الرأي

الكرة في ملعب الغرفة الثانية

تبادلت عشيرة الرياضة التهاني بعد إعلان وزارة الداخلية عن أسماء الناجحين في امتحان مجلس المستشارين، وظهور نتائج الفائزين بمقاعد في الغرفة الثانية المكيفة. في يوم الجمعة، قضي أمر المستشارين البرلمانيين، وسط جو «تطبعه المسؤولية وروح المواطنة»، على حد تعبير تقرير نشرة الأخبار الرسمية.
في كل جمعة يكون للمغاربة موعد مع الانتخابات السياسية بكل أطيافها، رغم أن الجمعة يوم فاضل عند المسلمين، يتبادلون فيه التهاني عبر الواتس آب، صباحا ويولون وجوههم نحو مقرات التصويت بعد الظهيرة، مكرسين مقولة «جمعة الاقتراع».
ما أن ظهرت تركيبة الغرفة الثانية، حتى شرع المحللون السياسيون في قراءة كف المشهد السياسي، خاصة بعد نجاح حزب الاستقلال في امتحان الدورة الاستدراكية، حيث تنفس بنو شباط الصعداء. لكن من يقرأ النتائج يتبين له وجود عدد من المسؤولين الرياضيين في انتخابات مجلس المستشارين، رغم أن بعض قادة الأحزاب أعلنوا اعتراضهم على النتائج وقالوا إن «الماتش مبيوع»، وأن المقاعد عرضت في المزاد العلني.
النتائج كشفت عن فوز أسماء ارتبطت بكرة القدم والكرة الحديدية أيضا، حيث ضمن محمود عرشان رئيس الجامعة الملكية المغربية للكرة الحديدية، والرئيس السابق للاتحاد الزموري للخميسات، مقعده مبكرا، إلى جانب عبد الحميد الصويري الرئيس السابق للرجاء البيضاوي عن الباطرونا، ومحمد عدال العضو في جامعة كرة القدم ورئيس فريق شباب مريرت ورئيس عصبة مكناس تافيلالت، وعبد السلام بلقشور رئيس المكتب المديري لنهضة الزمامرة ونائب رئيس فريق الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم، وعبد الرحيم كاميلي الرئيس المنتدب ليوسفية برشيد، وحسن سليغوة الرئيس السابق للوداد الفاسي، إضافة إلى مسيرين آخرين ظفروا بمقاعد في المجلس دون أن تظفر أنديتهم بمكانة بين فرق الصفوة.
في مجلس المستشارين، لا يهم اسم الفريق الرياضي الذي تنتمي إليه، ولا يهم اسم الحزب الذي تحمل شعاره، أو الهيئة المهنية أو النقابية التي تمثلها، لأن انتخابات الغرفة الثانية لا تحتاج للغط كبير أو حملات على المكشوف، بل تحتاج لرجل يعرف حساب الضرب والجمع والطرح، أما المواطن العادي فلا يشعر بانتخابات هذه المؤسسة الدستورية وبخطورتها، فهي بدون أعراض جانبية كالمرض الخبيث.
كسب محمود عرشان مقعده وذهب ليمارس هواية رمي الكرات الحديدية بعدما انتهى من رمي الجمرات، فهو يعرف أكثر من غيره أن شعار الغرفة الثانية: «خير البر عاجله»، في حين ما زال محمد عدال يمارس هواية جمع المسؤوليات وملء بطاقة زيارته حد الاختناق، فهو رئيس فريق مريرت الذي يعاني من ضيق التنفس في بطولة الهواة، وهو رئيس عصبة مكناس تافيلالت لكرة القدم، وعضو الجامعة الملكية ورئيس بلدية. أين يمكن العثور على عدال وهو الذي يقوم برحلات مكوكية بين مريرت ومكناس والرباط؟ لن يستوقفه إلا «باراج» في مدخل العاصمة. وعلى نفس الإيقاع يسير الحريزي عبد الرحيم كاميلي الذي يملك قدرة على الجمع بين مسؤوليات فريق لكرة القدم ورئاسة بلدية برشيد وإدارة خيرية المدينة. أما عبد السلام بلقشور وحسن سليغوة وعبد الحميد الصويري، فهم من جيل واحد كانوا رؤساء فرق في أكادير وفاس والدار البيضاء، حين كان الرئيس من الأعيان، قبل أن ينسحبوا من تسيير فرق الصفوة بسبب الجيل الجديد من المشجعين الذي حول رئيس زمان إلى مجرد شاهد عيان.
يقول رئيس سابق كان مستشارا برلمانيا في زمن «الثلث الناجي» الذي أخرجه ادريس البصري، إن الغرفة الثانية مجرد باحة استراحة، مضيفا أن تجربته البرلمانية أكدت له أن الوحيد في المغرب الذي يقوم بالتغيير عن قناعة أو تحت ضغط الشارع هو المدرب، فيما لا تمكن صناعة القرار وممارسة الرقابة على الحكومة من غرفة تعاني ظاهرة العزوف وفي أحسن الأحوال تتحول إلى فضاء لـ»سيتكوم» سياسي ساخر.
سيطالب رؤساء الأندية الرياضية بنبذ الشغب في مدرجات هذا المجلس، وسيرفعون شعار الهجوم خير وسيلة للدفاع، حين تسوء نتائج المنتخب المغربي، لأنهم يملكون خبرة تدبير جدل الهزائم ويعرفون أكثر من غيرهم أننا شعب مهزوم على أرضه وبين جمهوره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى