الرئيسية

شركات التنمية بالبيضاء.. صفقات دون علم مجلس المدينة والوالي يديرها بمساهمة 100 درهم فقط

عزيز الحور
في البدء كان الخطاب الملكي خلال افتتاح البرلمان في أكتوبر 2013. الملك أغلظ التقريع على مسؤولي مدينة الدار البيضاء واصفا العاصمة الاقتصادية بمدينة التناقضات، ومنبها إلى أن ثمة مشكل حكامة في تدبير المدينة. بعد الخطاب بأسابيع سارع مسؤولو مجلس مدينة الدار البيضاء السابقون إلى إدراج نقط على عجل تم الترويج على أنها الحل المناسب لما نبه إليه الملك؛ خلق شركات تساهم فيها عدة أطراف، من القطاعين العام والخاص، وفي مقدمتها الجماعة الحضرية للبيضاء، لتسيير مرافق من المفروض أن الجماعة الحضرية هي التي تدبرها. المرافق شملت الخدمات المختلفة، بدءا بالنظافة وقوف السيارات، والنقل والتنشيط الثقافي والرياضي وتدبير الممتلكات. مرت نحو سنتين على خلق هذه الشركات التي سميت شركات التنمية المحلية. لم يجلس بعد الفرقاء المعنيون بهذه الشركات إلى طاولة تقييم عملها حتى الآن. الفرضية المطروحة أن هذه الشركات ابتعلت كل صلاحيات مجلس المدينة المنتخب، فهل هذا صحيح؟ ألم تعد هنالك جدوى لمجلس منتخب في ظل اتخاذ شركات مساهمة مقيدة في السجل التجاري يديرها، فعليا، أشخاص معينون، لقرارات دون الحاجة للمرور عبر المجلس؟ هل تمكنت شركات البيضاء للتنمية من تجاوز مشاكل التدبير التي كانت تعتري المتدخلين في تسيير الشأن المحلي بالعاصمة الاقتصادية؟
خلال دورة مجلس مدينة الدار البيضاء الأخيرة والتي انعقدت يوم الأربعاء 3 فبراير، أدرجت عدة نقط للمناقشة والتصويت، بيد أن ما طغى على النقاش حينها هو شركات التنمية المحلية. هناك عدة نقط مدرجة في جدول أعمال الدورة تقود مباشرة إلى طرح موضوع شركات التنمية المحلية، الأمر الذي اضطر عمدة البيضاء الجديد، عبد العزيز العماري، إلى اقتراح تنظيم يوم دراسي لتقييم عمل هذه الشركات. في انتظار ذلك، التقطت “الأخبار” عدة عناصر ترتبط بالإشكاليات المطروحة على مستوى عمل شركات التنمية هاته. هذه الإشكاليات تتوزع بين ما هو قانوني وسياسي وإجرائي تدبيري. هل باتت هذه الشركات هي من تسير مجلس البيضاء فعلا؟

الداخلية على الخط
لنبدأ من آخر نقطة فجرت موضوع شركات التنمية المحلية مجددا. يتعلق الأمر برفض وزارة الداخلية لاتفاقية تدبير مرفق وقوف المركبات المؤدى عنه، والموقعة مطلع أكتوبر 2014 بين الجماعة الحضرية وشركة التنمية المحلية “الدار البيضاء للتنمية” (CASA-DEV). ملاحظات الداخلية على هذه الاتفاقية التي تقع في 12 صفحة، آخرها صفحة تضم توقيعات المدير العام للشركة ورئيس الجماعة الحضرية للدار البيضاء السابق محمد ساجد كما تحمل توقيع والي جهة الدار البيضاء الكبرى، جهة الدار البيضاء سطات حاليا، مع التأكيد على أن توقيع الوالي خالد سفير هو المصادقة على الاتفاقية. هذه هي الأسباب الكاملة لرفض الداخلية اتفاقية تدبير مواقف السيارات بالبيضاء.
ملاحظات الداخلية، وفق وثيقة بالموضوع نتوفر عليها، رصدت بالأساس ما يمكن اعتباره أخطاء قانونية فاضحة تضمنتها الاتفاقية، رغم التصديق عليها من طرف والي جهة البيضاء، خالد سفير. هذه أخطاء ترتبط بنقطتين أساسيتين أولاهما تمكين شركة الدار البيضاء للتنمية من صلاحيات هي من اختصاص المصالح العمومية من قبيل تحديد سعر الوقوف ومبالغ الغرامات، بينما تتحدد النقطة الثانية في تجاوز مقتضيات قانونية بسيطة من قبيل اللغة الرسمية المعتمدة وعدم التنصيص على مقتضيات تتعلق بالنزاع المفترض وقوعه بين طرفي الاتفاقية. أول ملاحظات وزارة الداخلية شملت الفصل 5 المتعلق بتحديد مجال تدبير شركة البيضاء للتنمية، إذ ينص الفصل على أنه يشمل تراب جماعة البيضاء وسيستغل تدريجيا وفق برنامج تحدده الشركة، وهو ما عابته الداخلية معتبرة أن مصطلح “تراب الجماعة” جاء فضفاضا، الأمر الذي قد يخلق مشاكل مع الأغيار، كما نبهت إلى أن تحديد الشوارع والأزقة والباحات العمومية التي ينبغي الأداء مقابل الركن فيها يحدد وفق قرار تنظيمي للشرطة الإدارية يتخذه رئيس المجلس الجماعي وليس من طرف الشركة. كما نبهت الداخلية أيضا إلى منح الشركة، في الفصل 9، صلاحية تحديد مبلغ تعرفة الوقوف، إذ اعتبرت الداخلية أن ذلك يتناقض مع الميثاق الجماعي الذي يحصر تحديد سعر الرسوم والواجبات والحقوق المختلفة في المجالس الجماعية، فضلا عن إلزامية تضمين التعرفة في قرار جبائي ما يعني أن الشركة لا تحدد التعرفة، بل تعمل فقط على تطبيق تلك التي يحددها المجلس الجماعي بموجب قرار جبائي.
الداخلية عابت أيضا على الاتفاقية توكيل شركة التنمية بتحديد مبلغ الغرامة عن الوقوف دون أداء، علما أنه اختصاص للجماعة، كما انتقدت حصر مدة إعفاء سيارات الإسعاف من الأداء في حالة الوقوف في ساعتين، وفي حالة طوارئ، إذ ذكرت الداخلية أن الجاري به العمل وطنيا هو عدم فرض الأداء على سيارات الدولة والإسعاف والأمن والجيش وغيرها، كما أن لفظ “حالة طوارئ” فضفاض وغير قابل للقياس.
في المقابل، أثارت ملاحظات الداخلية الانتباه إلى خطأ قاتل في الاتفاقية من خلال تحديد حالات خرق قواعد الوقوف المؤدى عنه في تجاوز مدة الركن بدون أداء مدة أكثر من 10 دقائق مع يعني، منطقيا، استحالة فرض غرامة على اعتبار أن أكثر من 10 دقائق هو أجل ممتد في الزمن، وكان من المفروض كتابة عبارة أقل من 10 دقائق، عوضا عن ذلك وبناء على بند آخر من الاتفاقية نفسها يورد ذلك، في حين اعتبرت الداخلية أن التنصيص على غرامات في الاتفاقية غير قانوني في حال ما إذا لم يكن له أساس، قبل أن تعرج على النقطة التي تثير الجدل دوما بهذا الخصوص وتتعلق بوضع “الصابو” في حالة عدم الأداء، إذ اعتبرت الداخلية أن الأمر غير قانوني لأنه غير مضمن في قانون السير، فضلا عن صدور حكم قضائي إداري ضد شركة “rabat parking”، يقضي بعدم مشروعية عقل السيارات بواسطة “الصابو”، وأكثر من ذلك تساءلت الداخلية عن مدى جدوى المضي في إعمال هذا الإجراء في الوقت الراهن. وانتهت ملاحظات وزارة الداخلية بانتقاد التنصيص على أن اللغتين العربية والفرنسية هما اللغتان الرسميتان للاتفاقية، وهو تجاوز للدستور الذي يعتبر أن اللغة الرسمية الواجب اعتمادها في المغرب هي اللغة العربية، كما نبهت إلى عدم التنصيص على إجراءات حل المشاكل والنزاعات التي قد تطرأ، فضلا عن عدم دقة دفتر التحملات الذي سيجمع بين الجماعة الحضرية للبيضاء وشركة البيضاء للتنمية. ثمة، إذن، ما يمكن اعتباره ملاحظات شكلية تخص لغة الاتفاقية وعدم تدقيق عبارات تنطوي على حيثيات قانونية، لكن ما يبرز أكثر هي الملاحظات الجوهرية والتي تشير إلى الفرضية التي تهمنا في هذا الموضوع وهي أن ثمة نية من المجلس الجماعي للبيضاء، على الأقل في عهد العمدة السابق محمد ساجد، والذي كان ضمن من يسيروه، إلى جانب الاتحاد الدستوري، حزب ساجد، العدالة والتنمية، حزب العمدة الحالي عبد العزيز العماري، لتفويت صلاحيات واسعة لشركات التنمية المحلية، وقد ظهر ذلك على مستوى الاتفاقية المذكورة من خلال إسناد الجماعة للشركة مهاما هي من اختصاص سلطات القانون العام، وفي هذا المقام الجماعة الحضرية. هل كانت هناك، فعلا، محاولة لخوصصة بشكل من الأشكال لمرافق وقطاعات بالبيضاء؟
ما يثير الانتباه أكثر هو أن في الوقت الذي لم تدخل فيه الاتفاقية حيز الوجود، بدليل أنها ما زالت معروضة على أنظار مجلس المدينة الحالي بعد رفض الداخلية لها، ظلت شركة الدار البيضاء للتنمية تدبر قطاع مرافق السيارات، ولو بشكل جزئي، طيلة المدة الواقعة بين تاريخ خلقها والآن. تشهد على ذلك عدة وقائع بينها اتخاذ قرارات رفع أسعار الوقوف في مراكن عمومية مغلقة مثل موقف يوجد قرب فندق “حياة ريجنسي”، إذ تم رفع سعر الوقوف لساعة واحدة إلى 5 دراهم، وهو ما أكده لنا مسؤولو الشركة، في اتصال بهم، وإن كانوا قد نفوا تعميم الزيادة على بقية المراكن. شرعت الشركة المذكورة أيضا، منذ العمر الأخير لولاية ساجد، في تثبيت عدادات جديدة بأرصفة شوارع وأزقة بأحياء مختلفة بالمعاريف. كل ذلك تم بموجب مقرر وقعه ساجد، نتوفر على نسخة منه، بدا مثيرا للانتباه عدم حمله أي رقم مرجعي، ما يفترض عدم التأشير عليه داخليا على مستوى المجلس. ما يؤكد ذلك أن أعضاء سابقين وحاليين بمجلس مدينة البيضاء أكدوا لنا جهلهم برفع أسعار مراكن مغلقة أو تثبيت عدادات جديدة بأحياء بالمدينة. من اتخذ كل هذه القرارات والاتفاقية لم تخرج للوجود بعد؟ هل صار موظفون معينون يقررون بدل مسؤولين منتخبين؟

المتاهة
البحث عن أجوبة هذه الأسئلة يفترض الانتقال إلى مستوى آخر من طرح الموضوع، وذلك على المستوى القانوني. هذا الطرح يصير ملحا عندما نستفسر منتخبين بمجلس المدينة، المساهم الرئيسي ماديا في رأسمال شركات التنمية المحلية التي تم خلقها، بشأن صفقات تبرمها هذه الشركات، لكن عددا منهم لا يعلمون بأمرها منكرين عرضها عليهم لمجرد الاطلاع حتى. آخر الصفقات، على سبيل المثال، تفويت شركة الدار البيضاء للتظاهرات والتنشيط (CASABLANCA EVENTS ET ANIMATION) تدبير فضاء رياضي ملحق بملعب محمد الخامس لمقاولة خاصة متخصصة في تنظيم الأنشطة الرياضية. محضر الصفقة، المفوتة يوم 18 دجنبر الماضي، والذي تتوفر عليه “الأخبار”، لا يطلع على قيمتها المالية، كما أكد أعضاء بمجلس البيضاء أنهم يجهلون طبيعة الصفقة ولا ما تقرر أن يقام بالملعب الملحق الذي تبلغ مساحته 3 هكتارات. فعلى أي أساس استندت شركة الدار البيضاء للتظاهرات والتنشيط لتمرير الصفقة في الوقت الذي لا يعلم فيه أعضاء بمجلس البيضاء عن ذلك شيئا؟
سؤال آخر يفرض علينا، كما ذكرنا، العودة إلى الحفر في القاعدة القانونية التي تستند عليها شركات التنمية المحلية هذه. قمنا بهذا الأمر بمعية الحسين نصر الله، رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس البيضاء ورئيس لجنة التعمير به. هذا المسؤول المنتخب يؤكد معطى أساسيا وهو وجود تخبط قانوني كبير في تدبير موضوع شركات التنمية المحلية. يقول نصر الله: “لرصد هذا التخبط وجب الرجوع إلى أسباب نزول شركات التنمية المحلية، ذلك أن الغاية منها، كما هو الحال في الدول التي تطبق فيها هذه التجربة، هو تعبئة الموارد المادية للجماعة والتي تعاني من مشاكل على هذا الصعيد، والدليل أن المستحقات المفترض جمعها من طرف الجماعة الحضرية للبيضاء تقدر بـ50 مليار سنتيم. بين أسباب خلق الشركات هاته أيضا تعبئة الموارد البشرية واستقدام خبرة بشرية مضافة، إلى جانب خلق إنسيابية في تسيير مرافق على اعتبار أن شركات التنمية المحلية تستغل وفق القانون الخاص وبشكل مرن على غرار شركات القانون الخاص”.
ما يؤكد عليه نصر الله من أسباب نزول تجد مبررها في عدة ملفات لم تدبر بنحو جيد على مستوى مجلس البيضاء، على المستويين المالي والبشري، ذلك أن مسؤولي المجلس السابقين ما فتئوا يعترفون بأن ثمة مشكلا في استخلاص ما يسمى بـ”الباقي استخلاصه”، نتيجة ضعف الموارد المرصودة لمصالح الجبايات، كما تشير تقارير لهذه المصالح تتوفر “الأخبار” عليها، أما على المستوى البشري فأكبر مشكل كان هو تدبير ما يقارب 11 ألف موظف شبح بالجماعة.
حسب نصر الله، فإنه يفترض أن تتجاوز شركات التنمية المحلية هذه المشاكل، وذلك بالاستناد في تأسيسها على عدة شروط، بالنظر إلى المراجع القانونية المؤسسة لها. “أول هذه الشروط أن تكون لهذه شركات طبيعة تجارية أو صناعية، كما يجب أن لا تقل مساهمة الجماعة الحضرية فيها عن 34 في المائة وأن لا يقل الرأسمال العمومي بها عامة 51 في المائة، مع خلقها بمقرر من مجلس المدينة والحصول على مصادقة السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، وهي وزارة الداخلية”، هل هذا ما حصل فعلا حين خلق شركات التنمية المحلية المذكورة؟
يكشف نصر الله أن عددا من الشروط المذكورة، والتي يحيل عليها القانون التنظيمي الخاص بالجماعات المحلية والميثاق الجماعي وأيضا قانون الصفقات العمومية، لم تحترم، وفي مقدمتها مصادقة وزارة الداخلية. “في أكتوبر 2008، حينما تم إحداث شركتي “الدار البيضاء للتهيئة” و”الدار البيضاء للنقل”، تم التصديق على الأمر من طرف الوزير الأول، كما أن شركات مساهمة أخرى أحدثت في قطاعات أخرى حصلت على مصادقة رئيس الحكومة، لكن شركات التنمية المحلية التي أحدثت في 2014 لم تحصل على مصادقة رئاسة الحكومة كما نتساءل هل حصلت على مصادقة وزارة الداخلية”، يردف نصر الله.
المستشار الجماعي ينبه، في حقيقة الأمر، إلى أن الوثائق المؤسسة لشركات التنمية المحلية، والتي نتوفر عليها، لا تتضمن سوى على ختم مدير الجماعات المحلية بوزارة الداخلية وليس حتى مصادقته، “هل وضع ختم على هذه الوثائق يفيد التصديق، لأن ذلك قد يعني الاطلاع فقط، وبالتالي وجب إيراد عبارة تفيد المصادقة”، يعلق نصر الله.

بحثا عن الحكامة
تتبع ما يمكن افتراض أنها عورات في الأسس القانونية لخلق شركات التنمية المحلية يظهر، وفق نصر الله، مدى التخبط القانوني الذي تشهده، بين الاستناد على القانون التنظيمي الجديد، المفترض أن الأصل الذي يجب الرجوع إليه الآن، وبين الميثاق الجماعي وبين قانون الصفقات العمومية الذي يظهر خرقه من طرف شركات التنمية المحلية، حسب نصر الله، في عدم التزام مبدأ المنافسة حين الإعلان عن طلبات عروض من خلال إسنادها مباشرة لشركات التنمية المحلية رغم أنها شركة مثل بقية الشركات تخضع للمنافسة في قانون الصفقات العمومية.
“هناك اختلال في فهم ماهية شركة التنمية المحلية. القائمون على خلقها يظنون أنه يجب أن تكون شركات كبيرة وأنها مرحلة من مراحل التطور القانوني بالانتقال من التدبير المباشر للجماعة ثم التدبير المفوض ثم التدبير عن طريق شركات محلية. هذا غير صحيح، إذ يمكن لشركات تنمية محلية أن تخلق للإشراف على أعمال بسيطة مثل بناء بناية، وفي إسطنبول مثلا تم خلق شركة محلية لتدبير المخابز تفاديا لأزمة خبز”، يضيف نصر الله.
بين الملاحظات القانونية التي تبدو مثيرة للانتباه عدم استثناء شركات التنمية المحلية من أداء الضرائب، وذلك تأسيسا على اعتبار أنها شركات مساهمة تخضع لما يسري على بقية الشركات. بهذا الخصوص حصلنا على معلومة تفيد أداء إحدى هذه الشركات، خلال العام الماضي، ما يقارب 16 مليون درهم كضريبة عن نشاطها.
ما الجدوى من خلق شركة تدبر مرافق عمومية وتؤدي عن هذا التدبير ضريبة تستنزف الميزانية العمومية؟
هنا يبرز مشكل آخر مترتب عن الملاحظات القانونية وهو مشكل الحكامة، ذلك أنه بالرجوع إلى القوانين الأساسية لهذه الشركات يظهر أن المجلس الجماعي أفسح للمجلس الإداري للشركة، والذي هو عضو فيه، كامل الصلاحيات، وثمة صلاحيات لا تفترض المرور عبر مجلس المدينة المنتخب، على غرار شراء المقرات، علما أن إحدى هذه الشركات اقتنت مقرا فاخرا بمباني “مارينا” الجديدة بالبيضاء مقابل مبلغ خيالي. المبلغ، وفق معطيات غير رسمية، هو ملياران و600 مليون سنتيم. الشركة ذاتها تعيش عجزا ماليا مزمنا مرده أن خدماتها لا تجلب ربحا يكفي لتغطية مصاريف الاستغلال. هل هذا الأمر أيضا غائب عن علم مجلس البيضاء؟
هذا السؤال ينضاف إلى سؤال آخر مربك، وهو؛ من يشرف على توجيه دفة شركات التنمية المحلية؟.
وفق وثائق الشركات فإن والي جهة البيضاء سطات، خالد سفير، هو رئيس مجالسها الإدارية. الوالي يرأس مجالس الإدارة رغم أن مساهمته في رأسمال الشركات لا يتجاوز سهما واحدا بقيمة مائة درهم فقط. بين المساهمين بمائة درهم ولاة بالداخلية، علما أن ابنة أحد ولاة الإدارة المركزية للداخلية مسؤولة بإحدى الشركات التابعة لشركة تنمية محلية بالبيضاء، كما يفترض أن يساهم فاعلون في القطاع الخاص، لكن بين جميع شركات التنمية المحلية هناك بنكان وشركة تأمينات هي التي تساهم بمساهمة خاصة في رأسمال هذه الشركات. ما الغاية من خلق شركات المساهم الرئيسي فيها هي مؤسسات عمومية؟
غير أن أكثر النقط التي تلف وضع شركات التنمية المحلية هاته بمسحة غموض هو أن المساهمة فيها تكون بصبغة إسمية، بمعنى أن سجلها التجاري يتضمن أسماء المساهمين بصفتهم الشخصية، ولو كانوا يمثلون إدارات عمومية. هذا الأمر يفترض وجود ورطة قانونية حاليا تخص مساهمة محمد منصر، رئيس مجلس عمالة البيضاء الذي توفي قبل أسابيع، فأسهم مجلس العمالة المشاركة في شركات التنمية المحلية هي في اسمه، على غرار محمد ساجد، العمدة السابق، الذي توجد أسهم باسمه في رأسمال هذه الشركات.
الآن بات من الملح الحصول على وجهة نظر رسمية بشأن كل هذه الملاحظات. لهذا الغرض اتصلنا بالجماعة الحضرية للبيضاء، المساهم الرئيسي في رأسمال هذه الشركات. اتصلنا مرارا بالنائب الأول لمجلس المدينة، عبد الصمد حيكر، للحصول على توضيحات، لكن دون رد. بعثنا له رسالة هاتفية نصية وإلكترونية دون رد. وضعنا طلب حصول على معلومات. ولا مجيب.
بشكل غير مباشر، رد العمدة العماري على الملاحظات المثارة بشأن شركات التنمية المحلية هاته. كان الرد عاما يتردد بين توضيح مزايا شركات التنمية المحلية على مستوى التدبير وبين فتح الموضوع على أفق نقد ممكن من خلال اقتراح عقد يوم دراسي بشأن الموضوع.
إلى حين ذلك، نقط كثيرة في الملف عالقة، ويتضح ذلك عبر تدخلات الداخلية المنبهة إلى أن مجلس المدينة مطالب بتفعيل صلاحياته كاملة بهذا الخصوص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى