سري للغاية

حسن فرج: «غيثة أغلقت باب التواصل مع محيط عبد الفتاح وهؤلاء أصدقاؤها الحقيقيون»

  • كيف كانت علاقتك بأمك مباشرة بعد وفاة عبد الفتاح فرج؟

في الحقيقة كانت علاقة هشة، وصدمت في تلك الفترة، عندما استخلصت أن الدكتور قنيدل زادها هشاشة. كنت أظن في فترة من الفترات أنه يقوم بالوساطة بيني وأمي غيثة، خصوصا وأن علاقتي بها تحسنت كثيرا في الأيام الأخيرة من حياة والدي عبد الفتاح، لكن بعد الوفاة اكتشفت أنه كان يريد أن يوسع الهوة بيني وبينها. بطبيعة الحال لم أكتشف الأمر في حينه، لكني فهمته عندما ساءت الأمور بيني وبينها بعد الوفاة بأشهر.
بعد وفاة عبد الفتاح فرج لم أعد أستقبل اتصالات أمي كما في السابق، ولم تعد تسأل عني، وانقطعت أخبارها هي وأختي. في ما بعد علمت أنهما توجهتا إلى المغرب كما قلت لك.

  • كيف علمت بذلك؟

عندما دخلت إلى المغرب للمرة الأولى بعد سنة وبضعة أشهر من وفاة عبد الفتاح فرج، تبين لي أن والدتي غيثة وأختي خديجة، قامتا بإفراغ بعض الأماكن من محتويات نفيسة، ولم يكن ليتسنى لهما أمر القيام بهذه الأمور لولا أنهما لم تأتيا إلى المغرب بعد وفاة عبد الفتاح، للقيام بجمع الأغراض والأموال التي بقيت في المنزل مباشرة بعد رحيله هاربا من المغرب.

  • كنت تقول دائما إنك كنت وحيدا ما بين فرنسا وألمانيا، لكنك عندما حكيت لنا عن وفاة عبد الفتاح فرج، قلت إنك اتصلت بأحد أصدقائك ليكون حاضرا معك في إجراءات الإعداد للدفن.. احك لنا عن صداقاتك؟

رشيد الحرشي كان صديقا لي منذ أيام الطفولة، حيث درسنا معا. علاقتي به كانت طيبة جدا، لذلك فكرت في الاتصال به، وأيضا ابن المديوري الذي كان حارسا خاصا للملك الحسن الثاني. جمعتني به صداقة خاصة، ودرسنا جميعا، بالإضافة إلى سكينة البصري، ابنة وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري، وأبناء وزراء آخرين.. كان هناك آخرون أيضا، لكن العلاقة بيننا كانت سطحية نوعا ما.
لم نكن ندرس في الأقسام نفسها بحكم فارق السن، لكن كل الذين كانت تجمعهم المدرسة الأمريكية كانوا معروفين.. وهكذا بقيت ملامح بعضهم عالقة في ذهني رغم أني لم أستمر هناك طويلا، لأن عبد الفتاح فرج لم يكن يريد أن أنشئ صداقات مع أبناء الوزراء وأبناء المحيطين بالملك الحسن الثاني أو العاملين في القصر الملكي. رغم أني انتقلت كثيرا إلا أن علاقتي بكل من ابن الجنرال الحرشي وابن المديوري، بقيت طيبة رغم أننا لم نكن نتواصل كثيرا. الظروف التي مررت منها لم تكن سهلة، ولم تساعدني على الحفاظ على الكثير من العلاقات. لقد حكيت لك عن ظروف الدراسة بكل من برلين وجنوب فرنسا في ما بعد.. لا يمكن أن تقارن الظروف التي درست فيها مع الإمكانيات المتوفرة لأبناء المسؤولين والوزراء للدراسة بالخارج، لذلك لم أكن ألتقي أحدا. لا تنس أننا كنا صغارا في السن، ومتقاربين أيضا، وبالتالي لم نكن نعير اهتماما لمناصب آبائنا أو الأسماء العائلية. هذا أمر نتعلمه في المدرسة الأمريكية، حيث لا يهم ابن من أنت أو ماذا يعمل والدك.. بالإضافة إلى أبناء مسؤولين أجانب ودبلوماسيين في المغرب.
بالعودة إلى سؤالك، فقد اتصلت برشيد الحرشي، لأني كنت أحتاج شخصا ليرافقني في تلك الظروف العصيبة. هذا كل ما في الأمر.

  • والد الحرشي كان صديقا لوالدك؟

ا ليس الجنرال. الصداقة نشأت بفعل تردد والدته بدورها على القصر الملكي، في الفترة التي درسنا فيها معا، أي في المرحلة الابتدائية.

  • الكثيرون لن يستسيغوا مسألة دفن عبد الفتاح فرج في مقبرة ليست للمسلمين.. ما رأيك؟

لم يوص مثلا أن يدفن في مكان آخر، وأنا متأكد أنه لو أوصى بأن يُدفن في مقبرة للمسلمين، أو أن يدفن في مقبرة عائلية بالمغرب أو أي وجهة أخرى، لحققت له أمي غيثة ذلك، لكن بدا واضحا أنه كان يرغب أن يُدفن في ألمانيا، وكان له ما أراد فعلا.

  • كيف كانت علاقات أمك غيثة مع محيطكم في الرباط بعد وفاة عبد الفتاح؟

علاقات أمي غيثة كانت محدودة جدا في الحقيقة. هناك نوعية من الناس كان مفروضا عليها أن تلتقيهم بحكم منصب زوجها كمدير للكتابة الخاصة للملك الراحل الحسن الثاني، وآخرون كانت تربطهم بها صداقات متينة، لم تتغير رغم رحيل عبد الفتاح ورغم التهم التي وجهت له، والتي تتعلق بسرقة أموال الملك الراحل.
بالإضافة إلى صداقات متينة جمعتها مع أناس آخرين كانوا يعملون في الفيلا، وأستاذي السابق للموسيقى، والذي بقيت علاقته وطيدة بالعائلة. بي شخصيا، وبأمي وبخديجة أحيانا بحكم أنه قدم لها دروسا أيضا في مراحل مختلفة من طفولتها ومراهقتها أيضا. هؤلاء كانت تتصل بهم في المناسبات وتستقبلهم كلما جاءت إلى المغرب، كما كان عليه الأمر قبل وفاة عبد الفتاح وبعدها أيضا.. لم يكن هناك فرق. وبقيت علاقتها بهم طيبة إلى أن توفيت رحمها الله.
أما الصداقات التي كانت مفروضة على أمي غيثة، بحكم أنها زوجة رئيس الكتابة الخاصة للملك، فقد كانت بهدف الظهور أمام الجميع بأنها تلك الزوجة السعيدة بحياتها رفقة عبد الفتاح فرج وأنها لا تعاني من أي مشاكل. هذا النوع من الصداقات، قطعت معه بعد إعفاء عبد الفتاح فرج من منصبه، ولم يكن عليها مثلا أن تنتظر إلى ما بعد وفاته. بقيت لديها صداقات أخرى، راكمتها من سنوات عمل زوجها إلى جانب الملك، واحتفظت بها لأنها لم تكن صداقات مفروضة عليها.

  • حدثنا عن الصداقات المفروضة عليها..

في الحقيقة، وهنا تكمن غرابة شخصية أمي غيثة، لم يكن ممكنا أن يفرض عليها أحد شيئا ما، حتى لو تعلق الأمر بالصداقات أو المجاملات الاجتماعية. لكنها كانت تجد نفسها مضطرة في أحايين كثيرة، إلى تقبل علاقات عابرة في الحفلات التي كانت تقام بالقصر الملكي، أو الاحتفالات الرسمية التي تستدعى لها الشخصيات الوازنة في الدولة. وكانت ترافق زوجها إلى هناك، وبالتالي يفرض عليها أن تجالسهم وتحضر معهم بصفتها زوجة مدير الكتابة الخاصة للملك، وليس بصفتها الشخصية. هؤلاء لم تكن تربطها بهم أي علاقة شخصية، وتحاول دائما أن تترك العلاقات معهم رسمية لا أقل ولا أكثر. لكن بالمقابل، كوّنت صداقات متينة من خلال تلك اللقاءات والاحتفالات، واحتفظت بها من محيط القصر الملكي الذي غادرته منذ زمن.

  • مثلا..

مثلا أستاذة اسمها «مدام كاركور»، وهي أستاذة للغة الإنجليزية في المدرسة الأمريكية أيضا، ربطت صداقة متينة بوالدتي. زوج هذه الأستاذة كان يعمل مديرا لجامعة «الأخوين». بالإضافة إلى السيدة «لافوري»، وهي فرنسية وزوجها كان يعمل في مجال ترويض الخيول بالقصر الملكي، ونشأت بينها ووالدتي صداقة متينة، وكانت تزورنا بين الفينة والأخرى. بالإضافة إلى صداقة مع الجعايدي، سفير المغرب في الولايات المتحدة الأمريكية.. (يصمت).. هؤلاء الذين أتذكرهم الآن. وقد بقيت علاقتهم بوالدتي طيبة إلى أن توفيت.

  • هل كان يزورها أحد من الشخصيات التي كانت مفروضة عليها، بعد وفاة عبد الفتاح فرج؟

لا. في حياته، كانت تحظى بزيارات حميمية وأخوية من الذين ربطتهم بها صداقات حقيقية فقط، وأتذكر أنهم كانوا يأتون إلى بيت عبد الفتاح وتجالسهم لوحدها. لأن عبد الفتاح يكون منشغلا دائما، وحتى إن كان في بيته فإنه يكون منعزلا. حتى أنه لم يُحضر معه أحدا ممن اشتهروا بأنهم أصدقاؤه إلى المنزل. ولم يحدث أبدا أن نظم حفلا في إقامته ودعا إليه شخصيات وازنة.. كان فقط يستقبل صديقة أجنبية، تعرفها أمي غيثة، وصديق آخر اسمه ميشيل الباز، والسيد بارزيلاي، Joseph Barzilai ، وبعض الشخصيات الأخرى من عالم المال والأبناك. كان يستقبلهم لأغراض مهنية، وليس لقاءات خاصة. وبعد وفاته، لم تكن أمي تستقبل إلا أصدقاءها الحقيقيين، وهم كما ترى، قلائل، وعلاقتها بهم تعود إلى فترة الثمانينات.

  • هؤلاء البنكيون الذين قلت إن عبد الفتاح كان يستقبلهم، هل كانت لقاءاته بهم من أجل العمل بصفته مديرا للكتابة الخاصة للملك، أم لتدبير أموره المالية الخاصة؟

لا أعلم.

  • طيب لنعد الآن إلى الوضعية النفسية لوالدتك، ماذا كان يخبرك الدكتور قنيدل بشأنها؟

لا شيء محددا، انقطع الاتصال بيني وبينها بعد أن كنت أعتقد أنها عادت لتسأل عني، لكن هذا الأمر كان فقط في الفترة التي كان فيها عبد الفتاح فرج مريضا. بعد ذلك لم تعد تتصل، وسأكتشف عندما تبرز مشاكل الإرث، أنها لم تكن تريد الاتصال بي، لأنه لا أحد وقتها، كان يعلم بأمر الوصية التي ستفجر كل شيء، وتمنحها 20 بالمائة من ثروة عبد الفتاح، في مقابل 80 بالمائة لأختي خديجة.

  • هل كانت تريد أن تكتم أمر الوصية عنك؟

نعم، هذا هو السبب الوحيد لقطعها باب التواصل معي بعد أن فتحته بنفسها.

  • هل كان الدكتور قنيدل يعلم بأمر الوصية؟

لا أظنه كان يعلم، لأن في فترة من الفترات أصبح متجاوزا، وكان يتصل بي لمعرفة تطورات الأمور. فهمت حينها أنني صلة وصله الوحيدة مع العائلة في فترة من الفترات، وكان مهتما جدا بمعرفة تفاصيل مآل إرث عبد الفتاح فرج.

  • متى علمت أنت بأمر هذه الوصية؟

علمت بأمرها لأول مرة سنة 2006. وقد كان مولاي عبد الله العلمي، مدير الـ «SFM»، يعلم بأمرها أيضا. لكني لم أر الوصية بعيني إلا سنة 2014. كنت أسمع بوجودها فقط، وسأخبرك لاحقا كيف علمت بأمرها للمرة الأولى.

  • ماذا وقع بالضبط في الفترة الفاصلة بين وفاة عبد الفتاح في دجنبر 2005، والمرة الأولى التي سمعت فيها بأمر الوصية عام 2006؟

في تلك الفترة كانت والدتي تقول إن عبد الفتاح لم يترك أي شيء! ولم تذكر أبدا مسألة الوصية التي تفوت لها 20 بالمائة من ثروته. كما أن أختي خديجة، المستفيد الأكبر، لم تبح بأي شيء، وبقيت ملتزمة الصمت التام. الجميع كان يتساءل عن الإرث الذي تركه الراحل، وعائلته في الرباط أيضا كانوا يتساءلون. لكن عبد الفتاح أحسن إخفاء ثروته تماما، وأوصى بكل شيء لخديجة ثم لأمي.

  • قلت لي مرة إن أخاه عمر فرج زاره في ألمانيا؟

نعم، زاره عندما كان على فراش المرض، وتحدث له عبد الفتاح يومها عن ثروته وأمواله، لكن أمر الوصية لم يكن يعلم به أحد منا داخل العائلة.

  • رأيت الوصية كما تقول في 2014، كيف كان شكلها؟

وصية بخط اليد، مكتوبة فوق ورقة عادية. لم تكن ورقة رسمية ولا إدارية ولا مختومة. ويمنح عبد الفتاح فرج بموجبها ثروته كلها، بالإضافة إلى صندوق حديدي، لفائدة أختي وأمي بالتقسيم الذي أخبرتك به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى