي الأساتذة المتعاقدين، قصد التوصل لحل يضمن عودة الأساتذة إلى مقرات عملهم ابتداء من الاثنين في مقابل إعادة النظر في العقود التي تجمعهم مع الأكاديميات، بشكل يضمن لهم الأمن الوظيفي والاستقرار النفسي.
وأكدت مصادر «الأخبار» من داخل الجلسة الأولى أن التوتر هو السائد في الحوار، حيث أصر بعض ممثلي النقابات على ضرورة حضور تنسيقية الأساتذة المتعاقدين بدل بعض «الأفراد الذين لا يعرفهم أحد»، تقول المصادر ذاتها. وكان أمزازي مضطرا، في كلمته، إلى أن يسمع اللغة غير المألوفة التي خاطبه بها بعض الأشخاص الذين تكلموا في هذه الجولة، وهو ما يضعه في مأزق سياسي واجتماعي هو الأكثر حرجا من تعيينه في منصبه. فمن جهة لديه موقف حكومي، أعلن عنه مصطفى الخلفي عقب اجتماع مجلس الحكومة، ويتمثل في التشبث بالتوظيف الجهوي والتعاقد، ومن جهة أخرى يتوجب عليه أن يقنع الأساتذة المتعاقدين بتعليق الإضراب بناء على وعود حكومية تتمثل في مراجعة الأنظمة الأساسية لموظفي الأكاديميات بشكل يضمن حقوق هؤلاء. وفي الوقت نفسه كانت النقابات حذرة في قبول المقترحات التي تقدم بها أمزازي وممثلو الوزارة، نظرا لتزامن جلسة الحوار الأولى مع انعقاد المجلس الوطني لتنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، ما يعني، حسب المصادر ذاتها، أن الأساتذة المتعاقدين الذين يحضرون الجلسة الأولى لن يكون لهم تأثير في حلحلة الملف، والدليل على ذلك، تقول المصادر ذاتها، هو أنه في الوقت الذي كانت تجري فيه جلسة الحوار كان الآلاف من المتعاقدين يتظاهرون في شوارع مراكش.

حوار طرشان بسبب غياب أرضية مشتركة
بعد إصرار أمزازي على اعتبار النقابات هي المحاور الوحيد للوزارة، وبالتالي رفض الحوار مع تنسيقية الأساتذة المتعاقدين، تدخل سعد الدين العثماني وطلب منه الجلوس للحوار مع هذه الفئة لإيجاد حل لمشكلة الأمن الوظيفي التي يعتقد الأساتذة المتعاقدون بأنه منعدم في العقود التي وقعوها مع الأكاديميات. وأكدت مصادر نقابية من داخل جلسة الحوار الأولى، لجريدة «الأخبار»، أنه تم، خلال ليلة الجمعة- السبت، إجراء العديد من الاتصالات مع بعض الأساتذة المتعاقدين من مدينتي الدار البيضاء والرباط قصد تمثيل زملائهم، وهي العملية التي رفضها قادة النقابات الذين حضروا هذه الجلسة، حيث رؤوا فيها محاولة الوزارة تقسيم الصف الداخلي لفئة الأساتذة المتعاقدين. لاسيما مع تزامن هذه الجلسة الحوارية مع انعقاد المجلس الوطني للتنسيقية المذكورة في مدينة مراكش، والذي ينتظر أن يتم فيه تعيين ممثلي التنسيقية في الحوارات المستقبلية مع الوزارة أو الحكومة، فضلا عن الاتفاق على المطالب التي سيتم التفاوض حولها، وعلى رأسها إسقاط التعاقد جملة وتفصيلا، مع الإدماج الكلي والفوري للأساتذة المتعاقدين في سلك الوظيفة العمومية. وأكدت المصادر النقابية ذاتها أن لجوء الوزارة إلى انتقاء بعض الأساتذة المتعاقدين على أساس أنهم يمثلون كل المتعاقدين، هو قرار مجانب للصواب، لكون النقابات هي أيضا تقر بأن «تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد» هي الممثل الوحيد لأكثر من 70 ألف أستاذ متعاقد، وبالتالي لا بديل عن الحوار مع ممثليها.
وأكدت الوزارة، من جهتها، أن أمزازي وافق على تعديل مقتضيات النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديميات التخلي عن نظام «التعاقد». فبخصوص فسخ العقد، تقترح الحكومة مراجعة جميع المواد التي تشير إلى فسخ العقد لكون «التعاقد» لم يعد معتمدا. وبخصوص مزاولة الأنشطة خارج أوقات العمل، تقترح السماح لأطر الأكاديميات بممارسة هذه الأنشطة شريطة ألا تكون مدرة للدخل إسوة بباقي الموظفين. وأيضا تمتيع أطر الأكاديميات بالحق في الترقية في الرتبة والدرجة على مدى حياتهم المهنية، كما تقترح مراجعة هذه المادة بما يستجيب لهذا المطلب، وذلك بتمتيع أطر الأكاديميات بالحقوق نفسها المكفولة لباقي الموظفين، فضلا عن تطبيق المقتضيات القانونية نفسها على أطر الأكاديميات التي تسري على جميع موظفي الإدارات العمومية. كما سيدمج جميع أطر الأكاديميات بصفة تلقائية دون الحاجة إلى ملحق العقد، وبالتالي سيتم حذف الإشارة إلى هذا الملحق في النظام الأساسي. أما بخصوص الترسيم، فإن الحكومة تقترح أنه مباشرة بعد الإدماج ضمن أطر الأكاديمية والنجاح في امتحان التأهيل المهني، سيتم الترسيم وإعادة الترتيب في الرتبة 2 من الدرجة الثانية (السلم 10)، مع الاحتفاظ بالأقدمية المكتسبة بالأكاديمية. ويشمل المقترح الحكومي، أيضا، التنصيص على إمكانية الترشيح لهذه المباراة فور التوفر على الشروط المطلوبة، على غرار باقي الأساتذة العاملين بقطاع التربية الوطنية. وأيضا التنصيص على إمكانية الترشيح لهذه المباراة وفق الشروط المطلوبة إسوة بالأساتذة العاملين بقطاع التربية الوطنية. مع إمكانية الترشيح لولوج مسلك الإدارة التربوية وفق الشروط المطلوبة إسوة بموظفي قطاع التربية الوطنية. وإمكانية الترشيح لولوج سلك التوجيه والتخطيط التربوي وفق الشروط المطلوبة إسوة بموظفي قطاع التربية الوطنية. فضلا عن فتح إمكانية تقلد مناصب المسؤولية (رئيس مصلحة، رئيس قسم، مدير إقليمي..)، وفق الشروط والكيفيات الجاري بها العمل.
إسقاط التعاقد ولكن التوظيف سيبقى جهويا
الوجه الآخر للأزمة، تقول مصادر “الأخبار” ذاتها، أن ما عمق من حجم الخلاف بين الوزارة والنقابات هو أن هذه الأخيرة ترفض، وبإجماع كل القيادات النقابية التي حضرت الجلسة الحوارية، (ترفض) حل مشكلة المتعاقدين لوحدهم بل تصر على حل ملفات تهم فئات أخرى، خصوصا بعد أن عبرت النقابات ذاتها عن رفضها للعرض الذي سبق لأمزازي أن تقدم به لحل ملفات الأساتذة حاملي الشهادات وكذا ما يعرف بالزنزانة 9. فأمزازي أمام خطوط حمراء لا يمكنه تجاوزها، وظهر هذا جليا في اجتماع الأغلبية الحكومية، حيث تم الاتفاق على «الخروج من منطق المتعاقدين»، وأن «التوجه الإيجابي يتمثل في نظام أساسي جهوي، يضمن الحقوق نفسها، التي يتمتع بها أشخاص الوظيفة العمومية»، وهو نفس ما ذهب إليه مصطفى الخلفي في الندوة الصحفية التي أعقبت الاجتماع الأسبوعي للحكومة، عندما أكد أن التوجه الحكومي يتمثل في مواصلة اعتماد خيار التوظيف الجهوي، مضيفا «سنواصل العمل بهذا الخيار في إطار التصور القائم على ضرورة تمكين المؤسسات الجهوية من الموارد البشرية للاضطلاع بمهمتها». وبالتالي، فمراجعة النظام الأساسي لأساتذة التعاقد، ستتم في إطار المساواة في الحقوق والواجبات، وكل القضايا التي أثيرت ستعالج في إطار مراجعة النظام الأساسي، باستثناء نظام التقاعد، موضحا أن الأمر يتعلق بالحق في الولوج إلى مباراة التفتيش، ثم موضوع الفصل بدون إشعار ولا تعويض. وبخصوص نظام التقاعد، قال الوزير إن المشكل الذي سيظل هو التقاعد، لأن هذه الفئة ينظم تقاعدها النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، في حين أن موظفي وزارة التربية الوطنية يؤطر تقاعدهم الصندوق المغربي للتقاعد، والتوجه الحكومي هو إدماح الصندوقين في صندوق واحد لمعالجة المشكل. وما حضور مصطفى الخلفي إلى جانب سعيد أمزازي في الندوة الصحافية التي احتضنتها وزارة التربية الوطنية قبل أيام، إلا دليل، تفيد مصادر “الأخبار”، على أن هامش الحرية عند أمزازي محدود جدا، فهو سيكون ناطقا باسم الحكومة في الحوار مع النقابات، وسيتوجب عليه أن يجري الاتصالات تلو الأخرى مع رئيسه في كل خطوة يخطوها، لاسيما وأن النقابات تصر على أن يكون حل الأساتذة المتعاقدين مقرونا بحل ملفات أخرى تهم فئات متضررة في النظام الأساسي المعمول به حاليا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى