الرأي

اليوم العالمي للشعر

«وأما الشاعر فهو في نوبات جنونه ينقل بصره من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء، فتصور له مخيلته أشكال أشياء غير معروفة أو مألوفة، ويستطيع بقلمه أن يجسدها وأن يخلق من لا شيء شيئا يسميه».
ويليام شكسبير
التقى شعراء وشاعرات المغرب الأسبوع الماضي – كما باقي بلدان العالم – للاحتفال باليوم العالمي للشعر، احتفاءً بالكلمة المبدعة وبالصورة الشاعرة وبالتنوع اللغوي والثقافي، وإحياءً للحوار بين الشعر وغيره من الفنون. فالشعر هو رحلة الإنسان والحياة، باعتباره الكائن الأقرب إلى مشاعر الأفراد ومطالبهم وآمالهم، والمجسد لأحلام الشعوب، والمعبر عن أسمى أشكال روحانياتهم، وهو الذي يمد الشعوب بالشجاعة من أجل تغيير العالم والمناداة بالمساواة بين الجنسين واحترام الهويات الثقافية والعرقية.
ففي مثل هذا اليوم من كل عام، ومنذ إعلانها سنة 1999 عن إقرار 21 مارس يوما عالميا للشعر، تنوه منظمة «اليونسكو» بقيمة الشعر، كرمز لإبداع العقل البشري، بحيث تشيد بهؤلاء الذين لا يملكون سوى أقلامهم وألسنتهم للتعبير عن أفكارهم وآرائهم وخواطرهم. وفي الرسالة التي وجهتها المديرة العامة لـ«اليونسكو»، إرينا بوكوفا، بمناسبة اليوم العالمي للشعر هذه السنة، ما يجعل الشعر والشعراء يمثلون استثناءً إنسانياً رفيعاً، حيث تقول: «يرى الشاعر في هذا العالم ما لا يراه سواه، فيصفه ويصوره ويسميه، يرى الشاعرُ ما لا يُسبرُ غورهُ من آيات الجمال المحيطة بنا التي يمر بها سواه مرور الكرام، ويرى ضروب المعاناة الهائلة وأصناف البؤس الشديد التي لا يكترث لها غيره».
وأشارت بوكوفا إلى أهمية الشعر في إبراز قيمة التنوع اللغوي وحرية التعبير من خلال الأقلام التي تنظم الشعر والأصوات التي ترويه وتلقيه.
ولا يفوتنا في هذا الصدد أن نشيد بالنداء التاريخي الذي دعا من خلاله الدكتور الشاعر المغربي الطنجي، أحمد الطريبق أحمد إلى الاحتفاء كل سنة باليوم العالمي للشعر حتى يصير عرس اللغات المجسد في أسفار الحضارات والمدنيات.
حدث ذلك سنة 1996 حيث تبنت عدة صحف آنذاك إصدار هذا النداء: (جريدة القدس العربي، جريدة الشرق الأوسط، أخبار الأدب المصرية والملحق الثقافي لجريدة العلم).
وقد صنف هذا النداء في مقدمة التوصيات التي صدرت في البيان الختامي للأيام الشعرية التي احتضنتها مدينة بركاما التركية سنة 1997، حيث تقرر أن يكون يوم 21 مارس من كل سنة يوما عالميا للشعر.
وفي السنة نفسها (1997)، انعقد مهرجان ربيع الثقافة الفلسطينية في فرنسا، بمشاركة فدوى طوقان ومحمود درويش وعز الدين المناصرة، الذين قاموا بإصدار بيان وجهوا من خلاله نداء إلى المدير العام لـ«اليونسكو»، فيديريكو مايور، بعنوان: «الشعر روح الإنسانية.. الشعر جسد العالم»، وكان الهدف من هذا النداء هو المطالبة بتخليد يوم عالمي للشعر.
إن الهدف الحقيقي من إحياء يوم عالمي للشعر هو الالتئام في الفضاءات العامة والخاصة من أجل تجديد الوفاء للقصيدة، والإنصات إلى علاقتنا بالذات وبالأجيال وبالقراءة والتجربة… ومن تم الإنصات إلى الذاكرة الجماعية التي تعزز الاحترام المتبادل والتلاحم الاجتماعي الرامي إلى المحبة والسلام.
فمتى كانت الأشعار أصيلة فإنها لن تحيد عن كونها رامزة إلى عالم الكمال والحقيقة… مازلنا عاشقين لوضاءة يوتوبيا الشعر نصغي إلى فيضها المسكوب في أعماق قلوبنا الشجنة، إننا لا نستطيع أن نتنفس سوى تحت مائها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى