الرئيسيةسياسية

جطو يجلد حكومة العثماني تحت قبة البرلمان

فضح فشلها في تنفيذ خطة الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة 2030

محمد اليوبي
كشف إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، أول أمس الاثنين، أمام أعضاء مجلس المستشارين، عن مكامن الخلل في تنفيذ خطة الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة، ووجه انتقادات لاذعة للحكومة بخصوص تقصيرها في اتخاذ التدابير اللازمة من أجل تنفيذها، كما انتقد غياب إطار مؤسساتي للتنسيق والرصد والتكامل بين المتدخلين.
وأكد جطو أن إنجاز التقرير الموضوعاتي حول «مدى جاهزية المغرب لتنفيذ خطة 2030 من أهداف التنمية المستدامة» يهدف إلى تقييم التدابير المتخذة من طرف مختلف الفاعلين على المستويين الاستراتيجي والمؤسساتي، وكذا ضمان إطار ملائم لتحديد الأولويات وتبني وتنسيق وتتبع ورصد الأهداف 17 والغايات المرتبطة بها، وذلك بالنظر إلى أهمية تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتحديات التي تمثلها بالنسبة للمملكة.
وسجل جطو أن المغرب التزم، كأغلب بلدان العالم، بتنزيل خطة التنمية المستدامة في أفق سنة 2030 المتعلق بإطار العمل العالمي الذي يعتمد على تنفيذ 17 هدفا للتنمية المستدامة المفصلة في 169 غاية، غير أن تقرير المجلس انتقد غياب إطار مؤسساتي للتنسيق والرصد والتكامل بين المتدخلين في تنفيذ هذه الأهداف، ملاحظا أن الحكومة لم تتخذ بعد التدابير اللازمة من أجل تنفيذها.
وحسب التقرير الذي أصدره المجلس حول مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2015-2030، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 25 شتنبر 2015، فإن دور الحكومة اقتصر على تنظيم مناظرة وطنية واحدة سنة 2016، دون أن يعقبها اتخاذ إجراءات حقيقية وملموسة لتكييف السياسات والبرامج مع خطة 2030 وإدماج الغايات المستهدفة ذات الأولوية بالنسبة للمغرب.
وسجل التقرير أنه منذ انعقاد المناظرة لم يتم اتخاذ أي تدابير على المستوى الوطني تضم جميع الفاعلين، مشيرا إلى أن غياب هذه التدابير لم يسمح بعقد مشاورات بين مختلف الأطراف المعنية حول الأولويات الوطنية وفق ما هو محدد في إطار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأشار التقرير إلى المصادقة على الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في شهر يونيو 2017، وكان بإمكانها أن تمثل الإطار المناسب لتحديد أولويات أهداف التنمية المستدامة والتخطيط لتنفيذ خطة 2030، إلا أن التحريات التي قام بها المجلس لدى مجموعة من الفاعلين كشفت العديد من أوجه القصور المتعلقة بعملية اعتماد الاستراتيجية، ما أدى إلى تباطؤ عملية تكييفها وتقاربها لأجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وفي سنة 2018، تم إحداث لجنة استراتيجية للتنمية المستدامة تحت سلطة رئيس الحكومة تعنى بتنفيذ الاستراتيجية، لكن المرسوم المتعلق بهذه اللجنة لم يشر إلى أهداف التنمية المستدامة وإلى الدور الذي يمكن أن تضطلع به اللجنة، ما تسبب في خلق ارتباك بين الأطراف المتدخلة.
كما أن تبني الأهداف والتفاعل معها وطنيا من طرف مختلف الفاعلين من أجهزة القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني والمواطنين لازال لم يرق إلى المستوى المطلوب، ونتجت هذه الوضعية، في نظر المجلس، عن غياب إطار مؤسساتي وطني يروم الرفع من مستوى التنسيق والرصد والتكامل بين مختلف المتدخلين المعنيين بتنفيذ هذه الأهداف من جهة، وعدم تبني استراتيجية تواصلية من أجل التوعية والتعريف بأهداف التنمية المستدامة وتبنيها من طرف مختلف المتدخلين من جهة أخرى. واعتبر التقرير أن التأخير في وضع هذا الإطار أدى إلى ضعف مشاركة المتدخلين المعنيين وضعف مستوى المشاورات التي تتم معهم من أجل تبني تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى غياب توزيع للأدوار والمسؤوليات، وعدم تبني استراتيجية أو خطة وطنية تحدد الأولويات الوطنية وخطط التنفيذ والآجال المتعلقة بها والمتدخلين ومصادر التمويل.
وعلى مستوى آخر، لاحظ المجلس بطء وتيرة تنفيذ التدابير المتخذة من أجل ملاءمة وتكييف الأهداف والغايات المعتمدة على مستوى الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والاستراتيجيات القطاعية مع أهداف التنمية المستدامة. وأشار التقرير إلى أن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة يواجه مجموعة من الإكراهات تتعلق أساسا بالانخراط غير الكافي في مضامينها من طرف بعض المتدخلين، ووجود تباين بشأن الإطار الملائم لتحديد المشاريع وأجرأتها وطرق ملاءمتها مع أهداف التنمية المستدامة ومسؤولية متابعتها وتنسيق تنفيذها.
وفي هذا الصدد، لاحظ المجلس أن مجموعة من الوزارات تتخذ مبادرات فردية لأجل تبني الأهداف وتنفيذها في إطار استراتيجياتها القطاعية، في غياب إطار استراتيجي لتنسيق تدخل مختلف الشركاء ومنهجية موحدة ومتكاملة تحدد الأولويات الوطنية. ويتضح أن هذا النهج، حسب التقرير، يخالف ما تم اعتماده في إطار خطة 2030 لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والذي يحث على التنسيق المحكم بين مختلف الفاعلين وتوزيع ملائم للمهام بما يتيح التنفيذ الأمثل واستغلال المؤهلات الوطنية في إطار مشروع متكامل.
كما سجل التقرير ضعف دور لجنة تنسيق الدراسات الإحصائية والتأخر في تحديث الإطار القانوني للنظام الإحصائي الوطني وإحداث المجلس الوطني للمعطيات الإحصائية. وفي ما يتعلق بتغطية المؤشرات والغايات المستهدفة، سجل المجلس أن القائمة النهائية للمؤشرات التي يمكن أن ينتجها النظام الإحصائي الوطني لم يتم حصرها بعد، وفي هذا الصدد، بين التشخيص الأولي المنجز من طرف بعض مكونات هذا النظام قدرته على توفير 49 في المائة من المؤشرات الأممية، في حين لم يتم بعد تحديد القيم المرجعية المتعلقة بها، كما أن هذه المعطيات، يقول التقرير، لم تتغير منذ المناظرة الوطنية لسنة 2016، وهو ما يبين محدودية التفاعل مع متطلبات متابعة تنفيذ الأهداف وقياس المؤشرات من طرف مختلف مكونات النظام الإحصائي الوطني وغياب منهجية وطنية في هذا الصدد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى