الرئيسيةالقانونية

رأي الوكالة الحضرية من المطابقة إلى الإلزامية: الأسس القضائية

يونس وحالو : أستاذ بكلية الحقوق بوجدة
هناك بعض التوجهات القضائية تساعد في فهم الطبيعة القانونية الصحيحة لرأي الوكالة الحضرية، الذي يحيل على اعتبار رأي الوكالة الحضرية ضمن طائفة الآراء الإلزامية، فأكدت مثلا المحكمة الإدارية بمكناس على ان اعتراض الوكالة (في إطار إبداء رأيها) على المساحة لا يمكن الاعتداد به لرفض طلب الترخيص: «شراء القطع الأرضية الصالحة للبناء من الجماعة مالكة التجزئة ووفقا لكناش التحملات، يجعل طلب رخصة البناء المقدم إليها قانونيا، ما دام غير مخالف للشروط التنظيمية الجاري بها العمل في مجال التعمير وإقامة التجزئة من طرف الجماعة المالكة للمشروع وتسليمها إليها تسليما قانونيا، لا يمنحها الحق في رفض منح رخصة البناء للطاعن بدعوى أن الوكالة الحضرية اعترضت على مساحة القطعة المبيعة» (الملف عدد 3/05/94 غ، الحكم رقم 3/06/33 غ، منشور في مجلة الحقوق العمل القضائي في المنازعات الإدارية، العدد ج 2).
وهو التوجه نفسه الذي أكدت عليه المحكمة الإدارية بالرباط: «وحيث إنه بالرجوع أيضا إلى رسالة رئيس الجماعة الحضرية لمولاي يوسف، التي تفرعت عن جماعة أنفا الأم، بعد التقسيم الإداري والمؤرخة في 13 ماي 1999 تحت عدد 514، أن القطعة موضوع طلب الترخيص بالبناء ليست منطقة خضراء، حسب تصميم التهيئة الجماعية المصادق عليه في 17 مارس 1989، وأن مصالح الجماعة قد أعطت موافقتها على منح الرخصة وبذلك يكون رأي الوكالة الحضرية بعدم الموافقة على الترخيص، بعلة أن القطعة مخصصة لمنطقة خضراء في إطار تصميم التهيئة المصادق عليه آنفا، والذي انتهت آثاره بمضي المدة القانونية يشكل خطأ في تقدير الوقائع المؤدية إلى اتخاذه، ومن ثمة مخالفة للقانون، سيما أحكام المادة 28 من القانون 12/90 المتعلق بالتعمير، الأمر الذي يناسب التصريح بإلغاء قرار الرفض الضمني بعدم إعطاء الرأي الموافق على طلب الترخيص لاتسامه بالشطط في استعمال السلطة». (المحكمة الإدارية بالرباط حكم عدد 652 بتاريخ 26 دجنبر 2001 علال البركة، ضد الوكالة الحضرية للدار البيضاء).
ومن جهة أخرى، فالواقع العملي سيؤكد صعوبة اعتبار رأي الوكالة رأيا مطابقا، فمثلا نجد أن المرسوم رقم 2.18.577 الصادر في 8 شوال 1440 (12 يونيو 2019)، بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها، أوكل إلى لجنة تشكل من ممثلي العمالة والجماعة والوكالة الحضرية بالإضافة إلى ممثلي المصالح المختصة في مجال الربط بشبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية وممثلي الأجهزة المكلفة بتسيير مختلف الشبكات، إذا تعلق الأمر بمسطرة المشاريع الكبرى (المادة 22)، من أجل دراسة ملفات طلبات الرخص. تقوم هذه اللجنة بتحرير محضر حول أشغالها يرفع إلى الرئيس يتضمن جميع آراء أعضاء اللجنة، على ضوء هذا المحضر يقوم الرئيس باتخاذ ما يلزم تجاه الطلبات.
واعتبارا لكون الوكالة عضوا ضمن هذه اللجنة ورأيها يكون واحدا من الآراء المعبر عنها، فلماذا سيكون رأيها فقط هو الذي يجب الأخذ به من قبل رئيس الجماعة؟ (حسب المادة 39).
لنفرض أن آراء مختلف أعضاء اللجنة المذكورة تبنت توجها مغايرا لرأي الوكالة الحضرية، فمن غير المقبول القول إن رأي الوكالة مطابق وبالتالي التقيد به إجباريا دون غيره.
إن التطور التشريعي الحاصل وكذا تطور الموارد البشرية لدى القطاعات المعنية (العمالات، والجماعات…)، وتعقد عملية التعمير تحمل على اعتبار جميع الآراء المعبر عنها في خانة واحدة ومتساوية من الناحية الإلزامية، ولا يمكن التسليم بتمييز مؤسسة على أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى