الرئيسيةبانوراما

فوضى وأوساخ وتحد للقانون في شاطئ بوزنيقة

قناة للصرف تصب في مياه شاطئ القصبة والواقع يكذب قرارات منع «الجيت سكي»

حمزة سعود
انتشار تحذيرات منع دراجات «الجيت سكي» بشاطئ القصبة، لم يمنع عددا من الشباب من عرض خدماتهم أمام الراغبين في «المتعة»، الإدلاء ببطاقة التعريف الوطنية وقدر من المال كافيان لكراء دراجة لبعض الوقت، في تحدٍ صريح لألواح المنع التي نصبها أعوان السلطة في الطريق صوب الشاطئ. شاطئ بوزنيقة الشهير وشاطئ القصبة المجاور يعرفان نسبا عالية من التلوث.. ويسجل المصطافون بهما وبمختلف شواطئ المدينة انتشارا كبيرا للأكياس البلاستيكية والقارورات بالإضافة إلى أنواع أخرى من النفايات، في وقت تواصل قناة صرف صب سوائلها في الشاطئ مباشرة، بشكل يجعل عددا من قاطني القصبة يشتكون من هذه القناة مجهولة المصدر والمواد التي تصب في الشاطئ.. مزيد من التفاصيل في الروبورتاج التالي..

على امتداد الطريق المؤدية صوب شاطئ بوزنيقة، نصب أعوان عن السلطات المحلية علامات ولوحات تمنع استعمال دراجات «الجيت سكي» بشواطئ المدينة، ضمنها شاطئ القصبة الذي يغري العديد من العائلات المغربية بالاصطياف على رماله.
عكس ذلك، وبمحاذاة رؤوس العشرات من المصطافين تعبر دراجات مائية من أحجام مختلفة بسرعات غير مألوفة، وتخترق صفوف السباحين. هدير محركات دراجات «الجيت سكي» يملأ المكان صخبا. بينما شباب فضلوا جني أرباح من كرائها لفائدة الراغبين في ركوبها في تحد لقرارات المنع الصادرة عن السلطات المحلية.. وإلى جانب خدمات دراجات «الجيت سكي» وخدمات تعليم قيادتها، شباب آخرون استغلوا الفرصة لعرض مركبات مائية توفر جولات جماعية بين الأصدقاء وكذا الأسر والعائلات على مستوى الشاطئ، شريطة ارتداء بذلات أو سترات النجاة.
وفي حديث لـ«الأخبار» مع مشرفين عن كراء الدراجات المائية بشاطئ بوزنيقة، أفادوا بأن منع هذه الدراجات يقتصر فقط على رمال الشاطئ ولا يشمل مياهه التي تبقى الملجأ الوحيد لمن يعرض خدمات الدراجات المائية، على المصطافين أمام الحملات والزيارات الأمنية التمشيطية.
وأفاد المتحدث نفسه بأن غياب الفضاءات المخصصة للدراجات المائية يدفع العديد ممن تستهويهم هذه الرياضة إلى الإقبال بكثرة على شاطئ بوزنيقة، والإدلاء ببطائقهم الوطنية وكذا المال الكافي للاستمتاع بركوب الدراجات المائية لبعض الوقت.
تحدي منع الدراجات المائية في العديد من الشواطئ المغربية التي من ضمنها شاطئ بوزنيقة، جعل العديد من هواة هذه الرياضة يقصدون المكان أيضا بواسطة سياراتهم، بعد اقتناء إحدى الدراجات المائية، عوض السماح للمشرفين على هذه الأنشطة التجارية بمراكمة أرباح قياسية يوميا، بحيث يصل كراء الدراجة للساعة الواحدة إلى حوالي 1000 درهم.
غالبية المصطافين الراغبين في استعمال الدراجات المائية بالشاطئ، يؤكد المتحدث نفسه، يلجؤون إلى استغلالها فقط لـ15 دقيقة بحكم ثمنها المناسب، والذي يتراوح بين 200 و250 درهما، فيما يعود الثمن المرتفع لكراء دراجات «الجيت سكي» إلى استهلاكها لكميات كبيرة من البنزين تتجاوز 1500 درهم للدراجة الواحدة يوميا.

تقرير رسمي: شواطئ مغربية غير صالحة للاستحمام
ذكر التقرير الوطني حول جودة مياه الاستحمام بالشواطئ المغربية، برسم السنة الحالية، وجود عدد من الشواطئ غير المطابقة لمعايير جودة مياه الاستحمام، عبر تقييم شمل حوالي 438 محطة، منها الخاضعة لتأثير تدفق المياه العادمة وارتفاع كثافة المصطافين، بحيث رصد التقرير أيضا نقصا كبيرا في التجهيزات الصحية.
وأشار التقرير إلى وجود معيار جديد يحمل رمز NM03.7.199 تم اعتماده لقياس نسب تلوث عدد من الشواطئ المغربية وجاهزيتها لاستقبال المصطافين، بحيث أكد هذا الأخير عدم مطابقة أزيد من 12,69 في المائة من المحطات المخصصة للاستحمام والسباحة خلال السنة الجارية. واعتبر التقرير ذاته أن 42 محطة استحمام، أي ما يعادل 10,88 في المائة من الشواطئ بالمغرب، سجلت تدهورا في جودة مياه الاستحمام.
وبخصوص المياه العادمة التي تتضرر منها مجموعة من الشواطئ المغربية، رصد التقرير إنجاز أزيد من 27 محطة لمعالجة المياه العادمة، منها 6 قنوات بحرية بـ27 مدينة ومركزا، في حين بلغ حجم المياه المعالجة حوالي 286 مليون متر مكعب في السنة، بعد تقلص التلوث العضوي الناجم عن المياه العادمة بما يقارب 96912 طنا في السنة.
وتضمن التقرير أربعة مستويات لتصنيفات مياه الاستحمام بالمغرب، تضمنت المياه ذات الجودة المقبولة ونظيرتها الملوثة والرديئة، التي تتوفر على الجراثيم الإشريكية القولونية أو القولونيات البرازية أو المكورات العنقودية البرازية، وهي في الوقت نفسه تستوجب منع الاستحمام بها إلا إذا لوحظ تحسن ملموس في جودة المياه مع توالي السنوات.

رمال شواطئ مليئة بمواد معدنية وكيماوية ضارة
من جهة أخرى، رصد التقرير الوطني حول جودة رمال الشواطئ بالمغرب، وجود مجموعة من المعادن الثقيلة في رمال الشواطئ المغربية، مشكلة خطرا بالغا على صحة المصطافين، من ضمنها عناصر الكادميوم والكروم والنحاس والنيكل والرصاص والزنك، بالإضافة إلى الزئبق ومجموعة من الهيدروكاربورات.
وسجل محيط مدينة المحمدية، خلال السنة الجارية، أعلى المستويات لانتشار النفايات البحرية تضمنت عناصر البلاستيك والزجاج والنفايات الطبية، بالإضافة إلى المطاط والخشب والفخار والنسيج والمواد البرازية، إلى جانب البرافين ونفايات النظافة، مع وجود انتشار أوسع لأعقاب السجائر والسدادات البلاستيكية وأغلفة الحلوى.

شاطئ بوزنيقة.. تلوث عام وغياب للمجلس البلدي
قلة الباعة المتجولين بالشاطئ لا تعني بالضرورة غياب النفايات أو ما يوازيها من ملوثات، فشاطئ القصبة، حسب ما عاينته «الأخبار»، يعرف ارتفاعا كبيرا لعدد الأكياس البلاستيكية بين رماله وكذا القارورات البلاستيكية، التي تلوث الفضاء.
الممرات المؤدية صوب رمال شاطئ بوزنيقة، وعلى كثرتها وانتشارها، والتي تسهل الولوج إلى الشاطئ عبر بعض المنازل أو الفيلات الساحلية المتواجدة بالمنطقة، تبقى بعضها مرتعا للنفايات من قارورات أو أكياس بلاستيكية، حسب ما عاينته «الأخبار».
فرغم حصول الشاطئ على اللواء الأزرق خلال الموسم الصيفي الجاري، إلا أن محيطه لا يستثنى من انتشار النفايات ومخلفات الحركة اليومية للمارة، والتي تحتل حيزا هاما من الممرات المخصصة للمصطافين.. قارورات بلاستيكية وأخرى كارتونية، تصادف جل العابرين في اتجاه الشاطئ في غياب شبه تام لآثار الآلات المخصصة لغربلة وجمع نفايات الشاطئ والمفترض أن تجوب شاطئ بوزنيقة صباح كل يوم، والتي يروج أن المجلس يتوفر على واحدة مركونة في ضيعة محمد كريمين، رئيس المجلس البلدي، المحكوم بأربع سنوات مع وقف التنفيذ، على خلفية تهم الاختلاس وتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ.
هذا وتؤكد تصريحات استقتها «الأخبار» من المحلات المجاورة للشاطئ والمتخصصة في ترويج المنتوجات الاستهلاكية للمصطافين، أن العشوائية التي يعيشها مجال كراء المنازل والشقق السكنية الشاطئية سنويا، تزيد من حجم التلوث الذي تعرفه المنطقة خلال هذه الفترة من السنة.

بقع الزيوت تزعج المصطافين
معاناة المصطافين بشاطئ القصبة بمدينة بوزنيقة، مع مصب لـ«الواد الحار» تتواصل منذ سنوات، إذ تخترق النفايات السائلة العديد من محاور ببوزنيقة، قادمة إليها من مجاري للصرف الصحي، يشمل أيضا وجهات مجهولة تصب في الشاطئ، تمنع المصطافين من السباحة.
ويعبر مصب «الواد الحار» بشاطئ القصبة العديد من قنوات الصرف الصحي ليصب فيه مئات الأطنان من السموم جعلته غير صالح للسباحة خلال الأشهر الأخيرة، في وقت ما زالت العديد من الأسر والعائلات تقصد المنطقة من أجل الاصطياف رغم ما تستقبله يوميا من ملوثات.
وتطالب «أصوات بيئية» بالتصدي لحجم التلوث الذي تعرفه المنطقة، خاصة أنها ما زالت تستقبل مئات الآلاف من المصطافين أسبوعيا، بعد توالي شكايات من المواطنين حول إصابتهم بأمراض جلدية خلال الأسابيع الأخيرة.

يوسف بلوردة : زيوت «الجيت سكي» تزيد الشاطئ تلوثا
أفاد يوسف بلوردة، دكتور جامعي متخصص في البيئة، ورئيس الجمعية المغربية لحماية البيئة والتنمية المستدامة، بأن محركات الدراجات المائية في الشواطئ المغربية، تفرزسوائل سامة عبارة عن مواد كيماوية تتسبب في تلوث مياه الشاطئ.
واعتبر بلوردة، المتخصص في المجال البيئي، أن البنية الدينامية الخاصة بالشواطئ تتضرر بسبب التلوث الذي تلحقه دراجات «الجيت سكي»، وأيضا سوء استغلال المصطافين للشاطئ بشكل عام، موضحا وجود أشكال أخرى تضر أكثر بالشواطئ المغربية أبرزها ظاهرة نهب الرمال.
وأكد رئيس الجمعية المغربية لحماية البيئة والتنمية المستدامة، في تصريحه لـ«الأخبار»، أن شاطئ القصبة تحديدا يعرف نسبا عالية من التلوث، تظهر على شكل زيوت مسمومة ترسو فوق المياه الشاطئية، مصدرها قناة للصرف الصحي تصب سوائل سامة ونفايات مباشرة في مياه الشاطئ، متسببة في أضرار لباقي الشواطئ المجاورة.
وزاد المتحدث نفسه أن الملوثات الكيميائية التي تفرزها قناة الصرف الصحي بشاطئ القصبة تتسبب في أمراض جلدية للمصطافين وتجعل الشاطئ غير صالح للسباحة. واعتبر أن الرمال تبقى فضاء لتزايد وتنامي الطفيليات والبكتيريا المضرة العالقة في الزيوت المسمومة الراسبة في المياه الشاطئية.
واعتبر المتحدث ذاته أن الشواطئ الملوثة بمياه الصرف الصحي، تزيد من صعوبة ومضاعفات الأمراض الجلدية وحدتها، خاصة بالنسبة للمصابين بالحساسية، ناهيك عما تتسبب فيه المواد الكيماوية المنبعثة من محركات الدراجات المائية، من أضرار للراغبين في قضاء بعض الوقت في السباحة.
وخلص بلوردة إلى أن مجموعة من الشواطئ المغربية، من ضمنها شاطئ القصبة، وجب أن تحظى مستقبلا بالتفاتة الجهات والهيئات الوصية، معتبرا أن حصول مجموعة من الشواطئ المغربية، من ضمنها شاطئ بوزنيقة، على اللواء الأزرق لا يعني بالضرورة خلوها من النقائص.
 أستاذ جامعي متخصص في البيئة / رئيس الجمعية المغربية لحماية البيئة والتنمية المستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى