تامسنا..خبرة طبية تبرئ متهمين بالقتل مدانين بـ50 سنة سجنا
نجيب توزني
في سابقة قضائية، تحول حكم قضائي بالسجن النافذ صدر أخيرا بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، بلغت مدته 50 سنة في حق متهمين اثنين، إلى حكم يقضي ببراءتهما من تهمة القتل العمد التي وجهت إليهما منذ انطلاق محاكمتهما في يناير من سنة 2016.
وتابعت «الأخبار»، مساء الخميس الماضي، فرحة عارمة ببهو محكمة الاستئناف رافقها عناق وبكاء مسنين من عائلات المتهمين، بعد إعلان الهيئة القضائية لنتائج مداولتها التي استمرت لأكثر من ثلاث ساعات، حيث قضت بمنح الشابين المتهمين البراءة بعد إدانتهما بحكم ابتدائي كان سيضعهما وراء قضبان السجن لمدة 25 سنة .
وتعود تفاصيل الواقعة إلى شهر يناير من سنة 2016، بعد اكتشاف شخص ثلاثيني كان يحرس فيلا في طور البناء بمدينة تامسنا مصابا بجروح خطيرة، تسببت في وفاته ساعات بعد نقله إلى مستعجلات المستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط.
وبناء على أوامر النيابة العامة المختصة، فتحت سرية الدرك الملكي بتمارة تحقيقا في الموضوع، انتهى باعتقال شخصين، أحدهما ابن خالة الهالك، حيث تم وضعهما رهن الاعتقال، وإخضاعهما للتحقيقات وجلسات محاكمة مفصلة، تكونت معها القناعة التامة لدى الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية، بناء على ما توفر لديها من قرائن قانونية وواقعية، بارتكابهما الجرم الخطير المتعلق بتصفية الهالك من طرف المتهمين، وبالتالي إدانتهما بما مجموعه 50 سنة سجنا نافذا وزعت بالتساوي عليهما.
وتبين، خلال أطوار المحاكمة، أن المتهمين الثلاثة المعتقلين في هذا الملف قبل الإفراج عن أحدهم أنكروا كل التهم المنسوبة إليهم، حيث أكد الأول المزداد سنة 1984 بالرماني، أنه تناول العشاء مع الهالك وبقي معه إلى حدود الساعة 11 ليلا رفقة شخص ثالث، قبل أن يفاجأ صباح الغد بخبر وفاته، وهو التصريح نفسه الذي أكده المتهم الثاني حيث سرد تفاصيل الجلسة التي جمعتهم بالهالك قبل مغادرة الموقع، ليتم إخباره من طرف المتهم الأول أن مضيفهم ليلة الواقعة عثر عليه مضرجا في دمائه بسطح الفيلا التي كان يحرسها قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بمستعجلات السويسي بعد ساعات من نقله عبر سيارة إسعاف.
وشكلت تصريحات شقيق الهالك منعطفا حاسما انعرج بالتحقيقات لمسار آخر، أصبحت معه ملابسات الحادث أكثر وضوحا، بعد أن وجه تهمة قتل أخيه لطرف آخر وهو ابن خالة الضحية المزداد سنة 1988 بابن سليمان، حيث أكد أنه كان على خلاف دائم معه، مذكرا بنزاع حاد نشب بينهما قبل وفاته بيومين، وهو الصراع الذي أكده المتهم مع تأكيده على براءته من التهمة. وبناء على مستجدات مرتبطة بحجز سيف و«كاشكول» يعود للهالك ملطخا بدمائه، عثر عليه مخبأ بكوخ مجاور للفيلا التي كان يحرسها الهالك ويقطن بها المتهم الثاني، الذي اعترف بأنه قام بإخفاء السيف و«الكاشكول» المملوكين للضحية، مع عدم تصريحه بهذه الجزئية عند جلسات الاستماع الأولية، ما جعله موضع شبهة بارتكاب الجريمة رفقة المتهم الثالث ابن خالة الحارس الضحية، وتمت إدانتهما من طرف غرفة الجنايات الابتدائية بناء على هذه الوقائع بـ25 سنة، قبل أن تحسم خبرة طبية الموضوع بكامله، حيث قضت الهيئة القضائية التي ترأسها القاضي العلقاوي، مساء الخميس، ببراءة المتهمين من الحكم الابتدائي، وذلك خلال الشوط الثاني من المحاكمة الذي احتضنته غرفة الجنايات الاستئنافية.