الافتتاحية

القانون لا يحمي المغفلين 

بغض النظر عن واقعة البرلماني «الغشاش» التي أسقطت أسطورة التفوق الأخلاقي لحزب العدالة والتنمية، فإن هاته الحادثة تعري حقيقة علاقة الحزب الحاكم بالقوانين التي يضعها بنفسه والتي يريدها أن تكون سيفا حادا مصلتا على رقاب الآخرين فقط دون أن تطوله صرامتها.
لذلك ليس من الغريب أن ينتفض الحزب الحاكم كلما كان أحد رموزه موضع شبهة أو بطلا في فضيحة أو متابعا في قضية جنائية والخروج للتباكي ويشحذون سيوفهم لنقد القوانين التي تطبق عليهم والتشكيك في شرعيتها ومشروعيتها لأنها لا تناسب ما يُريدون ولا تخدم صورتهم الوهمية.
وبطبيعة الحال، لا تعد نازلة تطبيق قانون زجر الغش الذي وضعه بنكيران ووقع على مرسومه التطبيقي سعد الدين العثماني على البرلماني «الغشاش» حالة منفردة لانتقاد الحزب الحاكم للقوانين التي يضعها بنفسه وينتفض في وجهها إذا اقتربت من أعضائه.
فالجميع يتذكر قصة شباب الفيسبوك الذين حوكموا بقانون الجرائم الإلكترونية الذي وضعه مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات آنذاك، بسبب إشادتهم بالعملية الإرهابية التي ذهب ضحيتها السفير الروسي في أنقرة، وخلال محاولة القضاء تطبيق القانون ثارت ثائرة قادة الحزب الإسلامي.
وحينما قرر القضاء متابعة مؤسس أحد الأذرع الإعلامية لحزب العدالة والتنمية بقانون الاتجار بالبشر، خرج قادتهم وبرلمانيوهم للطعن في القانون الذي مرر في عهد حكومة بنكيران وخاض الرميد معركة لا هوادة فيها لتمريره بتأييد لا مشروط لكتيبة نواب العدالة والتنمية، وبعد ذلك تحولوا لأكبر منتقديه، فقط لأن تطبيقاته الأولى همت أحد أذرعهم الإعلامية.
واليوم يكثف رموز الحزب من قصف قانون زجر الغش في الامتحانات، بعدما أسقط أحد فصوله برلماني تاونات، وخرج عبد الله بوانو وإدريس الأزمي ليفسرا القانون على هواهما وبما يخدم مصالح الحزب الحاكم ويجنبه تسونامي النقد الموجه له بسبب فضائحه التي لا تنتهي.
نحن بالفعل أمام حزب يريد أن يكون محصنا من القوانين التي تحرجه وتضعه موضع المحاسبة، يريد من القوانين أن تكون خادمة لمصالحه وليست سلطة يقف الجميع سواسية أمامها.
حزب العدالة والتنمية يريد قوانين من صنف بيت العنكبوت التي يمر منها أعضاؤه دون أن يعلقوا في حبالها، بينما يعلق المواطن العادي في حال خرقه للقانون.
ينبغي أن يفهم الحزب الحاكم أن أعضاءه والمتعاطفين معه ومريديه ليسوا فوق القانون، ومن أخطأ عليه أن يُحاسب ويسأل مهما كان لونه السياسي كما قال الملك في أحد خطاباته، خاصة أولئك الذين يتحملون المسؤولية العمومية.
وينبغي أن يفهم هذا الحزب أنه ليس هناك أحد يتمنى توقيفا لبرلماني من «البيجيدي» أو حرمانا من الحرية لأي مشتغل بالعمل السياسي في هيئته السياسية، ولكن ذلك لا ينبغي أن يكون غطاء لتبرير أي خروج عن القانون أو خرق مقتضياته.
وليعلم الحزب الحاكم ومريدوه أن شعار المرحلة هو لا أحد فوق القانون والقانون يسري على الجميع ولا يحمي المغفلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى