الرئيسيةسياسية

شركات عالمية مستوطنة بالمغرب تحت مجهر الاتحاد الأوروبي

بعد تصنيف المغرب ضمن اللائحة الرمادية للملاذات الضريبية

محمد اليوبي

بعد تصنيف المغرب من طرف الاتحاد الأوروبي ضمن اللائحة الرمادية لـ«الملاذات الضريبية»، قام محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، خلال الأسبوع الماضي، بجولات ماراثونية بالعاصمة البلجيكية بروكسيل، من أجل تقديم التوضيحات اللازمة حول الموضوع، كما توجت الزيارة بالاتفاق على إرسال بعثات إلى المغرب من أجل الاطلاع على كافة المعلومات المتعلقة بالمنظومة الجبائية الوطنية.
وكشفت مصادر مطلعة، أن الاتحاد الأوروبي كان بصدد تصنيف المغرب ضمن اللائحة السوداء الخاصة بالملاذات الضريبية، التي تضم 34 دولة، لكن بعد مفاوضات، تم الإبقاء عليه ضمن اللائحة الرمادية، حسب مصادر من وزارة الاقتصاد والمالية، بسبب بعض الأمور، التي يعتبر وزراء الاتحاد الأوروبي أنها مازالت غامضة وتتطلب التوضيح، مثل بعض المناطق الحرة ووضعية الشركات المستوطنة فيها. وأكدت المصادر ذاتها، أن لجنة مختصة من الاتحاد الأوروبي ستقوم بزيارة المغرب، للحصول على كل المعلومات المتعلقة بالنظام الضريبي في المغرب، الذي يعمل وفق المعايير الدولية، كما تشتغل الوزارة على ورش مراجعة المدونة، وتم تشكيل لجنة مختلطة تضم كل القطاعات المعنية، تكلفت بإعادة صياغة النصوص المبهمة في المدونة، تفاديا لتعدد التأويلات وحتى تكون واضحة.
وشكلت جهود المغرب الرامية إلى النهوض بالحكامة الجبائية الجيدة محور مباحثات جرت، يوم الخميس الماضي ببروكسيل، بين وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون والمفوض الأوروبي المكلف بالشؤون الاقتصادية والمالية والجبائية والجمركية بيير موسكوفيتشي. وأبرز بنشعبون، في تصريح صحفي عقب هذه المباحثات، أن هذا اللقاء شكل مناسبة لتناول بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك، من بينها تلك المتعلقة بالجبايات والحكامة الجبائية الجيدة، مسجلا أن مجلس الاتحاد الأوروبي شهد «تطورا إيجابيا في ما يتعلق بالتزام المغرب باحترام قواعد الحكامة الجيدة كما هي ممارسة من قبل كافة البلدان المتقدمة»، وأشار، بالخصوص، إلى أن المغرب سيعتمد هذه السنة قانونا إطارا يهم «إرساء المبادئ الكبرى للجبايات ومجال الحكامة الجبائية الجيدة». وقال إن هذه الجهود حظيت بالإشادة من قبل المفوض الأوروبي المكلف بالشؤون الاقتصادية والمالية والجبائية والجمركية، الذي اعتبر أن «المغرب قام بعمل صائب من خلال تعديل الأنظمة الجبائية التي قد تكون مضرة وفق تقدير دولي لما يمكن أن يكون حكامة جبائية جيدة»، ونوه بالالتزامات التي اتخذها المغرب بهذا الخصوص، مشيدا، في الوقت ذاته، بجودة التعاون مع الاتحاد الأوروبي في هذا المجال. وخلال هذه المحادثات، التي شكلت مناسبة للجانبين لتجديد التأكيد على الإرادة التي تحذو المغرب والاتحاد الأوروبي لتعزيز تعاونهما في مختلف الميادين، تم التطرق لآفاق التعاون الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وتابع بنشعبون: «لقد خططنا لبعثات في الأسابيع القادمة والتي ستمكن من إرساء مبادئ تعاون أكثر كثافة من ذي قبل».
من جانبه، أبرز موسكوفيشي «رغبة الاتحاد الأوروبي في إعطاء زخم جديد لهذه العلاقة»، موضحا أن الطرفين اتفقا بهذه المناسبة على «رسم مسار جديد» وفق هذا المنظور. وقال المفوض الأوروبي إنه سيقوم قريبا بزيارة للرباط «من أجل تعميق تعاوننا الاقتصادي»، مشيدا بـ«حصيلته الإيجابية»، ومشيرا على الخصوص إلى اتفاقيات الصيد البحري والفلاحة التي ستدخل حيز التنفيذ «في القريب العاجل»، وأضاف أن «المغرب هو بلد نعتمد عليه كثيرا ونكن الكثير من التقدير للدينامية الاقتصادية على غرار الحيوية الديمقراطية وكثافة المبادلات والاستقرار».
وكشف التقرير الأخير لمنظمة «أوكسفام» العالمية، أن المغرب نجا من إدراجه ضمن اللائحة السوداء للملاذات الضريبة تبنتها حكومات الاتحاد الأوروبي، حيث حافظ على موقعه في اللائحة الرمادية، بعدما قدم التزامات لمحاربة التهرب الضريبي، وتتم إضافة الدول إلى اللائحة السوداء إذا كانت قوانينها الضريبية تتيح فرصة للتهرب الضريبي في دول أخرى، ويتم حذفها إذا تعهدت بإجراء إصلاحات ووضعها في لائحة رمادية إذا قدمت التزامات، ولن يكون بإمكان الدول المدرجة في اللائحة السوداء للملاذات الضريبية الاستفادة من التمويلات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي. ويقصد بالملاذات الضريبية تلك الدول أو المناطق التي توفر وسائل للتهرب من الضرائب، سواء للشركات أو الأفراد، وذلك بتقديمها لإعفاءات أو تخفيضات ضريبية لجذب الأموال والاستثمارات إليها، كما توفر حماية وحصانة للأثرياء المتملصين من أداء الضرائب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى