شوف تشوف

صابون تازة

من حظ الوزير عبد السلام الصديقي، أن فضيحة تدخله لدى مفوضية الأمن بالقنيطرة لإخراج زوجته من قضية دهسها شرطي مرور بسيارتها، لم تأخذ حقها الطبيعي من النقاش في وسائل الإعلام. ربما لأن وزراء التقدم والاشتراكية ليسوا بضاعة صحافية رائجة لدى الصحف، أو ربما فقط لأن الفاعلين الإعلاميين والمعارضة يرون في شيوعيي الحكومة «الميني ملتحية» أنهم مجرد «ترقيعات» لسد ثقوب «الدربالة» الحكومية، التي بالمناسبة كبر خرقها على الراقع.
فبينما يعيش وزراء وسط زوابع إعلامية بسبب وضعهم لأنفسهم في مواضع الشبهات، هناك وزراء آخرون يستغلون مناسبة انشغال الصحافة بزملائهم من أجل «تبليص» ذوي القربى في مناصب المسؤولية، عملا بالمثل المغربي الذي يقول: «العايق حاضي الفايق والدمدومة قاضي حاجة».
السي عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل، الذي يتحدر من منطقة أكنول التابعة لإقليم تازة، والذي سبق له الترشح في العديد من المرات للانتخابات التشريعية بالدائرة التي تشمل تازة ووادي أمليل وأكنول، أصبح بعد حصوله على الحقيبة الوزارية يتردد بشكل مستمر على مسقط رأسه، ليس لإطلاق أوراش التشغيل، بل لكي يكتسب شعبية تخول له خوض غمار الانتخابات المقبلة.
السي وزير التشغيل ترك أن يشغل الشباب من أصحاب الشهادات العليا وقرر أن يوظف متقاعدا من منطقة أكنول، بلدة الوزير، في منصب كاتب عام لوزارته. وفي اجتماع المجلس الحكومي المنعقد يوم 23 أكتوبر 2014، قام  الأستاذ المتقاعد، محمد بوتاتا، باعتماد معيار «البليدة» في انتقاء المرشحين لشغل المناصب العليا ومناصب المسؤولية بوزارة التشغيل، لكونه يترأس جميع لجان الانتقاء في مناصب المسؤولية لعدد من المسؤولين القاسم المشترك بينهم أنهم أبناء «تازة»، مع كامل الاحترام لهذه المدينة وأهلها الذين ليسوا كلهم محظوظين بالاشتغال في وزارة التشغيل.
وقد تم تعيين محمد بوتاتا في منصب الكاتب العام لوزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، خلفا للكاتب العام السابق ميمون بنطالب، الذي أعفاه الصديقي على خلفية سلسلة من الفضائح التي هزت وزارته، وأشهرها فضيحة تحرش بنطالب بمهندسة هددته بنشر الرسائل الخليعة التي كان يرسلها إليها.
بوتاتا كان يشغل مهمة مدير ديوان الصديقي، قبل أن يثبته في منصب الكاتب العام، رغم مشاركة 17 مرشحا تنافسوا على المنصب، منهم أطر إدارية من الوزارة وخارجها. لكن بنكيران لم يجد حرجا في المجلس الحكومي في الموافقة كمكافأة منه لرفاق نبيل بنعبد الله، على تعيين أستاذ جامعي متقاعد، يتحدر من نفس منطقة الوزير، ولا يتوفر على أي تجربة في التسيير الإداري يتطلبها منصب حساس كمنصب الكاتب العام.
ومباشرة بعد «تبليص» الرفيق عبد السلام لرفيقه وابن بلدته نهاية شهر أكتوبر، قام خلال شهر نونبر بالإعلان عن نتائج الانتقاء لشغل 9 مناصب رئيس قسم تنافس عليها 21 مترشحا، ومن أصل المناصب التسعة التي تم التباري حولها، تم الإعلان عن نتائج 8 أقسام، فاز منها 4 رؤساء أقسام، والمفاجأة أنهم كلهم يتحدرون من إقليم تازة.
فقد عين الوزير وكاتبه العام في كل مديرية رئيس قسم ولد تازة، ويتعلق الأمر بمناصب بالكتابة العامة، ومديرية الموارد البشرية والميزانية والشؤون العامة، ومديرية الشغل، ومديرية التشغيل، ومديرية التعاون الدولي والشراكة.
وفي الشهر الموالي، أي شهر دجنبر، تم فتح التباري على 10 مناصب رؤساء المصالح أو ما يماثلها، كذلك تم توزيعها باعتماد نفس المنطق، رغم أنها عرفت تباري 57 مترشحا ومترشحة من كل مناطق المغرب.
وخلال شهر يناير، تم تعيين مديرة في مديرية لها علاقة بالتعاون والشراكة على المستوى الدولي، تتحدر من تازة، رغم عدم توفرها على الشروط المطروحة، كالإحاطة بالقانون الدولي وإتقان اللغة الإنجليزية، حيث اشترط الوزير الصديقي في قرار الترشح لهذا المنصب، أن يكون المترشح حاصلا على دبلوم عال من مستوى شهادة الدكتوراه أو ماستر في القانون الدولي أو ما يعادلهما أو شهادة عليا تسمح بالترتيب في السلم الحادي عشر أو ما يعادله. وبالنسبة إلى الموظفين أن يكون المترشح منتميا إلى درجة من الدرجات المرتبة خارج السلم، وأن يكون ملما بالمعايير الدولية المرتبطة بالشغل ومتملكا لتقنيات التفاوض والتعاقد الدوليين، وأن يكون متمكنا من اللغات العربية، الفرنسية والإنجليزية.
وقبل ذلك، وخلال انعقاد نفس المجلس الحكومي، وفي إطار صفقة بين حزبي التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية، بتعيين المنتمين إلى الحزبين في المناصب العليا ومناصب المسؤولية بالوزارات التي يسيرها الحزبان، عين بنعبد الله «الهلالي» المتخصص في «تنواض الهيلالا» في منصب مدير الشؤون القانونية، مقابل موافقة بنكيران على تعيين أنس الدكالي، عضو المكتب  السياسي للتقدم والاشتراكية والنائب البرلماني باسم نفس الحزب، في منصب مدير «لانابيك»، بعدما كان ينتظر فقط إقدام وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، عبد السلام الصديقي، المنتمي إلى نفس الحزب، على إصدار قرار إعفاء المدير السابق للوكالة.
وقد تم تداول اسم الدكالي أثناء التحضير للمؤتمر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية، وفي خضم الصراع حول منصب الأمانة العامة للحزب، بعد إعلان قياديين منافستهم لنبيل بنعبد الله، ومن أجل استقطاب الكاتب العام السابق للشبيبة التقدمية، إدريس الرضواني، إلى صف نبيل بنعبد الله، باعتباره هو المستفيد من المقعد البرلماني الذي تركه الدكالي بمجلس النواب، لكونه المرشح الثالث ضمن اللائحة الوطنية لشباب التقدم والاشتراكية، عملا بالمثل الشعبي الذي يقول: «خوي شي فين يجي شي».
وهكذا يظهر أن الحزبين الحليفين، العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية، مختلفان في القضايا الإيديولوجية، كالتعدد الزوجي وتجريم العلاقات الجنسية خارج الزواج وعقوبة الإعدام والمساواة بين الرجل والمرأة في الإرث، غير أنهما متفقان تمام الاتفاق حول كعكة التعيين في مناصب المسؤولية والمناصب السامية.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى