خاص

دخان سجائر سويسرية سامة ينخر صدور المغاربة

كميات مضاعفة من مواد تجعل المدخنين المغاربة أكثر إدمانا من الأوربيين

إعداد: لمياء جباري
أضحت «فيليب موريس» في قلب زوبعة كبيرة، إثر التحقيقات التي توصلت إلى علاقة الشركة، التي تشتغل في مجال التبغ، بالسجائر المصنعة في التراب السويسري المباعة في المغرب، والتي كشفت تحليلات مخبرية أنها أقوى بكثير وأكثر إدمانا وسمية من تلك المباعة في سويسرا أو فرنسا. التحقيقات التي رصدت السموم في السجائر، أكدت أن تلك الموزعة بالمغرب تتضمن نسبا مضاعفة من مواد القطران والنيكوتين وأول أكسيد الكاربون، ما يجعلها أكثر خطورة على صحة المدخين من نظيرتها الموزعة في الاتحاد الأوربي.

أورد تقرير منظمة «بوبليك إي» السويسرية، حول السجائر السويسرية المصدرة نحو المغرب، أن السجائر المذكورة الموجهة للاستهلاك المغربي تحمل مكونات مضاعفة وأكثر قوة، قياسا مع نفس السجائر المروجة من طرف الشركة ذاتها في أسواق الاتحاد الأوربي، خلافا للقوانين المعمول بها.
المنظمة قامت بتحليل عينات السجائر السويسرية المدخنة في المغرب مقارنة مع تلك المدخنة في أوربا، من حيث مستويات القطران والنيكوتين وأول أكسيد الكربون، في معهد الصحة بلوزان الذي يتوفر على آلة مدخنة، وهو معهد من ضمن المختبرات المصنفة من طرف منظمة الصحة العالمية. وقام خبيران من المعهد، هما غريغوري بلاتيل ونيكولاس لوزانو، بتحليل عينات ما لا يقل عن 30 علبة سجائر من المغرب وفرنسا وسويسرا، لرصد مدى احترامها للمعايير السويسرية والأوربية التي تؤكد على مكونات قصوى لا يمكن تجاوزها تتمثل في 10 ملغ من القطران، و1 ملغ من النيكوتين، و10 ملغ من أول أكسيد الكاربون.

سجائر سامة تحترم القانون المغربي
تقول خلاصة التحليل المخبري الذي أجري على السجائر الموزعة بالمغرب من قبل شركة «فيليب موريس» المختصة في توزيع التبغ إن «السجائر المصنعة في التراب السويسري المباعة في المغرب أقوى بكثير وأكثر إدمانا، وأكثر سمية من تلك المباعة في سويسرا أو فرنسا». وأضافت منظمة «Public Eye» أن «المغاربة يدخنون سجائر أكثر ضررا من الأوربيين، لأن سجائرهم تحتوي على المكونات الثلاثة بمستويات أعلى من المعايير السويسرية والأوربية». وأورد التحقيق مثالا على ذلك بالقول: «بالنسبة إلى النيكوتين، فالفرق بين السجائر التي يتم تسويقها في المغرب وتلك التي يتم بيعها في سويسرا مثير جدا، فسيجارة (كاميل) المصنوعة في سويسرا المباعة في المغرب تحتوي على 1.28 ميليغرام، مقابل 0.75 ميليغرام بالنسبة إلى نظيرتها التي تباع في سويسرا». وبالنسبة إلى أول أكسيد الكاربون، الذي يسبب خفض كمية الأوكسجين المتداولة في الدم، فإن «ونستون بلو» المدخنة في المغرب تحتوي على 9.62 ميليغرامات في السيجارة الواحدة، مقابل 5.45 ميليغرامات في نظيرتها المسوقة بسويسرا.
وأورد التحقيق أن المغرب أقر قانونا لمنع التدخين في الحانات والمطاعم، لكن لا يتم تطبيقه، كما أن برامج الوقاية في المدارس نادرة جدا وتقوم بها جمعيات بميزانيات محدودة للغاية، بالإضافة إلى وجود قانون يحد من محتوى القطران والنيكوتين وأول أكسيد الكاربون، لكن لم يتم إصدار مرسومه التنفيذي. ونظمت الشركة الأم «فيليب موريس» ندوة صحافية أقيمت، الأسبوع المنصرم، حول حصول الشركة على شهادة مساواة الرواتب بين النساء والرجال، حيث انصبت أسئلة بعض ممثلي وسائل الإعلام على التقرير. لم يشكك مسؤولو الشركة في مصداقية التقرير، بقدر ما أكدوا أن السجائر المسوقة في المغرب لا تخالف القوانين المغربية، التي لا تحدد كميات بعينها للقطران والنيكوتين أو ثاني أكسيد الكاربون.

الكرة في الملعب المغربي
أعلن جيل بازوس، المدير المسؤول عن الشركة بالمنطقة المغاربية، أنه «لو كان هناك قانونا مغربيا يحدد كميات معينة لامتثلنا، لكن ليس هناك قانونا، علما بأن قناعتي أن خير طريقة لتجنب أضرار السجائر هي الانقطاع عن تدخينها». كما لفت المسؤول ذاته إلى أن التركيز الذي يتم الحديث عنه بعد تقرير المنظمة السويسرية لا يهم «فيليب موريس» فقط، بل يشمل سجائر أخرى مسوقة بالسوق المغربية، مضيفا أن «فيليب موريس» مستعدة للتقيد بأي معايير تصدر عن السلطات المغربية المعنية. الشئ ذاته ذهبت إليه عبلة بنسليمان، المسؤولة بـ«فيليب موريس»، مشيرة إلى أن هذه الأخيرة تزود السوق المغربية وفق القوانين المغربية، علما بأنه ليس في هذه القوانين أي بنود تحدد كميات معينة في ما يخص القطران والنيكوتين وثاني أكسيد الكاربون.
وأضافت بنسليمان أن الشركة تسعى إلى إقناع السلطات العمومية بجدوى وضع إطار تنظيمي للمنتجات البديلة التي تقترحها. وعبرت عن أملها في أن تكون الحكومة مستعدة لوضع إطار تشريعي تنظيمي للمنتجات البديلة، وبالتالي الانتقال لتحسيس المستهلك عبر توفير معلومات حول المنتجات البديلة. وقالت عبلة بنسليمان إنه يمكن استلهام التشريعات التي وضعتها بلدان تعرض فيها السجائر البديلة، حيث يمكن تبني تشريعات متكيفة مع المخاطر التي تقللها تلك السجائر، حسب المتحدثة. كما صرحت شركة «فليب موريس الدولية» (PMI) سابقا بأن: «مستهلكي السجائر في العالم أجمع مختلفون في ما يفضلونه، وعلى أساس هذه التفضيلات يتم انتقاء التبغ حسب خلطات خاصة لكل على حدة، وحسب درجة الأوراق بغرض الحفاظ على صلابة وتماسك كل ماركة، مثل مثلا سجائر المارلبورو الحمراء».
وحول سبب احتواء سجائر «مارلبورو» التي تباع في المغرب على نسبة أعلى من الزفت من تلك التي يتم تدخينها في سويسرا، قالت الشركة: «نحن لا ننصح بالتركيز على الزفت. فهناك إجماع علمي على اعتبار «الزفت» ليس مؤشرا دقيقا على المخاطر أو الأضرار، وأن نشر المعلومة التي تعتمد معيار «الزفت» هو أمر خادع بالنسبة إلى المستهلكين». أما عن النتائج التي أثبتت أن نسب النيكوتين هي أعلى مما هو معلن عنه في العلب، كان الجواب هو: «إنها نسب مطابقة لمتطلبات معيار إيزو 8243، الذي يرخص بهامش معين من الفارق».

مطالب بالتحقيق إلى الجهات المسؤولة
دخلت «الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة»، على خط ملف السجائر السامة المصنعة بسويسرا والموزعة بالمغرب، ووجهت رسائل مفتوحة إلى كل من وزير الصحة، وزير التجارة والصناعة، ووزير الفلاحة والصيد البحري، تطالب فيها «كل القطاعات الوزارية المعنية، وعلى الخصوص وزارات الصحة والتجارة والصناعة والفلاحة، بفتح تحقيق في الموضوع عبر مؤسساتها ومختبراتها المتخصصة، كالمركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمواد الغذائية، والعمل على مراقبة المواد والبضائع المستوردة من الخارج بما فيها السجائر، من أجل حماية صحة المستهلك وفرض معايير وكميات محددة في الصناعة المحلية ومراقبتها ومحاربة تهريب السجائر، بتنفيذ القوانين والتشريعات الوطنية والدولية المتعلقة بمحاربة التدخين، القانون 15.91، وأساسا القيام بالتوعية والتثقيف الصحي من الخطر الكامن وراء استهلاك التبغ والسجائر ومحاربته لدى الشرائح المختلفة في المجتمع، باعتبار أن صحة الإنسان هي الرصيد الحقيقي للتنمية المستدامة وللوطن».
للتذكير، إلى حدود سنة 2003 كانت السجائر تصنع محليا، في معامل الشركة المغربية للتبغ. وبعد وفاة الملك الحسن الثاني تم الإعلان عن تحرير القطاع، مع التصديق على القانون 46.02 حول التبغ المصنع. وهذا ما سرع من غزو المجموعات الدولية للسوق المغربي. واليوم، فإن 55 في المائة من السجائر التي تُدخَّن في المغرب هي مستوردة، أغلبها من سويسرا، ثم تليها تركيا، وتصل السجائر إلى المغرب بالبواخر عبر ميناء طنجة المتوسط، أو عبر ميناء الدار البيضاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى