شوف تشوف

شوف تشوف

رقصة الديك المذبوح (2/1)

وهو يصف شمائل جامع المعتصم، شبه رئيس الحكومة عمدة سلا بيوسف عليه السلام لأنه خرج من السجن نحو المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
ولو أن رئيس الحكومة كان شبه المعتصم بالنبي نوح لفهمنا الأمر، فالرجل ابتلاه الله كما ابتلى نوحا بابن عاق فعل المستحيل لكي ينقذه ويعيده إلى جادة الصواب، فأرسله إلى تركيا بعدما تدبر له عند إخوانه في العدالة والتنمية عملا في شركة تركية، لكن الولد عاد إلى بيت الأب جامع وأصبح يهدده بالقتل إذا امتنع عن تزويده بالمال لشراء المخدرات، فما كان من الأب جامع إلى أن وضع ضد ابنه شكاية بالتهديد بالقتل وأدخله السجن.
ولو أن رئيس الحكومة شبه جامع المعتصم بالنبي أيوب لكنا فهمنا الأمر، فالرجل ابتلاه الله بابنة مريضة شافاها الله، لا تكف عن الصراخ من شدة الألم، وكثيرا ما يقضي المعتصم ليالي بيضاء طويلة إلى جانبها يرعاها ويخفف عنها آلامها. وهو مأجور بلا شك على صبره هو وزوجه على هذا الابتلاء الرباني الذي لا يدري لعل فيه خيرا كثيرا لا يراه.
لكن أن يشبه رئيس الحكومة جامع المعتصم بالنبي يوسف الذي خرج من السجن إلى العزة والوجاهة والمنصب، فهذا فيه تجن كبير على النبي يوسف عليه السلام وعلى جامع المعتصم.
فخروج المعتصم من السجن، وقد كنت أول من دافع عن حريته قبل أن تسلب مني حريتي بقليل، لم يأت بمعجزة ربانية، بل عن طريق صفقة سياسية.
والمثير للاستغراب أن بعض المستشارين الذين وقعوا الشكاية التي أدخلت جامع إلى السجن كانوا ضمن من عانقهم رئيس الحكومة ورقص معهم الدبكة على خشبة المسرح.
وخلال حديثه عن مستوى عيش المعتصم قال عنه إنه يعيش براتب ثلاثة ملايين في الشهر منذ سنوات ولأنه سوسي «بشحال كايعيش كاع»؟
يعني أن السوسي بنظر رئيس الحكومة «ممكن يعيش غي بالبرد»، وهذا فيه اجترار سخيف للنكتة السمجة التي تصف السوسي بالبخل والتقتير. والحال أن سواسة، لمن عاشرهم وعرفهم عن قرب، ناس كرام وأسخياء، وهم بحكم الطبيعة الجبلية الصعبة التي يعيشون فيها تعلموا منذ قرون تدبير الممكن والعيش على قدر الموجود دون تبذير، وهذا ليس اسمه بخل بل عبقرية تدبير الندرة.
وهكذا عوض أن يجنب رئيس الحكومة نفسه مغبة إثارة النعرة العنصرية ذاتها التي أثارها «النائم» البرلماني المقرئ أبو زيد في حق الأمازيغ، عندما بدأ ينكت على «الشلوح» في محاضرة أمام عرب أجانب، وقع في المحظور، معرضا نفسه لغضب سواسة الذين يشهد لهم التاريخ بعزة النفس ورفض التحقير والازدراء، مما دفعه للاعتذار، الشيء الذي لن يقوم به رئيس الحكومة لفرط عنجهيته.
وما قاله رئيس الحكومة في حق الشلوح ليس جديدا، وربما هذه طريقته الخاصة في مباركته لهم العام الأمازيغي الجديد، فقد سبق لبنكيران أن سخر من سكان مدينة تطوان عندما قال عنهم إنهم اعتادوا اقتناء ملابسهم من سوق «الطرابو»، في إشارة إلى سوق الغرسة الكبيرة حيث تباع ملابس «البال» المستعملة.
كما وصف بنكيران التطوانيين بالكسل والخمول عندما قال ساخرا إن «التطوانيين ما كرهوش تجيب ليهم كلشي حتى لعندهم».
وعوض أن يعتذر رئيس الحكومة عن سخريته الحامضة، قرر أن يصعد الجبل وأقسم أنه لن يتراجع عن مرسومي التعليم، ولو أدى ذلك إلى سقوط الحكومة.
والحقيقة أن بنكيران يبحث بكل الوسائل لكي يؤزم الوضع السياسي في البلد ويهدد بإسقاط حكومته بحثا عن إفشال المخطط السياسي الذي شرع «البام» و«الأحرار» في وضع خطوطه العريضة.
وعندما نتأمل عن قرب هذا المخطط الخطير نكتشف أن بنكيران أزم كل القطاعات بحثا عن الاحتقان لكي يفاوض على بقائه في الحكم في عز الموجة الثانية للربيع الذي سبق أن هدد به وقال «راه مازال كايتسارى وتقدر ترشق ليه ويرجع»، فهو يريد أن يفاوض الدولة واضعا السكين تحت رقبتها.
ولذلك عانق خصوم الأمس في مسرح محمد الخامس ورقص مع شباط ولشكر رقصة الديك المذبوح على أنغام الدبكة، وهمس في آذانهما أن هذه يدي ممدودة إليكما، وهي عندما نتأملها جيدا ليست أيادي المنقذ من الغرق بل أيادي الغارق الباحث عن قشة الخلاص.
ورئيس الحكومة لا يضيره أن يمد يديه برفق لخصوم سياسيين تآمروا عليه لإسقاط حكومته، وفي الوقت ذاته يمد يديه بالعصا لشق رؤوس المواطنين الذين أوصلوه بأصواتهم إلى الحكومة.
وهذا ليس بأمر غريب على شخص حربائي يتلون حسب الظروف والمصالح، لذلك نقول للأساتذة المتدربين لا تصدقوه إن أقسم على عدم التراجع عن المرسومين، لا تصدقوه، فهو دائما ما يقسم بأغلظ الأيمان ويحنث، وحتى في هذه سينكث وعده وسيتراجع ولن تسقط الحكومة، وإذا كان هناك من حزب يجيد تغيير معطفه فهو حزب رئيس الحكومة.
فقد تخلى الحزب عن شعاره الانتخابي بمحاربة الفساد وتحالف معه.
وتراجع زعيمه عما قاله في حق مستشاري الملك، بل إنه اضطر للاعتذار صاغرا.
ورأينا كيف تغير موقف بنكيران من حفل الولاء إلى أكبر مدافع عنه.
ورأينا كيف تغير موقف الرميد من مطالب بلافتة فوق صدره بملكية برلمانية إلى مدافع عن الملكية بصيغتها الحالية.
ورأينا كيف تغير موقف بنكيران من مزوار الذي وصفه بكل النعوت القدحية، قبل أن يتحالف معه بعدما اتهمه بالفساد وتبادل العلاوات مع الخازن العام.
ورأينا كيف سكت حزب رئيس الحكومة عن تعويضات مزوار في مقابل محاكمة الذين كشفوها.
ورأينا كيف تم تعنيف المعطلين والمواطنين، بمن فيهم برلماني حزبه، وسجن الصحفيين وتوقيف الأساتذة والمعلمين.
ورأينا كيف سكت قادة هذا الحزب عن ملف السلفيين وكيف نسوه، بعدما تاجروا به انتخابيا وسياسيا.
ورأينا كيف جمدوا الأجور وزادوا في كل المواد، وخاصة الماء والكهرباء والمحروقات.
ورأينا كيف حرموا إشهار القمار في الإعلام، ثم سمعناهم يدافعون عن القمار ويحللون ما حرم الله، فقط لأن ابن يتيم الحزب لاعب ماهر في قمار البوكير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى