الرئيسية

المسيح في القرآن الكريم (1)

د. محمد ديـرا

عرض القرآن الكريم صورة المسيح عليه السلام منذ ولادته وحتى نهاية وجوده على الأرض، موضحا حقيقة هذه الشخصية والهدف من دعوتها وأركان رسالتها وما خصها الله بها من معجزات، وذلك على النحو التالي:
1 – عيسى ابن مريم عليه السلام بشر مخلوق، وعبد للخالق عز وجل، ليس إلها ولا ابن إله، وأمه ليست أم إله، بل هي امرأة طاهرة ظهرت براءتها من الزنا على لسان رضيعها، وكانت هذه هي الحقيقة الأولى التي نطق بها المسيح وهو في المهد، وذلك في قوله تعالى: «فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال: إني عبد الله» (مريم: 30-29).
ومن ثم فالمسيح لا يعدو أن يكون بشرا مخلوقا، ونبيا مُرسَلا من الله عز وجل، كما قال تعالى عنه: «إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مَثَلاً لبني إسرائيل» (الزخرف: 59).
والمسيح عليه السلام لم يستكبر عن الخضوع لخالقه عز وجل والتسبيح بحمده، بل تَشَرَّفَ بكونه من عبيد الله سبحانه، وهذا مصداقا لقوله تعالى: «لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون» (النساء: 172)، ولم تكن ولادته عليه السلام بذلك الشكل المعجز إلا ليكون آية للناس وابتلاء من الله تعالى وامتحانا لهم، وقد سبقه في تلك الطريقة المعجزة التي خُلق بها في تميزها وفرادتها نبي قبله هو آدم عليه السلام، قال تعالى: «إنَّ مَثَل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون» (آل عمران: 59).
2 – عيسى ابن مريم عليه السلام نبي ورسول من عند الله عز وجل كغيره من الأنبياء والمرسلين، جاء ليدعو إلى توحيد الله سبحانه وتعالى وإفراده بالعبودية، وليصحح انحراف الناس عن دينهم وبُعدهم عن شريعتهم، قال تعالى: «ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يا كلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يوفكون» (المائدة: 75)، وقوله تعالى: «ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون» (الزخرف: 63)، وقوله تعالى: «تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس» (البقرة: 253)، وقوله تعالى: «ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل» (الحديد:27).
3 – عيسى ابن مريم عليه السلام إنسان بار بوالدته، ليس بجبار ولا شقي، قال تعالى: «وَبَرّاً بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا» (مريم:32).
وهذه الحقيقة القرآنية تنفي بوضوح ما جاء في الإنجيل الحالي (المحرف) من أن المسيح عليه السلام كان إنسانا عاقا، مستهترا بأمه، يكلمها بجفاء ويتعامل معها بدون مبالاة، حيث ورد في الإنجيل قوله: «مالي ولك يا امرأة؟» (العهد الجديد، إنجيل يوحنا، الإصحاح 2، الفقرة4).
4 – عيسى عليه السلام قدوة صالحة وأنموذج رائع للإيمان والعبادة والإخلاص لله تعالى، يقول تعالى على لسان عيسى عليه السلام: «قال إني عبد الله آتانيَ الكتاب وجعلني نبيئا وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا». (مريم: 31-32).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى