الرئيسية

سميرة الزاولي.. ماتت وفي جيبها فاتورة غير مؤداة وعن يمينها ملف طبي مكلف

في يوم الأربعاء 21 أكتوبر الماضي، استيقظت سميرة الزاولي كعادتها مبكرا، فتأبطت ملفها الطبي وركبت سيارة أجرة مختنقة، من مقر سكناها بحي البرنوصي في اتجاه مصحة الضمان الاجتماعي بشارع الزيراوي بالدار البيضاء. كانت تشعر بآلام في البطن، وهي التي أجرت عملية جراحية للتخلص من فتق البطن الذي لازمها طويلا. كان فكرها منشغلا بالمرض الذي يداهمها وبتسجيل ابنتها في إحدى المدارس العليا بعد أن نالت شهادة الباكلوريا.
عرضت سميرة حالتها على إدارة المصحة وأكدت تفاقم آلام البطن، لكن المسؤول طالب بتسديد فاتورة العلاج، فعادت أدراجها وهي حزينة. وفي طريقها إلى حي البرنوصي، تحدثت مع الزميل الصحفي محمد أبو سهل، وشرحت له معاناتها وألقت باللوم على الهيئات الرياضية التي تنكرت لها. وحين شعر محمد بحجم القلق الذي يساور سميرة، قال لها: «تكايسي على صحتك»، ومباشرة بعد وصولها إلى البيت استلقت على فراشها ففاضت روحها، وتبين بعد معاينة طبيب أن أزمة قلبية أجهزت على أول رئيسة لفريق كرة قدم ذكوري، وهو الاتحاد البيضاوي.
ماتت سميرة الزاولي حزنا على عائلتها التي لا تملك إلا اسما على ملعب، في زمن تنكر كثير من أبناء الحي للعربي الزاولي الذي كان ملتصقا بلاعبيه أكثر من أبنائه، الذين لم يترك لهم سوى ديون متراكمة صرفها على اللاعبين ووثائق وبذل رياضية ومسكن بسيط بجوار الملعب بالحي المحمدي.
قالت سميرة، في آخر حوار أثيري، بنبرة حزينة، إن والدها كان عنوانا للإيثار، فقد كان جميع أفراد الأسرة في خدمة الفريق، وليس الفريق من كان في خدمة الأسرة كما يفعل بعض المسؤولين. فـ«إخوتي يجمعون الكرات ويدربون الصغار ويقودون سيارة نقل اللاعبين ويحرسون الملعب». وتضيف: «الوضع الأسري لعائلة الزاولي يبعث على الاستغراب، تصور أن شقيقي الذي درب الاتحاد البيضاوي لسنوات، يعيش على إيقاع البطالة، وشقيقي الآخر الذي كان سائقا لحافلة الفريق، يعاني بدوره من الإقصاء، رغم أن الفريق يملك حافلة لكنه يخشى أن يقودها شخص من سلالة الزاولي، ثم إنني عانيت بدوري خلال تدشين ملعب «الطاس» من طرف الملك محمد السادس، حيث منعت من الدخول وكنت محاصرة بعيدا عن الملعب والدموع في عيني، رغم أنني اقترحت على عامل عين السبع- الحي المحمدي تنظيم معرض لصور «الطاس» التاريخية أثناء الزيارة المولوية».
قبل ساعتين على وفاة سميرة الزاولي، الرئيسة السابقة للاتحاد البيضاوي، عادت نجلة الأب الروحي لـ»الطاس» إلى بيتها بحي سيدي البرنوصي، وهي في حالة قلق بسبب عجزها عن أداء نفقات العلاج بإحدى مصحات الضمان الاجتماعي، وفاتورة الماء والكهرباء. عادت إلى بيتها وهي تشعر باختناق في قلبها لتنهار وتسلم الروح إلى باريها، وهي تتأبط مسودة كتاب حول مذكرات والدها، أحد مؤسسي فريق الحي المحمدي، كما كانت تعاني من حصار مالي بعد طردها من وظيفتها بقطاع التربية والتعليم، بسبب انخراطها الكلي في تدبير الشأن الكروي.
تأسفت سميرة لثقتها المفرطة في الوزيرة السابقة للشباب والرياضة نوال المتوكل، وقالت للمقربين منها إنها وعدتها باستعادة وظيفتها، لكنها أخلفت الوعد وهي التي كانت تلازمها في حلها وترحالها رفقة رفيقة دربها ثريا أعراب التي بكتها بحرقة. كما عانت الفقيدة قبل رحيلها من جور السياسيين، إذ كان من المقرر أن تكون وكيلة لائحة حزب الأصالة والمعاصرة بالحي المحمدي، في آخر استحقاقات جماعية، لكن اسمها سقط من اللائحة في آخر لحظة وطلب منها القبول بمركز الوصيفة، لكنها رفضت وأعلنت المغادرة الطوعية من الانتخابات، كما حزنت كثيرا حين أسندت الجامعة لنساء أقل منها حضورا في كرة القدم النسائية، مناصب قيادية، ما أثار غضبها وجعلها تقضي ما تبقى من عمرها الافتراضي أسيرة سرير المرض في بيتها، بعيدا عن صخب الكرة والسياسة.
كلما كانت سميرة تغادر بوابة المستشفى، إلا وتعلن ندمها لعدم حصولها على بطاقة «راميد» التي تتيح لها العلاج المجاني، وتلعن كرامتها التي حالت دون التقدم بطلب الحصول على تطبيب مجاني، لأنها كانت تثق في كرة محشوة بالهواء الفاسد يسيرها كثير من المفسدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى