الافتتاحية

حان وقت تقديم عرض اجتماعي

يقود عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، جلسات حوار اجتماعي مع مسؤولي المركزيات النقابية يمكن أن تكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل دخول النفق المسدود. ويبدو أنه ليس هناك من خيار أمام الجميع سوى التوافق على عرض اجتماعي، ينزع فتيل الكثير من القنابل الاجتماعية التي تهدد الاستقرار والأمن الاجتماعيين.
وتزيد حاجة نجاح لفتيت بعد مرور ثماني سنوات كاملة على آخر حوار اجتماعي ناجح عقد، خلال الأيام الأخيرة من حكومة عباس الفاسي، وأثمر عن اتفاقيات جماعية كان لها مفعول السحر في تجنيب المغرب ويلات الهزات السياسية والاجتماعية التي ضربت الكثير من الدول العربية، خلال ما سمي «الربيع العربي».
ومنذ صعود حكومة الاسلاميين وتباهيها بصناديق الاقتراع، تجمد الحوار الاجتماعي وتسلطت حكومتا «البيجيدي» على المواطن، فأخذت باليسرى ما حصلت عليه الفئات الهشة في اتفاق 26 أبريل باليمنى.
لقد نجحت الحكومات التي قادها حزب العدالة والتنمية في أن تجعل الحوار الاجتماعي آخر همومها في تدبير الشأن العام. بينما توفق الحزب في أن يسير بالبلاد إلى مزيد من التأزيم الاجتماعي، وعمل بكل الوسائل على الالتفاف على بعض المكاسب الاجتماعية التي تحققت في ظل حكومات سابقة. وقد جاءت قرارات رفع الدعم عن المواد الأساسية دون إجراءات مصاحبة، وإثقال كاهل المواطن بإصلاح صناديق التقاعد دون سابق حوار، لتؤكد هذا التوجه الذي يجعل من الحكومة تستخف بالحوار مع النقابات.
وبدون شك فإن أحد الأسباب المبررة لتجميد الحوار وتغول حكومتي «البيجيدي» يعود للهوان والضعف الذي يعاني منه أداء النقابات المركزية، بسبب الهشاشة التنظيمية وضعف التأطير وغياب الديمقراطية والشفافية، فدورها الحالي لا يتعدى صياغة بيانات بتحسين أوضاع الشغيلة وممارسة هواية الركوب على موجات الاحتجاجات التي تقودها التنسيقيات المهنية. لذلك أصبحت الحكومة تحتقر فعليا النقابات، وتعتبرها فاقدة لشرعية التمثيل والحوار.
واليوم تبدو الصورة قاتمة من كل الجوانب، فبعد مرور 8 سنوات عجاف، لم يثمر أي حوار اجتماعي عن عرض مقنع من شأنه أن يخفف من منسوب الاحتقان في ظل اقتصاد في حالة ركود، ورقعة احتجاجات تتسع داخل كل الفئات المهنية، وشبح بطالة ينذر بالأسوأ، وسوء خدمات في الصحة والتعليم. وسيكون من الوهم الاطمئنان إلى استمرار الوضع الاجتماعي الراهن، فهو لن يقوى على الصمود كثيرا في ظل القرارات الحكومية المجحفة، والتي تبرر عدم الاستجابة للمطالب الاجتماعية المتعلقة بتحسين الدخل والقدرة الشرائية بإكراهات مالية للدولة، في حين أن الحكومة تصرف الملايير من الدراهم سنويا على رفاهية وزرائها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى