الرئيسية

ليلى أمزيان.. حلمت بوظيفة طبيبة عيون فأصبحت زوجة الملياردير بن جلون

رغم نشأتها في وسط أسرة يخيم عليها مناخ الصرامة، ويحكمها أب يحمل على كتفية نياشين السلطة العسكرية وعلى صدره ميداليات الجسارة والإقدام والصلابة، فإن ليلى ابنة المارشال أمزيان، خرجت عن الضوابط العسكرية واختارت لنفسها النضال في خندق الأمازيغية والعمل الاجتماعي، رغم أنها انتقلت من العيش في بيت يحكمه الانضباط إلى بيت تحفه مظاهر المال والجاه والحياة المخملية.
اختارت ليلى الزواج من عثمان بن جلون الذي يكبرها سنا، فهو من مواليد عام 1932 في مدينة فاس، والذي عاش حياة اليسر منذ صغر سنه، حيث كان والده (عياش) يملك مقاولة للنسيج، لكنه اختار الدراسة بدل النيابة عن والده أثناء غيابه.
عاش الفتى جزءا من طفولته وشبابه في مدينة الدار البيضاء، إذ حصل على شهادة الباكالوريا من ثانوية «ليوطي»، قبل أن يعلن هجرته نحو أوربا طلبا للعلم، إلى جانب شقيقه (عمر)، الذي كان يملك حسا تجاريا استباقيا، ويسعى لأن يصبح نسخة من جده الأكبر (الخليع بن الطالب بن جلون)، التاجر المقرب من سلاطين المملكة.
اقتحمت ليلى أمزيان حياة عثمان، وأسرته بحسها الاجتماعي، وهي التي كانت تدير مؤسسة الأعمال الاجتماعية للبنك المغربي للتجارة الخارجية بشارع الحسن الثاني بالعاصمة الاقتصادية، في مؤسسة مصرفية يتحكم في شؤونها شريك الحياة الزوج والملياردير عثمان بنجلون، بعد أن نجحت في جعل البنك لا يتكلم إلا لغة الأرقام بقلب ومشاعر، وذلك بعدما أصبحت تتحكم في شبكات من الأنشطة والقطاعات الحساسة بملايير الدراهم، وكانت البداية قبل خمس عشرة سنة كما يشهد المقربون.
تزوج عثمان، المهندس المعماري، من طبيبة العيون ليلى أمزيان، نجلة المارشال محمد أمزيان، الذي تعتبره الروايات من القيادات العسكرية الإسبانية التي كان لها دور في قمع انتفاضة الريف. لكن الزوجة الأمازيغية وليدة بني انصار قرب الناظور، ظلت حريصة على الدفع بزوجها نحو الاستثمار الإنساني في دعم الهوية الأمازيغية، من خلال تأسيسها لصحيفة «العلم الأمازيغي» ومساهمتها في دعم مجموعة من جمعيات المجتمع المدني التي تناضل في جبهة الهوية، كما لعبت دورا كبيرا في التخفيف من أضرار فاجعة زلزال 2004 الذي ضرب مدينة الحسيمة.
ولدت ليلى، على غرار عثمان، وفي فمها ملعقة من ذهب، وحين اختارت طب العيون فإنها لم تفتح عيادة أو تنضم إلى قوافل الأطباء، بل اختارت هذه المهنة لـ«البريستيج» على غرار عدد من سيدات المجتمع المخملي. كما اختارت شقيقتها (مريم) الفن التشكيلي وهي التي توفيت بين اللوحات، فتلقت شقيقتها ليلى برقية تعزية مؤثرة من عاهل البلاد محمد السادس كشفت مدى قرب عائلة أمزيان من القصر، رغم أن شقيقتها (زليخة) كانت زوجة الجنرال المدبوح الذي كان من بين مخططي انقلاب الصخيرات.
رافقت ليلى زوجها في هواياته، وأصبحت للزوجين هوايات مشتركة، خاصة تربية الخيول، حيث تحرص ليلى وعثمان على تفقد إسطبلات خيولهما. لكن الملياردير يولي اهتماما أكبر لفرسه «محاسن» التي نالت في أكثر من مناسبة الجائزة الأولى في الجمال، وحازت في مدينة «كان» الفرنسية لقب «ملكة جمال الخيول»، بل إن عثمان اقتنى عددا من اللوحات التشكيلية التي ترسم بورتريهات خاصة بالخيول، والتي أنجزها رسامون من كل أنحاء العالم، من الصين وباريس ولندن وبوسطن، وهي اللوحات التي تزين أرجاء قصره بالدار البيضاء، ما جعل «محاسن» تثير غيرة ليلى.
كانت ليلى تحلم بمنصب طبيبة عيون، وحين حصلت على الدكتوراه وبرعت في فهم تفاصيل العيون، وجدت نفسها بعيدة عن عالم الطب، حيث أصبحت لها اهتمامات أخرى تحول دون وضع شهادتها في محك سوق الشغل، بل إن عثمان اقترح عليها في أكثر من مناسبة اقتناء عيادة لطب العيون تكون ليلى المشرفة العامة عليها، لكنها أبت لأن هناك أمورا أخرى أسبق من مجرد تصحيح نظر الناس.
لم يكن في أحلام ليلى، خلال فترة الصبا، معانقة الدكتوراه في طب العيون فقط، إذ كانت لها أيضا رغبة في المساهمة في تصحيح الوضعية الهشة التي جعلت أجيالا من سنها والأجيال التي تلتها خلف جداران الدراسة والتعليم، كانت تتملكها منذ زمن بعيد، ولذلك كان الحلم بتوجيه جزء من أرباح المؤسسة المصرفية التي يقودها زوجها إلى مجال الأعمال الاجتماعية. ولذلك صرفت ليلى النظر عن كثير من ممتلكات والدها في عدد من المدن، خاصة العمارة التاريخية التي تحتضن المقر الرئيسي للحزب الاشتراكي الموحد.
ظلت ليلى تقطع المسافة الفاصلة بين الدار البيضاء وبني انصار، مصرة على وضع تاريخ والدها أمامها وليس خلفها، حين قررت تكريمه بإنشاء متحف بمسقط رأسه، بالرغم من انتفاضة بعض فعاليات المجتمع الريفي ضد المتحف، لكن حضور سياسيين وقياديين وعسكريين وجمعويين حفل الافتتاح قلص حجم الاحتقان.
من جانبه، حرص المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على تكريم ليلى أمزيان بن جلون، رئيسة مؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية للتربية والتنمية، بالجائزة التقديرية للثقافة الأمازيغية 2011، حيث سلم لها عميد المعهد، أحمد بوكوس، الجائزة في حفل تكريمي أقيم بمقر المعهد، وقال في حقها كلمات صنفتها في خانة زعماء الحركة الأمازيغية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى